سيدة تعرضت للعنف من قبل زوجها تروي مأساتها

سيدة قص زوجها شعرها صورة من صور العنف الأسري
تصوير سامية العيسى
جدة، الرياض: يمن المنلا، هيفاء القريشي، مشاري الشدوى
أوضحت إحصائية صادرة من الحرس الوطني أن قضايا العنف الأسري بلغت في منطقة مكة المكرمة في عام 1426 هـ 2045 قضية, فيما ذكرت إحصائية أخرى أن دار الملك عبد العزيز للحماية استقبلت خلال أقل من عام وحتى 10-8-1427، 134 حالة منها 49 امرأة و35 فتاة و47 من الأطفال و3 حالات من الشباب، وأن الأكثر تعرضا للعنف من السيدات ثم الأطفال.
وأكد أكاديميون وباحثون اجتماعيون غياب العمل المنظم فيما يتعلق بالتعامل مع قضايا العنف الأسري من قبل تلك المؤسسات والجهات المعنية , مشيرين إلى كثير من التحولات الاجتماعية والنفسية والفكرية التي يشهدها المجتمع السعودي، مطالبين بتوحيد لجان الحماية الأسرية لتوحيد العمل في مشاكل العنف.
كما أشار بعضهم إلى أن تفشي العنف بين الأزواج قد يفضي إلى مخالفات جنائية، مؤكدين أن هذه الحالات من الظواهر الخطيرة في المجتمع، ووجودها يعد مؤشرا على وجود خطأ لا يجب السكوت عنه أو التباطؤ فيه، حيث تصل حالات كثيرة من العنف إلى مستوى الإجرام.
مسؤولية مشتركة
ويرى أستاذ الإرشاد النفسي المشارك في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور هشام إبراهيم عبد الله أن المسؤولية مشتركة بين قطاعات ومؤسسات متعددة عامة وخاصة, وكل المؤشرات تدل على أن تلك الظاهرة تتزايد على المستوى العالمي العربي والخليجي، كما أنها في تنامٍ، فالصحف تحمل لنا أخبارا عن أشكال العنف داخل محيط الأسرة بين الأخ وأخيه، أو بين أحد الوالدين والأبناء، مما يشكل خطورة على دور الأسرة في بناء شخصية الأطفال.
وشدد إبراهيم على أن الأسرة هي خط الدفاع الأول ضد المشكلات السلوكية والانحرافات، ولكنه يرى أن العنف في تزايد بسبب تراجع الأسرة عن القيام بأدوارها.
ويوضح أن العنف أنواع، فهناك اللفظي باستخدام الكلمات النابية، والعنف السلوكي والتشاجر باستخدام الأيدي، وربما استخدام آلة حادة، وقد يلجأ إليه بعض الأبناء في سن المراهقة، لتأكيد الذات ولفت الانتباه، والاحتجاج كذلك على سلطة الكبار، والمتمثلة في سلطة الوالدين وسلطة المدرسة، مشيرا إلى أن كل المؤشرات تؤكد أن هذه الظاهرة في تزايد وتنام .
ويرى الدكتور عبد الله أن الأسباب الحقيقية للعنف الأسري تتمثل في الشعور بالإحباط، فهو أول خطوة في طريق العنف والعدوان، حيث إن الخلافات الأسرية المستمرة بين الوالدين والتي تحدث أمام الأبناء تفقدهم الإحساس بالأمن النفسي والطمأنينة والشعور بالإحباط .
ويشير إلى أن من الأسباب المؤدية للعنف جهل الوالدين، وعدم الوعي بأساليب التربية، إذ يلجأ بعض الوالدين إلى استخدام أساليب غير سوية مثل الإهمال أو التسلط، واستخدام العقاب البدني، والقسوة في التعامل مع الأبناء، وبصفة خاصة المراهقون، مؤكدا أن عدم تفهم احتياجات هذه المرحلة ومشكلاتها قد يزيد من الممارسات غير السوية، ويتكرر الأذى داخل الأسرة وخارجها، وبصفة خاصة المدرسة.
تزايد المؤثرات الثقافية الخارجية
ويضيف الدكتور عبد الله أن الانفتاح الذي رافقه غياب دور الأسرة يؤدي إلى تزايد المؤثرات الثقافية الخارجية ذات التأثير الفعال في نفوس الأبناء مثل الإنترنت، وما يحتويه من مواقع إباحية وعدوانية في نفس الوقت، وهذا في الحقيقة يستهوي بعض المراهقين في الأسرة، من باب التقليد والمحاكاة، ويكون الضرر كبيرا في ظل غياب دور الأسرة من حيث الرقابة والتوجيه والإرشاد.
وأكد أن لوسائل الإعلام دور في تنمية العنف في محيط الأسرة، وبصفة خاصة بعض الفضائيات التي تعرض أفلاما ومسلسلات تحتوي على كافة أشكال العنف، مما قد يجعل الأبناء يشعرون بالإحباط من مشاهدة مثل هذه الفضائيات.
ويؤكد الدكتور عبد الله أن المسؤولية مشتركة بين قطاعات ومؤسسات متعددة، ومن أهمها المدرسة، حيث إن ضعف التعاون بين الأسرة والمدرسة في تربية الأبناء، وعدم إتاحة الفرصة أمامهم لتنفيس طاقاتهم في أنشطة مفيدة مثل الأنشطة الرياضية والفنية وغيرها يؤدي إلى حدوث ما لا تحمد عقباه.
مشكلات مترابطة ومتداخلة
فيما يذهب الأستاذ المشارك بقسم الاجتماع في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور محمد بن سعيد الغامدي إلى أن العنف أصبح يشكل ظاهرة اجتماعية خطيرة وهو مستشر ٍ على نطاق واسع، وفي جميع المجتمعات بلا استثناء، وبنسب متفاوتة، وتختلف حدته.
ويضيف "من الملفت للنظر أن هذه الظاهرة أخذت تبرز بوضوح في مجتمعنا السعودي، و نرى ذلك في ازدياد معدلات الطلاق والتفكك الأسري، وحالات الإيذاء، وصحفنا المحلية تنبئ عن تنامي ظاهرة العنف بصفة عامة".
و يقول الدكتور الغامدي "أسباب العنف مختلفة من مجتمع إلى آخر، ومن ثقافة إلى أخرى، وتتراوح العوامل المسببة للعنف من مشاكل نفسية واجتماعية واقتصادية، وهي مترابطة ومتداخلة، ولا يمكن تفسير العنف الأسري وضعف الترابط بين أفراد الأسرة الواحدة تفسيرا أحادي العامل، وإنما يرجع إلى عوامل مختلفة تختلف درجة تأثيرها من عامل إلى آخر".
وطالب بالعمل على مساعدة الأسرة في التنشئة الاجتماعية السوية للأبناء من خلال إعداد برامج ونشرات وملصقات، لتوعية الوالدين بالأساليب الصحيحة للتعامل مع الأبناء وبصفة خاصة في مرحلة المراهقة، واقترح إنشاء مكاتب عديدة يسهل الوصول إليها لتقديم الاستشارات الأسرية، ومساعدة الأسرة على مواجهة مشكلاتها من خلال خبراء واستشاريين في علم النفس وطب الأسرة والشريعة والقانون، وأن يخصص كل مكتب خطا هاتفيا مجانيا للرد على تساؤلات أولياء الأمر.
وطالب أيضا بالحد من نشر أو إذاعة برامج أو مواد إعلامية أو مسلسلات وأفلام تدعو للعنف بكافة أشكاله، والبحث عن آلية يضعها وزراء الإعلام العرب لمراقبة المواد الإعلامية التي يتم عرضها وبصفة خاصة في الفضائيات ودعا إلى تدعيم التعاون بين الأسرة والمدرسة، لتعديل سلوك بعض الأبناء، والعمل على تزويد جميع المدارس بالمرشد الطلابي المؤهل علميا ومهنيا، لمواجهة المشكلات السلوكية للأبناء .
وطالب أيضا بمراقبة الأبناء فيما يتعلق باستخدام الإنترنت، ووضع الكمبيوتر في مكان عام بالمنزل، وإبعاده عن الغرف المغلقة .
ثقافة الأبوين وضعف التواصل
وتؤكد رفاه مهندس ( مستشارة اجتماعية ) وتقيم لقاءين في الأسبوع للراغبات عن تعلم مهارات التغلب على الخلافات الزوجية، أنه كانت توجد 7 حالات على وشك الانفصال والطلاق تم تقديم المساعدة لها , ووصل عدد الملتحقات باللقاءات التعليمية إلى 30 من المتزوجات حديثا، وممن لديهن صعوبات في مواجهة مشكلاتهن الخاصة.
وتقول رفاه إن الأسرة لا تزال تعاني الكثير من المشكلات التي تجعل إنتاجها للفرد إنتاجا شكليا عدديا، لايكون تأثيره في مجتمعنا بعد ذلك إلا هامشيا عشوائيا، ورغم التغيرات الكثيرة التي طرأت على أشكال الأسرة وأنماط تفكيرها ومستوياتها ومستوى ثقافة الأبوين والمجتمع المحيط بهما، إلا أن ضعف التواصل والعنف بين أفراد الأسرة الواحدة أصبح ظاهرة من الظواهر السلبية لم تتخلص منها الأسرة في مجتمعنا .
وتضيف " على الرغم من أن تماسك الأسرة الواحدة يعد من أهم مميزات الأسرة، إلا أن الدور السلطوي الذي يمارسه أحد الأبوين من أهم الأسباب التي تقف وراء مشكلة العنف الأسري، إضافة إلى ثقافة كل من الأبوين، وهي تؤثر بمستوى الفهم لمعاني التربية الخاصة".
وتؤكد أنه ليس لدينا عصا سحرية أو خاتم سليمان أو حتى إكسير أو دواء ناجع لعلاج هذه الظاهرة وإزالتها، ما لم يكن هناك وعي وفهم وإلمام من الأبوين ومن المجتمع حولهما، بما فيه ثقافتهما لدرء هذه المفسدة عن بيوتنا.
وتشير مهندس إلى أنه من الضروري إدخال مادة دراسية ضمن المناهج في المدارس والجامعات، يكون لها أثر في نسب النجاح العام، وتقرر لها حصص مناسبة، وتكون موضوعاتها عن خصائص الإنسان، وكيفية تقويم سلوكه، وتدريب الطلاب وكذلك الطالبات على مسائل تربوية أخلاقية، مع مراعاة اختلاف مقرر البنات عن مقرر الأولاد، نظرا لاختلاف دور الأم عن دور الأب فيما بعد .
وتقول " يجب إخضاع كل قطاعات المجتمع لدورات تدريبية تدخل كل بيت، كما هو في القطاع الصحي والتطعيم، بحيث يكون موضوعها عن ضرورة إنجاح الزواج وأخرى عن تربية الأبناء، وعن المهن والأعمال الإضافية التي تحسن دخل الأسرة .
دورات إلزامية
وتقترح مهندس كذلك إخضاع مؤسسات العمل لموظفيها لحضور دورات تقتطع من ضمن الدوام وتكون إلزامية، وتعالج من خلالها المشكلات الاجتماعية، ويوجه فيها ويلفت النظر إلى ضرورة تغيير العيوب المتوارثة في الإنسان، سواء كان رجلا أو امرأة، بالإضافة إلى رصد الجوائز القيمة لكل من يحضر عشر دورات فما فوق، كذلك إيجاد مواد في القانون العام يقضي بمحاكمة كل قناة تلفزيونية أو كل برنامج أو مسلسل أو مسرحية يقدم فيها العنف كوسيلة إيضاح من خلال وسائل الإعلام كالتلفاز والمجلات .
استثمار أوقات الأبناء
وتشير المستشارة الاجتماعية إلى أن للإعلام دوراً كبيراً، خصوصا أنه يعرض أنماطا وأشكالا وطرقا من العنف، وصلت إلى حد مرعب، ابتداء من العنف اللفظي في أفلام الكرتون إلى المسلسلات مثال (طلقني - اطلع بره )، والكثير منها يجعل العنف مادة أساسية في موضوعها، واعتاد المشاهد عليها فضلاً عن الأفلام الأجنبية وهي التي لاتخرج موضوعاتها تقريبا عن عنف أهل الأرض فيما بينهم، أو عنف بين أهل الأرض وبين الموتى والجن والشياطين، أو عنف بين أهل الأرض وبين أهل الكواكب الأخرى، وما يتخلل ذلك من قصص الأذى الجنسي والتهتك الأخلاقي، إضافة إلى عناصر الإثارة الصوتية واللونية والزمانية والمكانية.
وتقترح رفاه مهندس فتح المجالات في المجتمع لعقد أمسيات أدبية شعرية وقصصية، يكون وقتها ملائما للآباء والأبناء وللأمهات والبنات على السواء، فكلما ارتقينا بثقافة الإنسان، تخلى عن عيوبه بطواعية وإرادة .
وتقترح أيضا أن تشرف المؤسسات التربوية على إيجاد نواد ٍللبنين وللبنات كل على حدة، تكون الاشتراكات فيها رمزية وفي متناول الجميع، لاستثمار وقت الأبناء والبنات بالتعليم المفيد، والتوجيه نحو القراءة، وممارسة الرياضة، وتعلم الخياطة والتمريض، حتى يكون الوقت الذي يمضيه الأبناء خارج المنزل مستفادا منه وموجها، وبالوقت ذاته للتقليل من أعباء الأبوين قدر المستطاع.
العنف قد يفضي إلى الإجرام
تشتكي الكثيرات من الزوجات من سوء معاملة أزواجهن لهن، وأحيانا تتسم المعاملة بالعنف المبالغ فيه، وتصل في بعض الأحيان إلى الحد الجنائي بإراقة الدماء البريئة, ثمة من يعيد ذلك السلوك العنيف لعدة أسباب منها ما هو اقتصادي، ومنها ما هو اجتماعي ونفسي، وهناك من يعيده لعدم الرغبة في الاستمرار في الحياة الزوجية .
ويؤكد المحلل النفسي والمعالج السلوكي وعضو المحكمة في مركز المودة الاجتماعي وعضو هيئة إصلاح ذات البين الدكتور هاني الغامدي أن هذه الحالات من الظواهر الخطيرة في المجتمع، ووجودها يعد مؤشرا على وجود خطأ لا يجب السكوت عنه أو التباطؤ فيه، خصوصا أن حالات كثيرة منها تصل إلى مستوى الإجرام.
يقول " إذا وصل الأمر للقتل يجب أن نقر ونعترف بأن هناك مشاكل اجتماعية دفينة موجودة، ونحن من وضع عليها الرماد، ومن تحتها الرمضاء، والنار تشتعل، والمؤكد وجود قصص كثيرة وعنيفة تدور أحداثها داخل جدران البيوت، فيها الألم والتكسير والعنف، وفي النهاية تحفظ القضية، حتى لو اعترف الزوج بالاعتداء، وهذا هو الخطأ في مجتمعنا، لقد أصبح لدينا إرهاب أسري، وهي مشكلة خطيرة في حد ذاتها، خصوصا أننا وصلنا لمرحلة قتل الزوج للزوجة أو الزوجة للزوج".
وأشار إلى أهمية الطلاق عندما تستحيل العشرة بين الزوجين، ولكن العرف الاجتماعي يعوق ذلك، يقول "توجد حالات تستدعي الطلاق وتحتاج إليه، ولكن للأسف النهج الاجتماعي السائد أن أهل الزوجة يرفضون بأن تكون ابنتهم مطلقة، ولكن إذا وصل الخلاف إلى طريق مسدود يستحسن الطلاق، وتسريح بإحسان، ويترك كل طرف الثاني وهما محسنان لبعضهما البعض، ومستبشران خيرا بأن هذا الأمر هو لإرضاء الله قبل كل شيء، وفي نفس الوقت لينفصلا، ويذهب كل منهما في طريقه دون أن تتصاعد الأمور، ويحصل ضرر أو قتل، أو ما إلى ذلك من الأمور ".
تراكمات الماضي
وحول القضايا الجنائية التي تحدث بين الزوجين أو تلك التي تصل إلى مشارف الجريمة قال المحلل النفسي والسلوكي "بعض الأزواج زوجا كان أم زوجة يصل إلى مرحلة متقدمة جدا من السلوك العدواني، والسلوك المنحرف يظهر من خلال تراكمات لتجارب وممارسات حصلت في الماضي للشخص، وعلى أساسها يخرج الفرد بسلوك مختلف بعد اعتناق مفاهيم معينة نفسية وداخلية، تتفاعل هذه المفاهيم وتظهر من خلالها شخصية جديدة، وغالبا تظهر هذه الشخصية إذا مرت بتجارب سلبية، وغالبا ما يظهر الفرد الجديد بالشخصية الهجومية والقاسية، وما حصل له في الماضي يظهره في المستقبل، فكثير من ممارسي العنف تعرضوا لمثل هذه السلوكيات في الصغر، أو تعرضوا لخطأ سلوكي كبير، أو مروا بتجارب قاسية واضطهاد من قبل الآخرين"
وضرب الدكتور الغامدي مثلا بالطفل الذي يعامله أبوه بقسوة عندما يكبر يعكس هذا السلوك على المجتمع ومن حوله، وفي حالة عدم إعادة تنظيم سلوكياته من الداخل يصير إنسانا حانقا على المجتمع، وهذا ما يجعله يمارس عنفه إذا استلم منصبا أو تقلد مسؤولية ما على أي فرد من الأفراد، سواء كان هؤلاء الأفراد موظفين لديه أو زوجة أو أبناء، مشيرا إلى أن خطورة مثل هؤلاء الأفراد تكمن بحسب مستوى الصلاحية التي لديهم، أو تلك التي توكل إليهم.
ويرى الدكتور الغامدي أن كل شخص من أفراد المجتمع يحمل في داخله العديد من الهموم والمشاكل والتناقضات السلوكية، وعلى الإنسان أن يهذب نفسه أولا بالدين، ويتجه إلى الله، ويحاول أن يمحو الأخطاء التي حصلت له في الماضي، ويخاف الله في العباد.
يقول "لا نعتقد أن شيئا آخر يمكن أن يردعه، إلا إذا كان قد حصل على مساندة أو دعم من قبل أشخاص آخرين، فعلى هذا الإنسان طلب الدعم إذا كان يشعر أمام نفسه بأنه على خطأ في السلوك، بالذهاب إلى الأخصائيين النفسيين لتقديم الدعم الذي يحتاج إليه، أو الاتجاه لدورات تطوير الذات، لمحاولة الوصول بشكل أو بآخر إلى سلوك إيجابي.
التأهيل والعلاج السلوكي
وتابع قائلا "المؤسف أن هناك الكثير من الأشخاص الذين يقومون بسلوكيات سيئة ولا يشعرون بالخطأ في داخلهم، ويعتبرونه سلوكا طبيعيا، ويمكنهم ممارسته مع أي شخص يتعاملون معه في العمل أو البيت أو في الشارع، والطبيعي أن هؤلاء الأشخاص يجب إيقافهم بشكل أو بآخر، فإما أن يقتنعوا بعرضهم على أخصائيين لإعادة تأهيلهم وعلاجهم سلوكيا بإعادة صياغة الاعتقادات الداخلية والأفكار بشكل إيجابي، أو يوقفوا بحكم القانون، فإما أن تكون السلطة ذاتية بالتوجه إلى الله، أو من قبل التوجيه من الآخرين، أو بالسلطة القانونية في حالة ارتكاب سلوك منحرف، وفي هذه الحالة تفرض عليهم العقوبة الشرعية والواجبة، للحد من انتشار العنف، كالسارق مثلا فالحكم عليه واجب لردعه، ولكي يتوقف عن فعل هذا السلوك، وإذا لم يرتدع يحكم عليه القاضي بالتعزير، ويحصل على حكم أكبر وهكذا.
وأشار الدكتور الغامدي إلى أهمية التهذيب النفسي والسلوكي لبعض الأشخاص الذين تسول لهم أنفسهم التفكير في الجريمة، أما الشخص الرافض لأي تغيير أو تأهيل لذاته فلابد أن يكون هناك مؤثر عليه، إما عن طريق الأهل، أو عن طريق أشخاص لهم سلطة عليه.
وطالب بزيادة الوعي الاجتماعي، وإعادة صياغة السلوكيات بتدريب الزوج والزوجة قبل وبعد الزواج، وتفعيل عملية تقبل الآخر، كما طالب بأن تتغير مفاهيم المجتمع تجاه الطلاق.
توحيد لجان الحماية الأسرية
وفي الرياض طالب مدير مستشفى الأطفال في مدينة الملك فهد الطبية الدكتور صالح الصالحي الجهات المعنية الانتهاء بشكل سريع بتوحيد لجان الحماية الأسرية بكافة المرافق الصحية والتعليمية والاجتماعية، بعمل سياسات وإجراءات داخلية موحدة للتعامل مع الحالات، وربطها بلجنة واحدة، لتوحيد عملها في معالجة مشاكل العنف الأسري, حتى يصدر النظام الشامل قريبا، والذي سيتم التأكيد فيه على إجراءات حماية المبلغ.
وأشار الدكتور الصالحي إلى أن عدد حالات الاعتداءات التي عولجت في مدينة الملك فهد الطبية منذ إنشائها قبل نحو ثلاثة أعوام بلغت 12 حالة عنف واعتداء أسري من بينها 7 حالات عنف ضد الأطفال، تراوحت أعمارهم من 27 يوم إلى 12 سنة .
وأوضح أن هناك أنواعاً متعددة من الإساءة والإهمال للأطفال منها الإساءة الجسدية و النفسية والجنسية والإهمال بكافة أنواعه، موضحا أن من أسباب الاعتداء والعنف على الأطفال حدوث تجارب سابقة لأحد الوالدين بتعرضه للعنف في الصغر، أو وجود مشاكل عائلية كبيرة، مما ينعكس مباشرةً على الطفل، أو تعرض الأب لإدمان المخدرات، أو لمشاكل نفسية أو اجتماعية أخرى، بالإضافة إلى أن بعض الأطفال الذين يكون لديهم تخلف في النمو أو الأطفال الخدج، أو من لديهم أمراض مزمنة يكونون أكثر عرضه للعنف.
وأضاف أن من الأسباب أيضا تعرض الأسرة إلى تدني مستواها المعيشي، مما يضعها في ضغوط نفسية تجعل الأطفال أكثر عرضة للاعتداء أو الإهمال من الناحية الغذائية أو النفسية أو الصحية، مشيراً إلى أن 90% من المعتدين هم من المقربين للطفل.
فريق متخصص لكشف الاعتداء
وقال الدكتور الصالحيإأن المستشفى شكل فريقا متخصصا من أطباء استشاريين وأخصائيين نفسيين واجتماعيين وغيرهم في كشف حالة الاعتداء ضد الأطفال المبلغ عنها، وبين أنه في حالة تعرض الطفل إلى شبهة اعتداء أو شك في تعرضه للعنف يتم اجتماع الفريق للنظر في حالة الطفل، وعمل تقييم طبي وفحص "كلنيكي" بشكل مكثف للحالة، مع عمل جميع الفحوصات التشخيصية من أشعة وتحاليل مخبرية، كما يتم الرجوع إلى ملف الأسرة من الناحية الصحية والاجتماعية، للتأكد من وضع الأسرة ومدى استقرارها الاجتماعي
وأشار إلى أنه في حالة ثبوت تعرض الطفل لحالة اعتداء يقوم الفريق بالاتصال على وزارة الشؤون الاجتماعية التي تقوم بدورها بمقابلة الوالدين والفريق الطبي، والتأكد من سبب تعرض الطفل للاعتداء، وفي حالة ثبوت تعرضه للعنف عن طريق الوالدين يقوم فريق الشؤون الاجتماعية بالاتصال بالجهات المعنية لاستكمال الإجراءات اللازمة في ذلك.
وعن كيفية التعرف على تعرض الطفل إلى اعتداء قال مدير مستشفى الأطفال في مدينة الملك فهد الطبية في الرياض إن التعرف يأتى في البداية من اشتباه الطبيب المعالج بتعرض الطفل للعنف، أو عن طريق قيام أحد الأشخاص بتبليغ إدارة المستشفى أو الفريق الطبي في قسم الإسعاف عن تعرض طفل للاعتداء، بالإضافة إلى تبليغ والدة الطفل بأن ابنها تعرض للعنف من قبل أحد ما، والتي من خلالها يتم استكمال الإجراءات في ذلك بشكل سري.
وبين أن معظم حالات الاعتداء الجسدي التي يتعرض لها الأطفال تكون إما كسور أو كدمات في الجسم، جراء الركل الشديد على الطفل أو النزيف الداخلي في المخ أو العين، جراء هز الطفل بشدة، وأضاف أنه في حالة طلب والد الطفل إخراجه من المستشفى دون استكمال العلاج اللازم، وكانت حالة الطفل لاتسمح بخروجه فإن إدارة المستشفى تتحفظ على الطفل، حيث يعتبر الفريق المختص بحماية الطفل من الإيذاء أنه معرض للخطر.

http://www.alwatan.com.sa/daily/2007-01-01/affair.htm