أجازت أول دراسة سعودية شرعية نوقشت من قبل عدد من القضاة وعلماء الدين، والتي تعد الأولى من ونوعها، تعامل المشاركة في الوقت أو ما يسمى بـ«التايم شير». وخلصت رسالة الماجستير التي أعدتها الباحث السعودي زيد بن عبد العزيزالشثري من معهد القضاء العالي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إلى جواز صورعقد المشاركة في الوقت المعروف بـ (TIME SHARE)، وهو عقد يتم به شراء ملكية عقار لمدة محددة أو مشاعة، في وحدة معينة، بعقار محدد، قابلاً لمبادلته بعقار آخر أحيانًا، إلا أن الباحث يرى عدم جواز البيع في حال ارتباط عقد البيع بجهالة أوغرر والمتمثلة في صورة واحدة، وهي بيع حصة مشاعة غير محددة الزمان والمكان. وأشار الباحث في دراسته الى جواز نظام التبادل، مشيراً إلى أن أصله يرجع إلى مسألة إجازة منفعة بمنفعة من جنسها، كما رجح الباحث جواز الإجارة الطويلة ما دام يغلب على الظن بقاء المعقود عليه، ورأى الباحث جواز إجارة الشيء قبل قبضه، وجواز البيع أو التأجير حتى وإن كان المبنى تحت الإنشاء وهو ما يعرف بـ(الموصوف في الذمة).



واوضح الشثري أن عقد المشاركة في الوقت له صور كثيرة ومتعددة، ومع فتح المجال للشركات العقارية، وعدم إلزامها بصورة محددة، تعددت أساليبهم، وكثرت طرقهم. ولذلك كثر المتضررون من تلاعب هذه الشركات والتي تخصص بعضها في الغش، والتدليس، والخداع مما أوجد عند كثير من الناس التخوف، والاحتراز من هذا العقد، وأخذ صورة سيئة عنه لتوجد بذلك صور متعددة لعقد المشاركة في الوقت لا تخرج عن عقد البيع وعقد الإجارة غالبا. وبين أن الصورة الأولى تتمثل في صور عقد البيع ويعبرون عنها في العقود بالبيع مدى الحياة، والتي تتمثل في بيع حصة معينة من عقار كـ(أسبوع)، ومحددة التاريخ كـ(الأسبوع الأول من الشهر)، فتكون العين الواحدة مشاعة بين عدد من الملاك كل بحسب حصته. ويلاحظ أن الأسعار تختلف باختلاف المواسم والتي يتم تقسيمها إلى ثلاثة أقسام ذات الطلب المرتفع، وذات الطلب المتوسط، وذات الطلب المنخفض.

وبين الشتري أن المالك في هذه الصورة يملك حصة محددة، لا يحتاج إلى التنسيق المسبق لتحديد حصته، بل يذهب في وقته المحدد، ويكون المالك مختصا بهذه العين في هذه الفترة; لأن كل مالك في هذه الوحدة قد تم تحديد حصته أثناء البيع. فهذه الصورة متوافقة مع شروط البيع; وذلك لأن العين الواحدة يجوز أن يملكها عدد من الأشخاص، ويكونون شركاء في هذه العين شركة ملك، فجميع الشركاء الذين لهم حصص في هذه الوحدة، هم مالكون لهذه الوحدة، كل بحسب مقدار حصته.

أما الصورة الثانية فذكر الشتري أنها تتمثل في بيع حصة محددة المدة وغير محددة التاريخ. فيكون مالك الحصة يملك أسبوعًا مشاعًا في عقار بعينه، والتي يكون فيها بيع لمشاع غير محدد والفقهاء متفقون على جواز بيع الحصة الشائعة. واستند الباحث في دراسته على دليل من القرآن الكريم والاحاديث النبوية والفتاوى، والتي تؤكد بأنه لا بأس بتداول الحصة المشاع تملكها في عقار معروف الحدود والمساحة والموقع، إذا كانت نسبتها إليه معلومة، كأن تكون ربعه أو ثمنه أو ربع عشره أو نحو ذلك، ولا بأس بتداولها بيعًا وشراءً وهبة وإرثًا ورهنًا، وغير ذلك من التصرفات الشرعية، فيما يملكه المرء; لانتفاء المانع الشرعي، وجواز تداول المشاع يدل على جواز بيع المشاع من المالك الأول، والتي اعتبرها الباحث جائزة لانتفاء التغرير لأن المكان معلوم ومحدد، والمشاع يمكن تحديده بعد ذلك. وأشار أن الصورة الثالثة تتمثل في بيع حصة مشاعة غير محددة الزمان، وكذلك غير محددة المكان. والبائع في بعض الأحيان شركة لها فروع في بعض مدن العالم كأن يكون لها مثلا، فندق في الرياض، وفندق في القاهرة، وفندق في دمشق. فالمشتري اشترى أسبوعًا صفته محددة، ومضبوطة بضوابط. كأن يشتري جناحا والتي تعتبر مواصفات ليست محددة بمكان معين والتي رأى الباحث عدم شرعيتها وجوازها للغرر وهو أهم أسباب التحريم; لأن هذه الصورة تشتمل على غرر كبير. لجمعها بين جهالة المكان، والزمان.

وبين الباحث أن جهل المشتري بالعقار الذي ملكه بالوقت قد يؤدي إلى النزاع، وذلك لأن المشتري قد يريد قضاء هذا الأسبوع في مصر، فلا تستطيع الشركة توفير ذلك، ثم يريده في الرياض ولا تستطيع كذلك، فيحصل النزاع، إضافة إلى أن الشركة قد تبيع الوحدة (الشقة أو الغرفة) لأكثر من اثنين وخمسين شخصًا، إذا كانت مدة الحصة أسبوعًا. وبهذه الطريقة لا يمكن أن ينتفع هؤلاء جميعًا بالوحدة في سنة واحدة بطريقة المهايأة الزمانية. وإن كان هذا قد يضبط، ولكن هذا التلاعب قد يحصل.

وأشار إلى أن تكاليف الصيانة تحدد بمقدار الحصة المشاعة، في الأجزاء المشتركة. وهذه الصورة لا يمكن بها معرفة مقدار الصيانة; لأن المكان الذي تم شراء الحصة فيه غير محدد، والتي أفتى بتحريمها الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ في فتوى مسموعة والشيخ صالح الفوزان ـ حفظه الله ـ في فتوى مقروءة. وبين أنه يمكن أن تكون هناك صورة رابعة: وهي أن يكون الزمان محددا والمكان غير محدد، وإدارة العقار في صور البيع قد تكون للشركة البائعة، التي باعت الحصص على الملاك. لأنها قد تكون محتفظة ببعض الحصص، أو الوحدات في المجمع السكني، وقد لا تملك حصصا، بل تكون متولية لإدارة المشروع فقط. وقد تكون إدارة العقار لجمعية الملاك سواء هي التي تولت الإدارة، أو قامت بتوكيل إحدى الشركات المتخصصة في هذا المجال، وتكون الصيانة بحسب حصة كل مالك في هذه الوحدة، فمن يملك أسبوعين ليس كمن يملك أسبوعًا واحدًا. وأشار ان مالك الحصة لـه حق التبادل في أماكن أخرى غالبا، وأوقات أخرى. والتبادل قد يكون داخل بلده التي اشترى حصة فيها. كأن يشتري في السعودية، وتكون المبادلة في السعودية، وقد يكون في بلد آخر كمصر، وقد لا يكون هناك تبادل. ويلاحظ أن التبادل قد يكون داخلاً ضمن إدارة العقار التي اشترى حصة فيها. والتبادل بين الوحدات، يكون بين منفعة، ومنفعة من جنس المعقود عليه. كالتبادل بين غرفة وغرفة، أو شقة وشقة. فالذي طلب التبادل جعل وحدته التي تعاقد عليها ثمنًا أو أجرة للوحدة التي يريدها. فتكون الوحدة التي يريد الانتقال إليها معقودًا عليها، ووحدته ثمنًا لها والتي أجازها الباحث، إلا إذا اقترن به أمر محرم كالغرر، أو اشتمل العقد على شيء محرم. وذكر الباحث أنه مما يميز صور الإجارة في عقد المشاركة في الوقت هو أن الإجارة تكون لمدة طويلة، وبأجرة مخفضة. والإجارة الطويلة جائزة، ما دام يغلب على الظن بقاء العين في تلك المدة، فيما أكد الباحث أن من أهم شروط عقد المشاركة في الوقت احتفاظ البائع بحقه في إدارة العقار، ووضع الشروط والضوابط المنظمة لذلك، وإن أمكن أن جميع الملاك يقومون بالتصرف، والتنظيم لهذا المبنى بأي طريقة عادلة فيما بينهم فهذا هو الأولى، لأن الجميع يعتبرون مالكين. والمالك له حق التصرف في ملكه فإن لم تمكن هذه الطريقة، وذلك لصعوبة التنظيم فيما بين الملاك، ولأن الواحد منهم لا يملك إلا حصة تساوي أسبوعًا أو أسبوعين في أغلب الأحيان. وليس مستعدًا لحضور اجتماعات جمعية الملاك، فإن الشركة التي باعت الوحدات في المبنى هي التي تتولى إدارة العقار. وهذا الشرط من الشروط المنافية لمقتضى العقد من دون مقصوده.

وأضاف أن اشتراط البائع على المشتري عددًا من الأشخاص في العين المباعة، مع جواز اشتراط الصيانة على البائع في صورة البيع (ملكية العين)، وعدم جواز ذلك في صورة الإجارة(ملكية المنفعة)، مع حبس المبيع أو المأجور حتى سداد الثمن أو الأجرة وهو ما يسمى عند الفقهاء برهن المبيع على ثمنه والتي أجازها الباحث. وبين الباحث أنه فسخ العقد عند عدم دفع الثمن أوالأجرة هو الشرط غالبًا ما يكون مترتبًا على الشرط السابق فبعضهم يشترط عند التأخر في أداء الثمن أو الأجرة حلول الأقساط وبعضهم يفسخ العقد مباشرة، ولا يلجأ إلى الشرط السابق والذي أكد أنه شرط صحيح لا ينافي مقصود العقد. وفيه مصلحة للمالك، وذلك لرفع الضرر عنه، لأن في حبس العين لمصلحة المشتري أو المستأجر مع عدم دفع الثمن أو الأجرة، ضررًا على المالك لعدم تسلمه الثمن أو الأجرة، وعدم ترك الحق له في التصرف في ملكه، وأكد انه ينبغي للمالك أن يتريث قليلاً ليترك فرصة للمشتري أو المستأجر. وإذا كان الشرط صحيحًا فلا يعني صحة ما تتخذه بعض الشركات في هذا المجال من إجحاف بحق الطرف الآخر كأن تكون الأجرة معجلة، والمستأجر لم ينتفع بالعين المؤجرة إلا مدة يسيرة في مقابل ما دفعه من أجرة معجلة فيتعثر في سداد الأجرة، فيفسخ المؤجر العقد، فيصبح المستأجر خاسرًا لما دفعه من أجرة، والذي أشار لبطلان هذا العقد لخسارة المستأجر العين المؤجرة، وخسارته الأجرة وبين الشثري أنه في عقد المشاركة في الوقت، غالبًا ما يكون الشيء المعقود عليه يملكه عدد من الأشخاص. قد يصلون إلى الخمسين، وانه في حال قسمتها بين خمسين مشتركا ويكون لكل مشترك نصيب خاص لا تجوز هذه القسمة شرعاً، لأن هذا فيه إضاعة للمال والشرع قد جاء بالنهي عن إضاعة المال وقسمتها بهذه الطريقة فيه إضاعة للمال. ويمكنهم الاستفادة من هذا ببيعهم لهذه الشقة أو الغرفة، والاستفادة من ثمنها.
http://www.aawsat.com/details.asp?se...article=292535