تربية ذاكرة الطفل !
بقلم الدكتور : مصطفى أبو سعد
إننا مسؤولون عن تربية أبنائنا ، فيجدر بنا أن لا نتركهم يتخبطون وحدهم في مشاكلهم الدراسية ، بل نحرص باستمرار على توجيههم في مشاكلهم وتعليمهم كيف يواجهون متاعبهم ، وأن نسعى لتقوية فكرهم ، بما في ذلك ذاكرتهم وأن نعودهم على التمارين بعد أن نجعلهم يحبونها .
من الواجب علينا أيضاً أن نوجه أطفالنا حتى لا يقعوا ضحية الانحصار الذهني أو ضحية التطور البطيء ، وألا نسمح لهم بالتعوّد على الكسل الفكري ، ذلك الكسل الذي يخفي طاقتهم المبدعة وينقص رصيدهم الفكري ، ويقف حاجزاً أمام ذاكرتهم ، ولذلك يجب أن نعلمهم ( بالتي هي أحسن ) .
نعم ! نعلمهم بدون عنف أو ضيق صدر ، حتى يتفهموا ما نريد منهم . ولا نلجأ أبداً لطرق نفهمها نحن الكبار ، ولا يفهمونها هم المعنيون بالأمر .
علينا أن نغير طرقنا القديمة التي تقوم على الضّرب والشتم والإكراه ، والاحتقار واللّوم ، وأن نبدل مضمونها إلى طرق إيجابية كالدفع بهم لمحبة الدّراسة أكثر وطرق أخرى تعتمد على التفاهم والتسامح .
إذن ، لندفع بأبنائنا ليحققوا التحسن وعندما يصلوا :
يجب أن نخرج من صمتنا ونمدحهم بإخلاص ونشجعهم على تلك النتيجة ، فذلك يزرع فيهم قوة ويؤهلهم لنتيجة أخرى ، بل لنتائج أخرى .
إن تشجعينا لأبنائنا لا يدفع بهم إلى الغرور كما يريد أن يفهم البعض ، وإنما يمكنهم أن يتحولوا من أطفال اليوم ، بل إلى فرسان تحتاج إليهم كل أسرة ، كل قطر .. كل بلد .. الفرسان الذين لا يضعفون أمام مشاكل الدراسة ، وأمام مشاكل الحياة .. الفرسان الذين تفتخر بهم عشيرتهم ووطنهم فمن منا لا يحب أن يسمع خيراً عن أبنائه وعن أبناء عشيرته ؟ ومن منا لا يفتخر ببسالة جيش بلده ؟
لكي نصل إلى كل ذلك ، يجب أن نزرع لكي نحصد .. نزرع شجاعة في روح براعم الحاضر ليكونوا فرسان المستقبل . وعن ذلك ، نحن مسؤولون …
كيف يمكن تقوية ذاكرتك ؟
يمكنك تقوية ذاكرتك عبر التمرين الصحيح ، فتطويرها وتقويتها ليس بالشئ المستحيل بل هما أمران في متناولك وقد برهنت التجربة النفسية عن هذا ، حينما قالت إنه : ( بإمكان كل فرد عاقل أن يطور ذاكرته وقت ما أراد ، وأن يحفظ بقوتها إلى شيخوخته ) .
تغلب على مشاكل ذاكرتك
تعرف أولاً على مشاكل ذاكرتك ثم خطط لها برنامجاً يهدف إلى التخلص من تلك المشاكل ، انطلاقاً من درسنا المقبل .
( النظام الشامل للذاكرة )
وعند بلوغك هذا الهدف عليك أن تتخلص أيضاً من وجود المشاكل غير المباشرة التي نذكر بعضاً منها :
1. شرود الذهن ( ضعف التركيز الفكري ) .
2. سرعة التأثر والانفعال .
3. تشاؤم عام أو عدم حب الدراسة .
الذاكرة والعازل الوقائي
لا يجدر أبداً أن تعكر مناخ حياتك الدراسية بالمشاكل الأخرى سواء كانت اجتماعية أو عائلية أو مادية . عليك أن تتدرب على التفريق بينها ، وذلك يخلق إحساس مدافع ( وهذا في متناولك ) ، وهذا الإحساس يكون على شكل ( عازل ) وقائي تفرق به بين مناخك الدراسي والتأثيرات الأخرى حتى لا يتلوث جو ذاكرتك .
اقنع نفسك بهذه الحقائق الثابتة غير رأيك تجاه المواد التي لا ( تحبها ) أو لا تحسنها . قل في حديثك اليومي وأنت تتصور معنى ما تقوله بمخيلتك : ( إني أتوفق على الجهود .. كل الجهود .. لكي أتقن كل المواد المبرمجة دون استثناء . نعم ! إنني لا أرضى الفشل لنفسي بسبب مادة لا أحسنها ، فأنا أحب جميع موادي الدراسية ) .
قل ذلك ، ثم سلط اهتمامك بقوة وبحب مستمر على كل مادة لا تحسنها . وتكون هذه أول خطوة تحبب بها لنفسك ولذاكرتك المواد / أو المادة التي حرمت نفسك من ( حبها ) .
إمكانية الإيحاء الذاتي
كرر كثيراً في حديث فكرك إيحاء يوحي التطور . حدث نفسك يقيناً بأنك ستطور ذاكرتك . كرر شعورك هذا عدة مرات إلى أن يصبح معناه حقيقة فعلية . تجنب كل إيحاء يوحي بالعكس أحرص على ألا تكون من الذين يوجهون الاتهامات السلبية ، تلك الاتهامات الرخيصة التي تنسب للذاكرة : الخيانة والتعطيل والمرض .
أبد إعجابك بها ، واقتناعك بوظيفتها وبمستقبلها الزاهر وركز اهتمامك لإزالة كل ضعف أو داء سبق لك أن نسبته لك أو نسبته لها من قبل . كل هذا وأنت تخلق إحساساً حقيقياً لتسيطر عليها .
خضوع ذاكرتك لإرادتك
إن تطوير ذاكرتك هو في حد ذاته نوع من فرض إرادتك وسيطرتك عليها .. إذن فإرادتك يجب أن تكون حتماً في حوزتك إن أردت تفوقا مرموقاً .
ولكن كيف هذا ؟
إن ذاكرتك هي إحدى وظائف عقلك الكامن ، فهي تخضع مسبقاً لارادتك بشرط أن تدرب هذه الأخيرة على الخضوع ، وكذلك باحترام قوانين الذاكرة وبمتطلباتها ، فحينما تسلط إرادتك طوال الوقت الذي تستمر فيها . إن التعود على التذكر الإرادي يدرب خلاياك الفكرية كلها ، ويمكنك تدريجياً من التحكم في ذاكرتك أكثر .