أكد عدد من الخبراء والباحثين والمتخصصين في المجال الزراعي أن التوسع السريع في النشاطات الزراعية أدى إلى حدوث تلوث في المياه الجوفية التي يستخدم معظمها في الشرب، وسقي المزروعات التي يأكلها الإنسان.
وقال الدكتور أحمد بن إبراهيم العمود من جامعة الملك سعود، إن الإنجازات الزراعية التي تحققت في المملكة في العقود الماضية والتي أثارت إعجاب وإشادة الكثير من المنظمات الدولية، رافقها بعض السلبيات مثل الاستخدام غير المرشد للأسمدة والكيماويات الزراعية، مما كان له تأثير مباشر وسلبي على المياه الجوفية التي تمثل المصدر الرئيس للقطاع الزراعي، ونسبة لا يستهان بها من الشرب في المملكة.
وأوضح الدكتور أحمد العمود، في كلمته أثناء حلقة النقاش العلمية "تأثير النشاطات الزراعية على المياه الجوفية" التي نظمتها مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية أمس، أن استخدام أسمدة الكيماويات الزراعية كان له تأثير مباشر على تلوث المياه الجوفية، حيث ظهرت بوادر مختلفة تشير إلى حدوث تغير في نوعية المياه الجوفية، مثل التلوث الناتج عن متبقيات المبيدات أو ارتفاع مستوى النترات وغيرها، مما قد يعيق مستقبل المياه الجوفية في المملكة
وأشار الدكتور عبد الرحمن بن إبراهيم العبد العالي المشرف على الإدارة العامة لبرامج المنح في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، في ورقته عن "النترات كمؤشر لتلوث المياه الجوفية" إلى أنه من أهم مصادر تلوث المياه الجوفية بالنترات استخدام الأسمدة الزراعية، مخلفات الحيوانات، وخزانات التخلص من مياه الصرف الصحي وغيرها.
وبين الدكتور عبد الرحمن العبد العالي، أن زيادة نسبة النترات في المياه الجوفية، سيما التي تستخدم للشرب، تتسبب في حدوث آثار صحية خطيرة على الأطفال الرضع وقد تكون قاتلة، كما أن الحموضة المنخفضة في الجهاز الهضمي للرضيع تؤدي إلى نمو بكتيريا تقوم باختزال النترات وتحويلها إلى نترات والذي ينتقل إلى الدم. وللنترات شراهة عالية للهيموجلوبين مقارنة بالأوكسجين، وبذلك تحل النترات مكان الأوكسجين في الدم مكونة الميثيموجلوبين، وتحرم الجسم من الأوكسجين الضروري له، وفي الحالات الشديدة يؤدي ذلك إلى اختناق المصاب حتى الموت.
وأكد الدكتور العبد العالي، أنه أجريت دراسة شاملة على مصادر مياه الشرب في مناطق المملكة، تم من خلالها جمع عينات 1063 بئر شرب وربط تراكيز النترات في تلك الآبار مع استخدام الأراضي حول البئر، فتبين أن أعلى تراكيز للنترات موجود في مياه الآبار التي حفرت في المناطق الزراعية، مما يعد مؤشرا كبيرا على تلوث المياه بسبب الاستخدام المكثف للأسمدة النتروجينية.
ولقد أوضحت نتائج الدراسة أن مستويات النترات في مئات الآبار تتراوح ما بين 2.4 إلى 884 ملجم / لتر، وأن المستويات العالية التركيز للنترات مرتبطة بالطبقات الحاملة للمياه السطحية وغير المحصورة، كما أن مستويات النترات في ناتج محطات التنقية تقع في المدى 1.2 إلى 45.2 ملجم / لتر، وقد حددت وكالة حماية البيئة الأمريكية ومنظمة الصحة العالمية والهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس الحد الأقصى المسموح به لتركيز النترات لمياه الشرب بـ 45 ملجم/لتر.
وقدم الدكتور عبد الله بن سعد المديهش من جامعة الملك سعود ورقة عمل عن "الملوثات الزراعية" أشار فيها إلى أن المياه الجوفية تعتبر المصدر الرئيسي للمياه المستخدمة في الزراعة في السعودية مقارنة بالمصادر الأخرى السطحية أو المطرية، فضلاً عن أنها تعتبر مصدر شرب في المناطق الريفية.
وقال الدكتور عبد الله المديهش، أنه نتيجة للاهتمام المتزايد بتلوث المياه، حدث تطور كبير في فهم تأثير الأنشطة الزراعية على جودة المياه الجوفية، وأظهرت نتائج العديد من الأبحاث في أماكن مختلفة في العالم وتحت ظروف مناخية متباينة ارتفاعا في مستوى النترات NO3، وتراكم بعض المبيدات الخطرة في المياه الجوفية في المناطق الزراعية، إضافة إلى أن الاستخدام المكثف والمتزايد للري قد أدى إلى ارتفاع مستوى ملوحة المياه الجوفية في بعض المناطق في المملكة.
أما الدكتور سمير بن جميل السليماني من جامعة الملك عبد العزيز، فقد قدم ورقة بعنوان "دور الممارسات الزراعية الخاطئة في تلوث المياه الجوفية" أشار فيها إلى أن المياه بنوعيها السطحي أو الجوفي تتعرض لأدوات التلوث سواء كانت طبيعية أو كيميائية أو أحيائية، والتي يكون المتسبب الرئيسي فيها الإنسان
واستعرض الدكتور سمير السليماني، بعض الطرق التي يفضل استخدامها لمكافحة تلوث المياه الجوفية ومنها: اتباع المعايير السليمة والفعالة واستخدام المبيدات الزراعية، وأن تكون جزءا من الإدارة المتكاملة للآفات، واستخدام المقاومة الحيوية، بالإضافة إلى استخدام طريقة تشميس التربة الزراعية لمكافحة الآفات بطريقة آمنة للبيئة، والاستخدام السليم للأسمدة الزراعية ومعالجة مياه المجاري والصرف الصحي قبل استخدامها في الزراعة أو تصريفها في المسطحات المائية.
وقال الدكتور السليماني، إن أهم الممارسات الزراعية الخاطئة التي تنتج من الأنشطة الزراعية وتؤدي إلى تلوث المياه الجوفية تكمن في استخدام مبيدات الآفات الزراعية بصورة عشوائية، والاستخدام المكثف للأسمدة الزراعية في الأراضي الرملية، وخاصة النتروجينية والفوسفورية، واستخدام مياه الصرف الصحي غير المعالجة أو المعالجة في ري النباتات، وكذا الاستخدام المفرط للمياه الجوفية الذي يؤدي إلى حركة الملوثات خلال قطاعات التربة إلى المياه الجوفية.
ومن جهته أكد الدكتور عبد الله بن أحمد الرشيد نائب رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، أن المدينة دعمت أكثر من 400 مشروع بحثي زراعي خلال السنوات الماضية، ونفذت نحو 24 في المائة من مجمل الدعم، وبقيمة إجمالية وصلت إلى نحو 156 مليون ريال. وأن المدينة حريصة من خلال دعمها لمثل هذه الأبحاث على إيجاد حلول للمشاكل التي قد تعوق خطط التنمية في بلادنا، والمساهمة في معالجتها، من خلال عقد مثل هذه الحلقات العلمية أو الندوات لتبادل الرأي مع الخبراء والمعنيين بمثل هذه الموضوعات كل في مجال تخصصه للاستفادة من المشاريع البحثية المناسبة في خدمة التنمية في المملكة..
http://stage.eqt-srpc.com/Detail.asp?InNewsItemID=32778