المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وائل غنيم أحد أسباب إشعال المظاهرات في مصر.. تنبأ قبل عام أن الإنترنت سيغير مصر



minshawi
02-12-11, 12:37 PM
بل نحو عام، قال لأصدقائه على موقع «فيس بوك» إن الإنترنت سيقود التغيير السياسي في مصر. لكن المقربين إليه الذين لم يتوقعوا أن تصدق هذه النبوءة، فوجئوا أن الإنترنت كان بالفعل أحد أسباب ثورة «25 يناير» التي تفجرت في مصر، مطالبة برحيل النظام السياسي الحاكم، وبدء صفحة جديدة لحياة كريمة وحرة، تحقق أحلام الشباب والفقراء والبسطاء الذين يشكلون الشيح الأعظم من بنية المجتمع.

وائل غنيم، الشاب المصري صاحب هذه النبوءة، يعرف في عمله بالمهارة الفائقة، وأنه صاحب فراسة وحيوية وقدرة على القيادة. عرفته بداية عام 2005، عندما تقدمت للعمل في أحد مواقع الأخبار، وكان وائل مسؤولا عنه. كان مصرّا في بداية تأسيسه للموقع الإخباري «مباشر» على الاستعانة بالشباب الصغار. وعلى الرغم من أنه كان مطالبا بمنافسة الكثير من المواقع الإخبارية الأخرى، وكانت لديه ميزانية تمكنه من الاستعانة بمن لديهم خبرة كافية في مجال العمل، وتجنبه مخاطرة الاستعانة بشباب لم تتوافر لديه بعد أية خبرة في مجال العمل، أصر على توظيفهم. كان مطلبه الوحيد «شباب لديه العزيمة والقدرة على استيعاب متطلبات العمل، وأن يكون لديه طموح، وحلم بغد أفضل».
كان أسلوب وائل مختلفا عن الجميع على الرغم من صغر سنة. يتعامل مع المشكلات بسرعة، وبهدوء لا يغضب منه أحدا، واجتهاده كان مسار إعجاب الكل في العمل. أحيانا كان يثير هذا الأسلوب حماسة وغيرة الشباب الذين يعملون تحت قيادته. فقد كانوا في نفس سنه تقريبا، ولكن لم يكن لديهم نفس خبرته التي اكتسبها من العمل أثناء دراسته بكلية الهندسة، جامعة القاهرة.
في عام 1998، أطلق وائل أول مواقعه العربية مع بداية استخدامه للإنترنت، ثم عمل من 2002 إلى 2005 في شركة «جواب» لخدمات البريد الإلكتروني، التي وصل عدد مشتركيها لأكثر من خمسة ملايين مشترك بالعالم العربي، كما عمل كمستشار في الكثير من المشاريع، مثل مشروع تطوير بوابة الحكومة الإلكترونية بمصر، ومشروع تطوير موقع «سندباد» التجاري.
كانت بداية عملنا معه صعبة، ولكن كان تحفيزه لنا يجعلنا نعمل لمدد قد تصل إلى أكثر من 12 ساعة تقريبا. وعلى الرغم من وجوده معنا طوال تلك الفترة كانت لديه أعباء إضافية. فكان كثير الأسفار، لأنه كان مسؤولا عن تسويق منتجات الموقع الإلكتروني الذي أسسه. وكان في الوقت نفسه يدرس ماجستير إدارة الأعمال بالجامعة الأميركية، ليصبح بالنسبة لموظفيه مثالا يحتذي به الجميع، سواء في الخلق أو السلوك.
أسلوب وائل في إدارة العمل مختلفة، فعلى الرغم من حبة الشديد للعمل، كانت لديه وسيلة للترفيه عن الموظفين. فكان يخصص حجرة كاملة للألعاب الإلكترونية، وكان يشاركنا دائما اللعب، حتى تحولت علاقتنا به إلى صداقة وألفة، وليس مجرد علاقة مدير نمطية بموظفيه.
لم تقتصر رغبة الشاب الذي كان يتوقع الجميع له مستقبلا باهرا، في جعل المكان الذي يعمل فيه الأفضل، ولكنه اهتم بتحسين مستوى الموظفين، فكان يصر على تخصيص جزء من ميزانية الشركة التي عمل بها قبل عام 2008 لدعم مستوى الموظفين، من خلال الكثير من الدورات التدريبية التي كانت تقدم مجانا للموظفين.
وكان وائل يحرص دائما على معرفة رأي الآخرين في عمله، وهذا ما أكسبه حزمة متنوعة من العلاقات الكثيرة بشخصيات ورجال أعمال من كل أنحاء العالم. كما كان ينقل إلينا باستمرار خبرات الآخرين، وآخر ما توصلت إليهم معارفهم، سواء كانوا مصريين، أو أجانب، ونجح في تسويق محتويات الموقع «مباشر» الذي أسسه حتى أصبح يستعين به عدد من المؤسسات المالية العربية والأجنبية.
رغبة القيادة عند وائل، التي كانت تكسو ملامحه دوما، وتترجم بحيوية وأناقة في تصرفاته وإدارته للعمل، كانت محل احترام الجميع، فكان مشهودا له بالذكاء، والقدرة على اتخاذ القرارات حتى في أصعب الأوقات، لذلك كان «الفشل» كلمة مستبعدة من مفردات وائل، فلم يعترف به أبدا، وكان دائما يبذل مجهودا مع موظفيه حتى يصل بهم إلى المستوى المطلوب في العمل، فلم يقم وائل خلال فترة عملنا معه بالاستغناء عن أي موظف، وكان دائما يجمع الموظفين كل فترة، ويقدم لهم خبراته، ويعرض عليهم الأخطاء، وأساليب تصويبها وحلها بسلاسة ورؤية ومنهج، ولم نعرف مدى تمسك إدارة شركة «مباشر» بوائل إلا بعد أن قرر الرحيل، فأخذوا يقنعونه بالاستمرار في العمل، لكنه رفض، فطالبوه بالاستمرار معهم كمستشار.
وانضم وائل غنيم إلى شركة «غوغل» في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2008 كمدير للتسويق في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمنتجات «Google» الخاصة بالمستخدمين (كمحرك البحث «جي ‌ميل»، أي «غوغل»، ومتصفح «غوغل كروم»، و«يوتيوب»، و«نول»). كما أشرف على تعريب وتطوير المنتجات التي تفيد المستخدم العربي، وذلك من خلال العمل ضمن فريق المهندسين المسؤولين عن هذه البرامج.
وبعد تفرق المجموعة الأولى التي أسست موقع الأخبار الذي أصبح يعتمد عليه الجميع في الحصول على المعلومات الاقتصادية الخاصة بالبلاد العربية، وبعد ذهابه إلى شركة «غوغل» في عام 2008، كانت السبيل الوحيدة للتواصل بيننا هو موقع الـ«فيس بوك»، ولم يظهر من تعليقاته أي توجهات سياسية، سوى سخطه على الأمور التي تمر بها البلاد، فكان مهتما جدا بنشر مقالات الكتاب، وبعض الأخبار المحلية على صفحته بالـ«فيس بوك». وعلى الرغم من كل تلك الأمور فلم يكن يتوقع أحد أنه سيكون أحد قادة التغيير في مصر. بيد أن ملامح هذا التغيير، بدأت تتناسل بقوة عقب يوم 25 يناير (كانون الثاني) مباشرة حين علق وائل على صفحته بالـ«فيس بوك» مخاطبا أصدقاءه بنبرة مشربة بالفرح: «قلت لكم منذ عام إن الإنترنت سيقود التغيير السياسي في مصر».
لكن بعد يومين، وتحديدا يوم الجمعة 28 يناير ، وبعد اجتياح مظاهرات الغضب البلاد، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب لم يستطع أحد من أصدقائه التواصل معه، حيث اعتقلته السلطات في ذلك اليوم وظل تعليقه النبوءة تميمة لثورة الشباب، حتى بعد الإفراج عنه بعد 12 يوما من الاعتقال في سجن جهاز أمن الدولة. ووصف وائل أيام اعتقاله هذه على صفحته بالـ«فيس بوك» الذي قال فيها: «عندما لا ترى شيئا إلا سودا خلال 12 يوما فإنك تظل تصلي لكي لا ينساك الآخرون، شكرا لكل شخص دعمني خلال تلك الأيام التي لن أنساها».
وما بين عشية اعتقاله، وصباح الثلاثاء الماضي، بعدما أفرج عنه، تحول وائل غنيم إلى بطل قومي وتراجيدي من الطراز الرفيع. فقد أبكى جموع المصريين المؤيدين والمعارضين، بعدما فوجئوا به يبكي بحرقة في حوار على شاشة قناة «دريم» على رفاقه الذين سقطوا شهداء في المظاهرات، التي لم يشارك فيها شخصيا إلا لمدة ثلاثة أيام قبل القبض عليه. ومع غزارة دموعه التي كانت بمثابة مرئية موجعة لأرواح الضحايا الشهداء، اعتذر وائل عن عدم مواصلة الحوار وانصرف، بينما لم تكف عيون المصريين عن البكاء.
في ميدان التحرير، بقلب العاصمة القاهرة الذي بات يعرف بـ«ميدان الثورة » و«ميدان الشهداء» تدافع آلاف المتظاهرين لتحية وائل بمجرد علمهم بوجوده في الميدان. لكنه رد التحية عليهم قائلا «لست بطلا أنتم الأبطال». في غمرة التهاني والقبل التي أخذت تنهال عليه: «لازم نفضل مصرين على مطالبنا، علشان خاطر شهدائنا» وردت حشود المحتجين وراءه «لازم نفضل مصرين على مطالبنا».
وفي حواره التراجيدي بالتلفزيون، قال وائل ببراءة طفل، بينما علامات التعب تلف جسده النحيل، وعينيه المكدودتين من برودة معتقل أمن الدولة «والله العظيم اللي بيحصل ده مش غلطتنا دي غلطة كل واحد متبت (متشبث) في الكرسي ومش عايز يسيبه (يتركه)». ولم يخجل وائل أن يكشف للمصريين عن أنه متزوج من أميركية مسلمة رزق منها بطفلين، الأولى إسراء، ابنته الكبرى، وآدم، الابن الأصغر. كما كشف عن عدم تحمسه في التقدم للحصول على الجنسية الأميركية، رغم استحقاقه لذلك بحسب القانون الأميركي.
وحكى وائل عن لقائه باللواء محمود وجدي، وزير الداخلية الجديد، قبيل الإفراج عنه، لافتا إلى أنه تحدث معه حول مشكلتين أساسيتين. الأولى: أنه لا يوجد حوار بين الشباب والنظام في مصر، والثانية: انعدام الثقة بين الطرفين، إضافة إلى التضليل الذي يمارسه الإعلام المصري. وقال بثقة: «نحن أصحاب حق، وأنا لست بطلا أو رمزا أو فارسا، أنا بطل (كي بورد) أو لوحة مفاتيح الكومبيوتر.. ولست خائنا، أو مدفوعا من قبل أحد.. شباب ميدان التحرير هم من يستحقون البطولة.. لأنهم من قبلوا التضحية في الوقت الذي كان لا يمتلك فيها حريته عندما اختطفه أمن الدولة ليلة الشرارة الأولى للمظاهرات».
كما حرص وائل على نقل حواره مع الدكتور حسام بدراوي، الأمين العام الجديد للحزب الوطني الحاكم، الذي اصطحب وائل من مباحث أمن الدولة في عربته وتوصيله إلى منزله، قال وائل: «أنا أحترم وأقدر الدكتور حسام كشخص، لكنني قلت له: أنا لا أريد أن أرى شعارا واحدا للحزب الوطني في أي شارع من شوارع مصر». كما بدد وائل - قبل أن ينجرف في البكاء المرير على أصدقائه الشهداء في المظاهرات - الكثير من الغيوم والشائعات التي أطلقها مغرضون حول ثورة الشباب، خاصة موقف جماعة «الإخوان المسلمين» وقال «إن جماعة الإخوان المسلمين لم يكن لديهم أي علاقة بالدعوة إلى هذه المظاهرة في الأيام الأولى ولم يشاركوا فيها».
وبمجرد انتهاء حوار وائل التلفزيوني حتى أبدى الآلاف من شباب المتظاهرين من حركة «25 يناير» وناشطي الـ«فيس بوك» تأييدهم لتفويضه متحدثا باسمهم، مؤكدين أنه مع غيره من الشباب الموجودين في التحرير هم الأحق بتمثيلهم وليست الأحزاب السياسية ولجان الحكماء وغيرهم من الشخصيات التي تسعى لجني مكاسب ثورتهم دون أي مجهود. كما دشن ناشطون صفحة خاصة له على موقع الـ«فيس بوك» تحت اسم «أفوض وائل غنيم للتحدث باسم ثوار مصر»، انضم إليها مئات الآلاف من الشباب وغيرهم. وقال عدد من شباب المتظاهرين «إن وائل أحق شخص يكون متحدثا عنا، لقد أبكى مصر كلها وأحيا بحديثه ثورة الغضب مرة أخرى، بعد أن اعتقد الكثيرون أنها في طريقها للخمود».
في مرآة التحليل النفسي وعلم تقييم الشخصية: «يتمتع وائل بشخصية قيادية تمكنه من الوجود في مناصب مهمة، يستطيع خلالها نشر مفاهيمه على مستوى أوسع، كما أنه ذو شخصية قوية ومتماسكة، وقد بدا ذلك في تماسكه أثناء حواره على شاشات التلفزيون وأمام حشود من المتظاهرين في ميدان التحرير، بعد خروجه من المعتقل، رغم قسوة وصعوبة ما تعرض له».. هذا ما يمكنك أن تلمسه في شخصية وائل غنيم، بحسب تحليل الدكتور محمد المهدي، استشاري الطب النفسي، الذي يوضح أيضا أن لدى وائل عددا من الصفات جعلته يؤثر في الشباب من حوله، وجعلتهم يختارونه رمزا للتغيير ومتحدثا باسمهم عن مطالبهم من النظام المصري.
يتابع الدكتور مهدي: «فهذا الشاب الثلاثيني يمتلك مقومات إيجابية نحو الذات، وقدرا كبيرا من الاعتزاز والثقة بالنفس، كما يتمتع بشعور إيجابي نحو ذاته، وهو ما اتضح مع ما ذكره أنه جلس مع وزير الداخلية وتعليقه على تلك المقابلة يؤكد أننا أمام شخص قوي يكلم شخصا قويا، من منطل شرف الخصومة والندية». ويضيف مهدي: كما أنه يملك كل ما يحتاجه شخص لأن يكون مصلحا، فلديه الفكرة ولديه روح التغيير دون أن يمتلك أي قوة أو مساندة، ولولا أنه بالفعل صاحب رسالة ما استطاع أن يتحمل الضغط النفسي الكبير الذي تعرض له خلال فترة اعتقاله، حيث تعرض لعملية تعطيل حاسة الإبصار لمدة 12 يوما حسب ما ذكر وهي مدة طويلة جدا. كما يستطيع تحمل المسؤولية بشكل كبير، فلديه شعور بالألم والتأثر تجاه من فقدوا حياتهم خلال هذه الأحداث، ولأنه حريص على تحمل مسؤوليته أكد كثيرا أن مظاهرات الشباب كان غرضها سلميا ولا تدعو للتخريب. كما أن كلامه العامي البسيط والصادق (مش عايز أشوف شعار الحزب الوطني في أي مكان في الشارع)، هذه الجملة رددها وائل أمام ملايين المشاهدين له في التلفزيون وفي ميدان التحرير، وهو كلمات يراها أستاذ علم النفس أنها تعكس تركيبة نفسية مستقيمة ومباشرة ونقية وشريفة، فحين تصطدم هذه التركيبة النقية بتركيبة ملوثة ترفضها بشدة وتحاربها، فهو مقتنع بأن الحزب الوطني وقياداته كانوا السبب الأول في فساد الحياة في مصر.
من سمات وائل أيضا أنه شخص متواضع مع حفاظه على كبريائه، فهو يقترب كثيرا من الإنسان المصري العادي البسيط في كلماته وتعبيراته وتصرفاته، فهو يؤكد أنه ليس بطلا أو رمزا وأن الأبطال الحقيقيين هم من نزلوا الشارع وتعرضوا للضرب والقتل. كما أنه يتميز بأنه شخص مفكر، فهو يعرف ماذا يريد وكيف يصل لما يريد، فعقله منظم جدا يعرف كيف يعرض أفكاره في تسلسل منطقي، وهو ما أهله لوظيفته كمدير تسويق إقليمي بشركة «غوغل». ويخلص مهدي إلى أن وائل غنيم في كلماته أمام آلاف الشباب المعتصم في ميدان التحرير، أكد وائل أنه «يحب مصر بجد»، وهذا يعكس أن لديه حسا وطنيا عاليا، وأنه يحب وطنه دون أغراض، لافتا إلى أن ذلك ظهر أيضا في تصريحاته، حين قال إنه كان يعمل في دولة الإمارات ويحصل على راتب كبير، لكنه يشعر بما يدور في وطنه وما يعانيه غيره من الشباب.الأعضاء فقط هم الذين يستطيعون مشاهدة الروابط