مقياس الإجهاد الرقمي
Digital Stress Scale
ناقوس خطر دقه ذلك البناء النفسي الجديد الذي فرض نفسه على الساحات التربوية فأصبح بمثابة الضوء الأحمر الذي أضاء معلنا ًنداءات الاستغاثة ... فقد ظن أنها المنجية فصارت وكأنها طريقاً للهاوية ... فمن يا ترى المستغيث؟ وما المستغاث منه؟
المستغيث هو ذاك الذي ذهب ليبحث عن حاجاته – والتي هي حق أصيل له - في عالمه الواقعي فخذله الواقع فوقع في فخها، وأفرط في التعايش معها لعله يجد ضالته فيها، فأصبحت بريقا في عينيه، وأمست شبحًا مخيفاً مكبلاً ليديه.
إنها التكنولوجيا التي أنبتت ذلك المشهد الرقمي الذي بات مخيفًا جدًا، وباتت آثاره معقدةَ للغاية، كما بات إيقاعه سريع الحركة ودقيقاً بحيث يصعب فهمه بشكل كامل، وقد أفرز أبنية نفسية جديدة فرضت نفسها على الساحات التربوية ، ولا جدال حول فوائد استخدام تكنولوجيا المعلومات ووسائل التواصل الاجتماعي من أجل التعلم والصحة النفسية والرفاهية، ومع ذلك، فإن فرص الاتصال نفسها التي تمهد الطريق لهذه الآثار المفيدة للتواصل عبر الإنترنت تحمل المخاطر الكامنة في فرض عبء دائم على مستخدمي الإنترنت كانعكاس للتوقعات الاجتماعية للاستجابة للاتصال عبر الإنترنت، والكم الهائل من محتوى الاتصال، بالإضافة إلى السلوك المتكرر للجمع بين استخدام الإنترنت والأنشطة المتزامنة الأخرى، وكل ذلك قد يعرض المستخدمين لنوع من الإجهاد - أطلق عليه الإجهاد الرقمي Digital Stress - يضعف صحتهم النفسية، ويؤثر على عملياتهم المعرفية، ورصيدهم الاجتماعي الواقعي خارج نطاق الإنترنت.
ومع مرور الوقت تأكد ارتباط استخدام الوسائط الاجتماعية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بالنتائج النفسية السلبية للمراهقين والشباب، وظهر الإجهاد الرقمي كوسيط للعلاقة بين استخدام الوسائط والنتائج السلبية، وقد أفاد 0.45.2 % من الشباب المرهقين أنهم يعانون من إجهاد رقمي من إجمالي عينة قوامها 680 وفقا لما توصلت اليه دراسة Nick et al. (2022)، كما أشارت النتائج إلى ارتباط الإجهاد الرقمي بزيادة أعراض الاكتئاب، وقام Thomee et al. (2007,2011,2012) بالتحقيق في تأثير استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على الإجهاد والاكتئاب وصعوبات النوم، بهدف استخلاص استنتاجات سببية، حيث أجروا دراسة جماعية مع أكثر من 4000 شاب (2011، 2012)، لم يجدوا فقط معدلات انتشار أعلى بكثير للإجهاد والاكتئاب واضطرابات النوم بين أولئك الذين استخدموا الهواتف المحمولة بشكل مكثف، ولكن أيضًا وجدوا تأثيرًا لأشكال معينة من الاستخدام على هذه النتائج لكل من الذكور والإناث.
وتجدر الإشارة إلى أن المخاطر المترتبة على الإجهاد الرقمي في بيئة الدراسة قد تتمثل في الشعور بالإرهاق والتوتر وانخفاض مستوى التوافق النفسي والأكاديمي، والعزوف عن الاندماج الأكاديمي، والافتقار إلى الدعم الاجتماعي الحقيقي والواقعي بعيدا عن الإنترنت، وقد تصل إلى التسويف الأكاديمي، ولذلك فمن الأهمية بمكان الدراسة المتعمقة لهذه الظاهرة وتقنين قياسها والتدخل بالدعم المناسب لتخفيفها للحد من المزيد من الآثار النفسية والتربوية الضارة بعيدة المدى.
حاولت الباحثة/ معدة الأداة الحالية أن تستكشف بشكل استقرائي الخصائص والأشكال المتصورة للإجهاد الرقمي في حياة الطلاب في المراحل العمرية والتعليمية المختلفة، وخصوصا في ضوء ندرة دراسة هذه الظاهرة – الإجهاد الرقمي – في البيئة العربية، وذلك بهدف جعل ظاهرة الإجهاد الرقمي ملموسة تجريبياً، وقابلة للقياس، وربطها بمفاهيم نفسية وتربوية أخرى، وتحقيقًا لهذا الهدف أعد هذا الكتيب الذي يتضمن تقريراً عن مقياس جديد يعتمد على التقرير الذاتي لتقييم الإجهاد الرقمي المدرك. يتناول الكتيب ما يأتي:
1- عرض لنشأة وتطور مفهوم الإجهاد الرقمي.
2- عرض مكونات الإجهاد الرقمي وفقًا لمراجعة العديد من الأدبيات
3- المداخل النظرية المفسرة للإجهاد الرقمي: التي قد تسهم في فهم هذه البنية النفسية الجديدة – الإجهاد الرقمي – وتفسيرها وفقاً لكل نظرية مثل:
أ- النموذج التفاعلي للإجهاد the transactional model of stress
ب- نموذج عنق الزجاجة The bottleneck theory
ج- نظرية السعة المحدودة limited capacity theory
د- التفسير العصبي للإجهاد الرقمي
ه- الإجهاد الرقمي في ضوء نظرية تقرير المصير Self Determination Theory
4- خطوات إعداد المقياس والتحقق من الخصائص السيكومترية له والوصول للصورة النهائية للمقياس
بفضل الله المقياس الآن بمكتبة الأنجلو المصرية