المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماذا حدث للأسرة السعودية ؟؟!



minshawi
12-09-05, 11:51 PM
ناهد با شطح

في محاضرة للدكتور عبدالله محمد الفوزان (أستاذ مشارك في قسم الاجتماع في جامعة الملك سعود في الرياض) في مستشفى أبها قدم حقائق وإحصائيات عن التغيرات الاجتماعية وأثرها على الأسرة السعودية، يقول: "إن 90% من حالات إيذاء الأطفال ناتجة عن سوء معاملة الأم ثم الأب في المرتبة الثانية ثم زوج الأم، حيث في المرتبة الأولى من وسائل إيذاء الأطفال ثم الحرص ثم التحرش الجنسي ثم الإهمال.

وإن أكبر نسبة قضايا مطروحة أمام المحاكم في مكة المكرمة حيث بلغت 90ألف قضية وفق إحصائيات وزارة العدل و 47ألف قضية في المدينة المنورة.

وقد تزايد عدد العوانس إلى مليون ونصف عانس وبعد عام أو عامين سيكون في السعودية مليونا عانس، وقد أكدت الدراسات وجود 15ألف حالة زواج من الخارج 44% ممن تزوجوا من الخارج تقل أعمارهم عن 40سنة و52% منهم لم يسبق لهم التقدم لطلب يد الفتاة السعودية، هذا بالإضافة إلى سيطرة النزعة المادية على المجتمع. ومعاناة عدد من الأسر من زيادة المصروفات فـ 42% من المجتمع السعودي يعملون عملاً إضافياً لتعويض متطلباتهم الحياتية.

وقد أشار الدليل الإحصائي لوزارة العدل للعام 1417هـ إلى أن مجموع عقود الزواج بالمملكة بلغت , 64339يقابلها , 15697صك طلاق أي أن نسبة الطلاق في المملكة بلغت 24% بمعنى أن كل ثلاث حالات زواج يقابلها حالة طلاق واحدة، وحسب الإحصاءات لوحظ أن منطقة مكة المكرمة قد جاءت في المرتبة الأولى من حيث عدد حالات الزواج 18046فالرياض في المرتبة الثانية 10920فالمدينة المنورة فمنطقة عسير 5123وفي المرتبة الخامسة القصيم 4243فالمنطقة الشرقية 3557فيما جاءت محافظة الأفلاج في المرتبة الأخيرة بـ 268فقط.

وبالنسبة للطلاق فقد جاءت محافظة القنفذة في المرتبة الأولى حيث بلغت 489حالة طلاق بنسبة 48% فمحافظة القويعية 113بنسبة 35% فالمنطقة الشرقية 1243بنسبة 34% فيما جاءت منطقة الرياض في المرتبة الرابعة حيث بلغت حالات الطلاق 3664بنسبة 33% فمحافظة وادي الدواسر 148بنسبة 32% فمنطقة عسير 1496بنسبة 29% فتبوك والأفلاج بنسبة 28% فالحدود الشمالية 224بنسبة 27%.

في حين سجلت منطقة الباحة ونجران والدوادمي أقل نسبة في حالات الطلاق على التوالي 12%، 10%، 7%.

النفط وتداعيات مرحلته:

كيف تحول دور الأسرة المساند قديماً للمسجد والحي إلى دور مختلف؟ لماذا تغيرت ملامح الأسرة وإرادتها القوية في المحافظة على كيانها وعلى نظام القرابة كضابط اجتماعي لاستمراريتها؟

إن أعظم حدث اقتصادي مرت به المملكة العربية السعودية في العصر الحديث هو تدفق النفط على أراضيها بكميات ضخمة فقد جاء اكتشافه في عام 1357هـ/1938م وكان استخراجه واستغلاله بمثابة تحول اقتصادي جذري ومفاجئ لمختلف جوانب الحياة الاقتصادية والثقافية والسياسية، ومع تطور استخراج النفط وارتفاع أسعاره في عام 1392هـ/1973م تكون المال الفائض من عائدات النفط، وكان وقت الطفرة المالية التي شهدها مجتمع المنطقة لأول مرة في تاريخه.

من هنا بدأ المجتمع ينفض عنه العزلة وبرزت الثقافات المتجددة التي أدت إلى هجرة 18ألف أسرة للإقامة الدائمة في مدينة الرياض وفي غيرها من المدن وازدادت ضغوط الحياة الاقتصادية والاجتماعية بفعل هذه الهجرة، أو بفعل الحراك الاجتماعي أفقياً ورأسياً.

هذا النمو الحضاري انعكس على واقع الأسرة السعودية وأحدث تأثيرات قوية في بناء الأسرة ودورها.

وإذا كنا سنتحدث عن الأسرة فمن الضروري أن نتحدث عن مؤسسيها الزوج والزوجة وكيف تحولت في المجتمع بعض البيوت إلى منازل آيلة للسقوط.. تحت سقفها أفراد لا تجمعهم العاطفة أو الود انما مصلحة البقاء في وضع اجتماعي مقبول لدى المجتمع في جو من العزلة والانفصال الروحي.

إن التفكك الأسري وعدم الترابط ينعكسان بشكل سلبي على الأطفال في الأسرة وتساهم هذه الحالة في بناء مجتمع مفكك نظراً لمعاناة أطفاله وقد أجرى الباحثون بجامعة بنسلفانيا الأمريكية دراسة ميدانية شملت حوالي مائتي أسرة تضم أطفالاً ما بين الصف الأول والرابع الابتدائي لتقييم مدى تأثير تصرف الوالدين وعلاقاتهم الأسرية على نمو الطفل، حيث وجد الباحثون أن ضغوط العمل والمشكلات الأسرية وما ينجم عنها من أزمات نفسية للأطفال، يمكن أن تعرقل وسائل التواصل النفسي بين الأبوين وأطفالهم.

ولاحظ الأستاذ مندل القباع من خلال خبرته في ميدان (الأحداث) لدينا أن "75% من حالات الإيداع المؤسسي هم سليلو أسر مفككة، فالجنوح في هذه الحالة يمثل حالات لم تهيأ لها الفرصة الأسرية للنمو السليم.

وهؤلاء الأطفال الذين ينشؤون في هذا المناخ ينطوون في سلوكهم على انحراف كامن حين يجد الفرصة سانحة في أي زمان أو مكان عبر عن نفسه وصار سلوكاً ممارساً ملموساً في تصرفات حياتية".

وفي دراسة قام بها الباحث نفسه موضوعها الترابط الأسري وأثره في تكوين شخصية الشباب لاحظ أن نسبة 50% من عينة الدراسة غير راضية عن وضع الأسرة و50% أفادت بأن ثمة شجاراً دائماً بين الأب والأم وأن 32% لا يهتم بهم أحد في المنزل وفي دراسة للأستاذ (حسن الساعاتي) وجد أن ,674% من الأحداث الجانحين قد انحدروا من أسر غير متوافقة ومفككة.

إذن فارتفاع نسبة الأحداث في المجتمع ينتج عن عدم وجود الأسرة الحاضنة لكن ليس هذا هو الأثر الوحيد للتفكك الأسري بل إن هناك آثارا تسري على المجتمع والأجيال حددها الدكتور سليمان أحمد بالآتي:

1- خروج جيل حاقد على المجتمع لفقدان الرعاية منه.

2- وجود أفراد متشردين في المجتمع.

3- انتشار السرقة والاحتيال والنسب.

4- تفشي الجريمة والرذيلة في المجتمع.

5- زعزعة الأمن والاستقرار.

6- عدم تماسك المجتمع في الملمات.

7- عدم الشعور بالمسؤولية.

8- انحطاط أخلاقيات المجتمع.

9- عدم احترام سلوك وعادات وأعراف المجتمع.

10- تدهور سمعة الأمة وهيبتها.

بعض ملامح التغير:

لقد تغيرت الحياة من حول الأسرة في العالم أجمع ولن نجحف الأسرة السعودية شيئاً من أصالتها فما زال الخير فيها، لكن التغير سنة الحياة وقد أسهم تخطيط الأحياء في تباعد المساكن واختلفت أدوار الرجل والمرأة حين خرجت المرأة للعمل ومع قدوم العمالة من خادمات وسائقين.

كما نشأ عن عائدات النفط قيم استهلاكية مثل الانفتاح والسفر إلى الخارج كما ظهر الاستهلاك الترفي الذي تحدثت عنه دراسة "سلوك المستهلك السعودي" التي قام بها الدكتور "حسن أبو ركبة" حيث وجد أن "40-60% من دخل الأسرة السنوي ينفق على الغذاء و15-20% على الكساء ومثلها على العلاج والترفيه والسياحة و5-10% على التأثيث ومثلها على الأجهزة الكهربائية و5-15% على التعليم ومثلها على السكن ومثلها كمدخرات".

إن التغيرات العالمية أحدثت تغيراً في المجتمع بتحديث قيمه وظهر التنافس بين أفراده عامة وبين الأزواج بشكل خاص والأخير مختلف عن التنافس التقليدي الذي يوجد طبيعياً بين الأزواج إذ إن أشكال التنافس كما يحددها الدكتور حسان المالح استشاري الطب النفسي بجدة في قوله: "يأخذ التنافس أشكالاً ظاهرة واضحة أو غامضة غير مباشرة، وذلك وفقاً لشخصية الزوجين وظروفهما.. وفي العلاقة الزوجية التقليدية حيث يعمل الرجل خارج المنزل وتعمل المرأة داخله يأخذ التنافس والصراع أشكالاً تختلف عنها في العلاقات الزوجية الحديثة حيث يعمل الطرفان خارج المنزل.

ومن أمثلة التنافس في العلاقات التقليدية الخلاف حول الطبخ والطعام وجودته وإتقانه..

وفي الأسرة الحديثة يأخذ التنافس موضوعات أخرى مثل التحصيل العلمي أو المادي أو المهني أو التفوق الثقافي والمعرفة العامة أو التخصصية وغير ذلك وهناك التنافس المقبول الإيجابي ولكن التنافس المدمر هو الذي يمكن أن يكون عامل هدم في العلاقات الإنسانية عموماً وفي العلاقات الزوجية خصوصاً.. ولا بد من القول إن العصر الحديث وقيمه التي تشجع على الفردية والأنانية والتنافس.. لها دورها في زيادة حدة التنافس وإشعاله بين الأزواج ومن ثم ازدياد الاختلاف والصراع.. ولا يعني ذلك أن التنافس لم يكن موجوداً قديماً ولكن ربما كان بدرجات أقل أو أشكال مختلفة".

هذا التنافس لا بد له من وعي بقيمته وتحويله إلى إيجابية تحفز الزوجين لبناء أسرة متطورة وفق قواعد متينة وفق الأطر الإسلامية.

مشكلاتنا العائلية وأسبابها:

المشاكل في كل البيوت نتيجة احتكاك الأفراد وهي غالباً تكسر حدة الملل والروتين وتنشط العلاقات الإنسانية إذا ما تعاملنا معها بإيجابية ولكن هناك بيوت تصرخ وأخرى باردة وصامتة لماذا؟

يمكن تقسيم أسباب المشاكل العائلية إلى ثلاثة محاور:

أ- من وجهة نظر الرجل:

1- عدم تقدير الزوجة لأعباء زوجها وواجباته الاجتماعية "طبيعة عمله".

2- عدم مراعاة الزوجة لأوضاع زوجها المالية.

3- اختلاف ميول الزوجة ورغباتها عن الزوج.

4- إهمال المرأة لشؤون الأسرة.

ب- من وجهة نظر المرأة:

1- تدخل الزوج في الشؤون البيتية أكثر مما ينبغي.

2- بقاء الزوج فترة طويلة خارج المنزل.

3- رغبة الزوج في الانعزال عن الآخرين أو الاختلاط في المجتمع المحيط.

4- النظرة الدونية للمرأة.

5- التلفظ أمام الأطفال بكلمات غير لائقة.

6- انخفاض المستوى الثقافي والاجتماعي للزوج مقارنة بالزوجة.

7- عدم إعطاء الزوجة الحرية أو الثقة في تصرفاتها الشخصية.

8- عدم تعاون الزوج في توفيق الزوجة بين العمل ومتطلبات الأسرة.

ج- أسباب مشتركة:

تحكيم العاطفة أو المصلحة المادية عند اختيار الزوج أو الزوجة، سوء فهم كل من الزوجين لطباع الآخر، الاختلاف المستمر في الآراء ووجهات النظر، المشكلات الجنسية والعاطفية، تباين أسلوب كل منهما في تربية الأبناء، المسائل المادية، كذب أحدهما على الآخر، تدخل أهل الزوج أو الزوجة في كل صغيرة وكبيرة تتعلق بالأسرة، العناد، الغيرة الشديدة، الأنانية، فارق العمر، انعدام الحوار، الرغبة في إنجاب الكثير من الأبناء، عدم تحمل المسؤولية، عدم فهم كل طرف لشخصية الآخر، افشاء أسرار البيت، انفاق المال في غير محله، العمل المرهق خارج المنزل، التسلط، الخيانة.

هذه الأسباب وغيرها هي مربط الفرس حين يعيها الزوجان ولكن السؤال من الذي يمكن أن يتدخل لتوعية قطبي الأسرة بالمشاكل والحلول، هنا مربط الفرس ففي ظل هذه التغيرات التي حدثت للأسرة فإننا لا نجد نشاطاً من مؤسسات المجتمع للاهتمام بها فالمراكز الأسرية الحكومية المنوطة بهذا الدور مفقودة لدينا وأرجو ألا نوكل إلى الجمعيات الخيرية هذا الدور التخصصي فلديها من المسؤوليات ما يكفيها فضلاً عن توجهها مؤخراً إلى الاهتمام بالأنشطة الثقافية ودورات تدريب اللغة الإنجليزية والحاسب الآلي.

إن مشاكل الأسرة لدينا تتفاقم وقد تبدلت نوعية القضايا التي تطرح في المحاكم وكذلك كيفية صدور الأحكام لقد تغيرت مفاهيم الناس نحو صياغة العلاقات الإنسانية (في الأسرة أو مجال العمل).

وعند سؤال أي قاض اليوم فإنه سيتحدث بما يسمعه ويراه كل يوم من مشاكل بين الزوجين كان بالإمكان أن تمر بقنوات أخرى لحلها قبل الوصول إلى القضاء ووقوف الزوجين أمام المحكمة.

كيف هو التوازن؟

لا بد للمؤسسات المجتمعية من النهوض بوعي الأفراد نحو تأكيد قيم التعاون والمحبة والمودة والسكن ومعرفة الأمور النفسية الداخلية التي تدفع الناس إلى التنافس مما يساهم في ضبط النفس والمشكلات والصراع، ضمن الحدود المقبولة الإيجابية والتي تساعد على البناء والازدهار ولا بد لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية أن تلتفت إلى إعداد برامج تعمل على ترقية الأسرة وتنميتها عن طريق تمكين الأسرة في عمومها من العيش في رغد وسد كافة احتياجاتها دون معاناة وهو الدور المعتاد ولكن يبقى دورها مهما في إنشاء وحدات إرشاد أسري في الأحياء وإن كانت مثلاً تابعة للوحدات الصحية إلا أن دورها ليس صحياً. وقد دعا د. الفوزان إلى التفاعل الروحي بين أفراد الأسرة ومحاولة حل المشكلات التي تواجه الأسرة السعودية من غلاء المعيشة والبطالة ومشكلات الإسكان وتفعيل دور صندوق التنمية العقارية ودور الجمعيات الخيرية للمساهمة في دعم الأسر السعودية التي تواجه المزيد من حالات الانحراف والعنوسة والسجون.

وكان للأستاذ مندل القباع رأي في التوسع في فصول تعليم الكبار من الرجال والنساء على السواء، والاهتمام بالتوعية وبرامج الإرشاد والتوجيه الاجتماعي والنفسي في المدارس والمؤسسات الاجتماعية وبذل مزيد من الاهتمام بالبرامج التعليمية والتأهيلية وبوســـــائل الإعلام المختلفة فضلاً عن الاهتمام بدور المسجد في التوعية والحاق مراكز إرشادية وتعليمية وثقافية بالمساجد العامة، والاهتمام بتخطيط المناطق العشوائية وتزويدها باحتياجاتها من المرافق والخدمات العامة.

أما نحن فنبتهل إلى الله أن تجد الأسرة مكاناً آمناً يحتوي مشكلاتها في زمن متسارع بدأت فيه العولمة تدق أجراس التغير ولا بد من إحداث التوازن لئلا تختل القواعد المثلى لتأسيس الأسرة في المجتمع.

الأعضاء فقط هم الذين يستطيعون مشاهدة الروابط (الأعضاء فقط هم الذين يستطيعون مشاهدة الروابط)