مجد السلينيوم يتهاوى وثبوت تأثيرات نمط الحياة على طول الاعمار
السلينيوم لدرء سرطان البروستاتا كمبردج (ولاية ماساشوستس الاميركية): «الشرق الأوسط»*
اليكم الامور التي تعاظمت اهميتها.. او تهاوت، بفضل الابحاث الاخيرة.

السلينيوم، هذا المعدن ذو الخصائص المضادة للأكسدة، اصبح مرشحا لدرء السرطان في منتصف التسعينات من القرن الماضي، بعد اجراء تحليلات ثانية لنتائج دراسة حول دوره في درء حدوث سرطان الجلد. وقد وجدت تلك التحليلات ان الرجال الذين تناولوا حبوب السلينيوم تقل لديهم حالات سرطان البروستاتا بنسبة 63 في المائة، مقارنة بالرجال الذين تناولوا حبوبا زائفة، أي وهمية.

وكان التفاؤل بمضادات الأكسدة، عاليا. وقد اشارت دراسات اخرى الى ان هذا المعدن بمقدوره حماية البروستاتا. وكان ثمنه زهيدا جدا، اذ يقل عن 20 دولارا في السنة، ولذلك فان السلينيوم يكون رخيصا حتى، وان كان تقليله للخطر يسيرا.

كما ظهرت ايضا بعض النتائج التي افترضت ان فيتامين "إي" E يقي من سرطان البروستاتا.

وهكذا، وفي عام 2001 اطلق معهد السرطان الوطني NCI “تجربة حول السلينيوم وفيتامين “إي” لدرء السرطان”Selenium and Vitamin E Cancer Prevention Trial، او SELECT. وانخرط في التجربة نحو 35 الف رجل، تم تقسيمهم عشوائيا الى مجموعات تتناول السلينيوم (200 ميكروغرام يوميا)، او فيتامين "إي" (400 وحدة دولية)، او كلاهما، او حبوبا وهمية. وكان علينا ان ننتظر وقتا طويلا من الزمن- لان النتائج النهائية لم تكن متوقعة حتى عام 2013- اكي تقدم لنا تجربة SELECT الحكم النهائي حول السلينيوم.

ولكن الذي حصل هو ان فترة الانتظار لم تكن طويلة، اذ اخبر مسؤولو معهد السرطان الوطني في اكتوبر 2008 المشاركين في التجربة بضرورة توقفهم عن تناول حبوبهم. اذ اظهرت تحليلات اولية ان السلينيوم لوحده، وفيتامين "إي" لوحده، وكذلك كلاهما سوية لم تقلل كلها من خطر سرطان البروستاتا. واضافة الى ذلك فان البيانات المستخلصة نوهت الى ضرر محتمل، لان حبوب فيتامين "إي" تزيد من خطر سرطان البروستاتا، كما يحتمل ان تقود حبوب السلينيوم الى ظهور مرض السكري.

وبمقدور الرجال خفض خطر سرطان البروستاتا لديهم بطرق اخرى: خفض الوزن في حالات البدانةن والاقلال من تناول اللحوم ومشتقات الألبان. الا ان تجربة SELECT اظهرت ان فكرة حبوب الفيتامينات والمعادن التي توفر لنا حماية رخيصة لدرء حدوث السرطان كانت اكثر من ممتازة لكي تتحول الى حقيقة!

* عوامل نمط الحياة تطيل العمر

* كلنا يعرف ان التدخين، الخمول البدني، وعادات الأكل السيئة، مضرة لصحتنا. الا ان باحثي جامعة هارفارد المشاركين في "دراسة الممرضات الصحية" Nurses" Health Study الجامعية الشهيرة، قرروا التدقيق في مدى ذلك الضرر.

وبعد وتعديلهم واستثنائهم لعدد من العوامل، رصد الباحثون 8882 حالة وفاة بين الممرضات اللواتي توفين خلال 24 سنة من المتابعة منذ عام 1980. ووظفوا وسيلة احصائية لحساب المساهمة النسبية لخمسة من عوامل نمط الحياة، في تلك الوفيات.

وليس من المدهش القول ان التدخين كان العامل الاقوى، اذ يمكن القول ان 28 في المائة من الوفيات حصلت بسببه. ثم تبعه الخمول البدني(17 في المائة) من الوفيات، تلته البدانة (14 في المائة)، ثم الاكل غير الصحي (13 في المائة)، ثم تناول الكحول كثيرا (7 في المائة).

والامر الجيد هنا، هو ان تجنب هذه هذه العوامل بمقدوره تعزيز فرص الحياة لاعمار اطول. وووفقا لحسابات باحثي هارفارد فانه كان بالامكان تفادي حدوث اكثر من نصف الوفيات( 55 في المائة) التي حدثت بعد ربع قرن من المتابعة، لو ان الممرضات اتبعن بحزم الارشادات الاساسية: لا تدخن، مارس التمارين الرياضية بانتظام، تناول غذاء صحيا (الفواكه والخضروات، على سبيل المثال)، حافظ على الرشاقة.

وكان تأثير تجنب العوامل السيئة كبيرا على الوفيات بسبب امراض القلب والاوعية الدموية (اذ انخفضت بنسبة 72 في المائة)، وهي نسبة اعلى من التأثير على الوفيات بسبب السرطان( اذ انخفضت بنسبة 44 في المائة).

ومن البديهي الاشارة الى ان الهوة بين النوايا لاتباع الارشادات التي تؤمن العمر الطويل، وبين الالتزام الحقيقي بها، هي اساس المشكلة في هذا المجال.

> السوائل الحارة.. نوعان من الدفء > اظهر بحث علمي ان جزءا كبيرا من انطباعاتنا حول الاشخاص الآخرين، يضم الاحكام التي نصدرها حول ما اذا كانت شخصياتهم حميمة أم باردة. ولكن، لماذا نقوم بإلحاق درجة الحرارة بهذه الخصائص؟

وقد سجل علماء النفس المتخصصون بالنمو، ووثقوا ملاحظاتهم حول رغبة الناس الكبيرة وتوقهم الشديد، عندما يكونون في سن صغيرة، الى ان يوجدون جسديا، على مقربة حميمة ودودة مع الاشخاص الذين يمنحونهم الرعاية. ولذلك فاننا، ومنذ اعمارنا الصغيرة، نشعر بوجود ترابط فكري بين الدفء الجسدي وبين الراحة النفسية.

وقد اظهرت دراسات تصوير المخ ان الاحساسات الجسدية بالدفء، والشعور بالثقة، والشعور بمشاعر الشخص الاخر والتعاطف معه، يتم معالجتها في نفس موقع المخ، وهو اللحاء الجزري (المنعزل) insular cortex.

وقد اختبر باحثو جامعة كولارادو الارتباط بين الدفء الجسدي والنفسي في تجربتين. وفي التجربة الاولى على 41 طالبا متطوعا، طلب من الطلاب تقييم خصائص شخص وهمي سردت خصائصه، وذلك بعد امساك الطلاب بكوب حار او مثلج من القهوة، خلال وجودهم في مصعد متوجه الى ردهة الاختبارات. ولم يعرف الطلاب ان القهوة كانت مفتاح اجابتاتهم. وظهر ان الطلاب الذين امسكوا بكوب القهوة الحار، كانوا اكثر ميلا لتقدير خصائص الشخص الوهمي ودفئه، مقارنة بحاملي كوب القهوة المثلج. وهكذا ظهر ان جزء اليد الدافئة لعب دورا في اظهار مشاعر دافئة! وفي الدراسة الثانية، كان المتطوعون مؤمنين بانهم يقيّمون احد المنتجات عندما طلب منهم حمل وسادة علاجية حارة او باردة. وعرض الباحثون عليهم مكافأة، اما لانفسهم او لصديق لهم، مقابل مشاركتهم في التقييم. وكان المتطوعون الذين حملوا الوسائد الحارة اقل المشاركين نزعة الى الانانية في توزيع المكافآت.وهكذا ففي شهور الشتاء المقبلة، وعندما تكون محتضنا لكوب طيب من الشاي او القهوة في يديك، فانك قد لا تقوم بابعاد البرد الشديد عن جسدك فحسب، بل وعن عواطفك.

* رسالة هارفارد الصحية، خدمات «تريبيون ميديا».

الشرق الاوسط
http://www.asharqalawsat.com/details...&issueno=11016