المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصبــــــر



الأمل
10-04-06, 11:00 PM
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
فلما كان الصبر نصف الإيمان، وخلقاً فاضلاً من أخلاق النفس، وقائداً للنفس إلى الطاعة الله، صارفاً لها عن معصيته،كان ضرورياً أن نبين حقيقته وفضله وأنواعه ومراتبه وحال الناس معه، والأمور التي تقدح فيه وتنافيه، في وقت كثرت فيه المصائب، وعمت الفتن، وزادت الشبهات، وأصبح القابض على دينه كالقابض على الجمر،وصارت حاجة الناس إلى الصبر لا تقل عن حاجتهم إلى الطعام والشراب. فنسأل الله تعالى أن يرزقنا الصبر على طاعته، الصبر عن معصيته، والصبر على قضائه وقدره، إنه ولي ذلك والقادر عليه

أولاً: معنى الصبر:

الصبر في اللغة: هو حبس النفس عن الجزع. والتصبر: تكلف الصبر.
والتحقيق إن في الصبرالمعاني الثلاثة: المنع، الشدة ، والضم. وعكس الصبر الجزع.

ويعرف الغزالي الصبر بأنه: عبارة عن ثبات باعث الدين في مقاومة الهوى".
إن دافع الهوى قد يدفع الإنسان إلى التكاسل عن أداء الطاعات، أو إلى فعل المنهيات، أو إلى الضجر
والجزع عند الابتلاء، فيقاومه باعث الدين .

إذن الصبر هو حمل النفس على أداء الطاعات، وإجتناب المنهيات، وتقبل البلاء برضا وتسليم.

ثانياً: الصبر في القرآن الكريم:

وردت مادة (الصبر) في القرآن الكريم 103 مرات بصيغ مختلفة.
نذكر آيات قرآنيه عرضت الصبر:
1- أمر الله تعالى بالصبر فقال:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ " وقال تعالى:"وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ ".
2-بين أن الصبر من أخلاق الرسل: قال تعالى:"وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا ".
3- أوضح أن الصابرين هم الذين ينتفعون بالآيات، ويدركون العبر: قال تعالى:"فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ".
4- الصبر من اسباب الفلاح: قال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ".
5- الصبر من أهم عوامل النصر والمدد من الله: قال تعالى:" الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ".
6- ويجعل الله الصابرين أئمة في الدين : قال سبحانه وتعالى:"وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ".
7- ويخبر تعالى أنه يحبهم: قال سبحانه وتعالى:"وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ".
8- وذكر أنه معهم بحفظه وتأييده:قال تعالى:" وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ".
9-وبشرهم بالخير العام،وجمع لهم مالم يجمعه لغيرهم:
قال تعالى:"وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ"
فجمع لهم الصبر والرحمة والهدى.
10- أما عن نتيجة الصبر يوم القيامة:فقد قال تعالى:" أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا ".
" إِنِّي جَزَيْتُهُمْ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمْ الْفَائِزُونَ "
" أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاماً".
"وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً "

ثالثاً: صبر الرسول صلى الله عليه وسلم:

1- صبر على الحرب الكلامية التي وجهها إليه المشركون بمجرد إخبارهم ببعثته وذلك ليصرفوا الناس عن اتباعه
فرموه بالكذب والكهانة والجنون والشعر والسحر فصبر لذلك كله.
2- صبر في المعارك الحربية التي شنها أعداء الإسلام حتى كان مضرب الأمثال في هذه الغزوات ولن ينسى التاريخ موقفه في غزوة حنين وصبره فيها.
3- صبر على أذى بعض أصحابه كما في حادثة الإفك وكما روى البخاري قال عبد الله:قسم النبي صلى الله عليه وسلم قسمة كبعض ما كان يقسم، فقال رجل من الأنصار: والله إنها لقسمة ما أريد بها وجه الله، قلت: أما لأقولن للنبي صلى الله عليه وسلم، فأتيته وهو في أصحابه فساررته، فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم وتغير وجهه وغضب، حتى وددت أني لم أكن أخبرته، ثم قال: (قد أوذي موسى بأكثر من ذلك فصبر).
4- صبر على آلام المرض، قالت عائشة رضي الله عنها: ما رأيت رجلاً أشد عليه الوجع من رسول الله صلى الله عليه وسلم".
5- صبر على موت أحبابه. كما صبر على وفاة زوجه خديجة رضي الله عنها وقد قدر الله موت أبنائة الذكور جميعهاً في حياته ولم يبق من بناته إلا فاطمة الزهراء رضي الله عنهن.

رابعاً: حقيقة الصبر:

هو خلق فاضل من أخلاق النفس يمتنع به من فعل ما لا يحسن ولا يجمل وهو قوى النفس التي بها صلاح شأنها وقوام أمرها.

خامساً: الصبر أحد موجبات الجنة:

والصبر هو أحد موجبات الجنة والدليل على ذلك نذكر ثلاثة أحاديث:
الحديث الأول: عطاء بن أبي رباح. قال:قال لي ابن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت بلى. قال: هذه المرأة السوداء. أتت النبي صلى الله عليه وسلم قالت "إني أصرع. وإني أتكشف. فادع الله لي. قال "إن شئت صبرت ولك الجنة. وإن شئت دعوت الله أن يعافيك". قالت: أصبر. قالت: فإني أتكشف. فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها.
الحديث الثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:" يقول الله تعالى:"ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم أحتسبه إلا الجنة".
الحديث الثالث: عن أنس رضي الله عنه قال:" سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول" إن الله- عز وجل - قال:" إذا إبتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته عنهما الجنة يريد عينيه".

سادساً: تعليمه صلى الله عليه وسلم الصحابة للصبر:

1- علمهم الصبر من أجل هذا الدين، والتضيحة في سبيله:
عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم".
2- علمهم الصبر على الأمراض والأسقام:حدثنا جابر بن عبدالله؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب، أو أم المسيب. فقال "مالك؟ يا أم السائب! أو يا أم المسيب! تزفزفين؟"
قالت: الحمى. لا بارك الله فيها. فقال "لا تسبي الحمى. فإنها تذهب خطايا بني آدم. كما يذهب الكير خبث الحديد".
وعن أبي سعيد وأبي هريرة؛ أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "ما يصيب المؤمن من وصب، ولا نصب، ولا سقم، ولا حزن، حتى الهم يهمه، إلا كفر به من سيئاته".
3- وعلمهم الصبر عند موت الأهل والأحباب،و الاسترجاع عند ذلك:عن أنس بن مالك ؛أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على امرأة تبكي على صبي لها. فقال لها " اتقي الله واصبري". فقالت: وما تبالي بمصيبتي ! فلما ذهب، قيل لها: إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأخذها مثل الموت.
فأتت بابه. فلم تجد على بابه بوابين. فقالت: يا رسول الله ! لم أعرفك. فقال "إنما الصبر عند أول صدمة" أو قال: "عند أول الصدمة".
وعن أم سلمة ؛ أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول: ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون. اللهم ! أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها - إلا أخلف الله له خيرا منها".
قالت: فلما مات أبو سلمة قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة ؟ أول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم إني قلتها. فأخلف الله لي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قالت: أرسل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة يخطبني له. فقلت: إن لي بنتا وأنا غيور. فقال "أما ابنتها فندعو الله أن يغنيها عنها. وأدعو الله أن يذهب بالغيرة".
4- وعلمهم الصبر على جميع أنواع البلاء الأخرى: عن صهيب، قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "عجبا لأمر المؤمن. إن أمره كله خير. وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن. إن أصابته سراء شكر. فكان خيرا له. وإن أصابته ضراء صبر. فكان خيرا له".

سابعاً: أقسام الصبر:

يقسمه ابن القيم باعتبار متعلقه إلى ثلاث أقسام:
1- صبر على الأوامر والطاعات حتى يؤديها.
2- صبر على المناهي والمخالفات حتى لا يقع فيها.
3- صبر على الأقدار والأقضية حتى لا يتسخطها.

ثامناً: الشكوى والصبر:

إذا اشتكى الصابر على البلاء فهل هذا ينافي صبره؟
وردت بعض الأحاديث يفهم عنها تعارض الشكوى مع الصبر ووردت أحاديث اخرى يفهم منها جواز الشكوى وأنها لا تنافي الصبر
ولا تعارض بين هذه النصوص لأن الشكوى إذا كانت إخباراً عن الحال والواقع بلا تبرم ولا تسخط ولا ضجر جازت عندئذ
أما إذا كان فيها شيء من هذا فإنها تعارض الصبر حينئذ، وفرق بين من يشكو الله إلى عواده، ومن يشكو إلى الله جل في علاه

قال يعقوب عليه السلام:"إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ".وقال تعالى:"وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ"

يقول ابن القيم رحمه الله: "لما كان الصبر حبس اللسان عن الشكوى إلى غير الله، والقلب عن التسخط والجزع، والجوارح عن لطم الخدود وشق الثياب وخمش الوجوه، ونحو ذلك، كان ما يقع من العبد عكس ما ذكرته قادحاً في الصبر، منافياً له، ومن هذه الأمور:

1 - الشكوى إلى المخلوق، فإذا شكا العبد ربه إلى مخلوق مثله فقد شكا من يرحمه ويلطف به ويعافيه وبيده ضره ونفعه إلى من لا يرحمه وليس بيده نفعه ولا ضره. وهذا من عدم المعرفة وضعف الإيمان. وقد رأى بعض السلف رجلاً يشكو إلى آخر فاقة وضرورة فقال: ( يا هذا، تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك؟ ).

ثم أنشد:


وإذا عرتك بلية فاصبر لها *** صبر الكريم فإنه بك أعلمُ

وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما *** تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحمُ

ولا ينافي الصبر الشكوى إلى الله، فقد شكا يعقوب عليه السلام إلى ربه مع أنه وعد بالصبر فقال: إِنَّما أشكُوا بَثِي وَحُزنِي إلى اللّهِ [يوسف:86].

ولا ينافي الصبر أيضاً إخبار المخلوق بحاله؛ كإخبار المريض الطبيب بحاله، وإخبار المظلوم لمن ينتصر به، إذا كان ذلك للإستعانة بإرشاده أو معاونته على زوال الضر.

2 - ومما ينافي الصبر ما يفعله أكثر الناس في زماننا عند نزول المصيبة من شق الثياب، ولطم الخدود، وخمش الوجوه، ونتف الشعر، والضرب بإحدى اليدين على الأخرى، والدعاء بالويل، ورفع الصوت عند المصيبة، ولهذا برىء النبي صلى الله علية وسلم ممن فعل ذلك.

ولا ينافي الصبر البكاء والحزن من غير صوت ولا كلام محرم، قال تعالى عن يعقوب: وَابيَّضَت عَينَاهُ مِنَ الحُزنِ فَهُوَ كَظِيم [يوسف:84]. قال قتادة: ( كظيم على الحزن، فلم يقل إلا خيراً ).

3 - ومما يقدح في الصبر إظهار المصيبة والتحدث بها. وقد قيل: ( من البر كتمان المصائب والأمراض والصدقة ). وقيل أيضاً: ( كتمان المصائب رأس الصبر ).

4 - ومما ينافي الصبر الهلع، وهو الجزع عند ورود المصيبة والمنع عند ورود النعمة، قال تعالى: إِنْ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إذا مَسَهُ الشَرُ جَزُوْعاً (20) وَإذا مَسَهُ الخَيَرُ مَنُوْعاً [المعارج:19-21].

قال عبيد بن عمير: ( ليس الجزع أن تدمع العين ويحزن القلب، ولكن الجزع القول السيىء والظن السيىء ). وقال بعضهم: مات ابن لي نفيس، فقلت لأمه: اتقي الله واحتسبيه عند الله، واصبري. فقالت: مصيبتي به أعظم من أن أفسدها بالجزع.

وأخيراً أسأل الله تعالى أن يرزقنا الصبر، وأن يجعلنا من الصابرين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


تاسعاً: من أقوال الاصحاب في الصبر:

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( وجدنا خير عيشنا بالصبر ) وقال أيضاً: ( أفضل عيش أدركناه بالصبر، ولو أن الصبر كان من الرجال كان كريماً ).

2 - وقال علي رضي الله عنه: ( ألا إن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا قطع الرأس بار الجسد ). ثم رفع صوته فقال: ( ألا إنه لا إيمان لمن لا صبر له ) وقال أيضاً: ( والصبر مطية لا تكبو ).

3 - وقال الحسن: ( الصبر كنز من كنوز الخير، لا يعطيه الله إلا لعبد كريم عنده ).

4 - وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: ( ما أنعم الله على عبد نعمة فانتزعها منه فعوضه مكانها الصبر إلا كان ما عوضه خيراً مما انتزعه ).

5 - وقال سليمان بن القاسم رحمه الله: ( كل عمل يعرف ثوابه إلا الصبر ).

6 - وقال ميمون بن مهران رحمه الله: ( الصبر صبران: فالصبر على المصيبة حسن، وأفضل منه الصبر عن المعصية ) وقال أيضاً: ( ما نال أحد شيئاً من جسم الخير فما دونه


عاشراً: نماذج من صبر الصحابة رضوان الله عليهم: نذكر منها الصبر على موت الأولاد

عن أنس رضي الله عنه أن حارثة بن سراقة قتل يوم بدر. فجاءت أمه فقالت: يا رسول الله أخبرني عن حارثة ان كان في الجنة صبرت و ان كان غير ذلك اجتهدت عليه بالبكاء، قال صلى الله عليه و سلم: يا أم حارثة انها جنان و ليست جنة واحدة و ابنك أصاب منها الفردوس الأعلى. فرجعت تضحك و تقول بخ بخ يا حارث

وروي أن أبي طلحة و أم سليم رزقا بولد. و أحبه أبوه حبا شديدا حتى مرض و قبضه الله بين يدي أمه. فلما رجع أبو طلحة سأل زوجته ما فعل ابني، قالت هو خير مما كان. و جهزت له عشاءه فتعشى ثم تزينت له فأصاب منها. ثم قالت له يا أبا طلحة: عارية استعارها قوم فلبثت عندهم ما شاء الله ثم ان أهل العارية أرسلوا في طلبها، ألهم أن يجزعوا، فقال لا، فقالت فان الله قد طلب عاريته فاحتسب ابنك فانه مات.
فذهب الى النبي يحكي له ما فعلت زوجته فسأل النبي: أعرستم الليلة قال نعم فقال النبي صلى الله عليه و سلم : لعل الله أن يبارك لكما في ليلتكما. فقال رجل من الأنصار : فرأيت لهما تسعة أولاد كلهم من حفظة القرآن.


وأخيراً أسأل الله تعالى أن يرزقنا الصبر، وأن يجعلنا من الصابرين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم