«إن الأحزاب السياسية المصرية في حوارها أو في معاركها بشأن قضية الإصلاح السياسي لا تتبع نهجاً علمياً في طريقة عرض أفكارها جماهيرياً، بحيث بدأت أطروحاتها وكأنها جدل بين نخب سياسية، مع الافتقار إلى التوجه المباشر إلى المواطن المصري باعتباره المستهلك الأساسي في السوق السياسية المصرية».



هذا ما يشير إليه الدكتور راسم الجمال أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة والدكتور خيرت عيّاد مدرس الإعلام بالجامعة نفسها في دراستهما العلمية الأولى من نوعها التي تتناول مفهوم الإصلاح السياسي في مصر وكيفية تنفيذه؛ والتي صدرت مؤخراً في كتاب عن الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة تحت عنوان «التسويق السياسي والإعلام: الإصلاح السياسي في مصر».

والموضوع الذي يتناوله الباحثان في كتابهما مهم للغاية، بل إنه بات حديث الساعة على مختلف الأصعدة: المحلية والقومية والعالمية، ومن ثم فإن الكتاب يمثل إضافة علمية مؤثرة تُحتسب للمكتبة الإعلامية وإصداراتها، ويعد مرجعاً مثمراً للقائمين على تسويق الأفكار وتخطيط الحملات السياسية وتنفيذها. وقد أدت حداثة مصطلح «التسويق السياسي» إلى إحاطته بالعديد من المفاهيم الشائكة والمثيرة للجدل في الأوساط العربية.

يتضمن الكتاب خمسة فصول، تتناول أربعة منها صورة تفصيلية شارحة لمفهوم التسويق السياسي وأدواته ووسائله وأساليب تخطيطه وتنفيذه، ثم يأتي الفصل الخامس تتويجاً لخلاصة الجهد الكبير للمؤلفين، إذ يدور حول ما يسمى «دراسة الحالة»، متناولاً قضية الإصلاح السياسي في مصر؛ باعتبارها من أهم القضايا التي تشغل بال كل مصري، وأمسها حاجة إلى التوضيح والتفسير والفهم. من بين ما توصل إليه الباحثان في كتابهما أن الرموز التي طرحها الخطاب الصحفي المصري في وصف معاناة الشعب المصري ومشكلاته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها تتطلب ضرورة الإصلاح السياسي، وقد أكد هذا الخطاب الصحفي أن الإصلاح السياسي متطلب سابق على أوجه الإصلاح الأخرى، من أجل رفع المعاناة عن الشعب، وقد اتضح أن أسلوب تقديم قضية الإصلاح السياسي في الخطاب الصحفي المصري يتفق مع أيديولوجية مسوّقي هذه القضية. ويشير الباحثان إلى أن مفاهيم التسويق السياسي وتطبيقاته ما زالت شبه منعدمة في مصر، والدول العربية عموماً، مع أن الاهتمام بالتسويق السياسي قد بدأ كمجال معرفي في التسويق منذ ثمانينيات القرن الماضي مع تطور مفهوم التسويق الاجتماعي؛ الذي يركز على تسويق الأفكار والقضايا الاجتماعية، ويعتبر أن تلك الأفكار والقضايا تمثل منهجاً اجتماعياً في عملية التسويق التي تتطلب تصميماً خاصاً بها واستراتيجيات تميزها عن تلك المتبعة في الجانب التجاري.
http://www.alriyadh.com/2005/07/11/article80201.html