المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا.. ليس الثوم هو السبيل لخفض ارتفاع الكولسترول



minshawi
03-08-07, 02:40 PM
في تأكيد علمي جديد لما سبق الحديث عنه وخلافاً لما هو شائع لدى الكثير من الناس، أعلن فريق من الباحثين الأميركيين أن تناول الثوم لا يُساعد على خفض نسبة كولسترول الدم. وتعتبر الدراسة الجديدة، الصادرة عن مركز ستانفورد لأبحاث الوقاية من الأمراض في كاليفورنيا، خطوة متقدمة في دعم مجموعة من الدراسات الطبية التي أكدت في السنوات القليلة الماضية عدم جدوى تناول فصوص الثوم، بأي هيئة كانت، في الوقاية أو في معالجات حالات اضطرابات الكولسترول والدهون، وحالات ارتفاع ضغط الدم، وحالات مرض السكري. وهي ثلاثة من أكبر عوامل خطورة الإصابة بأمراض شرايين القلب، التي تُعد السبب الأول للوفيات على المستوى العالمي، مما يستدعي أن يعود متناولوه لهذه الغايات، أو غيرها، إلى اتباع الإرشادات الطبية المبنية على براهين علمية تم تأكيد الجدوى عبرها، وذلك في التعامل مع الحالات تلك، كي تتحقق الوقاية من تلك الأمراض أو معالجتها بصفة مفيدة. كما تُعيد الدراسة ونتائجها إلى الأذهان ضرورة أن تخضع الأعشاب الطبية وغيرها من الوسائل العلاجية إلى طرق التأكد العلمي من جدوى استخدامها، خاصة بعد شيوعها وتمادي الكثيرين في الإطناب بذكر المديح لما لم تُثبت الدراسات فائدته الصحية، أو ما لم تتم دراسته أصلاً بطريقة علمية سليمة حتى اليوم.
* الكولسترول والثوم ونشرت مجلة أرشيفات الطب الباطني الأميركية في عدد 27 فبراير (شباط) الماضي نتائج دراسة الدكتور كريستوفر غاردينر وزملائه الباحثين من مركز ستانفورد لأبحاث الوقاية من الأمراض بولاية كاليفورنيا الأميركية حول دراسة تأثيرات كل من الثوم الطازج ونوعين من أشهر حبوب الثوم، المتوفرة في الأسواق الأميركية على الهيئة الدوائية، لدى مجموعة من البالغين الذين لديهم ارتفاع متوسط في نوع الكولسترول الخفيف «b«LDL»b» الضار بالشرايين.

وكانت نتائج الدراسات السابقة حول الثوم والكولسترول متضاربة في نتائجها. وبالرغم من أن التي تم إجراؤها باتباع معايير دقيقة في البحث أكدت عدم جدواه لهذه الغاية، إلا أن بعضها تحدث عن خفض كبير لنسبة كولسترول الدم عند تناول الثوم، والبعض الآخر لم يجد في هذا الزعم أي دعم من نتائج دراساتهم التي توصلوا إليها. لكن الاستقراء لمتابعة تسلسلها التاريخي ونتائجها، يُشير إلى أن كل دراسة تصدر بعد سابقتها، كانت تقول إن الخفض في الكولسترول أقل مما كان يُقال من قبل. لكأن ثمة اعترافا ضمنيا أن ما كان يجري في السابق هو إما عدم اتباع دقة في إجراء الدراسات في محاولة لإظهار نتائج تُسهم في الترويج لهذه الفكرة بين الناس، بكل جوانب استفادة البعض منها مادياً ودعمهم لإجراء تلك الدراسات، وإما أن الدراسات الكثيرة التي تم إجراؤها في السابق، التي غالبيتها كانت على الحيوانات، لا تنطبق نتائجها بالضرورة على الإنسان. وهما تعليلان أقوى احتمالاً. وإما أن وسائل الكشف والتحليل أصبحت أكثر دقة في معرفة نسبة الكولسترول في الدم، وهو الأضعف.

وما قام به الباحثون من الولايات المتحدة هواختبار جدوى استخدام ثلاثة مصادر للثوم. والسبب وراء اختيار ثلاثة مصادر هو مزيد من التأكيد للنتائج، ذلك أن المواد الفاعلة في الثوم، من نوع مركبات فايتو الكيميائية «Photochemical» قد تختلف وفرتها من مصدر إلى آخر، مما قد يطعن البعض به في دقة النتائج. ومن المعروف أن مركبات فايتو الكيميائية موجودة في المنتجات النباتية التي يتناولها الإنسان، لكنها لا تمثل عناصر غذائية يحتاجها الجسم كشيء أساسي، بل هي مركبات بحثتها الدراسات الطبية، وأثبتت جدوى كثير منها لجوانب في الصحة ومقاومة بعض من الأمراض أو معالجتها، ولم تثبت ذلك للبعض الآخر منها.

* مركب إليسين يحتوي الثوم على مركب كيميائي خامل يحتوي عنصر الكبريت ويدعى إليين، وهو ما ليس سبباً في وجود رائحة الثوم النفاذة. ويُوجد هذا المركب في أجزاء الفص بمعزل عن التفاعل مع أحد الأنزيمات المهمة له، لكن حينما يتم هرس فص الثوم، فإن مادة إليين تتحول بمساعد هذا الأنزيم إلى مادة أليسين allicin. وأليسين عبارة عن مركب من الأحماض الأمينية (البروتينية) غير الأساسية، وهي المادة الفاعلة التي ينسب إليها الباحثون جدوى الثوم في خفض الكولسترول، وهي أيضاً المسؤولة عن رائحة الثوم النفاذة عند تكونها بالتفاعل المتقدم. و للحصول على كميات عالية من هذا المركب، فإن من الضروري هرس الثوم وتركه إلى ما بين 10 إلى 15 دقيقة كي يتم تكوين الكميات العالية لهذا المركب من قطعة فص الثوم المهروسة. ولذا فإن تجفيف فصوص الثوم كاملة، ثم جرشها لتناولها بعد ذلك لا يُؤمن لعشاق الثوم تلك المادة الفاعلة لسببين؛ الأول أن تكوينها بالأصل لم يتم، إذْ لم يتم التفاعل بين مركب إليين والأنزيم المنشط له، وأوضح أدلة ذلك هو اختلاف نفاذ الرائحة بين مهروس الثوم ومجروش مُجففه. والثاني أن تناول مركب أليين الخامل والأنزيم اللازم في فص الثوم يُعرضهما لأحماض المعدة التي تُعطل قدرتهما على تكوين مركب إليسين الفعال والنفاذ الرائحة.

ويمتلك مركب إليسين خصائص مضادة للبكتيريا وللفطريات، وأيضاً لديه قدرة على تذويب كتل الكولسترول عند مزجها معه في أنبوب المختبر، لكن لأن حسابات البيدر تختلف عن حسابات الحقل، فإن محاولات الباحثين لإثبات قدرة لهذا المركب على تخفيف ارتفاع الكولسترول لم تثبت علمياً في أرض الواقع داخل الجسم.

ويلجأ البعض إلى تناول الثوم على هيئة حبوب دوائية لسببين؛ الأول أن مركب إليسين في مهروس فص الثوم هو ذو رائحة نفاذة لا يُحب البعض أن تعلق بفمه. والثاني أن مركب إليسين غير ثابت، وقابل للتحلل بسهولة عند التعرض لحرارة الطبخ. وحبوب الثوم على الهيئة الدوائية غالبها كبسولات مغلفة بمواد جيلاتينية، كي تُحافظ على ما بداخلها إلى حين تجاوزها المعدة ووصولها إلى الأمعاء الدقيقة. وتكون مواد الثوم الفاعلة في هذه الكبسولات إما على هيئة بودرة جافة، أو ممزوجة بأحد أنواع الزيوت كي تحافظ على بنيتها وتركيبها. لكن الإشكال ليس هنا، بل في تلك الدراسات التي تتبعت مصير مزيج مواد الثوم مع الزيوت النباتية، ووجدت أنه من الصعب فصلهما عن بعض كي تمكن الأمعاء من امتصاص جزء الثوم منها، مما يُعلل عدم ظهور رائحة بعد متناولها. وهو ما يراه بعض الباحثين دليلاً على عدم استفادة الجسم منها بالأصل وعدم جدوى شرائها. وهذا القول العلمي لا يقول به فقط من لا يرى أي جدوى من تناول الثوم أو حبوبه تلك، بل حتى مؤيدو تناول الثوم الطازج دون غيره من حبوب الثوم!. وهو ما دفع الباحثين في الدراسة الجديدة إلى اختبار ثلاث هيئات ممكنة للثوم كما تقدم.

* طريقة البحث وشملت الدراسة حوالي 200 شخص من البالغين الذين يشكون من ارتفاع متوسط في نسبة الكولسترول الخفيف، الضار ارتفاعه. أي ما يتراوح مقداره في الدم بين 130 إلى 190 مللي غرام لكل 100 مللي لتر. وممن تتراوح أعمارهم بين 30 إلى 65 سنة.

والسبب في عدم التمكن من إجراء الدراسة على الاشخاص الذين لديهم نسبة الكولسترول أعلى، هو سبب أخلاقي بالدرجة الأولى، لأن من حال الكولسترول لديه بتلك الدرجة من الارتفاع، يجب عليه تناول أحد أدوية ستاتين statins لخفض الكولسترول، مثل ليبيتور أو زوكوز أو غيرهما، ولا يُمكن بحال منعهم من ذلك. في حين أن الدراسة تتطلب لاختبار مدى فائدة الثوم في خفض الكولسترول أن تتم متابعة تأثير تناول الإنسان الثوم وحده دون تناوله لأية مواد دوائية أخرى. وتم تقسيم المشاركين بطريقة عشوائية إلى أربع مجموعات. تناول أفراد الأولى الثوم النيئ، والثانية حبوباً تحتوي على بودرة الثوم، والثالثة حبوباً تحتوي على مستخلص الثوم القديم والرابعة حبوباً وهمية. والكمية التي تناولها أفراد المجموعات الثلاث الأولى كانت تُعادل حوالي 4 غرامات من فص الثوم. وطُلب من المشاركين تناولها لمدة ستة أيام في الأسبوع ولمدة ستة أشهر.

وتم إجراء تحليل للدم مرة كل شهر لمعرفة نسبة الكولسترول الخفيف والكولسترول الثقيل والدهون الثلاثية لدى المشاركين، طوال فترة الدراسة.

وما خلص الباحثون إليه بالنتيجة هو أن أياً من هيئات الثوم لم يكن ذا فاعلية في خفض الكولسترول الخفيف أو الكولسترول الكلي أو الدهون الثلاثية، خلافاً لما هو شائع جداً. وقال الدكتور غاردينر إننا قمنا بأكبر وأفضل دراسة تتم حتى اليوم للثوم، وبدعم من المؤسسة القومية للصحة، أي جهة حكومية محايدة، وليس بدعم من الشركات المنتجة. وأضاف، فيما يخص خفض الكولسترول الخفيف، لم يتمكن الثوم الطازج أو حبوب الثوم من عمل أي شيء.

وقالت ريث كافا، مديرة قسم التغذية بالمجلس الأميركي للعلوم والصحة بولاية نيويورك، ما يحصل في هذه البلاد خلال الـ 12 سنة الماضية هو أن ثمة منتجات تكميلية تنال من الشهرة والسمعة الحسنة فوق ما تستحق. والثوم في الساحة منذ مدة، والشركات المنتجة للحبوب التكميلية المحتوية عليه تُحاول كل ما في وسعها دعمه علمياً، لكن ليس ثمة ما يُمكن الاستناد عليه من الأدلة والبراهين العلمية الإكلينيكية في ذلك. واستطردت في حث المرضى المتطلعين إلى تحقيق خفض نسبة الكولسترول لديهم أن يلجأوا إلى الطرق والوسائل التي ثبتت فائدتها بالأدلة العلمية.

وقالت إن ما تمت تجربته والشيء الحقيقي الصادق في خفض الكولسترول هو أدوية ستاتين، التي يُمكن لأي إنسان تناولها، وهي فاعلة بدرجة كبيرة، إضافة إلى الاهتمام بنوعية الوجبات الغذائية وتقليل الدهون المشبعة فيها، وممارسة الرياضة، والعمل على خفض وزن الجسم.

* الثوم.. استخدامات طبية ودراسات لا تدعمها > يقول الباحثون من كاليفورنيا في دراستهم الجديدة إن منتجات حبوب الثوم التكميلية عديدة، وتُحاول أن توفر في عبوة صغيرة فوائد ما تحتويه فصوص الثوم النيئة، وهي من أعلى مبيعات أنواع الأعشاب الطبية. وبالرغم من النتائج المشجعة لأكثر من 110 دراسة تمت على الحيوانات، إلا أن نتائج دراسة فائدة الثوم في خفض الكولسترول على الإنسان غير مقنعة حتى اليوم.

وقالوا إن الدراسات على الإنسان التي تمت قبل عام 1995 كانت تشير إلى فائدة في هذا الشأن، لكن التي تمت بعد هذا التاريخ لم تُعط نفس التأكيد، بل على العكس. والسبب هو أن مراجعة الدراسات التي تمت من قبل، أظهرت عيوباً في تصميمها وكيفية القيام بها وتحليل نتائجها، ما فرض إعادة إجراء دراسات وفق معايير علمية أدق. وحينما تم، لم يُظهر أي خفض كما كان يُقال في السابق.

ومن بين كل ما يُقال عن الثوم، فإن المؤسسة القومية للصحة في الولايات المتحدة، كجهة حكومية محايدة، لا تزال تتبنى دراسة مراجعة الثوم واستخداماته الطبية وفق تحليل المعلومات الطبية بناء على مدى توفر الأدلة العلمية الداعمة لها، التي قامت بها رابطة أبحاث المعايير الطبيعية بالولايات المتحدة. وفيها تم مراجعة الأبحاث في الجوانب التي يُشار إلى أن الثوم مفيد فيها. وبمحصلة تلخيص ما ورد في التقرير، فإن وفق التصنيف بما لم تتمكن الأدلة العلمية على إثبات جدواه هو استخدام الثوم في كل من خفض ضغط الدم والوقاية من الجلطات القلبية ومعالجة الفطريات الجلدية، ومنع التصاق الصفائح الدموية بعضها ببعض، والمعالجة أو الوقاية من السرطان. في حين ترى أن الأدلة العلمية لا ترى جدوى منه في معالجة مرض السكري أو قرحة المعدة.

هذا ولا تزال هيئات عالمية طبية معنية بصحة القلب ترى أن ما هو متوفر من أدلة علمية لا يرقى إلى حد النصح باستخدامه في معالجة ارتفاع الكولسترول أو ارتفاع ضغط الدم، مثل رابطة القلب الأميركية والكلية الأميركية لأطباء القلب والهيئة الاستشارية في البرنامج القومي الأميركي للكولسترول.
/الأعضاء فقط هم الذين يستطيعون مشاهدة الروابط