المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شفاعة الأمير عبدالمجيد تنقذ 109 رقاب من السيف



الماوردي
01-22-07, 09:36 PM
رئيس لجنة إصلاح ذات البين يروي قصة العفو ليلة غسيل الكعبة
شفاعة الأمير عبدالمجيد تنقذ 109 رقاب من السيف

هاني اللحياني (مكة المكرمة)
تعتبر لجنة العفو وإصلاح ذات البين بأمارة منطقة مكة المكرمة واحدة من أهم اللجان الخيرية التي تبناها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد لتتحول من مكتب متواضع بجامع سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز بمكة المكرمة إلى مؤسسة تعمل في مقر رئيسي بمكة المكرمة مكون من خمسة طوابق ولها مقر فرعي بمحافظة جدة ويعمل بهما أكثر من 50 عضواً وموظفاً.. لسمو أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز جهود مضيئة حولت هذا العمل من مجرد عمل اجتهادي إلى عمل مؤسسي يدار بأحدث وسائل التقنية لتحمي الأسرة والمجتمع من جملة من الأخطار المحدقة ويظل الدكتور ناصر بن مسفر الزهراني الرئيس التنفيذي للجنة العفو وإصلاح ذات البين واحدا من اللذين عاشوا مراحل تأسيس هذه اللجنة ومن خلال تجربته العملية مع قضايا العفو والإصلاح وقف على جملة من المواقف والذكريات، يقول الشيخ الزهراني: لأمير الخير صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز مواقف مضيئة مع اللجنة فهو كثيراً ما يعلن اهتمامه وحبه وتأييده للجنة ولأعضائها وهو دائم الاهتمام بهم ‏والتشجيع لهم، وما قال: (لا) قط في أمر يهم اللجنة , وكان يردد: مهما كانت ‏اهتماماتي فإن لجنة العفو وإصلاح ذات البين هي أول وأجل اهتماماتي.‏
ولقد رأيت وعايشت هذه الروح الشفافة الحانية من خلال عملي مع سموه ‏بهذه اللجنة، بل لقد رأيت من شروحاته على بعض المعاملات، وشاهدت من ‏تأثره لبعض المواقف ما ينبئ عن قلب رحيم، ونفس صافية، وفؤاد عطوف.‏
وعن البدايات الأولى لتأسيس اللجنة قال الشيخ الزهراني:
كانت بداية انطلاقة اللجنة، معتمدة على أمر سام كريم في ‏‏2/11/1420هـ موجه إلى أمراء المناطق والمحافظات بوجوب السعي في طلب ‏العفو في قضايا القصاص وفي بذل شفاعتهم ووجاهتهم قبل أن ينفذ الحكم ‏بالقصاص وكان الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز من أول الساعين بالخير في مثل هذه ‏القضايا من قبل التوجيه ومن بعده، إلا أنه أراد أن يعطي المشروع بعدا آخر ‏يكون أقوى أثراً، وأعظم نفعاً، وتتحقق من خلاله طموحات ‏إنسانية عظمى، ولذلك فقد غرس هذا الغرس وسقاه حتى استوى ولقد جاءت هذه اللجنة لتكون ‏صرحاً من صروح الخير والبر واللطف والرحمة، فإذا بالناس يتسابقون إليها، ‏ويلجؤون إلى رحابها بعد الله تعالى كلما ألمت بأحد منهم مشكلة، أو حلت بداره ‏قارعة، أو راودته حيرة، أو أرهقه تفكير أو احتاج إلى إعانة.‏
وأضاف فضيلته: وهكذا الأعمال الجليلة دائماً تبدأ بقطرة تتبعها قطرات، وخطوة تتبعها ‏خطوات وكانت فكرة اللجنة هاجساً جميلاً يفيض به وجـدان الأمير عبدالمجيد بن ‏عبدالعزيز، فانتقل بها من الوجدان إلى الميدان إيمانا منه بحاجة الناس إليها، ‏وحباً منه لبذل الخير، وجمع القلوب، والحفاظ على المحبة، وتجفيف منابع ‏الخلاف إيماناً من سموه بأن الإصلاح تحل به القضايا، وتعاد به الحقوق، ويحسم به النزاع، ويكون ‏معه استبقاء المودة والمحبة والتراضي، وهو أصل من أصول دين الإسلام، ‏ومنهج الرحمن الذي يدعو إلى الإصلاح والتآخي والمحبة والمودة، ونبذ كل ‏عوامل الفرقة والقطيعة وقد وضعت اللبنة الأولى للجنة قبل خمس سنوات وكان مدير اللجنة وعضوها وسكرتيرها ومراسلها رجلاً واحداً ‏وضع يده في يد سموه مستمداً منه بعد الله العون والمؤازرة والتأييد والدعم، ‏وبدأت المسيرة من خلال مقر متواضع يتمثل في ثلاث غرف في جامع سماحة ‏الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله بمكة المكرمة.‏
فإذا بالنجاحات المباركة، والثمار اليانعة التي جعلت من سموه يزداد قناعة ‏بضرورة دعم اللجنة، وتوسيع دائرتها، وزيادة أعضائها، فتم اختيار عدد من ‏العلماء والوجهاء ومحبي الخير ليكونوا هيئة عليا للجنة تنبثق عنها لجان تنفيذية ‏عاملة.‏
وتم استئجار مقر يتكون من دورين بمجمع سماحة الشيخ ابن باز في ‏العزيزية، وتم استقطاب عدد من أهل العلم والفضل ليقوموا بواجب السعي ‏بالعفو والإصلاح بين الناس فكثرت القضايا، وتعددت المهام، وعظمت المسؤولية وأصبحت الحاجة ‏ملحة إلى توسيع الدائرة.
وتابع فضيلته: ونظراً لكثرة القضايا الواردة من محافظة جدة، سواء ما يرد إلى مكتب سمو ‏أمير المنطقة أو سمو المحافظ فقد أمر سموه بافتتاح فرع آخر للجنة بجدة ثم تم ‏افتتاح فرع ثالث بمحافظة الطائف , وأصبحت هذه الفروع تؤدي مهمة ‏الإصلاح في شتى أنحاء منطقة مكة المكرمة إضافة إلى إنشاء لجان فرعية في عدد ‏من المحافظات تحت إشراف اللجنة الأم.‏

بر الوالدين
ثم تبع ذلك إنشاء مركز بر الوالدين بمحافظة جدة نظراً لكثرة قضايا ‏العقوق، وتعميقاً لروح البر، وإحياءً لهذه الروح الجميلة لأن انبثاقة كل خير ‏وتوفيق وصلاح، تبدأ من العناية بالوالدين والاهتمام بشأنهما.‏
كما انه تم في مطلع شهر شوال الماضي استئجار مبنى كبير بمكة المكرمة لمقر اللجنة الرئيسي ‏يتكون من خمسة طوابق.‏
وهكذا تم هذا النمو المتتابع الذي يسابق الزمن ليُكوِّن جهات عملاقة ‏مباركة تزخر بثلة من أهل العلم والفضل والتربية يصرفون جهودهم وأوقاتهم ‏ليلاً ونهاراً في خدمة المسلمين، وحل قضاياهم وقد بدأت اللجنة بشخص واحد ثم اثنين ثم ثلاثة إلى أن أصبح عددهم ‏يربو على الخمسين عضواً أشرقوا في دنيا الناس شموساً منيرة وبدوراً ساطعة وفي ‏مقدمتهم رجل الإنسانية والخير والحب والإصلاح عبدالمجيد بن عبدالعزيز.‏
وعن الأهداف التي تسعى اللجنة إلى تحقيقها قال الدكتور الزهراني :
ان من بين أهم الأهداف التي نسعى إلى تحقيقها طلب الأجر والثواب من الله تعالى، قال تعالى }لا خير في كثير من نجواهم الا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس|، }فاتقوا الله واصلحوا ذات بينكم| وقوله تعالى }والعافين عن الناس|وتحقيق مبدأ التعاون على البر الذي أمر به الدين }وتعاونوا على البر والتقوى| وتحقيق مفهوم الأخوة والحرص على توثيق روابط المودة، وإعادة جسور ‏المحبة.
‏و الحرص على تماسك المجتمع، وبث عبير الألفة، وعبق الرحمة، وأريج ‏التسامح وبذل النصح، وإسداء التوجيه للبيوت المسلمة بتقوى الله تعالى، والمحافظة ‏على صلة الرحم، ومراعاة حقوق القرابة، واحترام مكانة الجار، وتعميق ‏روح التآخي و‏السعي في الستر على المسلمين. «من ستر مسلماً ستره الله» ‏والحرص على إقالة عثرات العاثرين وتحقيق رغبة ولاة الأمر وفقهم الله في حبهم للخير، وسعيهم بالمعروف، ‏وحرصهم على العفو والتكاتف بين الأجهزة الحكومية وجهات الخير وجمعيات الإصلاح وتيسير أمور الناس وتلمس ذوي الحاجة وإيصال صوتهم إلى المسئولين وتحبيب الناس في دينهم، وتقريبهم من منهاج حياتهم، فكم من أناس ‏ضربت فيهم الفرقة أطنابها، وأرست الخصومات جذورها، ثم يأتي الدين ‏والوعظ والنصح فيقتلع الضغائن، ويستل السخائم، ويبعث في أرواحهم ‏التعظيم لأحكامه، والحب لكتاب ربهم، وسنة نبيهم وتحبيب الرعية في رعاتهم، والشعوب في ولاتهم، والمحكومين في حكامهم ‏حينما يرون أن قادتهم وولاة أمرهم، ملكاً ونائباً وأمراء ووزراء، يسعون ‏بالعفو، ويسيرون بالإصلاح، ويشجعون على المحبة، ويدعون إلى المودة وإحياء هذه السنة المباركة، والأمر الإلهي في نفوس أهل الخير وطلبة العلم ‏ومحبي الإصلاح. فقد راقتهم هذه الفكرة، ورأوا نتائجها الحسنة، فكثرت ‏محاكاتها، وتعددت رفيقاتها، وتطلع الناس إلى مثلها في كل أنحاء المملكة.‏
‏و الدعاء الجميل، والثناء الحسن؛ إذ ترتفع أيدي الناس بالدعاء، ولاسيما ‏من حلت له قضية، أو نفست عنه كربة، أو قدمت له مساعدة؛ فما أحسن ‏أن ينام الإنسان ملء عينيه والأكف ترتفع في جنح الليل تدعو له وتترضى ‏عنه وتثني عليه.‏
‏و إذكاء الروح الجميلة في صفوف المسلمين وبيوتهم ؛ فإن مجرد مسمى اللجنة ‏يحمل في طياته من بشائر الرضا، وبوارق المنى ما يشرح الصدور، ويبهج ‏النفوس، ويسعد الألباب والتمكن من إدخال السرور على نفوس شتى وبيوت عدة، بل إعادة الأمل ‏في الحياة لأناس كانوا ينتظرون الموت، ويترقبون السيف، قد كتب بعضهم ‏وصيته، وجهز أكفانـه، فإذا بشارة العفو ترفرف على داره، وتهبط على ‏قلبه، وتخيم على أهله يقول الله تعالى {ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا} ‏إضافة إلى التمكن من وصل حبال المودة، وإقامة جسور المحبة بين بيوت كثيرة كان ‏الشقاق يدب في أوصالها، ويتسلل إلى أعماقها، وأضرمت فيها نيران ‏الفرقة، وأرسلت عليها ريح الخصومة، فإذا بغيث لجان الإصلاح يهمي ‏عليهم، فيطهرهم تطهيرا، وتهتز به قلوب الأهل والأرحام فتنبت من كل ‏زوج بهيج.‏
وعن المصادر التي تستقبل اللجنة منها القضايا أبان الشيخ الزهراني أن القضايا ترد للجنة من مكتب سمو أمير المنطقة أومن سعادة وكيل الإمارة.‏
وهناك قضايا تحال من سمو محافظ محافظة جدة أو من محافظات المنطقة كما أن هناك قضايا تحال إلى اللجنة من المحاكم الشرعية، وغيرها من الدوائر ‏الحكومية وجمعية حقوق الإنسان أو غيرها من الجمعيات ‏الخيرية والاجتماعية والإنسانية أو عن طريق تقدم أصحابها إلى اللجنة مباشرة أو من ينوب عنهم شرعاً.‏
واضاف: إذا أردتم أن تعرفوا ماذا قدم عبدالمجيد في مجال هذه الأعمال الإنسانية فعليكم بالنظر إلى جهود لجنة العفو وإصلاح ذات البين ولقد كان سموه يهاتفني أحياناً في ساعات متأخرة من الليل يحثني ويحضني للاجتهاد في قضية فلان، ومساعدة فلان، ويطمئن على سير كثير من القضايا، ويوصينا بكثير من الضعفاء والمساكين الذين يلجؤون إليه، ولا يدخر في ذلك جهداً. لقد كان يتأثر تأثراً بالغاً حينما يسمع بمعاناة، أو تروى له مأساة، أو يُذكر له مهموم , ولم يكن للجنةٍ كهذه أن تحقق هذا النجاح الباهر لو لم يوليها اهتمامه ورعايته ومتابعته الشخصية بل وحبه الكبير لطبيعة عملها، وإنسانية نشاطاتها ؛ فهو يرى فيها مرآة لروحه الطيبة، وصفاته الخيرة، وآماله النيِّرة.

مواقف مع العفو
وللدكتور ناصر الزهراني في قضايا العفو التي تحال من مكتب صاحب السمو الملكي جملة من المواقف يروي بعضها بقوله:
أذكر أن رجلا من مصر يعمل في إحدى القرى البعيدة عن مدينة الطائف وكان له صديق مصري أيضاً، وكانا يتسامران الليالي الطويلة، ثم نزغ الشيطان بأحدهما تحت الطمع الدنيوي والخلاف المالي فقتل صديقه وأخفى كل أثر للجريمة، ولكن الله فضحه، وتم القبض عليه، ومن ثم اعترف بجريمته فمكث في السجن اثني عشر عاماً احتسى خلالها كل أنواع الندم والألم والحرقة، واقترب موعد تنفيذ القصاص ثم بعث من وراء القضبان برسالة استغاثة للأمير عبدالمجيد يطلب شفاعته , وكان التوجيه من سموه لنا بدراسة القضية وبذل الشفاعة. وبعد دراسة الموضوع والتأكد من وضع الرجل في السجن قمت بالسفر إلى مصر وذهبت إلى بلد أولياء الدم الذين بُذِلتْ معهم كل المحاولات فرفضوا طيلة السنوات الماضية , فلما أتيت إليهم فإذا بهم في حال من الفقر والعوز لا نظير لها فلما رأوني وعلموا أني قادم من مكة وممثل للأمير عبدالمجيد وأنه يدعوهم لزيارته ولزيارة مكة والمدينة وأداء فريضة الحج على نفقته الخاصة بدأت بشائر الأمل تلوح على وجوههم، وتم لهم ما أرادوا وأتوا إلى مكة، وقاموا بزيارة الأمير وأداء فريضة الحج وأثمر كل ذلك العفو عن غريمهم وجمع لهم من أهل الخير عن طريق سموه مبلغاً لا بأس به، وتم العفو وخرج السجين ليعود إلى أسرته بعد أن فقدت كل أمل في الحياة ولله الحمد والمنة، وحَدِّث عن مثل هذه الأعمال النبيلة التي تملأ المجلدات.
ومن القصص التي لازالت عالقة في ذاكرة الرئيس التنفيذي للجنة العفو وإصلاح ذات البين قضية قتل سعت فيها وفود إثر وفود من مختلف القبائل والمهتمين، فكان والد العقيل يرفض بشدة التفاوض في الموضوع، ويردد قائلاً: «حرارة قتل ولدي لازالت تشتعل في صدري»، ولاسيما أن إحدى بناته تذكره بذلك باستمرار , رغم أن إخوان القتيل كانوا على قدر كبير من الصلاح، وكانوا يذكِّرون والدهم بفضل العفو إلا أنه يأبى كل المحاولات. وبدأت بشائر الفرج في الزيارة الثانية التي قامت بها اللجنة ؛ إذ تمت مشاركته في فرح إحدى بناته، والوقوف معه بالمساعدة والمؤانسة له في تلك الليلة، ثم تمت زيارته بعد ذلك في منزله بترتيب مع أحد أولاده الصلحاء، وبعد مداولات كثيرة كان فيها في منتهى الإصرار أعلن العفو فجأة لوجه الله تعالى وكان ذلك في ساعة متأخرة من الليل وقد تم الاتصال مباشرة على سمو الأمير عبدالمجيد، وبشر بالخبر وشكره على الهاتف.
وكان ذلك في ليلة مباركة في صباحها موعد غسيل الكعبة المشرفة , فقدمت إليهم دعوة من سمو الأمير للحضور فكان أول إكرام لهم من الله تعالى أن استضافهم ملك الملوك في بيته ودعاهم إلى أحب البقاع إليه.

سباق العفو والسيف
وأضاف: إحدى القضايا بذلت اللجنة فيها جهوداً كبيرة، ومساعي عديدة، وقد تمت موافقة ولي الدم بعد ذلك على العفو واشترط مبلغاً مالياً كبيراً على ألا يكتب شيئاً رسمياً إلا بعد أن يقبض المبلغ, أو يُمضي حكم القصاص. وكان أولياء القاتل من أشد الناس فقراً وحاجة وأسى فحاولوا جهدهم، وبذلوا طاقتهم علّهم أن يجمعوا شيئاً من المبلغ فلم يجدوا من ذلك شيئاً، خصوصاً وهم من أطراف بعض قرى مكة الذين يعلم حالهم ربهم جل وعلا، ولقد كتبنا معهم لكثير من الناس ولكن لم يكتب لها النجاح فلما اقترب موعد التنفيذ إذا بالحسرة واللوعة وكل ما تتخيله من الحزن والألم يخيم على تلك الأسرة المحزونة التي تعلم أنه بعد يوم أو يومين ستضرب عنق ابنهم الذي لا يتجاوز الخامسة والعشرين عاماً، فلما أن صدرت الأوامر بالتنفيذ وعلمنا بأنه في يوم غد كنا جميعاً نبتهل إلى الله وندعوه ونرجوه أن ينقذ رقبة ذاك المسكين، ثم في ظلمة الليل البهيم انطلق إليه اثنان من الفضلاء من أهل مكة المعروفين بالخير فقرعوا باب والد القتيل ودخلوا عليه وهو لا يطيق رؤية أحد، ولم يقل لهم كلمة ترحيب ثم أخذوا يناصحونه ويترجونه، بل لقد انكب أحدهم يقبل أقدامه وظلوا يناشدونه أن يعفو عنه، وأن يرحم ضعفه، وأن يرفق بحال أسرته المنكوبة , وهولا يرخي لما يقولون سمعاً، ولكنهم لم ييأسوا أبداً. وفجأة بدأ يلين بأيديهم، وبدأت تهدأ ثورته فقال لهم: أنا أوافق ولكن بشرط أن يحضروا لي الآن في هذه الليلة مبلغ كذا وكذا وكان هذا الرقم معقولاً بالنسبة لطلبه الأول، ولكنه كذلك صعب المنال، والوقت أزف وبقي على القصاص ساعات، فقالوا له: أبشر إن شاء الله ييسر الله فاجتمعنا لحل المشكلة فقال أحدهم أنا علي منها كذا وكذا وقلت وأنا علي مثلها، ثم اتصلت ببعض المحسنين فكنت أقول للواحد منهم رجل ستضرب عنقه بعد ساعات هل تحب المساهمة في إنقاذه بما تجود به فما ردني منهم أحد ثم بقي مبلغ لا بأس به فهاتفت سمو الأمير عبدالمجيد فقلت له إن الأمر كذا وكذا والقصاص أزف، ولكن بقي لنا مبلغ نحن نحاول إكماله فنرجو من سموكم الأمر بإيقاف القصاص ولو ليوم واحد حتى نتمكن من إكمال المبلغ فما كان من سموه إلا أن قال يكمل المبلغ من عندي أياً كان ونصدر الآن أمر العفو عن القصاص !!! يا الله يا الله!

جهود وقائية لتلافي الخلافات
وأبان الشيخ الزهراني أن للجنة دوراً كبيراً في تحقيق الجانب الوقائي وقال لم تكن اللجنة في موقف المصلح في الخصومة، والمعالج للقضية، والساعي ‏في العفو فقط , بل هي تبذل جهوداً كبيرة في النصح والتوعية والتربية والتوجيه ‏لأبناء المجتمع، لتلافي هذه الخلافات والنزاعات والمآسي والمآتم ؛ فهي تسعى ‏لبث أريج الأخوة، وعطر المحبة، وعبق التسامح، وأزهار التآخي والتراضي ‏والتواصل والتراحم والبر والصلة.‏وقد سلكت في ذلك سبلاً متنوعة، منها اللقاءات والمشاركة الإعلامية ‏عبر القنوات والإذاعة والصحف والمجلات، ومنها تأليف بعض الرسائل ‏والكتب والمطويات في أهم الموضوعات الاجتماعية ومن الأمثلة إعداد رسائل مطبوعة في سعادة الأسر وبر الوالدين وفي صلة الرحم ورسالة في الغضب وفي الحلم وفي العنف الأسري وغير ذلك كما أنها وفقت في حج العام الماضي في توزيع أكثر من 120 ألف نسخة من كتاب (حج مبرور) هذا العام. وهو مساهمة متواضعة من اللجنة لضيوف الرحمن وهو ‏عبارة عن هدية من سمو الأمير عبدالمجيد للحجاج طبع بعدة لغات إضافة إلى توزيع مطوية دليل أعمال الحج بأكثر من 70 ألف نسخة
‏وتابع فضيلته: ومن سبل البرامج الوقائية إقامة المحاضرات الثقافية والمنتديات العلمية ‏ذات الصلة بالأسرة المسلمة والترقي بأخلاقها وأذواقها وتفعيل موقع اللجنة على الإنترنت وبث كل مفيد ونافع من ‏خلاله وتنوي اللجنة عقد دورات منتظمة في مدن عدة حول موضوعات أسرية ‏مهمة.‏
‏وهناك عدد من الأنشطة والبرامج الوقائية والعلاجية التي تسعى اللجنة إلى ‏تحقيقها بإذن الله من أهمها حث أهل العلم والدين والاختصاص في علم الاجتماع والنفس ‏لإعداد البحوث المتخصصة لدراسة ومعالجة بعض المشكلات التي ‏ترى اللجنة تفاقمها في المجتمع ومحاولة إيجاد الحلول لها ونشرها في ‏إهداء خاص باللجنة وقد شرعنا في ذلك ونشر ثقافة خلق العفو وإصلاح ذات البين، وبيان مفهومها وفضلها ‏وثمارها وآثارها، والعمل على الوقاية والحماية من حدوث وانتشار ‏بعض المشكلات الأسرية تحديداً، وذلك من خلال الندوات ‏والمحاضرات والكلمات الوعظية في المساجد والجامعات والكليات ‏ومدارس البنين والبنات وغيرها.

بيت الرحمة
إقامة دورات للرجال والنساء تتناول قضايا تتعلق بشؤون الأسرة ‏مثل أهمية الأسرة وحقوق الزوج والزوجة‏ وتربية الأولاد ومهارات في تحقيق السعادة الزوجية والخلافات الزوجية وأثرها على نشأة الأولاد وإيجاد نظام اتصال مباشر عن بعد باللجنة ومنسوبيها يسمح بالتحدث إلى ‏أحد المستشارين أو الفقهاء الشرعيين للإجابة عن استفسارات الناس ‏وتزويدهم بالحلول المناسبة وتطوير فريق عمل الإشراف على موقع اللجنة على شبكة الإنترنت، ‏والإجابة عن استفسارات الزائرين للموقع والاستفادة من اقتراحاتهم، ‏وقد بدأ ذلك والحمد لله وأصبح لدى اللجنة قاعدة معلوماتية ممتازة، ‏وموقع يشرف عليه عدد من العلماء والمختصين. ‏
‏ومن الأفكار إقامة مسابقات ثقافية تخدم رسالة اللجنة بحوافز رمزية وإيصالها إلى الأسر ‏للاستفادة منها والعناية بالجانب الإعلامي والتواصل مع مختلف أجهزة الإعلام المحلية ‏لإبراز عمل اللجنة، وحث أفراد المجتمع للتفاعل معها ووضع آلية جيدة للتواصل مع كل الجهات المهتمة بإصلاح ذات البين داخل ‏المملكة والمشاركة في المؤتمرات والمنتديات الدولية المهتمة بالعمل الاجتماعي ‏وحقوق الإنسان لإظهار جانب من جوانب الجمال والجلال بالمملكة ‏العربية السعودية.والسعي إلى إقامة مؤتمر سنوي للعفو وإصلاح ذات البين , ويدعى إليه عدد ‏من المهتمين بهذه القضايا من داخل المملكة وخارجها والسعي قدر الإمكان لأن تكون هناك لجنة أو هيئة للعفو وإصلاح ذات ‏البين على مستوى المملكة كما تتطلع اللجنة إلى إيجاد معهد أو مركز للتدريب على العفو وإصلاح ذات ‏البين، وتخريج مصلحين أكفاء يحملون شهادات تؤهلهم لهذا العمل ‏الجليل. كما نتطلع إلى تحقيق توجيه سمو أمير منطقة مكة المكرمة الذي وجه بإيجاد ما يسمى ( بيت الفضل) أو (ملتقى الرحمة) وهو عبارة عن ‏مكان مجهز تجهيزاً خاصاً وبه بعض وسائل الترفيه وألعاب الأطفال وبه ‏موظفون مختصون على درجة عالية من الخلق رجالاً ونساءً يكون دورهم ‏التوفيق في تسلم الأطفال لزيارة أهليهم؛ بمعنى أن المطلقين الذين بينهم ‏أطفال بدلاً من كثرة الخلافات حول زيارتهم، وبدلاً من تسلم الأطفال ‏من أقسام الشرطة ودوائر الأمن، وبدلاً من أن يأتي الأب أو الأم فيأخذ ‏الأطفال ولا يعيدهم, يكون في هذا المقر تسلم رسمي وتعهد بالإعادة في ‏الوقت المحدد، ويكون ذلك في جو من الراحة والطمأنينة حفاظاً على ‏نفسيات الأطفال وصيانة بيوت المسلمين، ودفعاً لوساوس الشياطين.

الأعضاء فقط هم الذين يستطيعون مشاهدة الروابط