قدمت وزارة الداخلية السعودية أمس تجربتها في مجال مكافحة تهريب المخدرات والأسلحة، مسلطة الضوء على علاقة تهريب الأسلحة بالإرهاب. وأرجعت ظاهرة انتشار المخدرات إلى ارتفاع معدل دخل الفرد وزيادة معدلات النمو السكاني، كما أرجعت الزيادة في أعداد الضحايا إلى انتشار الأسلحة الخفيفة.
وبينت وزارة الداخلية في الورقة التي قدمتها في المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب المنعقد في الرياض، ان مناطق عسير وجازان ونجران (جنوب السعودية) هي من أكثر مناطق البلاد التي تهرب عبرها الأسلحة والمتفجرات، وأن هناك علاقة مباشرة بينها وبين الإرهاب وتشكيل المنظمات الإرهابية.
وأرجعت السعودية أسباب تعرضها لحملات تهريب المخدرات والأسلحة إلى المساحة الكبيرة للبلاد وتنوع تضاريسها، حيث تزيد حدودها البرية عن 4500 كيلومتر مع سبع دول، في حين تشترك بحريا مع عشر دول، إضافة إلى أنها حلقة وصل ومرور بين دول عديدة مما جعلها بيئة مناسبة للعمل الإرهابي.
وأوضحت الدراسة أنه بالإمكان إقامة مراكز تدريب بعيدة عن الأجهزة الأمنية والناس، إضافة إلى سهولة التخفي في البلاد خصوصا في الأماكن الجبلية والصحراوية إلى جانب امكانية التسلل إلى السعودية نظرا لشساعة حدودها، مما أضاف على أجهزة الدولة أعباء سياسية وأمنية واقتصادية.
وأشارت الورقة إلى أن الجماعات المسيسة عمدت في فترة سابقة إلى زعزعة الأمن خلال التفجير في مكة المكرمة عام 1989 وفي الخبر عام 1996، إضافة إلى احتجاز وزراء البترول عام 1975، واستهداف السفارات السعودية في باريس وأثينا والخرطوم وبانكوك وطهران.
ولفتت الدراسة إلى أن منظمات الجريمة المتصلة بالإرهاب، مثل شبكات المخدرات، تعمد إلى استهداف السعودية لأسباب منها قرب المملكة من مناطق زراعة المخدرات وارتفاع المستوى المعيشي في السعودية، خصوصا أن غالبية السعوديين من فئة الشباب هي الشريحة المستهدفة، إلى جانب الزيادة المرتفعة في أعداد الوافدين إلى المملكة.
ومن الأشياء التي تضمنتها الورقة أساليب مواجهة تهريب المخدرات ومنها وضع روادع للمهربين وعقد الاتفاقات الدولية والإقليمية في هذا الإطار ومتابعة المشبوهين في الداخل والخارج ومراقبة تحرك الأموال وغسيلها والتوعية بخطر المخدرات.
وبالنسبة لتهريب الأسلحة إلى المملكة، أوضحت الورقة أن جهات دولية أرسلت إلى احدى المجموعات المقاتلة في دولة عربية سفينة محملة بالأسلحة تكفي لتجهيز 15 ألف مقاتل إضافة إلى أن الفوضى التي شهدتها دول شرق أوروبا أدت إلى الاستيلاء على ملايين القطع النارية وآلاف الأطنان من المواد المتفجرة حيث نهب من ثكنة عسكرية البانية واحدة عام 1997 اكثر من 36 ألف طن من المتفجرات.
وأشارت الورقة إلى أن احدى طرق تهريب الأسلحة تتم من خلال الحقائب الدبلوماسية واستغلال حقائب المسافرين من دون علمهم إضافة إلى تهريبها من خلال الحدود التي عانت السعودية منها بسبب أن إحدى دول الجوار تشبعت بالأسلحة منذ عام 1962 بحكم الحروب والصراعات الداخلية التي مر بها هذا البلد.
وبينت الإحصائيات أنه تم ضبط 14.8 مليون قطعة ذخيرة و16.3 ألف سلاح و240 قنبلة و1282 كيلوغراماً من المتفجرات بين عامي 2000 و2004 اغلبها عثر عليه في المنطقة الجنوبية للمملكة.
وبخصوص العلاقة بين الإرهاب في السعودية وتهريب السلاح، افادت الورقة بأن عددا كبيرا من الأسلحة والمتفجرات التي استخدمت في العمليات الإرهابية في السعودية كانت تصنع في الدول المجاورة ثم تهرب إلى الداخل، مشيرة إلى أن معظم الأجزاء الداخلة في صناعتها كانت بغرض الاستخدام المدني مثل نترات الامونيوم المستخدمة في تسميد الأراضي الزراعية بعد إضافة مادة مشعلة إليها مثل البنزين أو الديزل.
ولفتت الورقة إلى أن الإرهاب ليس حكرا على الحركات الإسلامية بل منتشر في معظم الحركات الدينية في العالم وخاصة الولايات المتحدة التي تضم أكثر من 5 آلاف جماعة دينية يتبعها أكثر من مليوني شخص ومثلها دول أخرى في العالم.
وأوضحت الورقة ان الإرهاب في السعودية انطلق عام 1995 عندما وقع تفجير في العليا بالرياض موقعاً 5 قتلى و60 مصابا، وبعده تفجير في الخبر اوقع 19 قتيلاً و387 مصاباً، في حين تمثلت الموجة الجديدة في انفجار قنبلة على مصنعها في 18 مارس (آذار) 2003 لتستمر الأعمال الإرهابية حيث شهدت الرياض 17 عملا إرهابيا ومكة المكرمة 5 عمليات وعملية واحد في المنطقة الشرقية أوقعت جميعها 37 من رجال الأمن و213 مصابا إلى جانب مصرع 90 مدنيا وإصابة 507 آخرين. وبلغ عدد القتلى من الإرهابيين 112 قتيلا و20 مصاباً وخسائر مالية وصلت إلى 627 مليون ريال، مما جعل السعودية تعمد إلى تحديد روادع للإرهاب منها وضع استراتيجية لمكافحة الإرهاب ووضع عقوبات صارمة على رأسها قتل من يرتكب أعمالا إرهابية.
وأضافت الورقة أن السعودية طورت أجهزتها للتعامل مع خطر الإرهاب إلى جانب تشكيل 40 فريق عمل في مجال برنامج المتفجرات وإنشاء أجهزة متخصصة للتعامل مع العمليات الإرهابية ميدانيا ومعلوماتيا والعمل مع الدول الصديقة في التعاون في مجال مكافحة الإرهاب وتعزيز الإجراءات الوقائية حيث جرى إحباط 55 عملية إرهابية في طور التنفيذ.
وأوصت الورقة بإدخال أنواع المخدرات وبيان أضرارها على المجتمع ضمن المناهج الدراسية العامة والجامعية، وتعزيز الإجراءات الأمنية المحلية لكل دولة، والتشديد على مكافحة الأفكار المتطرفة وسن العقوبات الصارمة بحق من يعتنق هذه الأفكار وينشرها ويتعاطف معها، وضرورة التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب بشتى صوره وألوانه، والتزام الدول بعدم الكيل بمكيالين كون هذا الإجراء يدعم منظري ومثيري ومؤيدي الجماعات المتطرفة.
http://www.asharqalawsat.com/default...te=true#281557