الاستيطـــان فـــي القـــدس القــديمـــة

دراســــة تـــدق ابـــواب مـــن فـــي آذانهـــم صمـــم


القـــــدس- دنيا الوطن

ناقشت ندوة اليوم ا لسابع في المسرح الوطني الفلسيطني في القدس كتاب "الاستيطان في القدس القديمة" من اعداد ايمان مصاروة الباحثة في مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصاية في القدس الذي اصدر هذا البحث في تموز الماضي، وتقع هذه الدراسة في 168 صفحة من الحجم الكبير.
وقد بدأ النقاش عريف الندوة الكاتب جميل السلحوت فقال:

حسب معلوماتي فان هذه الدراسة هي الاشمل حول الاستيطان في القدس القديمة الواقعة داخل السور التاريخي للمدينة المقدسة.
وتأتي اهمية هذه الدراسة من اهمية المدينة المقدسة، حيث ان القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الاراضي الفلسطينية المحتلة في حرب حزيران 1967، وهي العاصمة الابدية السياسية والتاريخية والدينية والثقافية للشعب الفلسطيني ودولته العتيدة.

وتشمل الدراسة لمحة تاريخية عن المدينة العربية التي بناها اليبوسيون احدى القبائل العربية الكنعانية قبل ثلاثة آلاف عام من ميلاد السيد المسيح عليه السلام، وسموها يبوس، كما تستعرض تاريخ المدينة مرورا بالفتح الاسلامي لها عام 636م. والذي تعتبره الباحثة تاريخا مفصليا في مسيرة المدينة، حيث ان هذا الفتح مقرونا بحادثة الاسراء والمعراج اكد على ان المدينة عربية اسلامية بقرار رباني لا راد له، كما تؤكد الباحثة ان العرب الفلسطنيين حافظوا على تواجدهم في المدينة عبر التاريخ، ولم ينقطعو عنها يوما واحدا.

وتتطرق الدراسة ايضا إلى حارات القدس واسواقها. ثم تنتقل إلى وقوع المدينة تحت الاحتلال في حرب حزيران 1967، حيث بدأت اسرائيل المحتلة سياسة تدميرية واستيطانية لتهويد المدينة منذ اليوم الاول لوقوعها تحت الاحتلال، حيث قامت بهدم حارة المغاربة وحارة الشرف، وشردت سكانها الفلسطينين، وبنت حيا يهوديا في المكان، كما قامت بزرع عشرات البؤر الاستيطانية في مختلف احياء وحارات القدس.

وترصد الدراسة الاماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية داخل اسوار المدينة المقدسة، موضحة استهداف المسجد الاقصى المبارك والمحاولات الدؤوبة لهدمه من اجل اعادة بناء الهيكل المزعوم مكانه، وقد تعرض هذ المسجد لعشرات الاعتداءات والتي ليس اقلها الانفاق المحفورة تحت اساساته، ولا محاولة حرقه في 21/8/1969 وتوضح الدراسة انه تم تشريد اكثر من ستة الاف مقدسي فلسطيني من حارتي المغاربة والشرف، وهدم 1048 شقة فلسطينية و437 محلا تجاريا، واقامة حي استيطاني يهودي على انقاضه يسكنها الان حوالي 2800 مستوطن اضافة إلى 1000 مستوطن آخر يسكنون البؤر الاستيطانية الاخرى.

وتشير الدراسة إلى انه يسكن داخل اسوار القدس حوالي ثلاثة وثلاثين الف فلسطيني في حين يبلغ مجموع الفلسيطنيين الذين يسكنون داخل حدود البلدية حسب التقسيمات الادارية للمحتلين حوالي ربع مليون نسمة، يقابلهم حوالي مائتي الف مستوطن استولوا على 35% من مساحة المدينة، واقاموا مستواطناتهم عليها، ويصل عدد البناء الاستيطاني في القدس الشرقية حتى بداية العام 2004 إلى 52 الف وحدة سكنية، في حين كان صفرا عام 1967، ويبلغ عدد البناء العربي ثلاثين الف وحدة سكنية على 14% من مساحة المدينة، كانت منها اثنتا عشر الف وحدة سكنية قائمة قبل وقوع المدينة تحت الاحتلال، وتعمل السياسة الاسرائيلية على عدم السماح للبناء العربي، في حين يزداد البناء الاستيطاني يوميا، كما تعمل اسرائيل على تفريغ المدينة من سكانها العرب الفلسطينيين بشتى الطرق ومختلف الاساليب.

وتتطرق الدراسة إلى اسماء الجمعيات الاستيطانية العامة لسلب العقارات الفلسطينية في القدس الشرقية يساندها في ذلك مؤسسات رسمية اسرائيلية، وتتطرق ايضا إلى نماذج من ضحايا الاستيطان اليهودي.

كما تورد الدراسة قانون حارس املاك الغائبين الذي يصب ايضا في مصلحة الاستيطان، وكذلك حال قانون حماية المستأجر.
وتعرج الدراسة على الوضع القانوني لمدينة القدس حسب القانون الدولي وكذلك عدم شرعية المستوطنات حسب هذا القانون.

وتعدد الدراسة اهم قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، واهم القوانين التي سنتها اسرائيل بخصوص القدس.
وتشرح الدراسة علاقة الاستيطان اليهودي داخل القدس القديمة مع الاستيطان خارجها التي جعلت من الاحياء والقرى العربية مجرد جزر صغيرة داخل المستوطنات.
وهناك فصل عن جدار الفصل العنصري الذي يخنق المدينة، ويشرد عشرات الالاف من مواطنيها الفلسطينيين.

وتختتم الدراسة بنتيجة مفادها ان الهدف من تهويد المدينة هو المسجد الاقصى تحديدا، وهو الذي يرمز إلى عروبة واسلامية المدينة المقدسة، وبالتالي فان البؤر الاستيطانية تحيط به من كل جانب، والانفاق تحت اساساته تهدد بانهياره.

يبقى ان نقول ان الجهد المبذول في هذه الدراسة كبير، ويستحق التقدير، فكل الشكر للباحثة ايمان مصاروة، ولقسم الابحاث في مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، ولمدير المركز السيد زياد الحموري الذي اقترح هذه الدراسة وتابعها يوما وراء يوم، ونأمل ان تكون هذه الدراسة صيحة توقظ النيام في العالمين العربي والاسلامي والعالم المسيحي لينقذوا المدينة المقدسة التي اثقلها عسف المحتلين، ومحاولاتهم في تزييف تاريخ وجغرافية المدينة المقدسة.

وبعده تحدث السيـــد محمـــد موســـى محيســـن فقـــال:

الاستيطان في القدس القديمة:

كعرب ومسلمين ماذا يعني لنا الاستيطان في القدس القديمة؟
ماذا اعددنا لكبح وتوقيف هذا الاستيطان في القدس القديمة؟
هل حقا فات الاوان لحماية ما تبقى من القدس القديمة؟
ما هو دور الدول العربية والاسلامية في القدس القديمة؟
هذه الاسئلة وغيرها الكثير تطرح في سياق واحد هو الاستيطان في القدس، وتخصيصا تلك البقعة بعيدا عن أي استيطان في الارض الفلسطينية، اذن هناك شيء محدد ومخصص لهذا الاستيطان، ترى ما هو هذا الشيء؟ وكيف السبيل إلى مقاومة وايقاف هذا النزف الهائل والتسرب الشديد لتلك المباني والعقارات في تلك البقعة بالذات.
وفي المقابل لنرى ماذا اعد الاخرون لهذا السرطان المميت والمدروس والمخطط له منذ امد بعيد والبرمجة التي تنفذ بمستويات معينة ومتفاوتة من الدقة.

القانون: (من الناحية القانونية)

حارس املاك الغائبين – حيث لا يسمح القانون الاسرائيلي ببيع العقارات التي يوصى عليها حارس املاك الغائبين الا لمؤسسة سلطة التطوير.
ـ كيرت كييمت ليسرائيل .م.ص. سمح القانون لها بالعمل كشركة اجنبية للعمل داخل اسرائيل لشراء العقارات وتأجيرها لليهود.
ـ قانون الاراضي.
ـ قانون استرجاع اليهود لعقاراتهم.
ـ سلطة التطوير.
ـ قانون الاستملاك وهو نزع الملكية.
ـ قانون الدفاع والطوارىء.
ـ قانون القدس عاصمة لاسرائيل.

وغيرها الكثير من الانظمة والقوانين لحماية المؤسسات الاستيطانية خاصة في القدس القديمة، ثم تشجيع الجمعيات وتأسيسها وحمايتها لتقوم باعمال مثل جمع التبرعات لشراء الاملاك وتشجيع المستوطنين من تملكها او استئجارها وحمايتهم، وتوفير كل المستلزمات لهم، واعفائهم من الكثير من المستحقات مثل دفع الضرائب وغيرها.

ومن الجمعيات الاستيطانية التي شكلت وتمت المصادقة عليها وحمايتها وتقديم الدعم القانوني والمادي والمعنوي لها كثيرةومنها:

ـ عطيرات كوهنيم (تاج الكهنة) شارون – موسكوفيتش.
ـ توراة كوهنيم (العاد).
ـ عطيرات ليوشناة تجديد الاستيطان في البلدة القديمة.
ـ العاد اولياء مدينة داود (غرشون سلمون).
ـ مدرسة شوفوبنيم عودوا ايها الابناء.
ـ اضافة إلى الدعم الرسمي من الكثير من مؤسسات الدولة مثل:
ـ المحاكم.
ـ البلدية.
ـ الداخلية.

هذا غيض من فيض، ترى ماذا اعد اصحاب القضية والارض ومن ينتمون لتك البقعة؟ ماذا عملنا لحماية تراثنا من العبث والضياع والتشتت غير الكتابات والمؤلفات والدراسات؟ أين المؤسسات الداعمة؟ أين الجمعيات العاملة؟ أين ا لوعي والوازع الديني؟ هل نكتفي بالبكاء والعويل وضرب كف على كف؟

اذن فهناك خط مختلف، فالاستيطان او السكن في البلدة القديمة هو استيطان ديني ايديولوجي سياسي مبرمج ومخطط له منذ زمن بعيد، وعبر جميع الحكومات التي تعاقبت على هذه الدولة والقادم امر وادهى.

هذا واقع واما الواقع الاخر، ماذا يعني لنا السكن في القدس ضمن حدود ما يسمى بلدية القدس حسب الوضع والقانون الاسرائيلي؟

وبعده تحدث الاستــــاذ خليــــل سمــــوم فقــــال:

كتاب ذو موضوع جيد، صورة غلافه تلخص تماما محتواه، خرائطه ممتازة، لكن طباعته بعضها كانت غير واضحة.
الكتاب غني بالمعلومات، ومصادر هذه المعلومات كثيرة، وقد اسهبت المؤلفة في شرح واقع الاستيطان، وما يخطط للمدينة مستقبلا فيما يتعلق بهذه الناحية. ولكن الكاتبة عملت كالطبيب الذي شرح حالة المريض باسهاب وبكل دقة ووضوح، ولكنه لم يصف الدواء لمعالجة هذا المرض، بمعنى ان المؤلفة لم تعط توصياتها في نهاية الكتاب لكيفية مقاومة هذا المخطط الاستيطاني.

على كل حال، فان مجرد قراءتنا للكتاب تشعرنا باننا لا نفعل الا القليل جدا مقابل ما يقوم به الاخر من مجهود جبار وحثيث وطويل النفس في سبيل الاستيطان في المدينة.
واخيرا، ان هذا الكتاب هو ناقوس خطر موجه الينا جميعا للقيام بواجبنا تجاه المحافظة على عروبة مدينتنا.

وبعده تحدثت السيــــدة حــــذام العـــربــــي فقـــالــــت:

صدور هذا الكتاب عن مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، وبهذا العنوان، يوحي للقارىء انه بصدد قراءة بحث او دراسة. ويؤكد غلاف الكتاب هذا الايحاء. وعليه هيأت نفسي لقراءة بحث، مع كل ما في ذلك من تحفز واستنفار. فالابحاث، خاصة في هذه المجالات لا تندرج في القراءة الترفيهية.

فـــي المـــدخـــل التقـــريـــظ والتقـــديــــم:

جاء ان "... الدراسة معبرة عن الموضوعية والعمق والثقة والعزم واليقين... للتدليل على الاطماع الصهيونية..." صفحة – 8.
ان اول ما تتطلبه الدراسات والابحاث هو التشكك، التفحيص، التمحيص والتدقيق. ثم بقدر الامكان رصد الحقائق. بطبيعة الحال في موضوع كهذا الكثير من الرصد في سياق منهجي للتدليل على واقع الحال.

في المدخل وكذلك في الكتاب تم التطرق إلى الروايات الدينية، كما جاءت في اقوال الانبياء، ودسها في سياق الدراسة على انها مسلمات او بديهيات تشكل احيانا اطارا للدراسة، وفي احيان اخرى اسنادا لها.
لم استسغ "التوليفة اللغوية" الواردة صفحة -11"... عملية تهجير جريئة...". فالجرأة صفة ملازمة للعمل الايجابي.

حــــول الاطـــــار العــــام للـــدراســــــة:


لكل بحث او دراسة هناك سؤال، لم اجد سؤالا في هذا الكتاب (البحث)، بل وجدت تكرارا لبعض المقولات المتداولة صحفيا بشأن الحق العربي في المدينة.

ثم من حيث الانتاج: كي اضع نفسي في الاطار العام للبحث، او محاولة تشكيل فكرة عامة فيما انا مقبلة عليه، ذهبت اولا إلى العناوين (المحتويات او الفهرست) فلم اجده، ثم قلت في نفسي لعله سقط سهوا، قلبت في الصفحات الاخيرة، فلم اجد قائمة المراجع، هذا ناهيك عن الـ INDEX . وكأن المقصود رواية، مع العلم انه حتى فيها هناك من يضع القارىء في الاطار العام بواسطة عنونة فصول الرواية، قلت لا بأس.

ثم رحت اقرأ بهمة ونشاط فاستوقفني إلى حد الغيظ، التفتيش كل مرة من جديد عن صفحة الهوامش (الملاحظات).

فــــي التـــأطيــــــر:

جاءت الباحثة بالكثير من المعلومات والمعطيات القيمة الا انها لم تقم بتأطيرها على الاقل لصالح القارىء، اذا لم يكن لصالح الدراسة ومنهجية العمل، وعليه جاء الانسياق مفروغا منه، انظر على سبيل المثال تعامل الباحثة مع المستجدات التي تفرضها اسرائيل على الارض، ومن خلال ذلك تعاملها مع المعطيات، واكثر من هذا الانجرار وراء التقسيمات الادارية التي تفرضها سلطات الاحتلال ص74 – 75.

غني عن القول ان هناك بعض المعلومات او المبادىء العامة التي يستحسن التطرق اليها بوصفها تشكل اطارا للدراسة، ووضعها موضع الاطار. على سبيل المثال مسألة حدود دولة اسرائيل التي لا زالت غير معرفة قانونيا او دستوريا. هذا الفراغ القانوني الدستوري لم يأت "لقلة الحيلة" بل لاهداف لا تخفى على القارىء اللبيب، كذلك الامر فيما يخص اعداد خارطة هيكلية شاملة لمدينة القدس، فالامر ليس متعذرا نظرا لقلة الكوادر البشرية المتخصصة في بلدية القدس، او الاختلاف في وجهة النظر او لنزاع مع وزارة الداخلية الاسرائيلية.

مع غياب التأطير، كان من الغريب قراءة ما ورد في صفحة 97 بشأن محكمة العدل العليا الاسرائيلية "... تصدر قرارات ذات طابع سياسي دون الالتفات إلى الحجج والبراهين..." هذا في سياق الحديث عن استلاب العرب حقوقهم. لا ادري ما وجه الاستلاب في هذا السياق، ان هذه المحكمة تقضي وفق القواعد والقوانين الاسرائيلية المرعية، وليس بخاف على احد كيف تتم عملية "القوننة" الاسرائيلية، وبالتالي كان من المستحسن الاشارة إلى هذه المسألة في سياق التأطير للدراسة عموما.

مخاطبـــــة القــــارىء:

تخاطب الدراسة العارفين وفي بعض الاحيان المتبحرين بالامر، مثلا، فيما يخص السياق الوصفي للأزقة، الاماكن والمواقع موضوع الدراسة، انظر على سبيل المثال صفحة 24-25 . كذلك صفحة 11. لم اتحقق نهائيا هل هناك اربعة او خمسة ابواب صفحة 25؟ ثم ما هي اسماء الابواب العشرة للمسجد الاقصى؟ صفحة 37.

جاء في صفحة 62 "... رغم ان مخطط كاندل وقف امام التوسع..." من كاندل هذا؟ وما هو مخططه؟
ثم في صفحة – 142 "... اما الطرق الاخرى التي تربط بين المستعمرات وتعزل القدس... فهي شارع 45، شارع 5....". اين هذه الشوارع؟ ما مسارها؟ الم يكن بالامكان تزويد الدراسة بخارطة تشمل هذه الشوارع؟ او على الاقل ما تم شقه وتعبيده منها؟ فهذه على الاقل متاحة.

وفي هذا المجال ذكرت صفحة 27 "... يتضح مما سبق ان مدينة القدس..." قد يكون الامر واضحا جليا للباحثة، ولكنه للقارىء العادي غير المتبحر لم يتضح بتاتا.

فـــــي الصيــــاغــــة

جاءت بعض الفقرات مشوهة إلى حد صعب علي فهم المقروء، والتبس علي معه ادراك ما تقوله الدراسة. وما تقصده الباحثة. على سبيل المثال لا الحصر، انظر صفحة: 110،136، 154، 158، 159.

فــــي مجــــال التنقيــــط والفـــواصــــل:

لقد جاء مهملا إلى درجة، يجعل التحقق معه من المضمون مهمة عسيرة، لا ادري اذا كان ذلك بقصد، ولكن الواضح ان فوضى التنقيط عززت من ميل الباحثة للاستطراد، تجدر الاشارة هنا إلى ان الابحاث عموما تحتاج إلى لغة واضحة. حيث يكون تقطيع الجمل، واضحا ويفي بالغرض، أي ان تكون جملا مفيدة، قصيرة، وتؤدي المعنى المقصود، او ان تقدم تفسيرا واضح المعالم. لا ان تجر القارىء إلى متاهات تنسيه معها اين كان وكيف وصل إلى هنا؟ او ان تضطره إلى ان "يضرب في المندل" كي يستوعب ما المقصود. مثل ما ورد على سبيل المثال الا الحصر: 136، 138.

المعطيــــــات والارقــــــــام:

حاولت في البداية ان استوعب ما جاءت به الباحثة، ولكن مع تقدمي في القراءة، اقنعتني الباحثة بعدم جدوى ذلك، رأيت ان هذا من اختصاص ذوي القدرات الخارقة في التعامل مع الارقام، وليس بالامر الذي يستطيعه كل وأي قارىء. على سبيل المثال لا الحصر، جاء في صفحة – 30 "... يبلغ عدد المستوطنين في البلدة القديمة 400 مستوطن..." . في حين اشارت في صفحة 29، إلى "... وجود... داخل اسوار البلدة ... نحو 60 بؤرة استيطانية يقطنها نحو الف مستوطن، بالاضافة إلى قرابة ثلاثة آلاف مستوطن آخر يقطنون في ما يعرف بحارة اليهود...".

من جهة اخرى، في حين اشارت الباحثة إلى وجود نحو 60 بؤرة استيطانية ادرجت ضمن الجداول 47 منها فقط، مشيرة إلى إدراجها كما وردت من المصدر.

لا ادري كيف تستقيم المعطيات الواردة صفحة – 55 "... تجمع الارمن في حارة خاصة بهم... وتغطي سدس المنطقة داخل الاسوار..." مع ما اشارت اليه صفحة – 56 "... وحارة الارمن محاذية لحارة اليهود... وتبلغ مساحتها 123 دونما وتغطي ما مساحته 11% من مساحة البلدة القديمة...".

ورد صفحة – 141 بشارع الطوق "... وهذا تطلب مصادرة "1070" من اراضي القرى الفلسطينية الاكثر عزلة ...". 1070 ماذا؟ متر ام دونم ام هكتار؟

كذلك انظر النسب المئوية والمعطيات صفحة 25، 27، 78، 81.
وبشكل خاص ادهشتني التوليفة الرقمية مع الرأي التقريري صفحة – 27.
لم استطع الجزم أي من المعطيات اعتمدت الباحثة في استعراضها الوارد صفحة 82-83 هل رجحت كفة مركز الاحصاء المركزي ام وزارة الداخلية. على ان الحد الأدنى المطلوب من دراسة كهذه، الاشارة إلى عدم تطابق المعطيات على الرغم من ورودها من المصادر الرسمية. وإن في هذا عبرة لا تخفى على القارىء اللبيب.

التعـــــريـــــب:

كما هو متوقع في بحث كهذا يضطر الباحث للتعرض إلى بعض الاسماء او المصطلحات من اللغة العبرية، لقد تعرضت الباحثة إلى الكثير منها دون توضيح، على الرغم من معرفتي المتواضعة في باللغة العبرية فقد التبس علي الأمر، غني عن القول ان هناك قواعد متعمدة في مجال التعريب (للترجمة او النقل، وليس فقط من اللغة العبرية، الامر الذي يستدعي الدقة في النقل) انظر على سبيل المثال صفحة: 88، 154، 157.
صفحة 95"... مكاتب حركة موليدت..." صحيح ان موليت بدأت كحركة لكنها تبلورت تنظيميا لتصبح حزبا سياسيا خاض الانتخابات البرلمانية، وحصل في بعض الدورات الانتخابية على ثلاثة مقاعد، هذا الثقل النوعي الذي حظي به في الشارع الاسرائيلي بالاضافة إلى حصوله على حقيبة وزارية، امر يحمل مدلولات تجدر الاشارة اليها ببعض الاسهاب.

"شمــــاعـــــة" الاحتــــــلال:

لم استسغ كيل الاتهامات جزافا للسلطات الاسرائيلية التي لا تألو جهدا في اثارة العنصرية – الطائفية. كيف يستقيم ما ذكرت صفحة 23 "... وتقسيم المدينة، إلى احياء حسب الطوائف الدينية في محاولة منهم لاقتلاع الوجود العربي فيها والاستمرار في تهويدها... هذه الاحياء او الحارات اصبحت بعد الاحتلال الاسرائيلي ونتيجة للسيطرة العنصرية... ". وفي ذات الصفحة في فقرة لاحقة تشير "... فيما يرى باحثون... ان تسمية الحارات... الاحياء... تعود إلى العهد المملوكي... القرن 13 – 16 حيث اخذت الحارات حول الاقصى الشريف شكلها في ذلك العهد... وقد سميت هذه الاحياء وفق الطوائف والعائلات التي تقيم فيها... " . في هذا السياق كذلك وبعد اسهاب بشأن حارة الارمن جاء في صفحة – 55 "... حارة الارمن تأخذ شكلها قبل الفترة الصليبية... 1099 – 1187...".

كما جاء في صفحة -56 "... تجدر الاشارة إلى ان الاستعانة باسماء الاحياء او الحارات... لا تعني وجود انقسام حقيقي بين الاحياء... بل على العكس تماما فهذه التسميات التي اكد على وجودها الاحتلال الاسرائيلي ليست اكثر من عرض لوضع القدس القديمة ...". لم افهم ماذا تريد الباحثة ان تقول؟ هل تسمية الاحياء بأسماء طائفية او حتى بأسماء الحمائل والعائلات التي تقطنها امر ايجابي ام سلبي؟ هل كانت هذه التسميات متداولة قبل الاحتلال عام 1967. ام ان هذا"اختراع" لسلطات الاحتلال لغاية في نفس يعقوب؟

التكـــــرار والشعــــــارات:

هناك مقولات تكررت إلى درجة ظننت معها ان المقصود هو التعبئة المعنوية الجماهيرية، ولا بأس في ذلك بتاتا، حتى انني ارى لزاما ان يقوم احد ما بهذه المهمة، لا بل ارى ان هذه مسألة على غاية من الاهمية والجدية، وتجدر اناطتها بعمل مؤسساتي ومنهجي، انظر صفحة: 130، 131، 134.
لنا ان نكتب في وعن القدس الاشعار واناشيد الغزل والحياة، ان نرصد لحياة القدس واهلها الدراسات والابحاث، الاستقصاء والتوثيق، وكل ما يخطر ببال، فهذه المدينة شغلت وتشغل الفلسطينيين كما لم تشغلهم مدينة من قبل، على ان نتوخى الحد الادنى من المحافظة على مقومات العمل او الانتاج المطروق.

هذا الكتاب يبدأ بالشعارات الرنانة والخطابات الملهمة، التي يكثر استعمالها عادة في كليشيهات للتعبئة المعنوية، انظر على سبيل المثال لا الحصر: "... اما هذه المدينة فقد بقيت مكانها تأبى ان تكون الا عربية اسلامية وكان مصير الغزاة إلى مزبلة التاريخ..." صفحة 15.
وفي مكان آخر "... والقدس القديمة شامخة... امام من يحاول سرقة جغرافية وتاريخ المدينة..." صفحة 63.

اعتمد استلهام الرواية المستمدة من التاريخي – الديني. وفي بعض الاحيان اختلط الامر بين هذا وذاك، فقد جاء فيه احيانا، استنادا إلى الرواية الدينية الصرفة كأقوال الانبياء. وفي احيان اخرى استلهاما للموروث التاريخي. وكان هناك مزج بينهما كذلك. انظر صفحة 18، 22، 37، 63.
في بعض ما كان له علاقة بالحقائق او (الرواية) التاريخية لم اجد له تأكيدا. مثلا، "... الامبراطور الروماني تيطس الذي تنصر ووحد الامبراطوريتين زمنه وفرض على اليهود...". صفحة 19. لم اجد ذكرا لامبراطور روماني في تلك الحقبة باسم تيطس!.

القـــــول ونقيضــــــه:

تم التطرق إلى بعض الحقائق ثم لاحقا ايراد ما يناقضها، دون الاشارة إلى تبني أي منهما، مع العلم ان الباحثة جاءت بهذه وتلك كمادة مساندة لتدعيم مضمون وتوجه دراستها.

اذ كيف يستقيم ما جاء صفحة – 20 "... وبعد الفتح الاسلامي لبلاد الشام سمح المسلمون لليهود بالاقامة في القدس، فكان لهم حارة يطلق عليها اسم حارة اليهود، وحافظ المسلمون على حقوقهم كأهل ذمة...". مع ما جاء في العهدة العمرية "... ولا يسكن بايلياء معهم احد من اليهود..." صفحة 19 من الدراسة.
ورد في صفحة 150 "... في مجال السياحة والاثار... مدينتي القدس وبيت لحم، وتحديدا في مدينة القدس العربية المحتلة مدينة الديانات السماوية الثلاث في العالم اجمع...".

من جهة اخرى اعتمدت الدراسة مصدر عارف العارف (المفصل في تاريخ القدس) الذي يرى في علاقة اليهود بالقدس "ادعاء" صفحة 18. وذهبت إلى ان "... المسجد الاقصى لا يزال يتعرض لاعتداءات متكررة ومتواصلة... ضمن المحاولات اليائسة للبحث عن بقايا الهيكل المزعوم..." صفحة 27. اذا كان الهيكل "مزعوما" فان المدينة ليست للديانات الثلاث!

ثم كيف يستقيم مضمون ما جاء صفحة -20 "... غزا نابليون مدن فلسطين وحاول اقتحام عكا التي كانت تتبع اليها مدينة القدس..." مع ما جاء صفحة ـ 24"... استمرت القدس خلال القرون التي تلت معركة حطين... تحتل موقع المركز خلال... والعثمانيين الذين حولوها إلى المدينة الثانية بعد العاصمة اسطانبول..." وفي مكان آخر، صفحة – 117 جاء "... القدس لم يكن لها مركز قانوني يميزها عن المدن الفلسطينية... حيث كانت تشكل جزءا من الامبراطورية العثمانية التي سقطت...".
قد تكون مكانة المدينة اثناء الحكم العثماني قد مرت بمراحل مختلفة، من حيث مركزيتها واسباغ الاهمية على موقعها، على اية حال ان الوضع الذي بموجبه "مدينة القدس تتبع عكا" يشير إلى اهمية عكا في التقسيمات الادارية العثمانية وليس العكس.

كيف يستقيم ما ورد في صفحة 148 "... كما قامت السلطات ببناء الجدار... مما ادى إلى عزل حوالي 15 الف مواطن من حاملي هوية القدس... في كفر عقب ومخيم قلنديا..." مع ورد في صفحة 146 "... سلطات الاحتلال اصدرت مئات الاوامر لمصادرة اراضي فلسطينية لاتمام مشروع الجدار... الامر الذي سيؤدي إلى ضم 50 الف فلسطيني إلى منطقة نفوذ البلدية..." . علما ان الباحثة اكدت مرارا وتكرارا ان المحور الاساسي للسياسة الاسرائيلية، العمل على المحافظة على توازن ديموغرافي وتقليص نسبة الفلسطينيين من سكان المدينة إلى الحد الادنى الممكن.

السيــــاق او التسلســـــل الـتـــــاريخــــي:

يقفز، خاصة في المقدمة التاريخية، من مكان وزمان ومضمون لاخر دون تنويه او اشارة. حيث يؤدي في بعض الاحيان إلى ضياع البوصلة، وعدم فهم المقصود، انظر صفحة – 23،24،118. مثالا ليس حصريا جاء في صفحة 75"... علما ان دراسة خاصة بالقدس صدرت آواخر ايار 2003 عن ... بعنوان... " ثم انتقلت الدراسة إلى مكان آخر. ولم استطع ان افهم ما جاء في الدراسة المذكورة، انظر كذلك صفحة 30، 118.

فــــوضــــى المصطلحــــات

المفردات وما يمكن ان تحتمل من المعاني مسألة غاية في الاهمية، وخاصة في سياق دراسة كهذه تعالج موضوعا شائكا كهذا، فقد جاء في صفحة -64 "... وتجدر الاشارة إلى ان الشعب اليهودي... عمل على مقولة استفاد منها الاسرائيليون ايام الاستعمار، وهي استبدال شعب بشعب وثقافة بثقافة...." . كذلك جاء في صفحة – 73 "... نهجا اعتمده الاسرائيليون منذ انشاء كيانهم... وقد طبقته حكوماتهم المتعاقبة منذ نشوء الدولة العبرية في العام 1948 ... وهذا الصراع في بعده الاسرائيلي...". لكل من المصطلحات الواردة اعلاه (اليهود، الاسرائيليون، الدولة العبرية، البعد الاسرائيلي) مدلولات مغايرة، بما في ذلك سياق تطورها تاريخيا، والواضح ان السياسة الاسرائيلية الرسمية تسعى لترسيخ البلبلة وخلط الاوراق في هذه المسألة بالذات، اذا اخذ الباحثون باعتماد هذه المغالطات او المرور عليها مر الكرام، فما بالك بالقراء العاديين؟ غني عن القول ان في ذلك ما يسهل عملها.

ادهشني استعمال بعض المفردات في توليفة لغوية مثيرة للاهتمام. اذ جاء في صفحة 29 "... وعلى رأس هذه الجمعيات عطيرات كوهنيم التي استولت على عدد من عقارات المواطنين بطرق غير قانونية...". هل هناك طرق "قانونية" للاستيلاء؟

كذلك جاء في صفحة – 88 "... شارون وهو يرأس الان رئاسة وزراء حكومة اسرائيل... ومن اشهر المنازل التي اشتراها باسم الجمعية... وتعمل الجمعية على شراء عشرات المنازل ...". في الحقيقة والواقع شارون هو رئيس الوزراء وليس رئيس رئاسة الوزراء. اذا كانت الجمعية و/او شارون اشترى منازل فهناك من باع منازل، بالتالي هذه عملية بيع وشراء عادية. في هذا السياق ان تسمية من باع بالسماسرة او العملاء لا ينفي كونهم مواطنين فلسطينيين. وعلى الرغم من كل التحفظات من ذلك، لا بد من تسمية الاشياء بأسمائها، خاصة في الدراسات.

فيما يتعلق ببعض المفردات ذات العلاقة بالادبيات السياسية العربية والفلسطينية ادهشني بشكل خاص ما جاء في صفحة 108 "... بدليل ما ما حصل بأملاك اللاجئين الفلسطينيين الذين لاذوا بالفرار بعد عام 1948..." قد يكون هذا "الفرار" صحيحا، ولكنه بشكل جزئي. ثم، ألم تقع في تلك الحرب إلى جانب "مأساة الفرار" الكثير من المذابح بهدف الترويع والتهجير؟ الم تشمل كذلك الكثير من عمليات الطرد القسري؟

ورد في صفحة 147 "... خلال عمليات البناء (للجدار)... واجهت الأسر الفلسطينية بموجب الاوامر العسكرية... قرارا غاية في الظلم... فوجدت نفسها خارج حدود الجدار..." لقد بدأ الذهن العربي والفلسطيني يتعافى، على الاقل مؤخرا، من مفهوم الظلم في سياق حالة الصراع الاسرائيلي – العربي/ الفلسطيني. اذ لا مكان لمفردات كالظلم بين طرفي صراع او نزاع.

اخطــــاء لغــــويـــــة:

في صفحة 118 "... طالبت مجلس الوصايا البحث..." هل المقصود مجلس الوصاية (لعصبة الأمم) الذي انتدب بريطانيا على فلسطين؟

مــــا اهملتـــــه الـــدراســــة:

التطرق في سباق الاستيطان إلى "خطة الون" بفقرة عابرة صفحة 137 مع ان هذه الخطة كانت وما زالت من "الأمهات" في الفكر والممارسة الاستيطانية الاسرائيلية للمناطق المحتلة عام 1967.
كذلك الاسماء للمستوطنات، انظر على سبيل المثال لا الحصر صفحة 132، 136. هذه مسألة ذات اهمية كبيرة، كان من المستحسن التوقف عندها، ذلك ان هذا هو "مربط الفرس". فاذا انساق الباحثون والدارسون وراء التسميات الاسرائيلية فما بالك بالعامة! ناهيك عن ان هذا الترويض للأذن العربية الفلسطينية موضوع على جدول اعمال "التنشئة" التي تعمل عليها وتصبو اليها سلطات الاحتلال. لهذه المواقع اسماء يستحسن ان ندعوها بها، على الاقل، اسهاما منا بالمحافظة عليها. من باب اضعف الايمان.

كلمــــة لا بـــــد منهـــــا:


عموما لست من المتمسكين بالاطر او قولبة الصياغة إلى حد التزمت في ذلك. بل لا ارى غضاضة او انتقاصا اذا ما قرر المؤلف/ة ان يضفي على نتاجه، ان كان بحثا استقرائيا او تقريرا، او نتاجا ادبيا خالصا ما يراه مناسبا، على ان يشير إلى ذلك، بل وارى ان كل ابداع يحتم كسر الاطر والقوالب، لكن ليس كل كسر للأطر والقوالب هو في حكم الابداع.

لا يفوتني ان اسجل الجهد الكبير الذي بذلته الباحثة في تجميع المعلومات والمعطيات، بالاخص المقابلات مع ذوي الاختصاص، قسط لا بأس به من المعلومات الواردة في الدراسة لم يحظ بالعناية الكافية، ولم تتناوله الباحثة بالمعالجة والتحليل. وهذه من الغزارة بمكان بحيث تستدعي اجراء دراسات اضافية. ويمكنها ان تشكل مواد اسنادية/ اساسية للعديد من المواضيع التي لم تتطرق اليها الباحثة.

كل ما جاء اعلاه في كفة، وجاء من باب، اني لا اقبل للاقلام النسائية عن الامتياز بديلا، وفي الكفة الاخرى اريد ان أسجل احتفائي بهذه الباحثة التي اقدمت على موضوع شائك كهذا.

الحضور: جميل السلحوت، عزام ابو السعود، عبد القادر الحسين، اسعد داود، محمد موسى، خليل سموم، ماجدة البطش، ديمة السمان، كاميليا بدر، ابراهيم جوهر، احمد ابو سلعوم، نبيل الجولاني، محمد السلحوت، ايمان مصاروة، سامي الجندي، وليد سالم.

صحيفة منبر دنيا الوطن