فكرة رقم 14
التحالف التربوي
التحالف التربوي, هو حلف (تعاهد, Treaty) اجتماعي شعبي, يقصد به تحالف مجموعة من الأسر التي تعيش في مدينة واحدة أو منطقة واحدة متقاربة الأطراف, على التعاون فيما بينهم لتحديد سياسة تربوية معينة لبناء أسرهم بناء يحمي ذراريهم من متغيرات العصر السلبية, وتعمل تلك الأسر مع بعضها البعض لتنفيذ تلك السياسة. و يستحدثون من البرامج الاجتماعية العدد المناسب لتنفيذ سياستهم تلك, فيضعوا لهم برامج رحلات جماعية, برامج سفريات جماعية , لقاءات دورية لجميع أفراد نلك الأسر مفعمة بالبرامج الثقافية و التوعوية البنائية.
يعاني كثير من أولياء الأمور في المجتمع المسلم من تربية وتوجيه أبنائهم وبناتهم نحو السمو و الرفعة و الذكر الحسن. وهذه المعاناة تنتشر أيضا في صفوف المربين والمربيات و الداعين والداعيات و المصلحين والمصلحات. هذه المعاناة تدفع ببعضهم للبحث عن حل يساعدهم و يذلل لهم العقبات التربوية التي تبرز لهم من خلال تربيتهم لأولادهم, منهم من يكتفي بجهوده الفردية و العمل على استثمار الجهود المبذولة من قبل دور التربية كالحلقات القرآنية في المساجد و كالإرشاد في مدارس التعليم العام و المراكز الصيفية و بعضا من البرامج التي يتم تسجيلها على أشرطة فيديو أو برامج تُعرض في القنوات الفضائية, لكن يظل هذا الفريق من الناس برضه يعاني من عدم وجود النتائج التربوية المرضية. و قد تحدثت مع العديد من أولياء الأمور من هذا النوع و جميعهم يشكي عدم بلوغه بأبنائه المستوى التربوي الذي ينشده.
كحل لهذه المعضلة أرى أن نجرب ما أسميه "التحالف التربوي" و الذي أفردت له تعريفا في مقدمة مقالي هذا و يمكن للقائمين على هذا التحالف أن يستعيروا من البرامج التربوية ما يشاءون من مشروع "البناء العائلي الممتد" الموصف في منتدي د. المقريزي في منتديات المنشاوي تحت عنوان "ذرية ضعافا – ذرية طيبة". إن مشروع البناء العائلي الممتد هو أيضا مشروع بناء تربوي مبني على أساس رحمي نسبي صهري, لكن بعضا من الأسر الممتدة فيها من التسيب و التفكك ما يتعذر معه لرجل تربوي أن يصنع من أبنائه رجالا و بناته إناثا بالمستوى الذي ينشده و يرضى عنه ربنا جل في علاه تحت مظلة عائلته الممتدة. لذا فإن "التحالف التربوي" الذي أدعو إليه اليوم هو محضن تربوي مُستجد يمكن تجريبه و العمل تحت مظلته, ويبقى الشخص أو هؤلاء الأشخاص من أسر متباينة الذين يربطهم حلف تربوي معين, يبقون مسئولين عن بناء أسرهم الممتدة و توجيهها للأفضل في ظل العولمة المتنامية.
أنا لا أنكر أن بعض التربويين من الرجال و النساء لهم نوعا من البرامج و اللقاءات الدورية لكنها لقاءات من اجل معالجة الوضع التربوي للمجتمع ككل أو للأمة ككل, و هذا خارج عما أدعو إليه. الذي أدعو إليه أن يتفق مجموعة من أولياء الأمور على برامج تربوية تعليمية ترفيهية لأسرهم, فتلك الأسر المتحالفة نساء و رجالا صغارا وكبارا يكون لهم لقاء أسبوعي عام في استراحة معينة و كأنهم أهل و أقارب لبعضهم, جمعهم الهم التربوي. لهم رحلات للبر جماعية لهم رحلات حج وعمرة جماعية , قد يستحدثوا أعمال تجارية مشتركة بينهم. لهم برامج جانبية أو فرعية لأبنائهم و بناتهم, برامج دروس تقوية لأولادهم, يتفقون على قراءة سلسلة من الكتب التربوية, و في اجتماعاتهم يتحاورون حول محتويات تلك الكتب, يسعوا فيما بينهم لاكتشاف مواهبهم الدفينة , ويسعوا لوضع البرامج المناسبة لصقلها و إبرازها و استثمارها.
بعض الرجال التربويون قد تعجبهم الفكرة لكن زوجاتهم و بناتهم لا يرتاحون للاختلاط بأسر أخرى لا يعرفونها, والعكس صحيح قد تجد نساء تربويات لا يقبل أزواجهم بمثل هذه الأفكار و التحالفات. إذا حديثي ينصب على تلك الأسر التي يرتاح فيها الزوج والزوجة لمثل هذا التحالف, يعني يكون هو تربوي و زوجته تربوية و بالتالي يستطيعان الدخول في مثل تلك المعاهدة التربوية.
و التاريخ بمجملة لا يخلوا من أحلاف و معاهدات, فتجد الأحلاف السياسية و الأحلاف الاقتصادية والأحلاف الأمنية و الأحلاف العسكرية, والأحلاف القبلية متباينة النسب و المعاهدات التعليمية والعلمية ...الخ. مثل معاهدة صلح الحديبية, معاهدة حضرة السلطان المرحوم الملك صلاح الدين , حلف الناتو, حلف الفضول, معاهدة القوى الخمس, حلف وارسو, معاهدة كيوتو, معاهدة "أنتارتيكا", معاهدة حقوق الطفل السويسرية , معاهدة ماستريخت. و لا تزال المعاهدات و الأحلاف تقام لأغراض شتى و ستظل تقام و تستحدث إلى يوم القيامة.
ومن التعارف لهذه الأحلاف ما يلي:
1) التحالف الاقتصادي هو معاهدة بين شركات، عادةً يكونون لتخفيض التكاليف وتحسين الخدمات للزبائن. الكثير من شركات الطيران يشاركون في تحالف أو حلف اقتصادي.
2) يكون الحلف العسكري بين دولتين أو أكثر؛ يكون الحلف متعلق بالحرب. يكونون هذه المعاهدات دفاعية وهجومية. عادةً الحلف العسكري يحتوي على معاهدات لا-عسكرية مع المعاهدات العسكرية.
بعد هذا الشرح والتوضيح هل يا ترى سيلتفت الناس للتحالفات التربوية الشعبية كي يستعينوا بها على أمور دينهم ودنياهم؟