سَلَبَ الرِّجِالُ سَعَادتِي وصَفَائِيوتَلاعَبُوا بأنوثَتِي وحَيَائِيرَكبُوا بي السُّفُنَ التي ما أبحرتْإلاَّ على مَوجٍ مِنْ الأَهواءِحتى إذا لَعِبَ المُحِيطُ بها رَمُواللحوتِ مَعنى عِزّتِي وإِبَائِيسَرَقَ الرِّجِالُ المدَّعُونَ حَقَائِبِيلَمَّا رَكبتُ سَفِينةَ الإغواءِِلا تَسْألُونِي كيف صِرْتُ غَرِيبةًلَمَّا بلَغتُ شَوَاطِئَ الغُرَبَاءِلمَّا دَعَونِي للنزولِ، يَلِفُّنيخَوفِي، وتَلْطمُنِي يَدُ الظَّلْمَاءِضَرَبوا بِيَ الأرضَ الوَبِيءَ تُرَابُهاواستَنْزَلُونِي من شمُوخِ سَمَائِيفي حِينَها أَبْصَرْتُ وَجْهَ تَعَاسَتِيوَيَداً مدنَّسةً تُزِيحُ غِطَائِيوسَمِعتُ في الآفَاقِ جَلْجَلَةَ الأَسَىوصَدَى نُعَابٍ مُزْعجٍ وعُواء(هيَّا انْزِلِي)، مَا أَغْرَبَ الصَّوتَ الذيمَلأ المَسَامِعَ مِنْه شَرُّ نِدَاءِمَاذَا أرَى؟ ذئبُ اَلتَِّحَامُلِ مُقْبِلٌنحْوِي، وثُعْبَانُ الخِدَاعِ وَرَائِيأينَ الدُّعاةُ إلى حقوقِي، مَا بِهملمْ يَظْهَرُوا في الليلةِ اللَّيْلاءِ؟!أين الذين بَنوا قصُورَ وُعُودِهمبتَطوُّرِي، وتَحرُّرِي، وهنائي؟!كَيفَ اخْتَفُوا، وهمْ الذينَ استَثْمَرُوابشِمُوعِهم، حبِّي لِكلِّ ضِيَاءِ؟!أين الدِّعَاياتُ التي سَلَبُوا بِهَاعَقْلِي، ونَالُوا طاعَتِي وَوَلائِي؟!أَيَنَ الذينَ تَمَسَّحُوا بِبَراءَتِيحَتَى مَنَحْتُ حَدِيثَهم إصْغَائِي؟!أوَما دَعُونِي لِلتَّحَرُّرِ جَهْرَةًحَتَى أَكُونَ رَفِيقَةَ العُظَمَاءِ؟!يَا وَيْلَهم، كَيفَ اسْتَحَالَ حَنَانُهمعُنْفاً، يُخَاطِبُنِي بِكُلِّ جَفَاءِ؟!مَا بَالُ أَعْينِهم غَدَتْ مَسْكُونةًبِهَوى النِّفوسِ وشَهْوةٍ رَعْناءِ؟!مِنْ نُطْفةِ الحَجَرِ الأَصَمِّ تَخَلَّقُوافَقلُوبُهم كالصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِخَدَعوا الأنوثَةَ حينَما رَفَعُوا لَهَاعَلَماً من الحرَّيةِ الشَّوْهاءِكَسَروا قِوَامةَ أَهْلِنا وتسلَّطُوابقوامةِ التَّضْلِيلِ والإِلْهاءِأَفْتَوا، وهَلْ يُفْتِي الذي لَمْ يَدْخِرْعِلْماً بِنَهْجِ الشِّرْعةِ الغَرَّاءِوكأنَّما طَلَبُ العلومِ معلَّقٌبِسِفُورِ وَجْهِي وانْحِسَارِ رِدَائِي!كَذَبُوا عَلَيَّ بِمَا ادَّعُوه، وإِنَّمَاأَوْرَوا بما جَلَبُوه زَنْدَ شَقَائِيهم أَشْهرونِي في الوَسَائِل كلِّهَاحَتَى عَشِقتُ تَوَهُّجَ الأَضْوَاءِوأُصَبْتُ بالدَّاءِ العُضَالِ، وإنَّماداءُ انحرافِ الطَّبْعِ أَسْوأُ دَاءِفتبرَّأتْ مِني ثِيابُ مُروءَتِيواستَفْظَعَتْ وَحْلَ الطَّرِيقِ حِذَائِيإنّي أقولُ، وقَدْ رَفَعْتُ غِشَاوَتِيونَجَوتُ من دَوَّامةِ استِرْخَائِي!مَا أكذبَ الدَّعْوى التي لا تَنْطَويإلاَّ عَلَى لُغةِ الهَوى الجَوْفاءِ!حرَّيةُ القَومِ اختلاطٌ مَاجِنٌفي دَارِ عَارِضةٍِ، وحَفْلِ غِنَاءِمَنْ يُبْلغُ الفَتَياتِ عَنِي صَرْخةًممزوجةً بتودُّدي ورَجَائي؟؟لا تَنخدعْنَ بمَن يَلُوكُ لِسَانَهكِذَبَاً، ويَرفعُ رايةَ السُّفهاءِرافقتُهم زَمَنَ الضَّياعِ فلمْ أجدْإلاَّ خِداعَ رِجَالِهم لنِساءِيا ليتَ شِعْري، من يُواجهُ كَيْدَهُمويصدُّ جَيشَ الغَارةِ الهَوْجَاءمَنْ يُنْصِفُ الأنْثَى من الدَّاعي إلىطُرْقِ الضَّياعِ ومَنْهجِ الغَوْغَاءِ؟مَن يُنْصِف الأنثَى من الرَّجل الذييَقْتَاتُ من بَيعٍ لَها وشِرَاءِ؟يا بنتَ إسلامِ الشمُوخِ خُذي المَدىفَرَساً يُطوَّع قَسْوَةَ البيَدْاءِيَشْدُو بألحَانِ الصَّهيل فيَنْتَشِيقَلْبُ الإباءِ ومُهْجَةُ العَلْيَاءِقولِي لعشَّاقِ السَّرابِ ومَنْ حَذَاحَذْوَ الغُرَابِ مقلَّدِ الوَرْقَاءِ:بِبَصِِيرَتِي شاهَدْتُ فَجرَ حَقيقتِيإن الحقيقةَ فَوْقَ كلِّ خَفَاءِطِيرُوا كَمَا شِئتُم، فَلا طَيَرَانُكميُغْرِي، ولا أجْواؤُكم أجْوَائِيبيني وبين كِتَابِ رَبِّي دَوْحةٌتُسقَى مَنابتُها بأطهرِ مَاءِعِلْمِي وإيْمَانِي يُضِيئان الدُّجَىويكمَّلانِ مَع الحَيَاءِ بِنَائِيأمْضِي، وفي ذِهنِي يَقينُ خَدِيجةٍوإِبَاؤهَا، وعَزِيمةُ الخَنْسَاءِ
شعر: عبد الرحمن صالح العشماوي