الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعـده ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد : فإن الباعث على كتابة هذه الكلمة هو بيان الكفر وأنواعه على سبيل الإيجاز حتى يحذر المسلم منه ،ولا يقع فيه نسأل الله أن يفقهنا في ديننا . أخوتاه الكفر ضد الإيمان ،والإيمان تصديق الرسول فيما جاء به عن ربه قولاً وعملاً أي الإيمان معرفة مستلزمة للإتباع ،والقول : قول القلب وقول اللسان ،والعمل : عمل القلب وعمل الجوارح ،وقول القلب هو التصديق واعتقاد الحق ،وقول اللسان هو النطق بالشهادتين ، والإقرار بلوازمهما ، وعمل القلب هو انفعال القلب للحق من محبة وانقياد وخوف ورجاء ،وعمل الجوارح كالصلاة ، والحج ، والجهاد ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،وبما أن الإيمان قولي وعملي فالكفر أيضاً كفر قولي وكفر عملي فالإيمان القولي ضده الكفر القولي والإيمان العملي ضده الكفر العملي ،والكفر نوعان كفر أكبر ضد الإيمان الذي لا يصح إيمان العبد إلا به كتكذيب شيء أو الشك في شيء أو الإعراض عن شيء جاء به النبي r أما الكفر الأصغر فضد الإيمان الذي يصح الإيمان بدونه أي لا يخرج صاحبه من الملة ، وهو الذنوب التي وردت تسميتها في الكتاب والسنة كفراً ، وهي لا تصل إلى حد الكفر الأكبر ، ومعنى كفر لمن ارتكب هذه الذنوب أي أتى بفعل من أفعال الكفار مثل كفر النعمة المذكور في قوله تعالى : ﴿ وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ﴾ ( النحل : 112) فجحود النعمة ،وعدم الاعتراف بها من صفات الكفار،وكذلك قتل المسلم فقد قال النبي r قال : « سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر »( متفق عليه) ومعنى قتاله كفر أي قتال المسلم من أفعال الكفار ، والمؤمنون لهم عدة صفات من أتى بصفة منها يقال أنه أتى بصفة من صفات المؤمنين ، وكذلك الكفار لهم عدة صفات من أتى بصفة منها يقال أنه أتى بصفة من صفات الكافرين ، نأتي إلى نقطة أخرى وهي حكاية بعض العلماء الإجماع على كفر من يحدث أقوال أو أفعال معينة حتى تجتنب كقول ابن تيمية : ( ومعلوم بالاضطرار من دينالمسلمين وباتفاق جميع المسلمين أن من سوغ اتباع غير دين الإسلام أو اتباع شريعةغير شريعة محمد r فهو كافر)[1] لذلك أخوتاه اليهود والنصارى كفار ؛ لأنهم سوغوا لأنفسهم اتباع دين غير دين الإسلام ، وقال ابن حزم : ( واتفقوا على تسمية اليهود والنصارى كفاراً )[2]،وقال ابن حزم أيضاً : ( وأما من كان من غير أهل الإسلام من نصراني أو يهودي أو مجوسي، أو سائر الملل ، أو الباطنية القائلين بإلهية إنسان من الناس ، أو بنبوة أحد من الناس، بعد رسول الله r، فلا يعذرون بتأويل أصلاً ، بل هم كفار مشركون على كل حال)[3] ،وقال القاضي عياض : ( ولهذا نكفر من دان بغير ملة الإسلام من الملل أو وقف فيهم أو شك أوصحح مذهبهم وإن أظهر مع ذلك الإسلام)[4] ونحن ذكرنا كفر اليهود والنصارى ؛ لأن بعض المسلمين يعتقد عدم كفرهم وهذا كفر ؛ لأنه مكذب لله ورسوله قال تعالى : ﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ ( آل عمران من الآية 85 ) ونقل الشيخ محمد بن عبدالوهاب عليه في النواقص العشرة أن من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أوصحح مذهبهم كفر إجماعاً ،وقال إسحاق ابن راهوية : ( قد أجمع العلماء على أن من سب الله عز وجل، أو سب رسوله r أو دفع شيئاً أنزله الله ، أو قتل نبياً من أنبياء الله، وهو مع ذلك مقر بما أنزل الله أنه كافر)[5] . وقال القاضي عياض : ( لا خلاف أن ساب الله تعالى من المسلمين كافر حلال الدم)[6] ونختم بقول ابن تيمية : ( والإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه ، أو حرم الحلال المجمع عليه ، أو بدل الشرع المجمع عليه كان كافراً مرتداً بالاتفاق)[7] نسأل الله الهداية والتوفيق وكتب ربيع أحمد طب عين شمس الفرقة السادسة السبت 20/1/ 2007 م









[1] - مجموع الفتاوى لابن تيمية 28/524

[2] - مراتب الإجماع لابن حزم ص 119

[3] - الدرة لابن حزم ص 441

[4]- الشفا للقاضي عياض 2/286 دار الفكر

[5] - التمهيد لابن عبد البر 4/226

[6] - الشفا للقاضي عياض2/582

[7] - مجموع الفتاوى 3/267