اعزائي سلامي بعبق تحياتي:
تصميم الاستبيان
خلال إجراء المسح الإحصائي، من الواضح أن التدريب والخبرة الخاصة مطلوبان لاستخراج العينة، أو لإنشاء أي برامج ضرورية للكمبيوتر. لكن ماذا عن كتابة الأسئلة لاستبيان المسح الإحصائي؟ فلطالما طرحنا الأسئلة وتلقينا الأجوبة من هؤلاء المحيطين بنا طوال حياتنا. وألم يسبق لنا أن كنا "خبراء في طرح الأسئلة"؟ ربما. ربما لا!
أين نبدأ
إن مكان البدء بتصميم الاستبيان هو في أهداف جمعك للبيانات، أي ما هي المعلومات التي تحتاج إليها وممن؟ وما إن يتم تحديد هذه الأهداف بوضوح، تكون الخطوة الأولى إتخاذ القرار حول ماهية المعلومات المحددة المطلوبة لتلبية هذه الأهداف.
يقوم فعلاً العديد من مصممي الاستبيانات ذوي الخبرة الواسعة بوضع خطة بالتقرير النهائي تفصل كيف سيعالجون المشاكل الأساسية في تحليل البيانات، مما يحدد بالضبط أي معلومات ستكون مطلوبة وتؤدي إلى بناء "خطة تحليل البيانات" التي تربط كل هدف لجمع البيانات بكل من الأسئلة المحددة وكيف يجب طرحها. على سبيل المثال، ابحث في الإجابة على استقصاء، مثل كيف يختلف الأشخاص من حيث عادات تناولهم الطعام؟
تصور استبياناً يلتقط:
• المواقف من التفضيلات الغذائية والاختيارات المتحملة من الأغذية في ظروف مختلفة
• التقارير الذاتية لكميات وتكرار ونوع الأغذية التي يتم تناولها
• معلومات عن السن والدخل والجنس للتمييز بين مختلف المجموعات
قد يكون من المستحسن أيضاً وضع سؤال يستعمل فيه الأشخاص عباراتهم الخاصة لوصف عادات تناولهم للطعام. وقد يكشف هذا الأسلوب في بعض الأحيان عما إذا تم فهم الأسئلة الأخرى حقاً.
وقد تكون خطة تحليل البيانات غير رسمية، أي عبارة عن جدول أو رسم بياني يجمع كل شيء على مستوى مرتفع. وبصرف النظر عن مدى طبيعته الرسمية، يجب تحديد كل هدف واسع بوضوح وربطه بكل من الأسئلة المحددة للاستبيان بينما يتم وضعها.
وقد يبدو استعمال خطة التحليل في هذه المرحلة الباكرة مسرفاً، إلا أنه من أسهل الوسائل، إذا تم الحفاظ على تحديثه، لضمان احتواء الاستبيان على كل شيء مطلوب ولا شيء غير متناسب.
وكلما كان الاستقصاء أكبر وأكثر تعقيداً، كلما إزداد التركيز على خطة تحليل، وإلا فسيصبح من المستحيل تقريباً تذكر كافة التفاصيل خلال عمليات التنقيح المتواصلة التي يخضع لها الاستبيان. فلا أحد يريد أن يصل إلى نهاية مشروع مسح إحصائي بقيمة 50 ألف دولار أمريكي (أو 500 ألف دولار أمريكي) ليكتشف أن بيانات متغيرة هامة كانت مفقودة أو جمعت بطريقة غير صحيحة.
إطار الأسئلة
بينما يدنو فريق المسح الإحصائي من مرحلة بناء أسئلة محددة، عليه إتخاذ القرار حول ما إذا سيجرى الاستبيان ذاتياً أو عن طريق مجري للمقابلات. وعلى الفريق أيضاً أن يتخذ قراراً حول كيفية تسليم الاستبيان، أي بالبريد العادي أو البريد الالكتروني أو الفاكس أو الهاتف أو شخصياً. وبما أن وسيلة جمع البيانات تحدد كيفية بناء الأسئلة وخيارات الأجوبة، يجب إتخاذ هذا القرار في المرحلة الباكرة من عملية التصميم.
وفي حالات كثيرة، ستخضع وسيلة جمع البيانات للقيود المالية أو غيرها من قيود الموارد. وبالرغم من ذلك، يجب معاينة بعض الاعتبارات مثل إجمالي طول الاستبيان، ودرجة تعقيد الأسئلة، وحساسية الأسئلة لتحديد وسيلة جمع البيانات. على سبيل المثال، قد لا تعمل الاستبيانات الطويلة جيداً على الهاتف، وقد تتطلب الأسئلة المعقدة من مجري المقابلة التأكد من فهمها، وقد يكون من الأفضل أن تطرح الأسئلة الحساسة لتتم الإجابة عليها ذاتياً.
وبعد تحديد وسيلة جمع البيانات، ولكن قبل تمكن المصمم من صياغة السؤال الأول، على فريق جمع البيانات "التنظيم على شكل عمليات" لكافة البيانات المتغيرة. على سبيل المثال، عطفاً على مثالنا السابق، علينا أن نحدد ما نعنيه بعبارة "عادة تناول الطعام" والسلوكيات التي ستحددها.
وقد نختار تعريف عادة تناول الطعام بأي من الآتي:
• الطعام والشرب المستهلكان فعلياً في غضون الـ24 ساعة الماضية، سواء كانت اعتيادية أم لا
• المواد الغذائية المستهلكة أكثر تكراراً خلال مدة زمنية معينة، مثل الشهر الماضي
• الطعام والمشروبات المفضلة عندما يستطيع الشخص الاختيار
• الأنماط النموذجية للاستهلاك، حتى لو لم تكن هذه الأنماط قائمة حالياً.
وعلينا أن نقرر أيضاً إذا يجب أن تعكس المعلومات أنماط استهلاك الطعام والمشروب لمجيب فردي أو نريد أن يجيب المجيب عن كامل الأسرة المنزلية. ويجب أن تأخذ هذه القرارات بالاعتبار ما يجب شمله في التقرير النهائي. والمهمة الأساسية هي نقل المعلومات نفسها لجميع المجيبين حول المطلوب. ويمكن إعداد الأسئلة بحيث يتم الحصول على أجوبة غير محددة أو محددة.
على سبيل المثال:
"كم كوب من القهوة شربت أمس؟"
الجواب غير المحدد (حدد العدد)
______ (سجل الجواب )
الجواب المحدد (ضع دائرة حول جواب واحد)
ولا مرة 1 2 3 4 5 6 أو أكثر
يجب أن تستنفد اختيارات الجواب المحدد كامل سلسلة الأجوبة. ويجب أن تكون هذه الاختيارات متبادلة الحصرية كي لا يمكن وضع جواب واحد في أكثر من فئة واحدة. ويجب أيضاً أن تكون الاختلافات بين اختيارات الجواب واضحة، ليتبين المجيبون أنه من السهل اختيار الإجابة التي تمثل جوابهم بأفضل درجة.
باختصار، يجب بناء الأسئلة واختيارات الإجابة بحيث يتوصل المجيبون إلى إعطاء الأجوبة التي تلبي الاحتياجات التحليلية للاستقصاء.
البنية الجيدة للأسئلة
لتصميم سؤال جيد، من الهام جداً أن تكون كافة المفاهيم واضحة ومعبر عنها بسهولة. وعلى المصمم أن يفكر في كيف ستتم معالجة الجواب وإعداده للتحليل.
في حال وجود مصطلحات ذات معاني معينة أو فنية على الجميع استعمالها، فيجب شمل هذه التعاريف في الاستبيان وإصدار التوجيهات المتعلقة بها للمجيبين. ومن الأساسي تزويد المجيبين بالأدوات اللازمة لترجمة تجاربهم المتنوعة بدقة إلى مجموعة مشتركة ومعنية من خيارات الإجابة.
ومن النقاط الأولى التي يجب التفكير بها (وتلك التي ستنبثق بسرعة في حال استعمال خطة تحليل) ما إذا تم شمل سؤال معين أساساً لإجراء مقارنات مع مرور الزمن أو مقارنات بين كافة المجموعات. ويصبح تماسك الأسئلة أساسياً. على سبيل المثال، في حال وجوب مقارنة بيانات جديدة بنسخ سابقة من الاستبيان نفسه أو بدراسات سابقة جمعت بعض المعلومات نفسها.
وغالباً ما يكون من الأسهل ضمان التماسك من خلال التكرار الحرفي للسؤال السابق. وقد تنشأ معضلة إذا بدا أنه وقعت أخطاء في السؤال السابق (عند إعادة اختباره، كما يجب أن يكون في الإطار الجديد). وربما عدلت التغييرات الاجتماعية التي طرأت منذ المسح الإحصائي السابق معنى المصطلحات أو تردد السلوكيات. ابحث في السؤال التالي:
"كم مرة تقريباً تكلمت مع شخص على الهاتف اليوم؟"
كيف يجب تغيير تسلسل خيارات الإجابة لو أن الهدف هو مقارنة جواب عامل مكتب في العشرينات من القرن العشرين بما قد يقوله عامل مكتب الآن؟ ففي العشرينات من القرن العشرين، ربما كانت خيارات الإجابة:
ولا مرة 1 2 3 4 5+
تبدو هذه الخيارات غير معقولة في عالم المؤسسات الحالي. فقد تكون خيارات الإجابة اليوم:
ولا مرة 1-5 6-10 11-15 16-20 21+
ولإجراء مقارنة مع مرور الزمن، من الأفضل أن تكون خيارات الإجابة:
ولا مرة 1-4 5-8 9-12 13-16 17-20 21+
فبهذه الطريقة، وبفئة إضافية، سيوجد تباين أفضل بين عالم المكاتب اليوم وذلك في العشرينات من القرن العشرين. والعامل الآخر الذي يجب اعتباره هو أن سلسلة فئات الإجابة تؤثر على كيف يرى الأشخاص السؤال. ويجب إجراء الاختبار التمهيدي لتبين إذا يحدث ذلك.
التعبير عن الدقة المطلوبة
عندما يتم إعداد سؤال، وخصوصاً ذلك الذي يطلب معلومات عن درجة تكرار تصرف، من الهام أن يتفق الباحثون مسبقاً على مستوى الدقة المطلوبة من المجيب.
إذا طلب من المجيبين تقدير درجة تكرار تصرفهم، قد تستهل الأسئلة بعبارات مثل "كم مرة تقريباً؟" أو "حوالي كم مرة؟"
وقد يكون من الضروري الطلب من المجيبين تعداد درجة التكرار الدقيقة لتكرار الأحداث ضمن مدة محددة من الزمن، وإلا طلب منهم أن يكون بأدق درجة ممكنة. وقد تطلب منهم الاستعانة بسجلاتهم (افتراضاً أنها في متناول اليد ولا تؤخر عملية جمع البيانات تأخيراً زائداً أو تثير إمكانية توقيف المقابلة قبل إتمامها).
في حال عدم التعبير بوضوح عن متطلبات الدقة لجميع المجيبين، قد يختار شخص التقدير ضمن مجالات واسعة جداً وقد يبذل آخر جهداً للتعداد الدقيق للمراحل أو التصرفات. وقد تكون النتيجة إجابة هؤلاء المجيبين على أسئلة مختلفة وعدم إمكانية المقارنة بين بياناتهم. تذكر أن المجيبين لا يقرأون الأفكار؛ أي لا يمكن التوقع منهم أن يتحزروا ما يرغبه الباحث أو مصمم الاستبيان.
لا تحمل مفاهيم عديدة طلبنا من الأشخاص نقلها في المسح الإحصائي، تعاريف متفق عليها عالمياً. والعجيب هو أنه لا يوجد إلا إجماع اجتماعي قليل حول تعاريف بعض المصطلحات اليومية الشائعة. فالكلمات البسيطة مثل الوظيفة أو العمل أو الدخل قد تحمل تباينات كثيرة ومعانِ مختلفة بالنسبة لمختلف الأشخاص.
هناك أمور كثيرة قد تجعل من سؤال صعب الإجابة ويجب تجنبها. مثلاً،
• الأسئلة التي ترهق ذاكرة المجيب،
• الأسئلة التي تطلب تفاصيل ربما لم تحفظ أبداً في الذاكرة.
وسرعان ما سيكشف الاختبار التمهيدي لهذه الأسئلة عن هذه المشكلة. وأيضاً، فإن الأسئلة التي تطلب معلومات حساسة أو توقع صاحبها في ورطة (مثل التعاطي غير المشروع للمخدرات او الخش في الضرائب) هي تلك التي قد لا يريد المجيبون الإجابة عليها. وبالنسبة لأكثر أنواع المعلومات حساسية، قد تدعو الحاجة إلى إجراء الاستبيانات ذاتياً مع الضمان التام لإبقاء هوية المجيب مجهولة.
يجب توخي حذر إضافي عند إعداد أسئلة جديدة، إذ يتطلب ذلك جهداً تمهيدياً طائلاً. ويخصص مصممو الاستبيانات مدة طائلة من الزمن لذلك.
الاستبيانات إجمالاً
من المرجح أن يتعاون المجيبون أكثر إذا كانت الأسئلة بسيطة وواضحة وسهلة الإجابة وتعنيهم شخصياً. ويوصى بكتابة الاستبيانات بمستوى قراءة الصف الخامس.
عندما تعتقد أنك إنتهيت من الأسئلة الفردية، استرح وأنظر إلى الاستبيان إجمالاً. وتذكر أن الاستبيان مجموعة كاملة ويجب اعتباره هكذا.
• يحتاج إلى مقدمة قوية تنقل للمجيب موضع المسح الإحصائي.
• يجب أن يشير إلى سبب طرح الأسئلة.
• يحتاج إلى أسئلة مثيرة للاهتمام وسهلة الإجابة في البداية لاكتساب إنتباه المجيب وإقامة الرابطة.
• يجب أن يكون الختام محترماً وودياً، ويعبر عن الشكر على وقت المجيب وجهده.
يجب أن تكون الأسئلة متسلسلة جيداً من الواحد إلى الآخر، وعلى المصممين أن يكونوا على إدراك أن الأسئلة الأولى تعطي المعلومات والإطار للمجيبين لاستعمالها في أجوبة لاحقة. فغالباً ما قد يؤثر الجواب على سؤال معين على جواب على سؤال لاحق. مثلاً، افترض أنه طرح على المجيبين أولاً "ما شعورك حول وظيفتك؟" ولاحقاً "ما شعورك حول الحياة بشكل عام؟"
قد تتأثر الأجوبة على السؤال الثاني بالسؤال الأول. وبما أن المجيبين سبق أن عبروا عن مشاعرهم حول وظيفتهم، فقد يكون شمل هذه المشاعر في الجواب الثاني مكرراً. ومن ناحية أخرى، إذا كانت وظيفتهم هامة جداً بالنسبة لهم (أو بارزة لسبب آخر)، فقد يستعمل الجواب على السؤال الأول عند إعداد السؤال الثاني. يصعب توقع ما يدعى بـ"آثار الترتيب" وغالباً ما لا تصبح بارزة إلا عن طريق الاختبارات الميدانية للاستبيان حيث تتم مقارنة ترتيبات مختلفة للأسئلة.
مبدأ KISS – حافظ على البساطة، أيها الإحصائي
إن الأمور الثلاثة الأهم التي على أي مصمم للاستبيان أن يتذكرها هي البساطة والبساطة والبساطة. فالأفكار يجب نقلها بوضوح ويجب أن تكون الأسئلة سهلة الفهم. ويجب ألا يوجد أي تحزير عندما يريد المجيب فهم بالضبط ما المعلومات المطلوبة.
لا تتعلق أكثرية الاستبيانات بقضايا تافهة. والتحدي الأكبر الذي يواجهه مصمم الاستبيان هو تناول مواضيع هامة وترجمتها إلى مفاهيم بسيطة وسلوكيات بسيطة وعبارات بسيطة. ويجب ألا يعرقل أسلوب الاستبيان سبيل المجيبين في تقديم معلوماتهم؛ وإلا فقد تكون النتيجة بيانات غير كاملة أو مضللة، أو حالات رفض البنود، أو أثر إرهاق المجيب، أو حتى رفض المجيب استكمال الاستبيان.
من المستحسن تجربة الأسئلة على مختلف الأشخاص، حتى بينما تتطور الأسئلة. وخلال مراحل مختلفة من تطوير الاستبيان، يجب اختبار كامل الاستبيان للتعرف على مواضع الضعف والصعوبات المحتملة.
فكر بأي نوع من المجيبين قد يواجه أكثر المشاكل في الإجابة على الأسئلة، وتعمد البحث عن هؤلاء المجيبين لإجراء الاختبارات التمهيدية. والوسيلة الجيدة الأخرى للتعرف على الصعوبات هي أن يتولى مصممو الاستبيان دور المجيبين ويجيبون على الأسئلة بأنفسهم. والمثير للدهشة هو المعلومات التي قد يتم اكتسابها من قلب الأدوار بهذه الطريقة. وعلى مصمم الاستبيان فهم الحاجة إلى الاختبار التمهيدي، ثم الاختبار التمهيدي، ثم المزيد من الاختبار التمهيدي.
(اقتباس)
هيثم
عمان/الاردن
qucina*************