عندما تغيب المسؤولية الاجتماعية

حسن منصور الفاضل
بمناسبة اليوم العالمي للسكري، عنوان صحفي يقول "بحلول ٢٠٢٠ أن لم تكن معرضاً أو مصاباً بالسكري فأنت لا تعيش في السعودية"
خبر آخر يقول إن ٢٤٪ ممن تزيد أعمارهم على ثلاثين عاماً في السعودية مصابون بالسكري...
من المعروف أن هناك عدة عوامل مشتركة تؤدي إلى الإصابة بالسكري وكذلك البدانة، والتي ترتبط بالسكري وأمراض أخرى بعضها لا يقل انتشارًا وخطورة عن داء السكري. أهم تلك العوامل هي قلة الحركة البدنية والعادات الغذائية.
لذلك أريد في البداية إيضاح انه لا يوجد حل سحري واحد لمعالجة مشاكل مركبة مثل السكري والبدانة والتي تنخر في أجساد سكان هذا البلد واقتصاده. الحل إذن يكمن في مجموعة حلول متكاملة.
في هذا المقال أود فقط أن أتناول جانباً واحداً من المشكلة وهو المسؤولية الاجتماعية لشركات الغذاء تجاه مساعدة الناس على تبني عادات غذائية سليمة. فيما يلي بعض بعض الإيضاحات حول غياب مفهوم المسؤولية الاجتماعية الحقيقي، الذي يبدو أن الكثير من الشركات لا تزال تجهله أو ربما تتجاهله:
- المسؤولية الاجتماعية غائبة عندما تنتج وتبيع عصائر يمثل السكر ثاني أكبر مكوِّن لها بعد الماء.
- المسؤولية الاجتماعية غائبة عندما تنتج وتبيع كيكاً وحلويات أكبر مكوِّن لها السكر.
- المسؤولية الاجتماعية غائبة عندما تكون في سوق ناشئ غالبية مستهلكيه تحت ٢٠ عاماً وتقوم الشركات القيادية فيه بالشيء أعلاه لأن العلاقة بين نسبة السكر والمبيعات علاقة طردية (على المدى القريب).
- المسؤولية الاجتماعية غائبة عندما تتبنى سياسة الانتشار السريع في جميع المناطق والشوارع لتواكب الطلب المتزايد على منتجاتك "الضارة" من قبل زبائن ٦٠-٧٠٪ منهم لم تتجاوز أعمارهم العشرين عاماً.
- المسؤولية الاجتماعية غائبة عندما تتعاقد المدارس والجامعات مع المذكورين أعلاه على أساس السعر المنافس وتدفع الدولة فرق السعر أضعاف مضاعفة عن طريق العلاج الطبي المكلف وضعف الناتج المحلي.
-المسؤولية الاجتماعية غائبة عندما تقوم شركات البطاطس والنوودللز وحتى مطاعم "الكبسة" بإضافة مادة أحادي جلوتوميت الصوديوم وبدون نسب محددة فقط لتحسين الطعم وزيادة المبيعات بغض النظر عن الأضرار الخطيرة لهذه المادة.
- المسؤولية الاجتماعية غائبة عندما تشاهد الإعلانات التلفزيونية للمواد الغذائية الخالية من القيمة الغذائية (والقيم الأخلاقية) بكثرة على قنوات الأطفال.
- المسؤولية الاجتماعية غائبة عندما لاتقع في وسط المعادلة، وتقع فقط على طرف احتماع مجلس إدارة يقرر صرف مبلغ من المال في "أوجه الخير" ونشر الخبر في وسائل الإعلام.
- الأمثلة للأسف أكثر من أن تُحصر، وبإمكاننا إضافة قوائم أخرى تخص قطاعات الاتصالات، والبتروكيماويات، والمصارف، والتأمين. ولكن القاسم المشترك دوماً هو أن المسؤولية الاجتماعية غائبة عندما تغيب الرقابة، ويحضر الفساد، ويكون المال والمال فقط فوق كل الاعتبارات.