النظام السياسي وارتباطه بالإرادة الجماعية..!

الكاتب/ د.زاهر زكار*

تختلف وتتشابه النظم السياسية من حيث الشكل والمضمون بدرجات متفاوتة،ويعكس تفاوت مظاهر الاختلاف والتشابه الواضحة،مدى اختلاف الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي نشأت في النظم السياسية وتطورت،كما أن مظاهر التحول التي وصلت إليها النظم السياسية،تعكس مستوى التطور الحضاري الذي عرفته المجتمعات البشرية.

.فقد نشأت الدول والنظم السياسية عامة في ظروف تميزت غالباً بالحروب والصراعات الدامية،بين المجموعات البشرية،حيث نشأت النظم السياسية في معظمها على أشلاء وجماجم الضحايا البشرية،كما تطور بعضها واندثر بعضها الآخر في خضم المعاناة والمآسي الإنسانية.

ولا شك أن تاريخ نظم الحكم وتطورها ملئ بالأحداث المؤلمة التي تمثلت في أشكال القهر والعنف والقتل والاضطهاد والاستعباد التي ارتكبها الإنسان ضد أخيه الإنسان،فقد عرفت البشرية عبر مراحل تطورها الحروب الدامية والصراعات المأساوية،التي جعلت الإنسان بنفسه يشكل منبع متناقضاته ويكون مصدر الكثير من معاناته،حيث كان-ولا زال-هو الظالم والمظلوم في الوقت نفسه،ولعل هذا التناقض النابع من الإنسان نفسه،يتجلى بوضوح في مختلف مظاهر السلوكيات التي يقوم بها الأفراد،وخاصة تجاه بعضهم البعض في شتى مجالات الحياة المشتركة،حيث يقوم الفرد(مثلاً)بممارسة شتى أشكال الظلم ضد غيره من الأفراد،عندما يكون ذلك الظلم في صالحه ويكون قادراً على القيام به،ولكنه يقاوم نفس أشكال الظلم عندما يتعرض لها على يـد الآخرين،ويتضرر منها بشكل أو بآخر.

لقد أدت نتائج هذه النزعة البدائية التي تدفع الإنسان إلى الإساءة للآخرين،بقصد السيطرة عليهم واستعبادهم بالقوة والقهر إن كان قادراً على ذلك-أدت إلى نمو إرادة التحرر والتصميم على مقاومة الظلم لدى الأفراد الذين يتعرضون للقهر والاضطهاد.

وهكذا جعل هذا الصراع الحاد المتعدد الأطراف،الذي تطورت البشرية في ظله،أشكال الدول وأنماط الحكم تتكون وتتطور وفقاً لإرادة الأقوياء واستغلالهم لجهود الضعفاء بالقوة،وبمعنى أدق،فأن أشكال الحكم وأساليبه وقواعده ومفاهيمه،تجددت وفقاً لرغبة الحكام،الذين فرضوا سيطرتهم بالقوة،على الجماعات والشعوب في ظروف مختلفة،مما جعل القواعد أو المبادئ التي قامت على أساسها نظم الحكم السياسية وكذا المفاهيم المنبثقة عن هذه النظم،تتكون وتتبلور بطريقة غير موضوعية،تتعامل مع الفرد تبعاً لوضعه الاجتماعي،ومدى نفوذه،وليس تبعاً لطبيعته وقيمته الإنسانية،حيث صيغت هذه القواعد والمفاهيم بالشكل الذي يخدم مصالح الفئات المسيطرة بالدرجة الأولى ولا يحترم القيمة الإنسانية المشتركة لكل الأفراد دون تميز بينهم.

لقـد أدى هذا الوضع اللاإنساني واللاحضاري بالفئات المضطهدة في شتى أنحاء العالم،إلى تصعيد كفاحها بمختلف الوسائل من أجل تحرير الإنسان من سيطرة أخيه الإنسان،والعمل على تطويره والرفع من قيمته الإنسانية المشتركة وتعميم مفهوم هذه القيمة على جميع أفراد الجنس البشري،دون أي تمييز عرقي أو طبقي أو عقائدي.كما أدت الجهود المتواصلة التي بذلها الإنسان في مختلف الميادين من أجل تحسين ظروف حياته،وتلبية حاجياته المتزايدة،إلى تمكنه من اكتساب ثروة هائلة من الخبرات والمعارف الواسعة في شتى المجالات وبشكل تراكمي متزايد،الأمر الذي دفع بحركة التطور الحضاري نحو المزيد من التقدم الشامل.

وقد ساهم هذا التطور الحضاري الذي عرفته البشرية-بطبيعة الحال-في نمو الفكر الإنساني بصفة عامة،وتشعب مواضيعه وتعدد مصادره ومناهجه،فتغيرت نتيجة ذلك،العديد من المفاهيم الخاطئة الخاصة بالطبيعة الإنسانية،وتم الاعتراف بحق الأفراد في التمتع بحياتهم وحرياتهم.كما بدأ يعترف الفكر البشري،بحتمية التضامن والتعاون بين أفراد المجتمع على أساس المساواة في الحقوق والواجبات وتضافر الجهود لخدمة المصلحة العامة.فعلى الصعيد السياسي(مثلاً)بدأت شعوب العالم تنتزع سيادتها السياسية المشروعة من الحكام الطغـاة،وتعمل على تقويض أركان سلطتهم الاستبدادية ،وتزايدت أشكال النضال الجماهيري من أجل إخضاع السلطة السياسية للإرادة الشعبية،ومشاركة جميع أفراد الشعب في تحديد قواعدها وممارستها بالشكل الذي يتفق عليه أفراد الشعب بطريقة صحيحة.
ومع تزايد أشكال التطور الحضاري،وتنوع مظاهره وانتشار المعارف واتساع المدارك لدى أفراد المجتمعات،ازداد الفكر السياسي ثراء وتعددت نظرياته ومبرراته،حيث تبلورت أفكار ومفاهيم جديدة خاصة بالنظام السياسي،وتجسدت معايير موضوعية،ومبادئ مثالية تحدد قواعده الشرعية وأهدافه الأساسية وأسلوب إقامته وممارسته.
السلطـة السياسيـة:
تعتبر السلطة السياسية ركناً جوهرياً وأساسياً في قيام الدولة أو النظام السياسي نظراً لكونها العنصر المميز للدولة عن غيرها من الجماعات حيث تمارس سلطتها وسيادتها على جميع الأفراد الموجودين فوق إقليمها إلا استثناءاً أو وفقاً للقانون الدولي،حتى أن البعض من المفكرين يعرف الدولة بالسلطة.
والمعلوم أن السلطة مرتبطة بالثقة والإكراه،وهما العنصران اللذان يتفاوتان وفق الجماعات البشرية،ولكنهما متواجدان مع بعضهما دائماً،غير أن الثقة أو الرضا يختلفان من فرد لآخر،ومن جماعة لأخرى،ومن وقت ومكان لآخر،كذلك الحال بالنسبة للإكراه الذي يمارس بأساليب ووسائل مختلفة،فقد يستعمل للتهديد فقط أو للإبعاد أو للعقاب.
إن المقصود بالسلطة السياسية،هو سلطة الدولة،وبذلك فهي سلطة التنبؤ والدفع والقرار والتنسيق التي تتمتع بها مؤسسات الدولة لقيادة البلاد.ومن المؤكد أن السلطة السياسية ضرورية لقيام الدولة،وهي أيضاً ضرورية لكونها الوسيلة التي بواسطتها تستطيع الدولة القيام بوظائفها الداخلية والخارجية،ولا ينافسها في ذلك أحد، وهو ما يستتبع تمتعها(أي الدولة)بالقوة والقهر واستحواذها لوحدها على القوة العسكرية لحماية مصالح الأفراد والجماعات التي أقامتها وتنظيم أمرها بما يتماشى والصالح العام،لأن وظيفة الدولة في العصر الحديث،لم تعـد محصورة في حماية مصالح الحاكم ومجموعته عن طريق القوة،وإنما أصبحت تمتد إلى العديد من المجالات،وهدفها تحقيق أكبر قسط من العدل والمساواة،ولذلك يشترط الفقهاء أن تقوم هذه السلطة على رضا وقبول المحكومين.
أشكال السلطة السياسية:
من الناحية المبدئية،فان السلطة تتراوح بين ثلاثة أشكال،،فإما أن تكون اجتماعية مباشرة وإما أن تكون مجسدة في شخص معين،أو سلطة مؤسسة.فالسلطة الاجتماعية المباشرة،هي التي لا يمارسها أحد بمفرده،ولكن الجميع يطيعون ويتصرفون في إطار العادات والتقاليد،وهي تتصف بأنها غير مطبوعة بطابع الإرهاب والعقاب،وإذا كان الشخص،خوفاً من الإبعاد الذي هو أشد العقوبات مضطراً إلى التصرف بما يرضي الجماعة_لأن الطاعة في ظل تلك السلطة يطغى عليها الطابع الغريزي،وهذا النوع من السلطة ساد في العصر القديم ونجده في عصرنا الحاضر في إفريقيا وأمريكا اللاتينية حيث توجد جماعات قليلة لا تزال تعيش وفق نظام بدائي يعتمد على معتقدات وعادات وتقاليد موجودة مسبقاً_فلا يجد الفرد إلا مراعاتها والامتناع عن أية مبادرة مخالفة لها وإلا تعرض لعقوبات طبيعية أو إلهية.
أما السلطة المجسدة في شخص أو فئة معينة،فهي تلك السلطة التي تكون مرتبطة بشخص الحاكم يمارسها كامتياز،وهو ما يميزه بها عن غيره من الأشخاص،فتكون مرتبطة بشخصه لما يتمتع به من نفوذ وليست وظيفة مستقلة عنه يمارسها وفق أحكام قانونية مهنية معينة.
وأما السلطة المؤسسة،فهي المعتمدة على رضا الشعب لأن الحاكم لا يمارسها كامتياز أو كصاحب سيادة أو مالك لها،وإنما كوظيفة أسندت له من قبل صاحب السيادة(الشعب)لمدة زمنية محددة.وبظهور السلطة المؤسسة،تظهر أيضاً القواعد القانونية فيستقر النظام أكثر من غيره لاعتماده على القانون واحترامه بما يتماشى والتطور ومصلحة الجماعة،فالسلطة عليها أن توفق بين سيادة القانون واستقرار النظام من جهة،والتطور التاريخي من جهة أخرى، رغم ما في ذلك من صعوبة باستمرار،باعتبارها ظاهرة اجتماعية مرتبطة بالجماعة وليس لها مفهوم سياسي فقط.
ولما كانت السلطة ضرورية في المجتمع رغم اختلاف أشكالها لصعوبة تحقيق الانسجام بين أفراد المجتمع،بدونها فإنها تعتبر بالتالي ضرورة وظاهرة اجتماعية ‎،لارتباطها بالجماعة وبالنفس البشرية.فالجماعة لا تستقيم بدون سلطة سياسية تعمل على تحقيق التوازن بين مصالح الأفراد من جهة،ومصالح الجماعة من جهة أخرى.فعلـة وأساس قيامها وبقائها،يكمن في تحقيق ذلك التوازن وإلا فقدت مشروعيتها وسندها الاجتماعي،كذلك فإن السلطة السياسية ظاهرة قانونية لارتباطها بالقانون،ذلك أنها في عملها الهادف إلى كفالة التوازن بين المصالح الفردية،ومصالح الجماعة وحمايتها،عليها أن تضع نظاماً يحقق ذلك،هذا النظام الذي لا يمكن أن يكون سليماً ومقبولاً إلا بقيامه على قواعد سلوكية ملزمة تسمى بالقانون،ولهذا فإن القانون ضرورة تلجأ إليها السلطة لتنظيم أمور الأفراد وتقييد اندفاعهم،وتغليب مصالحهم على مصلحة الجماعة،فهي التي تقيد بواسطة تلك الوسيلة غرائز ومطامع الأفراد،غير أن هذا لا يعني بأن وجود السلطة السياسية،يتنافى مع وجود حريات وحقوق للأفراد،فهي بالإضافة إلى ذلك تبين حقوق وحريات الأفراد وتضمن ممارستها وحمايتها بما يتماشى وتحقيق الصالح العام.إلا أن هذا لم يحدث إلا بعد صراع مرير بين السلطة والحرية،وبتعبير أدق العلاقة بين الحاكم والمحكومين.
تطور الصراع بين السلطة والحرية:
اجتاز الصراع بين السلطة والحرية عدة مراحل معينة،وهو في تطوره هذا حمل عدة مظاهر مختلفة،تتمثل في الصراع بين الدولة والدول الأخرى،وبين الحكام والمحكومين،ثم بين أفراد المجتمع فيما بينهم.
ويتجلى الصراع بين الدولة والدول الأخرى،في محاولة تحقيق استقلالها عن غيرها من الدول،بما يسمح لها بتصريف شؤونها وتنظيم أمورها دون تدخل من الخارج.وبتحقيق هذا الاستقلال يبرز نوع آخر من الصراع،يكون داخلياً بين الحكام والمحكومين،لتحديـد من هو مصدر ومالك السلطة،والممارس لها،لتنظيم وإدارة أمور المجتمع:هل هو الحاكم أو هو الشعب؟.وإذا تقرر بأن السلطة للشعب،فهل يمارسها بنفسه أم بواسطة أفراد ينوبون عنه؟.وفي هذه الحالة لتقييد سلطتهم وتنظيم السلطة،يجب وضع قواعد قانونية ملزمة تحكم تصرفاتهم،وتحدد اختصاصاتهم،وتبين حقوق وحريات الأفراد،وكيفية ممارستهم للسلطة عن طريق انتخاب ممثليهم،ثم مدى مراقبة السلطات الثلاث لبعضها،وخاصة رقابة البرلمان للسلطة التنفيذية .ولن يتحقق ذلك إلا بوضع دستور،يقيد السلطة من الأعلى.
أما النوع الثالث من الصراع،فيتمثل في الصراع القائم بين أفراد المجتمع نتيجة تقرير مبدأ سيادة الشعب،ويتمثل أساساً فيمن له الحق في ممارسة السلطة على غيره،مما يؤدي إلى انقسام المجتمع إلى جماعات وأحزاب ونقابات تمثل مصالح وآراء سياسية.ويبدو هذا الصراع في حق كل فرد ممارسة السلطة،بتوافر شروط معينة ثم تصويت الأغلبية لصالحه،وبالتالي إبعاد الآخرين عن ممارسة السلطة مباشرة ولمدة زمنية محددة.
العوامل المؤثرة في النظام السياسي:
إذا كان الصراع بين النظام الحاكم والحرية،أمر لا بد منه،فإن هناك عوامل تؤثر فيه وتتمثل أساساً في،العامل الديني،والعامل الاقتصادي والعامل الدولي.فالعامل الديني يؤثر تأثيراً كبيراً في تحديد شكل المجتمع ونظام الحكم ،ذلك أنه ساهم في المحافظة على السلطة في القديم،باعتبار أن ممارسيها كانوا يعتبرون أنفسهم آلهة أو أنها راضية عنهم،وأن الأفراد كانوا يعتقدون ذلك،وهو ما ساهم في تقوية الحكم الفردي،وتغليب السلطة على الحرية،لاعتقادهم أن مخالفة الحكام،ينتج عنه غضب الآلهة،باستثناء الدين الإسلامي الذي دعا المسلم إلى مقاومة الظلم،إلى أن جاءت الثورة الفرنسية التي قضت على هذه الفكرة في أوروبا.
وكان للعامل الاقتصادي،دوراً رئيسيا في تغليب السلطة على الحرية،لأن سلطة الملوك في القديم والحاضر في بعض الأنظمة،تمتد إلى الجانب الاقتصادي رغم العامل الديني،فهو المالك لكل ما على الأرض،ونظراً لحاجة الفرد إلى تأمين عيشه،وقيام الدولة بتوزيع الإنتاج،فإن الأفراد كانوا يؤثرون ويقدمون حاجياتهم المادية على حساب حرياتهم.
وقـد استمر هذا الوضع أثناء العصر الإقطاعي،إلى أن ظهرت الدولة الحديثة التي تقوم على الحرية السياسية والاقتصادية،أي المشاركة في إدارة شؤون المجتمع،وترك الأفراد أحراراً في ممارسة التجارة مما نتج عنه تغليب الحرية على السلطة،وبتطور الصناعة أصبحت الحرية الاقتصادية خطرة على الأفراد وخاصة العمال ،حيث ظهرت الأفكار الاشتراكية،وقامت حكومات اشتراكية،تهدف إلى حماية العمال،إلا أنها من أجل تحقيق هدفها المتمثل في المساواة الفعلية مارست سلطة قسرية كانت على حساب الحرية السياسية،وكانت من أسباب انهيار أنظمة اشتراكية.
وبخصوص أثر العامل الاقتصادي على الصعيد الدولي،فقد لعب هذا العامل دوراً كبيراً في تقييد الحرية لصالح السلطة الاستعمارية المستغلة للموارد الاقتصادية للشعوب المستعمرة،وهو ما دفع هذه الشعوب إلى المقاومة بهدف تحقيق استقلالها تجاه الدول الأخرى.
كذلك فإن للعامل الدولي أثر على نظام الحكم،ففي الدول ناقصة السيادة يتأثر نظام حكمها بالدول المسيطرة عليها،وحتى الدول كاملة السيادة،فإنها تتأثر نظمها أيضاً بالدول الأخرى،خاصة إذا كانت تربطها علاقات اقتصادية أو عسكرية كالسوق الأوروبية المشتركة والحلف الأطلسي،والكومسيكون،وحلف وارسو(سابقاً)أو معاهدات الدفاع المشترك بين بعض الدول،ويتأثر أيضاً نظام الحكم بالحروب التي تفرض فيها الدول المنتصرة شروطها على الدول المهزومة.
وأخيراً،فإن هناك عوامل محلية تؤثر على النظام السياسي، كالعامل الجغرافي وتعدد الأجناس والأديان وطريقة الحياة،بل أن بعض الأنظمة النامية لم تتمكن من فرض النظام الذي أعتنقه حكامها بسبب معارضة الشعب له أو معارضة أسلوب تطبيقه تأثراً بعوامل داخلية أو خارجية أو بهما معاً،مما ينتج عنه انفصال دائم بين القاعدة والقمة،فالسلطة تحاول فرض النظام المعتنق تارة بالأسلوب السلمي وتارة أخرى عن طريق العنف بالقبض والسجن وقتل المعارضين،دون البحث عن سبب رفض الشعب أو أغلبيته لذلك النظام،وهي بهذه الطريقة تساهم-دون أن تدري-في توسيع الهوة بينها وبين الشعب الذي هو الآخر يتيقن بمرور الوقت من عدم جدوى مسالمة القابضين على السلطة،فيزداد بذلك الفساد والعصيان واللامبالاة،إلى أن يثور هذا الشعب أو تستولي مجموعة من الأشخاص(في الغالب عسكريين)،على السلطة فتجد المساندة الكاملة للقضاء على النظام المفروض دون الاهتمام أول الأمر بما إذا كانت السلطة الجديدة ستعمل فعلاً من أجل تحقيق مطامح الشعب،والسبب في ذلك يعود،إلى اعتقاد الشعب بأن الذي قضى على الحاكم المستبد لا يمكن إلا أن يكون مسانداً للشعب.
خصائص السلطة السياسية:
تتميز السلطة السياسية بكونها أصيلة وشاملة،فضلا عن طابعها الاكراهي،الذي بموجبه تفرض سلطتها،غير أن القوة المادية لا تؤسس السلطة السياسية بالضرورة،وإنما تستعمل للحفاظ عليها لكونها ملازمة لا تنفصم عنها.وتتمثل أصالة السلطة السياسية في كونها،لا تستمد وجودها من غيرها،ولا تعلوها سلطة أخرى،باعتبار أن هناك سلطات غير سياسية بعضها مستقلة نسبياً لكنها كلها تستمد وجودها وقوتها من السلطة السياسية،فضلاً عن كونها ليست شاملة.
كما أن السلطة السياسية خلافاً للسلطات الأخرى،شاملة تمارس من قبل الحكام على الجماعة المتواجدة في إطار إقليم الدولة(أي الأرض) كما تشمل مختلف النشاطات،وبالتالي فإنها غير محددة المجالات والنشاطات إلا وفق إرادتها لأن غايتها هي تحقيق الخير المشترك للجميع.
وإذا كانت السلطة السياسية ضرورية للجماعة للحفاظ على النظام ودفع الخطر الخارجي،فإن ذلك يضفي عليها صفة القداسة التي تتدعم بما تعبر عنه من تصرفات وعزم على تحقيق الرفاهية،وضمان الوفاق،وما تلعبه وسائل الإعلام في إضفاء صفة الزعامة على ممارسي السلطة عن طريق نشر وبث تصريحاتهم والتعليق عليها، والاستقبالات والمراسيم الخاصة بذلك وكيفية الوصول إلى السلطة وممارستها،والتركيز على عوامل الوحدة من نشيد،وجيش دون إهمال للتشريعات بما يعطي هيبة للسلطة السياسية.
ومن مميزات السلطة السياسية أيضاً،هو تأرجحها بين الفعلية والقانونية من جهة واستعمال الإكراه من جهة ثانية،فالسلطة السياسية إذا كانت لا تعتمد على رضا المحكومين(الشعب)أو على الأقل،الأغلبية،فإنها تكون سلطة أو حكومة فعلية،لعدم تقيد الشخص أو المجموعة الحاكمة برضا المحكومين وتجاهلها أساساً على أثر ثورة أو انقلاب أو ظهور دولة جديدة حيث تطغى السيطرة على الحرية وبالتالي الإكراه على الرضا.كما أن السلطة السياسية تتميز بمركزيتها أصلاً وبالتالي انعدام سلطة أخرى بين الدولة والمواطنين،وكذلك كونها سياسة توفق بين مختلف المصالح.

مفهوم شرعية النظام السياسي:
بعد أن تعرفنا عن ماهية السلطة السياسية ومميزاتها،سنناقش الآن مفهوم شرعية النظام السياسي ( نظام الحكم)حيث يرتبط هذا المفهوم بالنسبة لنظام الحكم السياسي خصوصاً بسبب وجود الدولة وطبيعة المهام المنوطة بها وحاجة أفراد الشعب إلى القيام بها.
والمعلوم أن الدواعي الموضوعية لقيام الدولة،ترتبط أساساً بالحاجة الجماعية لأفراد الشعب،ومدى أهمية الخدمات الضرورية والضمانات الأساسية التي تقدمها الدولة إليهم،ذلك أن الدولة بمفهومها السياسي،قد نشأت أصلاً نتيجة الوجود الجماعي لأفراد الشعب،وبالتالي قيامها يتوقف بالطبع على هذا الوجود الجماعي،وهذا يعني أن أفراد الشعب هم الذين يشكلون المصدر الطبيعي لنشأة الدولة ودواعي وجودها.
والواقع أن الدولة،تشكل أداة لخدمة أفراد الشعب،وتخضع لإرادتهم الجماعية وتعمل على تلبية حاجياتهم المشتركة.
وإذا كان أفراد الشعب،هم الذين يشكلون مصدر نشوء الدولة،ودواعي وجودها،فإنهم يشكلون كذلك بحق وجدارة مصدر الشرعية السياسية لأي نظام سياسي يمارس السلطة عليهم.فالنظام السياسي مهما كانت طبيعته،لا يتمتع بالشرعية السياسية إلا بموافقة أفراد الشعب المعني بالأمر بكل حرية وصراحة على قيامه ووجوده شكلاً ومضموناً،وذلك بصرف النظر عن الانتماءات الثقافية والعقائدية لأفراد الشعب،باعتبار أن نظام الحكم يخص كل أفراد الشعب الواحد مهما اختلفت معتقداتهم وظروفهم الاجتماعية.
وعليه فإن الشرعية السياسية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالإرادة الجماعية لأفراد الشعب المعني بالأمر مباشرة،والنظام السياسي لا يمكن اعتباره نظاماً شرعياً في الظروف العادية،إلا إذا كان منبثقاً من الشعب،ويستمد وجوده وسلطته من الإرادة الجماعية لأفراد الشعب.
وتبعاً لذلك يعتبر النظام السياسي الذي يتمتع بالشرعية السياسية، وسيلة يصنعها الشعب بنفسه لتدبير شؤونه المختلفة في شتى المجالات،والتعبير من خلالها عن إرادته الجماعية وسعيه لخدمة مصالحه المشتركة.وهذا يعني أن الشعب بكل أفراده هو الذي يملك شرعية السلطة السياسية بشكل جماعي وطبيعي،ومن حقه المشروع إقامة نظامه السياسي بالشكل الذي يليق به،ويخدم مصالحه الأساسية،كما يحق له مراقبة هذا النظام،والعمل على تغييره بالطرق الملائمة أو انتزاع السلطة من الأفراد الذين كلفهم بممارستها لتلبية حاجاته المشتركة وذلك عندما يقتنع بأن نظامه السياسي أصبح يتعارض مع إرادته الجماعية وطموحاته المشتركة والمشروعة.
وعلى أية حال،فإن مسألة سيادة الشعب على السلطة السياسية وإخضاعها لإرادته الجماعية،أصبحت أمراً بديهياً لا جدال فيه من الناحية النظرية،لكن ممارسة هذه السيادة السياسية بشكل عملي وبمشاركة كل أفراد الشعب،ليست بالأمر السهل،بل إنها في غاية الصعوبة،ذلك أن ظاهرة الاستيلاء على السلطة بالقوة(الانقلابات العسكرية)،واحتكارها وممارستها بطرق تعسفية أو استبدادية من طرف الأقلية،لا زالت تتكرر في العديد من بلدان العالم،وبأشكال مختلفة،وحتى في بعض النظم السياسية التي تزعم بأنها تأخذ بالأسلوب الديمقراطي،لا زالت أساليب الغش والتحايل والمغالطة هي الأساليب المتبعة للوصول إلى الحكم،مما يؤدي في كثير من الحالات إلى تهميش أغلبية أفراد المجتمع،واستحواذ الأقلية على مقاليد السلطة السياسية بأشكال مختلفة.
و بالرغم من الصعوبات،وأشكال الصراعات الحادة،فإن إقامة النظم السياسية على أسس شرعية حسب المفهوم السالف الذكر،هي مسألة قابلة للتحقق عملياً،ولكن ذلك يتطلب جهود جماعية منسقة أو تربية سياسية صادقة وشاملة لدى أفراد المجتمع،بالإضافة إلى ذلك فإن تحقيق الشرعية السياسية،يتطلب توفر الظروف الملائمة والعوامل الضرورية لإقامة السلطة الشرعية، والتي من أهمها،سيادة الإرادة الجماعية لأفراد الشعب المعني ،ومشاركتهم الجماعية في بناء النظام السياسي،وتحديد قواعده مع تمتعهم بحرية الاختيار،وانتظامهم بالشكل المناسب لظروفهم العامة ومصيرهم المشترك.
وهناك مجموعة من الأسس الضرورية الواجب توافرها لكي يتمتع نظام الحكم (السلطة)بالشرعية السياسية أهمها:
(1) ارتباط النظام السياسي بإرادة الشعب الجماعية:
يرتبط شرعية النظام السياسي ارتباطاً كاملاً بالإرادة الجماعية لأفراد الشعب،وذلك بحكم الوظائف الأساسية والمهام المنوطة بالسلطة السياسية والدولة بصفة عامة،فنظام الحكم بمفهومه الشامل للدولة بمختلف هيئاتها،يمثل السلطة العامة التي من مهامها الأساسية رعاية المصالح المشتركة لأفراد المجتمع،والعمل على ترقيتهم في شتى المجالات،وحماية حقوقهم الفردية والجماعية المشروعة،بالإضافة لقيامها بتنظيم العلاقات الرسمية بينهم وفقاً لقواعد من المفروض أن يكون أساسها العدل والإنصاف،وهذا يعني،أن شرعية النظام السياسي تقتضي أن تنبثق السلطة السياسية من صلب الشعب،وتلتزم بخدمة مصالحه وتلبية حاجاته المختلفة وتتصرف باسمه تبعاً لإرادته الجماعية..وتبعا لذلك، فإن ارتباط شرعية النظام السياسي بالإرادة الجماعية لأفراد الشعب،يعني في مضمونه،أن الهيئة التي تتولى السلطة السياسية المركزية،تكون مسؤولة أمام مجموع أفراد الشعب،الذي هو مصدر السلطة وصاحب السيادة المطلقة عليها شرعياً.
وإذا كانت السلطة أو نظام الحكم،تنشأ أساساً لخدمة المصلحة العامة لمجموع أفراد الشعب،فإن سيادة الشعب على هذه السلطة وموضوع ممارستها،تمنحه الحق المشروع في أن يكلف من بين أبنائه من يمارسها لخدمة مصالحه المشتركة ووفقاً لإرادته الجماعية وطموحاته المشروعة،فالسلطة السياسية،مصدرها مشترك بين أفراد الشعب وأهدافها ترتبط بإرادة الشعب الجماعية ومصالحه المشتركة.
وتبعاً لذلك يستمد النظام السياسي شرعيته من إرادة أفراد الشعب،كما تفقد هذه الشرعية بمجرد خروجها عن الإرادة الجماعية لأفراد الشعب،وهذا يعني،أن نظام الحكم يكون شرعياً طالما بقي يستمد وجوده وقوته من الإرادة الجماعية لأفراد الشعب،وطالما ظل مستمراً لخدمة الشعب وفقاً لإرادته الجماعية وطموحاته المشتركة،ويفقد النظام السياسي شرعيته مبدئياً على هذا الأساس،عندما يتعارض وجوده وممارسته مع مصلحة الشعب العامة وإرادته الجماعية.وعندما يفقد النظام الحاكم شرعيته،يصبح من حق الشعب بمجموع أفراده العمل على تغييره بالشكل الملائم الذي يتفق مع سيادته المطلقة وإرادته الجماعية ومصالحه العليا المشتركة.
(2) مشاركة أفراد الشعب في السلطة السياسية:
تعتبر السلطة السياسية بمفهومها المتضمن للدولة بمختلف هيئاتها، أداة مشتركة لتنظيم شؤون المجتمع البشري،وخدمة مصالحه العامة، وعلى هذا الأساس،تتوقف شرعيتها على مدى تطابقها شكلاً ومضموناً مع الإرادة الجماعية لأفراد الشعب واحترامها لسيادته والتزامها بخدمة مصالحه المشتركة،وذلك باعتبار أن الشعب هو مصدرها الأول،وأساس وجودها،وإذا كانت السلطة السياسية بمفهومها الشامل للدولة،تعتبر أداة مشتركة تنبع من الشعب بفعل إرادته الجماعية لخدمة مصالحه،فمن الطبيعي أن يشارك أفراد الشعب في تنظيمها والإشراف على إدارة دواليبها بالطرق الملائمة لكي تبقى السلطة السياسية وهيئات الدولة أو النظام في خدمة الشعب وتعمل لتلبية حاجياته وفقاً لإرادته الجماعية.
وفي بعض الحالات،قد تختلف أشكال مشاركة أفراد الشعب في تنظيم هيئات الدولة وتسييرها،وذلك حسب الظروف الموضوعية التي يمر بها كل شعب،بيـد أن هذه المشاركة لا بـد أن تتم بصورة فعلية ووفقاً للإرادة الجماعية لأفراد الشعب،باعتبار أن المشاركة الجماعية في السلطة السياسية،تعتبر من المبادئ الأساسية لقيام الشرعية السياسية ،وإلا كيف يمكن لنظام الحكم أن يكتسب شرعيته دون موافقة ومشاركة أفراد الشعب الذي يستمد منه النظام شرعيته وأسباب وجوده.
(3) تمتع أفراد الشعب بحرية الاختيار:
لا جدال في القول،أن حرية الاختيار السياسي لأفراد الشعب تعتبر من العناصر الأساسية لمصداقية الشرعية السياسية،ذلك أن المشاركة الجماعية لأفراد الشعب في بناء النظام السياسي،وإدارة الشؤون العامة للمجتمع ،لا تتم بشكل إرادي حـر،إلا إذا كان أفراد الشعب يتمتعون بالحرية الكاملة للتعبير عن اختياراتهم وميولهم ومواقفهم دون إكراه،فقد عرفت شعوب العالم،العديد من أنظمة الحكم غير الشرعية التي مارست مختلف صنوف الضغط والغش والتضليل والإكراه المقنع،وانتزاع موافقة أفراد الشعب على قيامها بهدف اكتساب الشرعية السياسية أمام الرأي العام المحلي والعالمي،حتى ولو كانت هذه الشرعية"مزيفة"بشكل سافر،هذا ما يتعلق بالأنظمة التي تسعى لاكتساب الشرعية"الظاهرية" لتبرير وجودها واستمرار بقائها.أما بخصوص الأنظمة الاستبدادية التي استولت على السلطة بالقوة،فهي تمارس السلطة بواسطة القهر وقمع المعارضة المشروعة،مع استخدام مختلف المبررات وأشكال التضليل والخداع لإحكام سيطرتها على أفراد الشعب،وخنق الأصوات الحرة التي تطالب برفع الظلم عن أبناء الشعب.والملاحظ أن الأنظمة الاستبدادية،تقوم أساساً على مصادرة الحقوق الفردية،ومصادرة الحريات الأساسية،وتعتمد خاصة على القوة في ممارسة السلطة وتنفيذ إرادة الحكام الجائرة.ولا تكون المشاركة الجماعية لأفراد الشعب في تحديد قواعد السلطة وممارستها معبرة بصدق عن إرادتهم ورغباتهم الحقيقية،إلا إذا جرت هذه المشاركة في ظل التمتع الكامل بحرية الاختيار،وحق التعبير عن الاختلاف في الرأي والاقتناع دون أي خوف،بيـد أن حرية الاختيار هذه لا تكون مضمونة لأفراد الشعب إلا إذا تمكن أفراد الشعب من الاتفاق بصورة أو بأخرى على إقامة سلطة تعبر بصدق عن إرادتهم الجماعية،وتكون في نفس الوقت قادرة على أن تضمن لهم التمتع بالحرية والمشاركة الجماعية في تنظيم السلطة الشرعية وممارستها وفقاً لقواعد عادلة متفق عليها بحرية واقتناع كامل.
(4) مشاركة أفراد الشعب بوضع النظام السياسي:
تعتبر المشاركة الجماعية لأفراد الشعب في بناء النظام السياسي وإدارة الشؤون العامة للمجتمع،ضرورة ملحة وعملية،لإخضاع السلطة السياسية لإرادة الشعب الجماعية،حيث أن انتظام أفراد الشعب بشكل حر وملائم للأوضاع المشتركة التي يمرون بها من المتطلبات الضرورية لتحقيق هذه المشاركة الجماعية،وجعلها أفضل تنظيماً وأكثر فعالية وفائدة،فالشعب في الواقع لا يستطيع أن يمارس سيادته المطلقة المتمثلة في الإرادة الجماعية لمجموع أفراده وجعلها مصدراً حقيقياً لمختلف مظاهر السلطة العامة والقرارات المتعلقة بشؤونه العامة،إلا من خلال مشاركة مجموع أفراده على اختلاف ميولهم وانتماءاتهم السياسية والاجتماعية والثقافية،في صنع النظام السياسي،ومراقبته باعتبار أن حق الأفراد في المشاركة في تنظيم وإدارة الشؤون العامة المشتركة للمجتمع.يرتبط فقط بحق الانتماء للشعب(أي المواطنة)بصرف النظر عن الميول الشخصية والأوضاع الاجتماعية للأفراد.فالإرادة الجماعية لأفراد الشعب تتكون أصلاً من اتفاق الإرادات الفردية،كما أن الجهد الجماعي المشترك لتدبير الشؤون العامة،وتحقيق الأهداف المشتركة يتشكل أساساً من تضافر الجهود الفردية المنسقة لأفراد المجتمع،ولكي تتضافر الجهود الفردية لخدمة المصلحة العامة،والتوفيق بين الإرادات الفردية لتكوين الإرادة الجماعية،لا بـد من انتظام أفراد الشعب في تنظيمات وتشكيلات حرة وملائمة للتمكن من خلالها من تبادل الآراء فيما بينهم ومناقشة القضايا العامة المطروحة،وتنسيق الجهود من أجل معالجتها وفقاً لما تتطلبه المصلحة العامة،ودون المساس بالحقوق والحريات الأساسية لأفراد المجتمع،وأحياناً قد تكون هذه التشكيلات موحدة في تنظيم واحد أو مستقلة عن بعضها البعض وذلك تبعاً للشكل المناسب أكثر والاختيار الإرادي الحر لأفراد الشعب،ومن البديهي أن تعدد التشكيلات السياسية واختلاف اتجاهاتها يؤدي-بلا شك-إلى تنافسها من أجل الوصول إلى السلطة وتنظيم شؤون المجتمع وفقاً للأفكار والنظريات الخاصة بكل منها.وإذا كان هذا التنافس يعتبر أمراً عادياً لدى المجتمعات التي تتمتع بالحرية وانتهاج النظام الديمقراطي،فإن الأمر لا يدعو إلى الحذر من نمو النزعة التعسفية،ومحاولات التشكيلات السياسية التي تسعى لفرض سيطرتها وتصوراتها باعتماد أساليب الإكراه المقنع والضغوط المختلفة،فالتشكيلات السياسية تعتبر الأطر النظامية الملائمة لتمكين أفراد الشعب من تبادل الآراء والأفكار ومناقشة مختلف القضايا المتعلقة بالمصلحة العامة،والتعبير عن انشغالاتهم وحاجياتهم المشتركة،واقتراح الطرق والأساليب والإجراءات الناجعة لتنظيم نشاطات الدولة بهدف ترقية أفراد المجتمع في شتى المجالات وتلبية حاجياتهم المشتركة وطموحاتهم المشروعة وذلك في إطار الشرعية والاحترام المتبادل وعن طريق الشرح والإقناع ونبذ أساليب الإكراه والتعسف والمحاولات الهادفة إلى منع الأفراد من التمتع بحرياتهم وحقوقهم المشروعة.
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
* كاتب وباحث متخصص في الدراسات الأكاديمية.