الأمن الفكري..


الأمن ليس ترفاً..
بل حاجة ملحة تنتفي بدونه الحياة والاستقرار والسعادة..
والفكر ليس عبثاً..
بل هو المدخل الحقيقي للاكتشاف والعلم والمعرفة والعبادة والتغيير..
قال تعالى: ]الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف[.

إن الطمأنينة وعدم الخوف والثقة وعدم الخيانة..
هي من مقومات المجتمعات الآمنة والمنتجة والنابضة بالحياة..

إن ما يعيشه العالم اليوم من حروب وتشريد وفقر وجوع وإحباط وملل وبطالة..
أدى بشكل أو بآخر إلى بعض الظواهر السلبية والغريبة على كثير من المجتمعات..
ومجتمعنا السعودي ليس بمنأى عن تلك الظواهر والأحداث..
ففي ضل نقص التوجيه والنصح والرعاية من بعض الأسر و بعض المؤسسات التربوية. برزت أهمية مصطلح "الأمن الفكري"..
والذي تضطلع به وزارة التربية والتعليم تحت شعار " فكر آمن.. حياة مطمئنة " لتزويد أبنائنا الطلاب بجرعات وأمصال ولقاحات ضد تلك الأمراض المعدية والتي قد تجد طريقها في الانتقال إليهم في ضل ذلك النقص..

إن الشريحة الأكبر في مجتمعنا هي شريحة الشباب.
في مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا نحتاج لمفهوم أكثر دقة ودراية ومنهجية "التربية الأمنية".
إن قضاء ما يربو على 16عاماً بين غرف الدرس وقاعات المحاضرات يستحق منا هذه الدعوة لحماية الأمن الفكري في مؤسساتنا التربوية والتعليمية والوقفة الجادة في وجه كل اختراق وعبث بعقول أبنائنا كي نُعدهم إعداداً أمنياً وفكرياً صحيحاً بما يتناسب مع المرحلة العمرية التي يعيشونها. والمتمثلة في أن يكون الأب والمعلم هما القدوة الحسنة للأبناء وتهيئة الجو الأسري والمدرسي المناسبين والصحي لحب العلم والمعلمين وإتباع أسلوب الحوار والمناقشة وقبول الآخر رغم الاختلاف وإعطائهم قدر من الاهتمام والاحترام بما يقولون أو يفكرون به وتنمية إحساسهم بمشكلات مجتمعهم وأخطاءه وتحفيزهم لحلها و إعطائهم قدر من المسؤولية في الاختيار والتعبير وتحذيرهم من الأفكار والأعمال التي لا تتماشى مع الدين وعادات المجتمع وبيان ما للوطن من حقوق وواجبات وتنمية الحس الأمني لدى الأبناء والدفاع عنه.
قال تعالى: ] الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون[.

إن المشكلة ليست في الانفتاح الذي نعيشه اليوم ـ في ضل العولمة ـ ولا في وجود كثير من القنوات الفضائية والألعاب الإليكترونية والإنترنت أمام أبنائنا صباح مساء ..
ولكن أن تكون أمام أعينهم دون حصانة ووعي وتمييز هي المشكلة.

إن ظهور كثير من السلبيات والقضايا والسلوكيات الغريبة في مدارسنا وشوارعنا وأحياؤنا. يرجعه عامة المجتمع لمؤسساته التربوية والتعليمية. وهذا خطأ واضح وظلم بائن..
لأنه ليس من المقبول ولا المعقول أن تتحمل المؤسسات التربوية والتعليمية وحدها هذا العبء رغم قيامها بالفعل بهذا الدور في غياب أدوار كثير من مؤسسات المجتمع المدني والتي لها نفس العلاقة والصلة بحياة الأبناء وأفراد المجتمع .

إن العلاقة الأزلية والحميمية بين البيت والمدرسة والتي "كان" ينظر على أنها تسهم في حل بل في القضاء على تلك الظواهر لم تعد حميمية..!
ولم يعد هناك تواصل يعوّل عليه في إيجاد الحلول الناجعة في ضل وجود الـ sms وغياب تلك الأدوار.

إننا في هذا الوقت بأمس الحاجة لردم تلك الفجوة الواضحة بين شبابنا ومعلمينا وعلمائنا والتي لا تنبئ بخير. والوقاية خير من العلاج.
فاصلة..
"رب أجعل هذا البلد آمنا
عن عادل بن زعل الفقيري
مدير متوسطة فرسان تبوك الأهلية