الردعلى زعم الملاحدة بظلم الله للمرأة في الجنة و نسيانه لحقها ( تعالى الله عن ذلكعلوا كبيرا )
الحمد لله وحدهوالصلاةوالسلام على من لا نبي بعـده ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد :فيزعم الملاحدة هداهم الله أنالله ظلم المرأة في الجنة ، و نسي حقها -تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا - و يستدلون على ذلك بأن الرجل يتزوج في الجنة بأكثر من حورية علي زوجاتهفيالدنيا , و المرأة تظل متزوجة من رجل واحد ، وإن لم يكنلديها زوج فإن الله يزوجها بأحد الصالحينو هذا الزوج – كما يزعمون - له حق فيخيانتهامع عدد لانهائي من الحور و من هذا الغلطيستنج الملاحدة احتقار الإسلام للمرأة ،وهذا الكلام فيه سوء أدب مع الله و سوء فهمللإسلام و هذا دأب الملاحدة .
و كلام
الملاحدة يغني فساده عن إفساده إذ الظلم محال على الله قال تعالى : ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ﴾[1] ، و الله أعلمبخلقه من علم الخلق بأنفسهم قال تعالى : ﴿ أَلَايَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير ُ﴾[2] . و اختلاف الجنس البشري إلى ذكر و أنثى ترتب عليه اختلاف في الطبائع ، و طبيعة المرأة غير طبيعة الرجل ، و من طبيعة المرأة الحياء لذا لم يذكر الله للنساء نعيما جسديا أو متع جسدية ،و لم يشوقالنساء للجنة بما يستحين منه .و لم يشوق الله النساء بالأزواج بينما شوق الرجال بالزوجات ؛ لأن الرجل هو الطالب و هوالراغبفي المرأة فلذلك ذكرت الزوجات للرجال في الجنة ، و لم يذكر الأزواج للنساء لأنهن مطلوبات لا طالبات .و شهوة المرأة للرجل ليست كشهوة الرجل للمرأة فالرجل أعلى شهوة من المرأة ، و مما يدل على هذا أن الرجل إذا جامع امرأته أمكنه أنيجامع غيرها في الحال ، و المرأة إذا قضى الرجل وطره فترت شهوتها ، ولم تطلب قضاءها من غيره في ذلك الحين[3].و المرأة العفيفة لا تقبل الجماع مع أكثر من رجل و طبيعة المرأة تأبى الانكشاف على أكثر من رجل، و الرجل قد يقبل الجماع مع أكثر من امرأة حتى الخيانة الزوجية عند الرجال أكثر منها عندالنساء في المجتمعات المنحلة.و للمرأة في الجنة ما ترغب من النعيم : ﴿ لهُممَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَ لَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾[4] ، و قال تعالى : ﴿ وَلَكُمْفِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴾[5] .و المرأة المؤمنة في الجنة خير في الجمال و المنزلة من الحور العين ؛لأن الحور العين لم تعِش في الدنيا لتعاني من الفتن ووساوس الشيطان ورفقاء السوءوأجهزة الإعلام و غير ذلك فإذا كانت الحورالعين أجمل من أجمل امرأة في الدنيا فكيف بالمرأة المؤمنة في الجنة ؟!!
و قياس حال المرأة في الآخرة على حال المرأة في الدنيامن كرهها لتعدد زوجات زوجها قياس عالمالغيب على عالم الشهادة و شتان بينهما فهناك أمور في الدنيا لا توجد في الآخرةفنساء الدنيا تتغوط و تحيض و غير ذلك من المنفرات و نساء الآخرة لا تتغوط و لاتحيض .
و المرأة في الجنة تتزوج من زوجها في الدنيا إن كان من أهل الجنة ،و إذا لم يكُن للمرأة زوجٌمن أهل الدنيا في حياتها أو لم يكن من أهل الجنة فإنّ الله تعالى يزوّجها بمنتقرُّ به عينُها في الجنّة ، لأنّ الزواج من جملة النعيم الذي وُعد به أهل الجنّة، وهو ممّا تشتهيه النفوس ، و تتطلّع إليه قال تعالى : ﴿ وَلَكُمْفِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴾[6] .
و المرأة في الجنة مقصورة على حب زوجها لا تتطلع إلى غيره، ولا تجد في نفسها حزناً من مشاركة غيرها له ،بخلاف ما عليه نساء الدنيا ؛ لأن الجنة لا حزن فيها ولا هم ولا غم و لا حقد و لاحسد قال تعالى : ﴿ وَنَزَعْنَامَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ ﴾[7]أي: نخرج من قلوبهم أسباب الحقد والحسد والعداوة، أونطهّرها منها، حتى لا يكون بينهم إلا التوادّ والتعاطف. وصيغة الماضي للإيذانبتحققه وتقرره[8]أو و نزعنا ماكان في قلوبهم من حقد وضغن مما يكون من عداوة أو حسد في الدنيا، فلا يدخلون الجنةوفي قلوبهم أدنى لوثة مما لا يليق بتلك الدار وأهلها ، ويكون من أسباب تنغيصالنعيم فيها[9].
هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
[1]- الكهف الآية 49
[2]- الملك الآية 14
[3]- انظر إعلام الموقعين عن رب العالمين 2/66
[4]- قـ الآية 35
[5]- فصلت من الآية 31
[6]- فصلت من الآية 31
[7]- الأعراف من الآية 43
[8]- تفسير القاسمي 5/59
[9]- تفسير المنار 8/374