المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأمــانـة



الأمل
08-31-06, 07:39 AM
بُسِم الله آلرحِمن آلرحِيًم ..


الحمد لله المبدئ المعيد، الغني الحميد، ذي العفو الواسع، والعقاب الشديد، من هداه فهو السعيد السديد، ومن أضله فهو الطريد البعيد، ومن أرشده إلى سبل النجاة ووفَّقه فهو الرشيد، يعلم ما ظهر وما بطن، وما خفي وما عَلَن،وما هَجُن وما حَسُن، وهو أقرب إلى الكل من حبل الوريد. قسَّم الخلْق قسمين وجعل لهم منزلتين، فريق في الجنة وفريق في السعير. إنَّ ربك فعال لما يريد

(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ للْعَبِيدِ)

أحمده وهو أهل الحمد والتحميد، وأشكره والشكر لديه من أسباب المزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، ذو العرش المجيد، والبطش الشديد،شهادة تكْفُل لي عنده أعلى درجات أهل التوحيد، في دار القرار والتأييد،وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله البشير النذير، أشرف من أظلَّت السَّماء، وأقلَّت البِيدُ،-صلى الله عليه وسلم -تسليمًا كثيرًا، وعلى آله وأصحابه أولي العون على الطاعة والتأييد، صلاةً دائمةً في كل حين تنمو وتزيد، ولا تنفد ما دامت الدنيا والآخرة ولا تبيد.


أولاً معنى الأمانة:
هي كل مايجي على المسلم أن يحفظه ويصونه ويؤديه
فعن عبد الله بن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته،والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجهاومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته) فالإسلام جعل من الأمانه معنى واسعاً

ثانياً الامانة في القرآن الكريم والسنة النبوية:

*الأمانة في القرآن الكريم:
تكرر ذكر الأمانة في القرآن الكريم ومن الآيات التي ورد فيها ذكرها:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)
وهذه الآيه شامله لجميع أنواع الأمانات
( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا)
والأمانه هنا التكاليف الشرعيه
وعد الله الأمانة من صفات المؤمنين في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ )

*الأمانة في السنة النبوية:

عن حذيفة؛ قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال. ثم نزل القرآن. فعلموا من القرآن وعلموا من السنة".

ثم حدثنا عن رفع الأمانة قال:"ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه. فيظل أثرها مثل الوكت. ثم ينام النومة فتقبض الأمانة من قلبه. فيظل أثرها مثل المحل. كجمر دحرجته على رجلك. فنفط فتراه منتبرا وليس فيه شيء (ثم أخذ حصى فدحرجه على رجله) فيصبح الناس يتبايعون. لا يكاد أحد يؤدي الأمانة حتى يقال: إن في بني فلان رجلا أمينا. حتى يقال للرجل: ما أجلده! ما أظرفه! ما أعقله! وما في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان".
ولقد أتي علي زمان وما أبالي أيكم بايعت. لئن كان مسلما ليردنه علي دينه. ولئن كان نصرانيا أو يهوديا ليردنه على ساعيه. وأما اليوم فما كنت لأبايع منكم إلا فلانا وفلانا

ثالثاً: عكس الأمانة الخيانة:

وقد وردت الخيانه في القرآن الكريم حوالي 16 مره
منها قوله تعالى: (اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا)
وقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ)

رابعاً أمانة الرسول صلى الله عليه وسلم:
لقد أشتهر الرسول صلى الله عليه وسلم بالأمانة حتى عرف بالأمين
وكانت أمانته سبباً في زواجه بالسيدة خديجة رضي الله عنها
يقول ابن الاثير:"فلما بلغها-أي خديجة- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق الحديث، وعظم الأمانة، وكرم الأخلاق، أرسلت إليه
ليخرج بمالها إلى الشام تاجراً، وتعطيه أفضل ماكانت تعطى غيره مع غلامها ميسرة فأجابها، وخرج معه ميسرة"ولما عاد إلى مكة، وقص عليها ميسرة أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم قررت الزواج به"
وحرص الرسول على أداء الامانة في أصعب الأقات وأحلك الساعات

خامساً من صور الأمانة:

1- الودائع: وهي أشهر أنواع الأمانة حتى إن العامة لا تفهم من الأمانة إلا الوديعة.

2- المناصب: يعتبر الإسلام المناصب والوظائف العامه أمانات يجب أن لا يعين فيها إلا الجدير بها وأن لا يختار لها إلا من تءهله قدراته العلمية والخلقيه لشغلها.

3- الاسرار: فالسر أمانة لا يجوز أن يطلع عليه إلا من له حق الإطلاع عليه
قال عليه الصلاة والسلام:" إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى إمرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها" فإفشاء هذه الاسرار من أعظم خيانة الأمانة.

4- المشورة: فإذا عرض علك أخ لك موضوعاً أو مشروعاً وطلب منك الرأي والنصح
فأعلم أن رئيك أمانة وأنك إذا أشرت عليه بغير الرأي الصحيح فإن ذلك من خيانة للأمانة.
نسأل الله أن يجلعنا من الذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون.

سادسا الأمانة والرحم:

عن أبي هريرة. وأبو مالك عن ربعي، عن حذيفة؛ قالا:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يجمع الله تبارك وتعالى الناس. فيقوم المؤمنون حتى تزلف لهم الجنة. فيأتون آدم فيقولون: يا أبانا استفتح لنا الجنة. فيقول: وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم آدم! لست بصاحب ذلك. اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله. قال فيقول إبراهيم: لست بصاحب ذلك. إنما كنت خليلا من وراء وراء. اعمدوا إلى موسى صلى الله عليه وسلم الذي كلمه الله تكليما. فيأتون موسى صلى الله عليه وسلم فيقول: لست بصاحب ذلك. اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه. فيقول عيسى صلى الله عليه وسلم: لست بصاحب ذلك. فيأتون محمدا صلى الله عليه وسلم. فيقوم فيؤذن له. وترسل الأمانة والرحم. فتقومان جنبتي الصراط يمينا وشمالا. فيمر أولكم كالبرق" قال قلت: بأبي أنت وأمي! أي شيء كمر البرق؟ قال "ألم تروا إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفة عين؟ ثم كمر الريح. ثم كمر الطير وشد الرجال. تجري بهم أعمالهم. ونبيكم قائم على الصراط يقول: رب! سلم سلم. حتى تعجز أعمال العباد. حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا. قال وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة. مأمورة بأخذ من أمرت به. فمخدوش ناج ومكدوس في النار". والذي نفس أبي هريرة بيده! إن قعر جهنم لسبعون خريفا.

ثامناً الأمانة عند الأصحاب رضوان الله عليهم:

أمانة الزبير بن العوام وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة:

عن هشام ابن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير قال:لما وقف الزبير يوم الجمل، دعاني فقمت إلى جنبه، فقال: يا بني إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم، وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوما، وإن من أكبر همي لديني، أفترى يبقي ديننا من مالنا شيئا؟ فقال: يا بني بع مالنا فاقض ديني، وأوصى بالثلث، وثلثه لبنيه - يعني بني عبد الله بن الزبير - يقول: ثلث الثلث، فإن فضل من مالنا فضل بعد قضاء الدين فثلثه لولدك، قال هشام: وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير، خبيب وعباد، وله يؤمئذ تسعة بنين وتسع بنات. قال عبد الله: فجعل يوصيني بدينه ويقول: يا بني إن عجزت عنه في شيء فاستعن عليه مولاي. قال: فوالله ما دريت ما أراد حتى قلت: يا أبت من مولاك؟ قال: الله، قال: فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقض عنه دينه فيقضيه، فقتل الزبير رضي الله عنه ولم يدع دينارا ولا درهما إلا أرضين، منها الغابة وإحدى عشرة دارا بالمدينة، ودارين بالبصرة، ودارا بالكوفة، ودارا بمصر، قال: إنما كان دينه الذي عليه أن الرجل كان يأتيه بالمال فيستودعه إياه، فيقول الزبير: لا، ولكنه سلف، فإني أخشى عليه الضيعة، وما ولي إمارة قط، ولا جباية خراج، ولا شيئا إلا أن يكون في غزوة مع النبي صلى الله عليه وسلم، أو مع أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، قال عبد الله بن الزبير: فحسبت ما عليه من الدين فوجدته ألفي ألف ومائتي ألف، قال: فلقي حكيم بن حزام عبد الله بن الزبير فقال: يا ابن أخي، كم على أخي من الدين؟ فكتمه، فقال: مائة ألف، فقال حكيم: والله ما أرى أموالكم تسع لهذه، فقال له عبد الله: أفرأيتك إن كانت ألفي ألف ومائتي ألف؟ قال: ما أراكم تطيقون هذا، فإن عجزتم عن شيء منه فاستعينوا بي، قال: وكان الزبير اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف، فباعها عبد الله بألف ألف وستمائة ألف، ثم قام فقال: من كان له على الزبير حق فليوافنا بالغابة، فأتاه عبد الله بن جعفر، وكان له على الزبير أربعمائة ألف، فقال لعبد الله: إن شئتم تركتها لكم، قال عبد الله: لا، قال: فإن شئتم جعلتموها فيما تؤخرون إن أخرتم، فقال عبد الله: لا، قال: قال: فاقطعوا لي قطعة، فقال عبد الله: لك من ها هنا إلى ها هنا، قال: فباع منها فقضى دينه فأوفاه، وبقي منها أربعة أسهم ونصف، فقدم على معاوية وعنده عمرو بن عثمان والمنذر بن الزبير وابن زمعة، فقال له معاوية: كم قومت الغابة؟ قال: كل سهم مائة ألف، فكم بقي، قال: أربعة أسهم ونصف، قال المنذر بن الزبير: قد أخذت سهما بمائة ألف، قال عمرو بن عثمان: قد أخذت سهما بمائة ألف، وقال ابن زمعة: قد أخذت سهما بمائة ألف، فقال معاوية: كم بقي؟ فقال: سهم ونصف، قال: أخذته بخمسين ومائة ألف، قال: وباع عبد الله بن جعفر نصيبه من معاوية بستمائة ألف، فلما فرغ ابن الزبير من قضاء دينه، قال بنو الزبير: اقسم بيننا ميراثنا، قال: لا والله لا أقسم بينكم حتى أنادي بالموسم أربع سنين: ألا من كان له على الزبير دين فليأتنا فلنقضه، قال: فجعل كل سنة ينادي بالموسم، فلما مضى أربع سنين قسم بينهم، قال: فكان للزبير أربع نسوة، ورفع الثلث، فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائتا ألف، فجميع ماله خمسون ألف ألف، ومائتا ألف.

اللهم إنا نسألك بأنَّا نشهد أن لا إله إلا أنت، الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد،نسألك بكل اسم هو لك، ونسألك باسمك الأعظم الذي إذا سئلت به أعطيت، وإذا دعيت به أجبت، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام أن تعز الإسلام والمسلمين، وأن تدمر أعداء الدين،وأن تصلح من في صلاحه صلاح الإسلام والمسلمين،وأن تهلك من في هلاكه صلاح للإسلام والمسلمين.
اللهم ثبِّتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام، واخلفنا بركنك الذي لا يرام،ولا تهلكنا وأنت رجاؤنا. يا رب كم من نعمة أنعمت بها علينا قلَّ لك عندها شكرنا، وكم من بليَّة ابتليتنا بها قل لها عندك صبرنا. يا من قل عند نعمته شكرنا فلم يحرمنا،ويا من قل عند بليته صبرنا فلم يخذلنا، يا من رآنا على المعاصي فلم يفضحنا،يا ذا النعم التي لا تحصى، يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدًا، هب لنا فرجًا قريبًا،وصبرًا جميلا، وأعنَّا على ديننا بدنيانا،وعلى آخرتنا بتقوى، وكن لنا في الآخرة والأولى، وامكر لنا ولا تمكر بنا، وكن لنا ولا تكن علينا، وتول أمرنا، أنت حسبنا ومن كنت حسبه فقد كفيته..
حسبنا الله ونعم الوكيل. وآخر دعوانا أَنِ الحمد لله رب العالمين
وصل اللهم على سيدنا محمد وسبحانك اللهم وبحمدك