خبر ذو علاقة
الماليزيون يصفون تسرب المصرفيين بـ "الخطر" الذي يهددهم ويطالبون بوقف "الإغراءات"
هل يستنزف الخليجيون "الأدمغة الماليزية" في المصرفية الإسلامية؟
محمد الخنيفر - من الرياض - 24/06/1429هـ
أسهم شح الكوادر المصرفية في البنوك الإسلامية وعمليات التحول التدريجي من النظام المصرفي التقليدي إلى الإسلامي في "استنزاف الأدمغة الماليزية"، الأمر الذي أسهم في خروج كثير من التنفيذيين الماليزيين في وسائل الإعلام لمناشدة كوادرهم برفض إغراءات مرتبات المصارف الخليجية العالية من جهة ووقف عملية الاستنزاف التي وصفوها بـ "الخطيرة" لرأس المال البشري الماليزي.
ودفع تزايد تسرب المصرفيين الإسلاميين الماليزيين أحد المديرين التنفيذيين إلى استخدام "الحجة المنطقية والدليل العقلي" لإقناع كوادر بنكه بالمكوث في ظل عجز القطاع المصرفي بأكمله عن مجاراة العروض الخليجية التي تصل إلى تقديم مرتب يزيد أربع مرات على الذي يتقاضاه المصرفيون الماليزيون في العادة.
وتطرح تساؤلات حول جدوى توظيف الموارد المالية للبنوك الإسلامية نحو استمالة الطاقات الماليزية الشابة بدلا من توجيه تلك الأموال في الاستثمار في الكفاءات الخليجية التي تعمل في تلك البنوك عبر تدريبهم أو ابتعاثهم للخارج. ويحاجج المصرفيون الذين يستهدفون المواهب الماليزية ولا سيما تلك الراغبة في اختصار طريق الثراء بأن عامل الوقت وشح الموجود فعليا في الكوادر المصرفية من فئة البنوك التقليدية ليس في صالحهم بسبب ازدهار أو قرب حصول طفرة غير مسبوقة في صناعة المال الإسلامية، الأمر الذي يجعلهم في حاجة ماسة إلى جميع الكوادر التي لديهم. فيما على الجانب الآخر يخشى أهل كوالالمبور في ظل الإعلانات المتواصلة حول إنشاء مصارف إسلاميه جديدة أن تشتد وطأة الإغراءات الخليجية لمصرفييها من فئة البنوك الإسلامية، الأمر الذي ربما يسهم في خلق خلل في جوف رأس المال البشري الماليزي.
الحجة العقلية
لو كنت رئيساً لبنك إسلامي ما الذي يمكن أن تفعله لمنع أحد الموظفين لديك من العمل لدى بنك شرق أوسطي منافس يمكن أن يعطيه مرتباً يزيد على المرتب الذي تعطيه إياه بأربعة أضعاف؟ لقد كان بمقدور داود فيكاري عبد الله رئيس العمليات البريطاني الأصل لدى بنك التمويل الآسيوي أن يفعل ذلك دون أن يدفع مزيداً من النقود.
يقول داود:" تمكنت من إقناع أحد المصرفيين الماليزيين بعدم الذهاب للعمل في السعودية بعد أن أدرك أن المال سيكون جيداً وأن خبرة العمل في الرياض ستكون شيئاً مهماً في سيرته الذاتية، لكني سألته: هل ستتعلم في الحقيقة أي شيء في مجال تخصصك؟ وخلص إلى الجواب بالنفي". لقد اقتنع ذلك الموظف أن البقاء في ماليزيا سيمكنه من تعلم المزيد والتقدم في مستقبله الوظيفي بشكل أسرع.
وأضاف المصرفي الغربي الذي اعتنق الإسلام من خلال احتكاكه بالصيرفة الإسلامية:" في معظم الحالات سيكون مصير أولئك المصرفيين الذين يتوجهون للعمل في الخارج الاستنزاف. إنهم يدفعون لك الأموال مقابل قوة دماغك، ولكنك لن تتعلم أي شيء جديد. وأنت لا تريد أن تعمل في بلد متأخر 15 عاماً في مجال ابتكار المنتجات".
تزايد التسرب
يشير داود إلى أن ماليزيا خسرت نحو أكثر من 150 مصرفيا إسلاميا في الأعوام الثلاثة الماضية، ما يفاقم النقص الحاصل أصلاً في المواهب.
وقال داود:" إن الناس الذين يريدون الذهاب من أجل المال سيذهبون له. ولكني أعتقد أن على الإدارة العليا أن توضح لموظفيها أنه على الرغم من أهمية المال، إلا أن هذه الصناعة تضع على رأس أولوياتها مساعدة الموظفين على التقدم في حياتهم المهنية".
وكان داود يتحدث إلى صحيفة "بيزنس تايمز" في مقابلة أجرتها معه بعد إلقاء كلمة أمام مؤتمر للصيرفة الإسلامية عقد أخيراً في بيتالنج جايا حول الحاجة إلى تمتين وتعزيز بيئة عمل القيادات الشابة.
ماليزيا.. هل تخسر جيلها المصرفي؟
معلوم أن ماليزيا تنبهت منذ بداية الألفية الجديدة إلى أهمية وجود معاهد لتدريب المصرفيين والمحاسبين الإسلاميين. فكانت الدولة الوحيدة والسباقة من بين الدول الإسلامية التي شرعت في الاستثمار في الموارد البشرية في هذا القطاع. ودأبت ماليزيا في الفترة الماضية على الإعداد والاستثمار في تدريب جيل جديد من المصرفيين الإسلاميين. ويفوق الطلب على المواهب المعروض منها بكثير في هذه الصناعة التي تنمو بسرعة، رغم الجهود المبذولة لتخريج مواهب جديدة من خلال المركز الدولي للتعليم في التمويل الإسلامي Inceif، والمعهد الماليزي للصيرفة والتمويل الإسلاميين, إضافة إلى ما تقوم به مختلف الجامعات على هذا الصعيد.
تجاهل المبادرة
وكانت "الاقتصادية" قد نبهت قطاع الصيرفة الإسلامي قبل عامين إلى أهمية الاستفادة من الكليات والمعاهد الماليزية عندما نشرت مقابلة مع نعيم عبد الرحمن رئيس مكتب MATRADE, وهي الذراع الترويجية للتجارة الخارجية الماليزية, دعا فيها إلى "تشجيع المصرفيين والطلاب السعوديين إلى الانخراط في المركز الدولي للتعليم في التمويل الإسلامي INCEIF في كوالالمبور, الذي يقدم برامج أكاديمية تغطي المالية الإسلامية وبالتحديد تكافل والمصرفية الإسلامية. ولينضموا بذلك مع زملائهم الماليزيين في تطوير وتشجيع البحوث الإسلامية في المالية الإسلامية".
وكشف نعيم من مقر إقامته في جده أن" INCEIF يقدم شهادات ماجستير ودكتوراة في هذا التخصص ويشرف عليه البنك المركزي الماليزي"
وتلعب مكاتب "ماتريد", المنتشرة حول العالم, دورا حيويا في تقديم المعلومات التعريفية للمهتمين بالمؤسسات المالية الإسلامية في ماليزيا.
من ناحية أخرى, تقول وكالة موديز في تعليق سريع حول استفسارات "الاقتصادية" المتعلقة بالموارد البشرية في السعودية "كان من شأن الطلب المتزايد على الخدمات المصرفية والمالية إجهاد البنية التحتية للبنوك في مجال الموارد البشرية، وهذا بدوره يفرض متطلبات إضافية، ولكن قدرة البنوك على اجتذاب وتدريب أعداد إضافية من الموظفين المهرة والاحتفاظ بهم، يمكن أن تكون إشكالاً بالنسبة للبنوك على اعتبار أن الموظفين المهرة يعدون الآن من الموارد النادرة أثناء الأوقات المزدهرة التي من هذا القبيل في الشرق الأوسط. كما أن متطلبات السعودة تجعل من المهم بالنسبة للبنوك تسريع عمليات التدريب ونقل الخبرة إلى العاملين المستقبليين في القطاع البنكي".
وترى وكالة التصنيف الدولية أن القطاع البنكي السعودي يعد واحداً من أكثر القطاعات البنكية التي تدار بأكبر قدر من الاحتراف والمهنية وتتمتع بأكبر قدر من التطور الفني ضمن منطقة الخليج العربي والأسواق الناشئة عموماً، في حين أن الإدارة العليا في بنوك المشاريع المشتركة تضم بالدرجة الأولى تنفيذيين أجانب منتدبين من البنك الأجنبي الشريك في المشروع المشترك ـ على حد قولها.
وتابعت الوكالة في تعليقها "نحن نستمر في اعتبار اتفاقيات الإدارة الفنية التي من هذا القبيل اتفاقيات مفيدة للغاية، لأنها تتيح للبنوك السعودية إمكانية الاستفادة من الخبرة والمساندة الفنية الموجودة لدى البنك الأجنبي الشريك في المشروع المشترك، ونرى أيضاً أن الفجوة بين بنوك المشاريع المشتركة والبنوك المحلية قد تضاءلت على نحو لا يستهان به، حيث إن بعضا من تلك البنوك تعمل باستمرار على رفع مستويات الخبرة لديها وتعزيز ميزانياتها العمومية".
المواهب .. حجر الأساس
وكانت شركة A.T. Kearney قد أنجزت منذ وقت قريب دراسة حللت فيها الدور المركزي الذي تلعبه الموارد البشرية مع قطاع الصيرفة الإسلامي. وقال شايرلي سانتوسو، أحد كبار المديرين في الشركة، "لتدعيم استراتيجية تركيز البنوك الإسلامية على العملاء، تؤسس البنوك الرائدة شركات ديناميكية تستجيب للمتطلبات يدعمها في ذلك العمليات التي تتسم بالكفاءة بين الأقسام والموارد البشرية الفاعلة. ويتم دعم الشركة الديناميكية عبر التعاون الوظيفي الفاعل بين الأقسام، وعبر الشفافية والتدفق الجيد للمعلومات ومنح الجوائز والمكافآت على الإبداع والابتكار. وتابع" وبفضل العمليات والموارد البشرية الكفؤة، يصبح بالإمكان اتخاذ القرارات بسرعة، الأمر الذي ينتج عنه استجابة أسرع لاحتياجات العملاء وسرعة إدخال المنتجات الجديدة. ويميز القادة أنفسهم عن الآخرين أيضاً عن طريق تكريس الموارد، خاصة البشرية منها. فلديهم قوة عاملة ذات سجل عال ولديها القدرات الإدارية، والمعرفة، والمهارات والخبرة المالية. وتشجع البنوك أيضاً المهارات في مجال تقنية المعلومات، لأن بعض المنتجات تتطلب تطبيقات محددة لكي تكون متفقة مع الأحكام الشرعية".
استراتيجية التقدم
يقول داود فيكاري:" إن ماليزيا رائدة عالميا وقد أوجدت بيئة إسلامية بالكامل. ولديها التدريب الكافي وهي تقوم بتطوير المهارات القيادية، وإذا كنت تريد أن تكون في طليعة الصناعة التي تعمل فيها، فستتعلم المزيد من خلال وجودك في البيئة الأكثر تحدياً والبيئة التي تضعك في المقدمة". وأشار داود إلى أن ماليزيا متقدمة على غيرها في معظم المجالات المتعلقة بتطوير نظام التمويل الإسلامي.
وزاد "لكن إذا أراد البلد أن يتقدم، سيترتب عليه أن يستمر في تطوير مزيد من الحلول التي تستند وترتكز إلى أحكام الشريعة الإسلامية syariah-based بدلاً من تطوير المنتجات التي تتفق مع أحكام هذه الشريعة syariah-compliant".
وأضاف داود: "وهذا يتطلب تخريج مواهب جديدة في الجامعات للعمل في البنوك، وسيرى الشباب الأشياء في بيئة إسلامية محضة ويحلون المشكلات في بيئة إسلامية بدلاً من الرجوع إلى البيئة التقليدية وسؤالها عما إذا كانوا يستطيعون أن يجعلوها متفقة مع الشريعة الإسلامية. هذا في اعتقادي هو التحدي بالنسبة لماليزيا. ولكنني أعتقد أننا قطعنا شوطاً جيداً ولدينا القدرة على الانتقال إلى المستوى التالي".
===============
http://www.aleqtisadiah.com/news.php?do=show&id=132721
تعليق
هذا الخبر يؤكد لنا شح المصرفيين الإسلاميين و يؤكد حاجة سوق العمل لمثل هؤلاء
أفلا بادر و تواصى القائمين على أقسام الإقتصاد في جامعاتنا إلى تغيير مناهجهم و
مقرراتهم الدراسية المبنية على النظام الربوي الرأسمالي تغييرها لتوجه إسلامي صرف
يرضي ربنا و يسخط شيطاننا و يفي بمتطلبات سوق العمل المصرفي؟