إسرائيليون يستعدون للفرار!


رؤفين ريفلين/ هاآرتس

ترجمة/ صالح النعامي 10/4/1429
16/04/2008



زخرت الصحف الإسرائيلية مؤخرًا بالكثير من المقالات التي تحمل تنبؤات سوداوية إزاء مستقبل الدولة. وعلى الرغم من مظاهر القوة العسكرية والمنعة الاقتصادية التي تتمتع بها إسرائيل، إلا أن بعض كبار الساسة والمفكرين الإسرائيليين أخذوا يتحدثون عن نهاية التاريخ الإسرائيلي، وتوقعوا أن تكون إسرائيل في طريقها للتفكك والزوال.

بعض المفكرين والساسة تحدثوا عن عدد من هذه المظاهر التي تعكس تجذر هذا الإحساس لدى قطاعات واسعة من الإسرائيليين، بحيث لم يعد الأمر مقتصرًا على النخب المثقفة. وأحد هذه المظاهر هو سعي أعداد متزايدة من الإسرائيليين للحصول على جوازات سفر أوروبية.

رؤفين ريفلين رئيس الكنيست الإسرائيلي السابق، والقياي البارز في حزب الليكود اليميني المعارض يرى أن اهتمام الإسرائيليين بالحصول على هذه الجوازات يأتي بسبب تخوفهم من زوال الدولة في يوم من الأيام. ويحذر ريفلين من أن الميل المتزايد للحصول على جوازات سفر أجنبيه يؤسس لبروز مصدر آخر من مصادر الشرخ السياسي والاجتماعي والفكري بين الإسرائيليين، وهذا هو نص المقال:

المقال الذي نشره غابي وايمان بعنوان: "حمَلة الحقائب الجدد"، حول حرص الإسرائيليين الذين ينحدرون من أصول أوروبية للحصول على جواز سفر أوروبي، يؤكد أن الظاهرة قائمة، وتطرح العديد من التساؤلات حول مغزاها ودلالاتها، وعلى ما يبدو فإن وايمان أخطأ في تشخيص أسباب هذه الظاهرة؛ فليس الأمر كما ذكر وايمان أن الذين يحصلون على جوازات سفر أوروبية لا يفعلون ذلك من أجل الحصول على المزايا الممنوحة للرعايا الأوروبيين، كما كانت عليه الأمور في عهد الدولة العثمانية، هذه المزايا تُمنح فقط لقلة من الأشخاص الذين يمنحون مكانة "قنصل شرف". حتى الآن، لا يخطط الذين يحملون جوازات السفر الأجنبية للهجرة، أو إقامة علاقة بالأوطان الجديدة، بل إن الكثيرين منهم يخفون حقيقة حصولهم على جوازات السفر عن أبناء عائلاتهم، سيما عندما يكونون من عائلات أشخاص نجَوْا من الكارثة النازية، وهم لا يستخدمونها أثناء أسفارهم، بل يحتفظون بها في الخزانة.

الذي يدفع هذا العدد الكبير من الإسرائيليين للحصول على جوازات السفر الأوروبية هو اعتقادهم أن دولتهم ستزول في يوم من الأيام، وأنهم عندها سيحتاجونها للنجاة. من هنا، فإن هذه الظاهرة ليست مجرد صرعة رائجة، وإنما تعكس تصرفًا ناجمًا عن تفكير جدي وعميق. قد يظن الإسرائيليون الذين يحصلون على الجوازات البولندية والألمانية أن الأسطولين البولندي والألماني سيتمركزان على شواطئ إسرائيل لإنقاذهم عندما يحين الأمر. الكثير من اليهود تأثروا بالحكايات التي تقول: إن يهودًا كثيرين نجَوْا من براثن النازية إبان الحرب العالمية الثانية، لأنهم كانوا يحملون تأشيرات دخول سويسرية ويابانية، أو أولئك اليهود الذين نجوْا في قطارات كاستنر، أو لأنهم كانوا في قائمة شندلر. وهنا يُطرح السؤال: هل يمكن تفهّم مخاوف الأشخاص الذين يعيشون في دولة تعتبر الكارثة النازية حكاية أساسية في مسيرتها وانبعاثها؟.

بغضّ النظر عما إذا كان جواز السفر الأجنبي سيكون مفيدًا للحاصلين عليه وقت الحاجة، أو أنهم سيكتشفون أنه سيكون مجرد ورقة بلا معنى، فإن الظاهرة تدلل على ازدياد عدد المواطنين الذين يشككون في مستقبل الدولة اليهودية، وهم يعتقدون أن لديهم وثيقة قادرة على إنقاذهم بخلاف إخوانهم اليهود الذين سيكون لهم مصير مخالف، وبالتالي فإن الكوابيس التي يتعرض لها هؤلاء تدفعهم للتحرك بشكل عملي لضمان مستقبلهم.
إن هذه الظاهرة تؤثر على مدى استعداد الناس للتطوع للخدمة العسكرية والقتال والتضحية والمخاطرة بالنفس من أجل سلامة الدولة. وتؤثر بلا شك، على التضامن بين الإسرائيليين وبعضهم البعض في صورته الأساسية.

هذا بكل تأكيد سيؤثر سلبًا على العلاقة بين الإسرائيليين الحاصلين على جوازات السفر الأجنبية والذين يسعون للحصول عليها، وبين أولئك المنحدرين من أصول شرقية وأولئك الذين ولدوا في الدولة، والذين لا يستطيعون الحصول على مثل هذه الجوازات.
هل سيؤدي ذلك إلى ظهور تباينات فكرية واجتماعية وسياسية بين الإسرائيليين بعد أن بلغت الدولة الستين من عمرها بين الإسرائيليين الذين تستند ظهورهم للجدار ولا يعرفون أن لهم ملاذًا آخر، وبين أولئك الذين يعتقدون أن لديهم خيارات أخرى؟ هل سيكون هذا هو القوة المحركة للشرخ الاجتماعي والطائفي والسياسي القادم؟.


==================
http://www.islamtoday.net/articles/s...24&artid=12338
الاسلام اليوم