كشفت دراسة حديثة تناولت مشكلة العنوسة بالمجتمع السعودي أن أكثر من 80% من العوانس تتراوح أعمارهن بين 30و40سنه، وأن العنوسة تزيد في مستويات التعليم العالي، والعوانس يعملن في وظائف حيوية ومرموقة وتزيد رواتبهن عن 8 آلاف ريال.
وتوصلت الدراسة التي أجراها الباحثان الدكتور سمير بن عبدالحميد القطب والدكتورة فتحية محمد الفزاني من جامعة طيبة، وشملت عينة البحث 450 فتاة من العوانس المتعلمات و250 من أولياء الأمور وذوي الخبرة بمنطقة المدينة المنورة إلى مجموعة من النتائج، منها انتشار العنوسة بين الفتيات المتعلمات في مجتمع المدينة المنورة وتزيد في مستويات التعليم العالي والدراسات العليا. وتوجد العنوسة في أدنى معدلاتها في الأسر ذات المستويات الاقتصادية المنخفضة التي تسكن المنازل الشعبية والشقق المؤجرة، وتزيد تلك المعدلات مع زيادة المستوى الاقتصادي ومع رقي مستوى السكن والمعيشة. وأوضحت الدراسة أن راتب الفتاة وارتفاعه يكون في بعض الأحيان سبباً في تأخر زواجها وعنوستها نتيجة لرغبة الأب في الحصول عليه أو لأنها تعول أسرتها، حيث إن 27,5 % من عينة الدراسة هن العائل الرئيس لأسرهن، ويتأكد ذلك بوفاة الأب وفقد العائل. كما أن 22,5% من آباء الفتيات المتعلمات العوانس لم ينالوا أي قسط من التعليم، و 19,1% من آبائهن لايعملون، و23,1% من آباء المبحوثات متزوج بغير الأم، فيما كان 65.3% من أمهات المبحوثات لم يتعلمن، و68.8% منهن لايعملن، و 15.9%من المبحوثات يعانين من وفاة الأم. كما أظهرت الدراسة أن 5.3%من أمهات المبحوثات متزوجات بغير الأب مما كان له أثره الكبير على عزوف بعض الفتيات ورفضهن للزواج من رجل متزوج نتيجة للخبرة السيئة التي تمت مع الأم، ومن ناحية أخرى تؤدي وفاة الأم إلى تحمل الفتاة خاصة الكبرى مسؤولية رعاية المنزل ورعاية أخواتها.
وكشفت الدراسة أن 60% من الفتيات المتعلمات العوانس يقعن في الترتيب الأول بين أخواتهن، وأن 24.1% منهن يقعن بالترتيب الثاني و12.8% منهن يقعن بالترتيب الثالث مما يؤكد ارتفاع معدل العنوسة بين الفتيات اللاتي يقعن بالترتيب الأول بين أخواتهن، وبالتالي فإن مراعاة الترتيب في الزواج سوف يؤخر زواج أخواتهن وقد يعنسن بسبب انتظار زواج أختهن الكبيرة. وأوضحت الدراسة أن الفتاة تصبح عانساً عند سن 32سنه وذلك حسب آراء المبحوثات وأولياء الأمور وذوي الخبرة، وأكدت أن التعليم ليس سبباً رئيساً للعنوسة ولكن الطموح للترقي فيه إلى مستويات عليا قد يستدعي الكثير من الوقت والجهد والتفرغ مما يؤخر زواج الفتيات ويوقعهن فريسة للعنوسة بتداعياتها.
وكشفت الدراسة أن 35.3% من المبحوثات يرغبن الآن بالزواج من رجل متزوج خاصة بعدما تخطين السن المناسبة للزواج، كما أن 75.3% منهن يرين أن رفض الفتاة الزواج من رجل متزوج كان من الأسباب الرئيسة لعنوستهن.
وأبدى 60.6%من المبحوثات مأساة الإفراط في المواصفات والشروط التي يجب أن تتوفر في الشاب الذي يتقدم للزواج منها، ويطالبن بالاعتدال والتواضع في المواصفات المرغوبة في الشاب والفتاة من الطرفين، فيما ينادي 58.8% من عينة الدراسة بضرورة تساهل أولياء الأمور مع الشباب الراغب في الزواج وعدم وضع العراقيل والاشتراطات التي تعضلهن عن الزواج.
ورصدت الدراسة مجموعة من الآثار المتعددة للعنوسة على الفتاة العانس التي زاد معدل الاتفاق عليها عن 95% بين عينة الدراسة، ومن أشدها تأثيراً عدم إشباع غريزة الأمومة وحنان الطفولة والخوف من البقاء عانساً مدى الحياة وافتقاد التوازن النفسي والأمان الاجتماعي وذهاب صحة وجمال الفتاة والاضطرار إلى الزواج من أي زوج قد لايليق بها في السن أو مستوى التعليم، والشقاء والمعاناة المستمرين مع النفس والأسرة والتهميش من المجتمع مع تجدد نظرات الحزن والأسى والإحساس بالنقص .
وحذرت الدراسة من جملة من المخاطر المتوقعة للعنوسة على المجتمع السعودي وعلى بناء وتكوين الأسرة السعودية بمجتمع المدينة المنورة كان من أشدها قوة وإزعاجاً – وفقاً لمعدل الاتفاق الكبير بين عينة الدراسة حيث وصل إلى أكثر من 90% - انتشار بعض مظاهر الانحلال الأخلاقي وانتشار بعض مظاهر الانحراف السلوكي كالتبرج والميوعه والصداقات عبر الهاتف، وتعدد الزوجات مع فقدان العدل وزيادة معدلات الطلاق، وزيادة عدد الأطفال(اللقطاء) مجهولي النسب، وتقلص حالات الزواج، وعقوق الوالدين وأولياء الأمور، وزيادة العبء على كاهل الأسرة وشيوع الحزن والألم مع تعاسة الأسر.
واقترحت الفتيات العوانس من المبحوثات حلولاً للتصدي لمشكلة العنوسة منها منع زواج الشباب السعودي من الأجنبيات، وتيسير المهور وعدم المغالاة، وتوفير فرص العمل المناسبة للشباب للحد من مشكلة البطالة، والرضا والقناعة والاعتدال في الشروط والمواصفات المطلوبة في الشاب وتساهل أولياء الأمور مع الشباب المتقدم للزواج، وتعيين أو توظيف الفتيات المتعلمات اللاتي تخطين سن الثلاثين لتخفيف الأضرار التي يعانين منها.
وأوصت الدراسة بعدد من الاقتراحات للحد من نسبة العنوسة منها، إنشاء مساكن معقولة بتكاليف مخفضة للشباب المقبل على الزواج، والتشجيع على تعدد الزوجات مع إعطاء مكافأة خاصة حسب الرغبة والمقدرة لكل من يقبل على التعدد من الفتيات السعوديات فوق سن الثلاثين، وتشكيل لجنة قضائية في كل مدينة يعلن عنها بوسائل الإعلام تختص بتزويج الفتيات اللاتي يعضلهن آباؤهن أو من يتولى أمرهن للاستفادة من رواتبهن أو خوفاً على ميراثهن، وفتح باب الزواج للسعوديات فوق سن الثلاثين من الأجانب – لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد حسب حجم المشكلة – مع ضمان حقها في منح الجنسية السعودية لأبنائها معاملة بالمثل مثل الرجل. كما تقترح الدراسة سن قانون للحد من زواج الشباب من الأجنبيات وكذلك منع التعدد منهن، وزيادة الأموال المخصصة للإنفاق في زواج الشباب بخصم نسبة 1% من جميع رواتب الموظفين بالمملكة في كافة القطاعات يضاف لصندوق الزواج وتخصيص 1%من استثمارات البنوك مساهمة في زواج الشباب وفرض 1% ضريبة زواج على أرباح الشركات والمصانع الخاصة وأصحاب الأعمال الحرة، وفرض 1% ضريبة زواج على شراء كل سيارة جديدة وكل قطعة أرض، وفرض 10 ريالات ضريبة زواج على كل رخصة قيادة أو استمارة تجديد أو فحص سيارة، وفرض رسوم 5 ريالات على كل طالب في التعليم من الابتدائي وحتى الجامعة يضاف لصندوق الزواج، وفرض رسوم 10 ريالات على تذاكر الطيران السعودي. واقترحت الدراسة أن يتم العمل بهذه الأمور لمدة خمس سنوات فقط حيث إن الأموال التي ستجنى من ورائها تقدر بالمليارات وذلك يكفي لعلاج مشكلة العنوسة في المجتمع السعودي.
http://www.alwatan.com.sa/Nation/New...0&CategoryID=3