مفهوم التحليل العاملي
التحليل العاملي ( Factor Analysis) هو أسلوب إحصائى يستهدف تفسير معاملات الارتباطات الموجبة - التى لها دلالة احصائية - بين مختلف المتغيرات ، وبمعنى آخر فإن التحليل العاملي عملية رياضية نستهدف تبسيط الارتباطات بين مختلف المتغيرات الداخلة فى التحليل وصولا إلى العوامل المشتركة التى تصف العلاقة بين هذه المتغيرات وتفسيرها . ويعد التحليل العاملي منهجا إحصائيا لتحليل بيانات متعددة ارتبطت فيما بينها بدرجات مختلفة من الارتباط التلخصي فى صورة تصنيفات مستقلة قائمة على أسس نوعية للتصنيف ، ويتولى الباحث فحص هذه الأسس التصنيفية واستشفاف ما بينها من خصائص مشتركة وفقاً للاطار النظرى والمنطق العلمي الذى بدأ به (صفوت فرج 1991 - أ :17).
يبدأ التحليل العاملي ، بحساب الارتباطات بين عدد من المتغيرات مثل أ ، ب،جـ ، د ، هـ أو الذكاء ، القلق ، الانطواء ، التحصيل ، و الاكتئاب مثلا ، ونحصل على مصفوفة من الارتباطات بين هذه المتغيرات لدى عينة ما ، ثم نتقدم بعد ذلك لتحليل هذه المصفوفة الارتباطية تحليلا عاملياً لنصل إلى أقل عدد ممكن من المحاور أو العوامل تمكننا من التعبير عن أكبر قدر من التباين بين هذه المتغيرات ، ذلك أن توقفنا عند فحص هذه المصفوفة الارتباطية التى تتكون من عشرة معاملات ارتباط لا يؤدى إلى فهم كامل للمجال المشترك فيما بينها جميعا ، حيث يبين كل معامل من معاملات الارتباط فى المصفوفة علاقة بسيطة بين متغيرين فقط من متغيراتها دون أن ينبئ بأهمية أو دور هذه العلاقة بين هذين المتغيرين ومتغير ثالث ، وعلى ذلك لا نستطيع عند هذا المستوى أن نصل لتقدير للعلاقة المشتركة بين ثلاثة متغيرات معاً أو بين متغيرات المصفوفة الخمس إذ أن حصولنا على معامل للارتباط بين أ ، ب قدره 0.7 ومعامل آخر بين ب ، جـ قدره 0.7 أيضا لا يعنى بالضرورة أن الارتباط بين أ ، جـ يساوى 0.7 كذلك فقد يكون ما هو مشترك بين أ ، ب غير ما هو مشترك بين ب ، جـ ، ولا تصلح العلاقة الثنائية بين ب وأي من المتغيرين أ ، جـ لتقدير العلاقة بينهما فى معاملات الارتباط البسيطة (المرجع نفسه : 18).
أهداف التحليل العاملي :
من أهم أهداف العلم تنظيم الحقائق والمفهومات تنظيما بوضع ما بينها من علاقات ، أو تقسيمها على أساس ما بينها مــن أوجــه التشابه والاخــتلاف والتحليل العاملي وسيلة مـن وسائل التبسيط العلمى والتقسيم العلمي ويذكر " كاتل " ( 11: Cattell, 1952) أن هدف المنهج العلمي اكتشاف الحقائق والعلاقة بين هذه الحقائق ، ولأهداف عملية ، واكتشاف القوانين التنبؤية ، ويضيف أن التحليل العاملي منهج كلي يهدف إلى اكتشاف العموميات الاساسية ، الوظيفية والعضوية ، بدلا من أن ينوه البحث فى عدد ضخم من المتغيرات التى تعد كالذرات ، ولذلك يقترح " كاتل " أن يسمى بالتركيب العاملي أو على الأقل بتركيب المتغيرات . وبمعنى أضيق يحدد " سولمون دياموند" (نقلا عن أحمد عبد الخالق ، 1994 : 99). أهداف التحليل العاملي بأنه تكوين الفروض واختبارها ، وتحديد أصغر عدد من العوامل المحددة التى يمكن أن تفسر العلاقات التى نلاحظها بين عدد كبير من الظواهر الواقعية وإلى أي مدى يؤثر كل من هذه العوامل فى كل متغير ؟ أن أوضح وظيفة للتحليل العاملي تتمثل فى خفض أو اختزال مكونات جداول الارتباطات إلى اقل عدد ممكن ليسهل تفسيرها .
لقد بين " أيزنك " (Eyzanck, 1953) أن للتحليل العاملي ثلاثة أهداف أساسية يروم تحقيقها ، ويرتبط بهذه الأهداف ثلاث وجهات للنظر إلى طبيعة العوامل ، وعدد كبير من طرق استخراج العوامل والتدوير ، وهى الأهداف ذاتها لأي فرع من فروع الاحصاء وهى :
1 - الوصف .
2 - البرهنة على الفروض .
3 - اقتراح فروض من البيانات الأولية .
ومعظم علماء النفس يدركون هذه الاستخدامات الثلاثة للاحصاء ، ولكن تظهر هذه المشكلة عندما تنطبق هذه الاهداف على التحليل العاملي ، ويناقش " أيزنك " استخدامات التحليل العاملي على هذه المستويات الثلاثة ، مع تعريف العامل فى كل مستوى . فبالنسبة للهدف الأول فإن العامل احصاء مختصر يهدف إلى اقتصاد فى الوصف ، ويصف علاقات مستقيمة بين مجموعة من المتغيرات ، ولا يتضمن العامل تحديدا لأي معنى سيكولوجي أو أسباب ، ولايقترح فروضا أو يثبتها ، وقد وجد بعض علماء النفس وجهة النظر هذه جدا جذابة .
ويعتقد آخرون فى عكس هذا الرأى ، فيرون أن التحليل العاملي يقترح فروضا ، وكلا نجح فى هذه المهمة انتهت وظيفة الوصف ليصبح جزء من النظرية السيكولوجية من حيث هو الاحصاء يختصر العلاقات بين مجموعة من المتغيرات ، ويقترح علاقات سببية لم يسبق اكتشافها ، وأن توليد الفروض ليس حكرا على التحليل العاملي ، فهو يشبه فى ذلك طرق الملاحظة والعمل الاكلينيكي ، الا أن الاخيرين يقلان عنه فى درجة الدقة والصرامة . وقد يسهل تكوين الفروض فى مجال تتوفر فيه ملاحظات كثيرة الا أن اسهام التحليل العاملي يصبح مهما جدا فى المجالات الجديدة نسبيا ، وذلك في الإسراع بتكوين فروض معقولة واستبعاد الفروض الضعيفة . ويتصل هذا الهدف بإثبات الفروض أو دحضها وبخاصة الفروض المتعلقة بتركيب الشخصية وتنظيمها كفروض الانماط والسمات ، مما يصعب اثباته أو دحضه بالطرق غير العاملية . وبين مستوى اقتراح الفروض والتحقق منها رابطة متينة ، وقد نجد النوعين من العوامل فى دراسة واحدة. وحيث أن التحليل العاملي يهدف إلى تحقيق واحد أو أكثر من هذه الأهداف الهامة والجوهرية والتى تتسق مع أهداف العلم الأساسية ، فقد أصبح التحليل العاملي منهجا احصائيا له أساس منطقي لا غنى عنه فى عدد غير قليل من النظريات السيكولوجية وبالتحديد فى مجال الشخصية التى تدعى عاملية (بدر الانصارى ،1997- أ : 52).
ثانيا : خطوات استخدام التحليل العاملي :
حيث إن معظم ما سنعرض له من بحوث فى هذه الورقة تستخدم فى التحليل العاملي وسيلة أساسية لتحليل البيانات بهدف عام هو البرهنة على الفروض ، لذلك نعرض فى هذه الفقرة بعض المفاهيم العاملية التى تقدم الحد الأدنى لمتابعة سياق العرض. ولكن ما سنعرضه يعد نبذة موجزة ويجب على المستزيد أن يستشير المراجع الإحصائية النفسية المتخصصة (انظر : صفوت فرج ، 1991، Harman , 1976 ; BMDP , 1977 ; Kim & Muller , 1987,Comrey , 1973 ; GuiFord , 1977, Fructcher, 1954 ) . وننوه إلى أن المعالجة الحالية ستركز على المنطق وليس الإجراءات الحسابية .
وتتضمن هذه الفقرة ما يلي : طرق التحليل العالمي ، ومشكلة تحديد عدد العوامل ، وتدوير المحاور ، وتفسير العوامل ، ورتبة العوامل ومفهوم العوامل الراقية ، وقابلية العوامل للتكرار ، وأساليب التحليل .