نشرت صحيفة عكاظ في عددها الصادر يوم الخميس 27-1-1425هـ الخبر التالي:اول باحث متخصص.. العقيد منشاوي محذراً من تجاوز الاخلاقيات: الحماية من جرائم ''الانترنت''.. كيف?
المصدر : محمد داوود (جدة )getTitleAuthor()
(ازدادت في الفترة الاخيرة جرائم الانترنت وذلك على المستوى العالمي , وفي هذا الاطار يقول العقيد محمد عبدالله منشاوي اول باحث متخصص في دراسات جرائم الانترنت ومدير قسم الاحصاء والدراسات الجنائية في شرطة العاصمة المقدسة :
يمكن النظر للانترنت كمهدد للأمن الاجتماعي وخاصة في المجتمعات المغلقة والشرقية, حيث إن تعرّض مثل هذه المجتمعات لقيم وسلوكيات المجتمعات الأخرى قد يسبب تلوثا ثقافيا يؤدي إلى تفسخ اجتماعي وانهيار في النظام الاجتماعي العام لهذه المجتمعات. إن الاستخدام غير الأخلاقي واللاقانوني للشبكة قد يصل إلى مئات المراهقين والهواة مما يؤثر سلبا على نمو شخصياتهم النمو السليم ويوقعهم في أزمات نمو, وأزمات قيمية لا تتماشى مع النظام الاجتماعي السائد, وبخاصة عند التعامل مع المواضيع غير الاخلاقية وتقديم الصور والمواد الإباحية''.
ويشير العقيد منشاوي الى ان المخاطر الأمنية متجددة وليست قاصرة على وقت أو نوع معين و مع دخول الكمبيوتر ( الحاسب الآلي ) الذكي إلى المنازل فان ذلك سيفتح الباب لأنواع متطورة من الجرائم التي تستغل إمكانية برمجة الأجهزة المنزلية ووصلها بالحاسب الآلي وبشبكة الانترنت, فطالما انك تستطيع مثلا وصل خزانة الأموال في مكتبك بشبكة الانترنت لإعطاء إنذار عند محاولة فتحها فربما يكون من الممكن فتحها عن بعد بواسطة الكمبيوتر ( الحاسب الآلي ) ثم الوصول إليها وإفراغها ,
كما ان التطور التقني تطور في طرق إثبات الجريمة والتعامل معها, فالجرائم العادية يسهل - غالباً - تحديد مكان ارتكابها, بل ان ذلك يعتبر خطوة أولى وأساسية لكشف ملابسات الجريمة, في حين انه من الصعوبة بمكان تحديد مكان وقوع الحادثة عند التعامل مع جرائم الانترنت, لكون الرسائل والملفات الحاسوبية تنتقل من نظام إلى آخر في ثوان قليلة, كما انه لا يقف أمام تنقل الملفات والرسائل الحاسوبية أية حدود دولية أو جغرافية. ونتيجة لذلك فإن تحديد أين تكون المحاكمة وما هي القوانين التي تخضع لها أمر في غاية الحساسية والتعقيد خاصة ان كل دولة تختلف قوانينها عن الدولة الأخرى, فما يعتبر جريمة في الصين مثلا قد لا يعتبر جريمة في أمريكا والعكس صحيح, بل أن الأمر يصل إلى حد اختلاف قوانين الولايات المختلفة داخل الدولة الواحدة كما في الولايات المتحدة الأمريكية.
وكشف العقيد منشاوي ان التطور التقني أدى إلى ظهور جرائم جديدة لم يتناولها القانون الجنائي التقليدي, مما اجمع معه مشرعو القانون الوضعي في الدول المتقدمة على جسامة الجريمة المعلوماتية والتهديدات التي يمكن أن تنشأ عن استخدام الحاسب الآلي وشبكة الإنترنت, ودفعهم هذا إلى دراسة هذه الظاهرة الإجرامية الجديدة وما اثارته من مشكلات قانونية حول تطبيق القانون الجنائي من حيث الاختصاص القضائي ومكان وزمان ارتكاب الجريمة حيث يسهل على المجرم في مثل هذه الجرائم ارتكاب جريمة ما في مكان غير المكان الذي يتواجد فيه أو الذي حدثت فيه نتائج فعله, وتطوير القوانين الجنائية وتحديثها امر يستغرق بعض الوقت فـ'' هناك تعديلات كثيرة مطلوب ادخالها على التشريعات التي تتعامل مع الجريمة كي تأخذ في الاعتبار المعطيات الجديدة التي نشأت عن استخدام الحاسب الآلي في مجال المعلومات وعن ظهور شبكات المعلومات العالمية'' ولاقت جرائم الحاسب الآلي اهتماما عالميا فعقدت المؤتمرات والندوات المختلفة ومن ذلك المؤتمر السادس للجمعية المصرية للقانون الجنائي عام (1993م) الذي تناول موضوع جرائم الحاسب الآلي والجرائم الأخرى في مجال تكنولوجيا المعلومات وتوصل الى توصيات احاطت بجوانب مشكلة جرائم الحاسب الآلي الا انها لم تتعرض لجزئية هامة وهي التعاون الدولي الذي يعتبر ركيزة اساسية عند التعامل مع هذه النوعية من الجرائم.
وهذا المؤتمريعتبر تحضيرا للمؤتمر الدولي الخامس عشر للجمعية الدولية لقانون العقوبات الذي عقد في البرازيل عام (1994م) والذي وضع توصيات حول جرائم الحاسب الآلي والانترنت والتحقيق فيها ومراقبتها وضبطها وركز على ضرورة ادخال بعض التعديلات في القوانين الجنائية لتواكب مستجدات هذه الجريمة وافرازاتها
والتعاون الدولي مهم عند التعامل مع جرائم الإنترنت, كونه سيطوّر اساليب متشابهة لتحقيق قانون جنائي واجرائي لحماية شبكات المعلومات الدولية ,خاصة ان هذه الجرائم هي عابرة للقارات ولا حدود لها, وفي المقابل فان عدم التعاون الدولي سيؤدي إلى زيادة القيود على تبادل المعلومات عبر حدود الدول مما سيعطي الفرصة للمجرمين من الإفلات من العقوبة ومضاعفة أنشطتهم الإجرامية
ويبين العقيد منشاوي ان السويد تعتبر أول دولة تسن تشريعات خاصة بجرائم الحاسب الآلي والانترنت, حيث صدر قانون البيانات السويدي عام (1973م) الذي عالج قضايا الاحتيال عن طريق الحاسب الآلي إضافة إلى شموله فقرات عامة تشمل جرائم الدخول غير المشروع على البيانات الحاسوبية أو تزويرها أو تحويلها أو الحصول غير المشرع عليها.
وتبعت الولايات المتحدة الأمريكية السويد حيث شرعت قانونا خاصا بحماية أنظمة الحاسب الآلي (1976م - 1985م), وفي عام (1985م) حدّد معهد العدالة القومي خمسة أنواع رئيسة للجرائم المعلوماتية وهي:
جرائم الحاسب الآلي الداخلية, جرائم الاستخدام غير المشروع عن بعد, جرائم التلاعب بالحاسب الآلي, دعم التعاملات الإجرامية, وسرقة البرامج الجاهزة والمكونات المادية للحاسب. وفي عام (1986م) صدر قانون تشريع يحمل الرقم (1213) عرّف فيه جميع المصطلحات الضرورية لتطبيق القانون على الجرائم المعلوماتية كما وضعت المتطلبات الدستورية اللازمة لتطبيقه, وعلى اثر ذلك قامت الولايات الداخلية بإصدار تشريعاتها الخاصة بها للتعامل مع هذه الجرائم ومن ذلك قانون ولاية تكساس لجرائم الحاسب الآلي, وقد خولت وزارة العدل الأمريكية في عام (2000م) خمس جهات منها مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI للتعامل مع جرائم الحاسب الآلي والانترنت.