العناد الوظيفي " | طباعة |


كتب عبدالله العييدي
الثلاثاء, 18 أغسطس/آب 2009 18:12

عبدالله العييدي

النظريات والأفكار الإدارية تتوسع وتتطوّر ، بتطوّر مجالات العمل وموردها البشري ، والسبب في ذلك .. هو محاولة لتحفيز " القادة والموظفين على حد ٍ سواء " وإذا كانت العملية الإنتاجية مرتبطة في المورد البشري " العامل " فـ..هي أدعى أن تكون لدى " القادة " أولئك الذين يرسمون مستقبل المنظمة ويحددون مسارها المستقبلي من خلال " فن الإدارة " وليس سلطويتها ..!!

وهذا مايحقق لنا في نهاية المطاف " النجاح " على الصعيد الفردي والمؤسسي والذي يصب في خدمة المنظمة بعموميتها .


يقول تاركنتون في كتابه - ماذا علمني الفشل - عن النجاح: "معظم المنظمات اليوم تستخدم برامج تقييم الأداء والملفات السرية لتسجيل أكبر عدد من أخطاء الموظفين ومحاسبتهم عليها. الهدف من هذا الإرهاب الاداري هو حرمان الموظفين من فضيلة ارتكاب الأخطاء، أو إثارة الفزع والرعب في قلوبهم كي يحسنوا أداءهم. وهذه السياسة قد تؤدى إلى تحسين الأداء على المدى القصير، ولكنها على المدى الطويل بالقطع لن تحقق نفس النتيجة، فالموظفون سوف يمتنعون عن مجرد التفكير في أية محاولة لأداء العمل بطريقة جديدة ومبتكرة ".

في الواقع نحن نعاني من هذه الطريقة العقيمة في التعامل الإداري مع أولئك المنتمين إلى أي منظمة ، وأخص هنا بالطبع " العربية " منها ، فقد أخذ بعض القياديين بمبدأ " الإدارة العسكرية " والتي تعج بالافراط في استخدام السلطة والإلتزام بالتعليمات ، وتكثيف عنصر " العصا " على مبدأ " الجزرة " وكأن العصا هي المحرّك للإنتاجية ..!! أقول ذلك على الرغم من التطور المذهل في النظريات الإدارية التحفيزية والتي من شأنها خلق بيئة عمل محفزّة تعمل على إيجاد عنصر بشري مـُبدع .

نشعر أحياناً بالاستياء ونحن نسمع عبارات يرددها بعض المديرين وأصحاب الأعمال ، تفيد بأن الموظف يستجيب دائماً لصوت العصا ، وأن هذا الأسلوب يحقق أعلى معدلات الانتاجية وتجعل الموظف يسير بالشكل المرغوب والمطلوب ، وهذا غير صحيح، إذا ماتحدثنا عن فطرة الإنسان التي خلقه الله عليها والتي أدب بها نبيـّه عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم عندما قال الحق تبارك وتعالى "ولو كنت فظاً غليظ القلب لأنفضوا من حولك" ، هذا التأديب الإلهي هو من أهم المحفزات للعطاء والإنتاج فـ..الفظاظة هي من أهم معزّزات " العناد الوظيفي " ونجد الموظف يقابل هذا التصرّف بتصرّف أشد رعونة بما يتسبب في تعطيل أدائه الإنتاجي والذي ينعكس على المنظمة بشكل عام .

الفظاظة في التعامل والقسوة .. في أي منظمة مدعاة إلى القضاء على ملكة الإبداع لدى الموظف، ويفقده روح المبادرة، إذ أن الموظف في هذه الحالة يشعر أن أي خطأ يرتكبه عن قصد أو غير قصد سيدفع ثمنه غالياً ، وقد جاء في أحد النصائح الإدارية " أن الخبرة تأتي من القرارات الصحيحة ، والقرارات الصحيحة تأتي من القرارات الخاطئة " العنف لايمكن له أن يقنع المرؤوس بالتخلي عن عادات تؤدى إلى حدوث أخطاء، والعنف أيضاً لايمكن أن يفرض التغيير في أي منظمة ، هناك طرق مختلفة للإقناع والتحفيز والترغيب، هناك طرق متعددة تجعل الموظف يعمل ويبدع ويتعلم من أخطائه، طرق سلمية تتعامل مع الإنسان باعتباره إنسانا يفعل الصواب ويرتكب الخطأ كما خلقة الله بطبيعته الخطاءة .

وفي قصة الرياح والشمس عبرة "حدث نزاع بين الرياح والشمس، كلا منهما يدعي أنه الأقوى، قررا أن يتسابقا في إجبار رجل مسافر على التجرد من ثيابه، والذي ينجح في تحقيق ذلك يعترف له الآخر بأنه الأقوى، المحاولة الأولى كانت للرياح التي هبت بعنف لتنزع الثياب عن الرجل، لكنه تمسك بقوة بثيابه، كررت الرياح المحاولة مرة أخرى بطريقة أكثر عنفاً، فما كان من الرجل إلا أن تمسك بثيابه وبكل قوة، أعلنت الرياح الاستسلام وجاء دور الشمس، في البداية أشرقت الشمس بدفئها المعهود، فقام الرجل بخلع سترته الفوقية، اشتدت أشعة الشمس فقام الرجل بالتخلي عن إزاره الداخلي، اشتدت أكثر فأكثر فاتجه الرجل إلى البحر كي يستحم وتجرد من كل ثيابه"

فهل نـُطبـّق في منظماتنا ومجتمعاتنا وعائلاتنا وعلاقاتنا جميعها مبدأ الشمس أم الرياح ..!! نحتاج إلى التفكير كثيراً في ذلك فكل ماحولنا يستحق أن يرى أفضل مالدينا .

=-=-=-=-=-=-=
http://www.almajlis.net/articles/3659-q---q.html