في حوار أجرته «حملة السكينة» مع أحد التائبين من الفكر المنحرف

متعاطف سابق: «القاعدة» صورت لنا أفراد المجتمع جواسيس ومنافقون





قال أحد التائبين من الأفكار المنحرفة، إن دعاة الفتنة الضالة كانوا ينظرون إلى أفراد المجتمع على أنهم جواسيس ومنافقون، ويصورون لنا المجتمع على أنه مجتمع جاهلي.
و أفصح التائب من أفكار الفئة الضالة ـ والذي أبدى في وقت سابق تعاطفا مع تنظيم القاعدة عبر "الإنترنت" من خلال دخوله في سجالات وحوارات فكرية مع منسوبي ودعاة حملة السكينة (تحت إشراف وزارة الشؤون الإسلامية) على الشبكة العنكبوتية ـ عن أمور عدة جاء من أبرزها وفق ما قاله، إن المنتديات الجهادية والمواقع المحرضة على الجهاد كثيرة، حيث كانت تشبع ما لدينا من حماس.
وفي معرض رده على بعض التساؤلات التي طرحها عليه، دعاة حملة السكينة، أن القائمين على تلك المواقع التضليلية استندوا في تجنيدهم للشباب وتوظيفهم لمصلحتهم، على الأحداث الدائرة في أفغانستان والهجوم على دولة طالبان، مستشهدين في ذلك ـ يقصد ـ القائمين على تلك المواقع بمواقف بعض الدول الإسلامية المتخاذلة ـ كما يعتقدون ـ في نصرة إخوانهم المسلمين في شتى أنحاء العالم، في إشارة منهم إلى تحريض الشباب على حكومات بلدانهم وإظهارهم بصورة مخزية، وأنهم أصحاب الحق، وليسوا منحرفين فكريا أو مسوقين لأفكار وأهداف تضليلية. فإلى أبزر المحاور التي طرحت في اللقاء:

فهيد الغيثي من الرياض

*متى بدأت رحلتكم مع هذا الفكر؟.. وكيف كانت البداية؟ .. وما أبرز العوامل التي كان لها تأثير فيكم للتعاطف مع هذا الفكر؟
ـ لم أكن أعرف تفاصيل الفكر الجهادي أو بقية الأحزاب والجماعات، الذي كنت أعرفه ـ وأظن أغلب الشباب مثلي ـ هو الحماس للدين والدفاع عنه وأن الجميع، أي جميع الأحزاب، تعمل للدين من زاوية تراها صحيحة. وهذا ما فهمناه من بعض الدعاة أن الجميع على حق وصواب لأنهم يعملون في ثغر من الثغور المهمة.
بعد أحداث أفغانستان والهجوم عليها وعلى دولة طالبان، تعاطفت كثيرا مع المسلمين هناك، وبدأت أسمع من يكفر الدولة السعودية بسبب صمتها أو كما صوروا لنا أنها ساهمت في الحرب، وانضممت إلى مجموعات في الإنترنت نتبادل المعلومات، ونحاول أن ننشر الأفكار التي تصلنا من جهات في الحقيقة مجهولة، لكننا نظنهم مجاهدين ويذكرون أنهم في الثغور مرابطون.
السبب الثاني في رأيي الطرف الآخر الذين يحملون فكر التكفير والتفجير، توجد طبقة كبيرة وعريضة ليسوا معهم، لكنهم يمهدون الطريق لهم وللوصول إلى فكرهم، فأغلب الذين يخدمون تنظيم القاعدة ليسوا في التنظيم، وضد التفجير والقتل، لكنهم يتفقون معهم في النظرة للدول والحكومات والمجتمع.
ثم لما بدأت أحداث التفجير في السعودية ومطاردة أعضاء تنظيم القاعدة أو بعض المنتمين للجهاد كان هناك تهيج رهيب بيننا، وكانوا يجمعون الشباب بشكل كبير عبر الإنترنت، حتى أنه تقام دورات مكثفة في القتال والتفجير وصناعة القنابل والاغتيالات. ومن جهة أخرى إظهار الحكومة بأنها كافرة ومن يعمل بها، وفعلا عزلونا عن المجتمع.
المنتديات الجهادية والمواقع كانت كثيرة ومثيرة وفعلا تشبع ما لدينا من حماس.
*هل كان لشخص ما أو لصحبة السبب في تعاطفكم مع هذه الفئة؟
ـ الوضع حولنا بأفراده ومجموعاته كله كان يساعد على هذا الانحراف.
أما الأصوات الأخرى التي تنهى عن الانخراط في الأحزاب كانت قليلة ومرفوضة كذلك، يعني صوروهم لنا أنهم مباحث وأنهم منافقون.
* أي الوسائل كانت أكثر تأثيرا فيك للتعاطف مع من يعتنقون الفكر المتشدد: الخطب الحماسية..الأشرطة..الأناشيد ..الفتاوى؟
ـ الأناشيد، وأغلب الشباب تأثروا بها، مع التأثر طبعا بالمحاضرات والخطب الحماسية.
* كيف كان منظورك للمجتمع وأنت تنتمي أو تتعاطف مع هذه الفئة؟
ـ مجتمع جاهلي، ويعيش جاهلية أعظم من جاهلية مشركي العرب.
ومسألة المجتمع الجاهلي مأخوذة من سيد قطب رحمه الله ومن جماعة الإخوان المسلمين، فحتى أنتمي لأي جماعة لابد أن أبتعد عن المجتمع وأراه كله على خطأ.

* حدثنا بالتفصيل عن رحلاتك مع هذه الفئة؟ وهل سافرت إلى خارج البلاد؟ ومع من؟
كنت أتجهز للسفر إلى العراق لكن من الله علي ولطف وحدثت أمور منعتني. وقبل سنوات كنا نخرج مع مجموعة من الشباب رحلات برية. الآن وبعد توبتنا عرفنا أنها كانت إعدادا للقتال ! تخيل يكون علينا أميرا ونائب أمير .. وتدريب صباحي وفنون للقتال، ثم قراءة من كتب جهادية، وتصوير في الصحراء، وعرض أفلام للمجاهدين. الغريب أن بعض الشباب الصغار لا يفقهون بعض مهمات الدين ويعلمونهم فك السلاح والرمي!
حتى الذهاب للمحاضرات والدروس .. يمنع الحضور إلا لأسماء معينة فقط!
* كيف بدأت التحاور عبر الإنترنت؟ وهل كنت تدخل كمتلق أم محاور؟ وأي المواقع التي كنت دائم التردد عليها؟
ـ نحن مجموعة كان لنا نشاط في منتديات الفردوس والإخلاص والحسبة. وصلتني عبر الرسائل الخاصة رسالة لطيفة، وفيها تعليقات تحذر من طريقة التكفير والتفجير لكن بأسلوب جذاب ومحترم. وفي الوقت نفسه وصلت عدة رسائل خاصة لبعض الأصدقاء، وبدأنا نتحاور معهم ونجمع الردود ونراسلهم محاولة لجذبهم إلى أفكارنا، ثم صدر تحذير من الدخول في حوارات ونقاشات مع هؤلاء ومع المنافقين والمبتدعة. بعض الأصدقاء فعلا ترك الحوار، لكني ومجموعة قليلة استمررنا مدة طويلة، وكنا نجتمع يوميا في تباحث ما يطرح علينا وما نطرحه عليهم.
في الحقيقة صدمنا بالحقائق الشرعية!
وأكثر ما صدمنا أن فكر تنظيم الجهاد والقاعدة لا يقوم على أسس شرعية صحيحة، وأنه يخالف قواعد الشريعة.
لما بدأنا نطرح شكوكنا في المنتديات والمواقع مباشرة تم حجبنا وطردنا!
استمررنا في التواصل مع الإخوة الفضلاء الذين تبين أنهم في حملة السكينة مدة طويلة تعدت ستة أشهر.
ومنّ الله علينا بالرجوع إلى الحق.
والحمد لله أننا لم نتلطخ بدماء بريئة، ولم نباشر أي عمل فيه تعد أو قتل أو تفجير.

*في أي القضايا قبلت أن تتناقش مع حملة السكينة؟
ـ في الحقيقة كانوا يتدرجون معي بشكل متسلسل جميل، ولم يكن هناك استفزاز، أول نقطة أرسلوا مجموعة من التعليقات متنوعة حول الجهاد والتكفير لأول مرة أقرأها رغم أنها موجودة في الكتب الفقهية والعلمية، ثم بدأت أتساءل وأرد، وكنت مصرا على أن أجذب هذا المحاور ليكون معنا وفي صفنا.
* معتقدات كانت راسخة عندك حول : الجهاد ..الولاء والبراء..التترس.. ومتى شعرت أن هناك مفاهيم خاطئة؟
ـ القاعدة العامة عندنا قيام الخلافة الإسلامية وطبعا لا تقوم إلا على أنقاض الدول الإسلامية، وفي تحقيق هذا الهدف يجوز كل شيء.
إضافة إلى محاربة أمريكا وأوروبا في أي مكان وعبر جميع الوسائل، خاصة داخل البلاد الإسلامية لأن هذا استعمار يجب تخليص البلاد الإسلامية منه.
الولاء والبراء والتكفير والتترس وغيرها كلها أدوات ومبررات للوصول إلى الهدف الأسمى.
بدأت الشبهات تنقشع من خلال الدخول في حوارات وقراءة روابط ومقالات كان يرسلها بعض الأشخاص إلى بريدي وعبر المنتديات.
التخريب في بلاد المسلمين لمصلحة من؟
وهل سيتم انتقال السلطة للمجاهدين؟
وأصلا هل يجوز الخروج على الدول الموجودة الآن؟
ظهرت سلسلة من الأسئلة التي نبهتني للاستفسار والبحث والسؤال.
*وضعك الاقتصادي .. هل تعمل؟ .. متوسط الراتب؟.. وهل تؤثر فيك الضغوط الاقتصادية وتدفعك إلى اتجاه معين؟
ـ أنا أدرس ماجستير في الزراعة وكنت قد تركت دراسة الماجستير بسبب انضمامي لمجموعات الجهاد في النت، ثم رجعت للدراسة بعد توبتي والحمد لله. وأفهم سؤالك فأنت تقصد هل للوضع الاقتصادي تأثير والحالة المالية؟ أتوقع نعم لأن الوضع المالي يشكل ضغطا نفسيا يريد الإنسان الهروب منه بأي شكل.
* حدثنا عن وضعك الأسري وترتيبك بين أفراد أسرتك؟ وطموحاتك في الصغر .. وماذا كنت تريد أن تكون في فترة المراهقة؟
ـ أنا الأكبر، وكان لي نشاط كبير في المدرسة. أحب المشاركة والتعاون، وانضممت لجمعيات كثيرة لكنها لم تكن تلبي ما لدي من طموح، ولم تستفد من طاقتي. وتمنيت كثيرا أن أكون طبيبا. وما زالت الأمنية لدي رغم أني خريج كلية الزراعة.

http://www.aleqt.com/2011/01/01/article_485748.html