صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 15

الموضوع: التعدد و دوره في تكامل العلوم

العرض المتطور

المشاركة السابقة المشاركة السابقة   المشاركة التالية المشاركة التالية
  1. #1

    افتراضي التعدد و دوره في تكامل العلوم



    التعدد المُوَجَّه
    أو
    التعدد و دوره في تكامل العلوم
    أو
    التعدد بثوب عصري
    أو
    التعدد خارج المنظومة المعرفية المعهودة
    أو
    التعدد و بناء الأسر العلمية


    التعدد: إن الناظر في سيرة محمد صلي الله عليه و سلم ليجد أن أهداف التعدد لدية لم تكن مقصورة على الإشباع الجنسي, بل شملت أهدافا شتي, يمكن الرجوع إليها في الكتب التي حللت تلك الأهداف. فعلى الراغبين في التعدد ممن يهمهم الرقي بأمتهم من المفكرين والقياديين و المثقفين أن تكون الأولي خريجة كليات شرعية, و الثانية باحثة إحصائية "ماجستير أو دكتوراه في علوم الإحصاء ", والثالثة خريجة علوم حاسب آلي أو متمرسة على الحاسوب ولديها قابلية التدريب والتطوير, والرابعة متمرسة في أحد الحقول الأخرى كالإعلام الإسلامي أو اقتصاد إسلامي أو علم اجتماع إسلامي, هذه الثغرات المفتوحة في الأمة و التي لمَّا بعد تُسد. على أن تدرك هؤلاء النسوة, الهدف من هذا النوع من الزواج فيتبنين قاعدة "التمس ولو خاتما من حديد". بهذا نشكل مؤسسة علمية فذة, و نرجو أن يكون الجيل الناتج من هذه العائلة جيلا قارئاً متعلما مدركا لما يحيط به و بأمته, وله تأثيره الإيجابي على محيطة الذي يعيش فيه. كما أن ذلك له فوئد متعددة منها إعداد القواعد الأساسية للعوائل الممتدة الذي أشرت إليه بـ (مجلة المجتمع عدد 1534, ص. 39, و مجلة ولدي عدد 32 و في منتدي د. المقريزي), و الاعتناء بالبحث العلمي, و معالجة العنوسة, ومنها التهيؤ لقيادة البشرية, فحسب الإحصائيات أن عام 2050م ستشيخ كل مجتمعات الدول المتقدمة.( مجلة الوعي الإسلامي عدد 426-السنة 38-صفر 1422هـ ص 89)


    إن التَّعدد الْمُوَجَّهْ, قد نعتبره أداة قوية لتكامل العلوم التي مزقتها الحضارة المعاصرة, حيث أن إشراف الزوج (القائد والمفكر)على نسائه الأربع و التي ألمت كل واحدة منهن بتخصصٍ معين من العلوم, سيعمل بعد توفيق الله, على مزج العلوم بعضها ببعض أو وصل بعضها ببعض عمليا, لأن الجميع في تصوري يعترف نظريا بأن العلوم مرتبط بعضها ببعض, إلا أننا عمليا بعيدين كل البعد عن هذا التصور.

    يقول صاحب كتاب فلسفة التنمية رؤية إسلامية, في معرض حديثة عن الفرق بين النظرة الغربية للعلوم و فلسفتها و بين النظرة الإسلامية لذلك "و هكذا فإن مباحث الفلسفة المرتبطة بعلوم معينة أصبحت معروفة راسخة و سارت أشواطا بعيدة, تزدهر و تذبل وفقا لازدهار و ذبول العلم الذي ارتبطت به. أما بالنسبة للفيلسوف ذي النسق الشامل فإن الفلسفة المتخصصة في مجال بعينة يجب أن تكون ذات استقامة واتساق مع بقية الفلسفات المتخصصة لأنها جميعاً تُكَوِّنْ الفلسفة الكلية الشاملة. .... هذا الشمول و التداخل يرجع في رأينا لطبيعة الإسلام, إذ أن من جعل الإسلام منطلقا له فلا بد أن يصل جميع مجالات البحث بعضها ببعض, فهي عنده متداخلة مترابطة يأخذ بعضها برقاب بعض و ذلك من لوازم التوحيد في دين الإسلام." ( فلسفة التنمية رؤية إسلامية / د. إبراهيم احمد عمر, الطبعة الثالثة 1415هـ, صفحة 13)

    وفي مجال الأدب يقول فضيلة الدكتور عدنان علي رضا النحوي"ولا يستطيع الأدب الإسلامي, نثرا أو شعرا, أن ينعزل عن سائر ميادين الإسلام. إنه مرتبط بها متصل معها, يغذيها و تغذيه, وينميها وتنميه. وبغير هذا الارتباط و الاتصال بين جميع الميادين من خلال النهج و التخطيط, سيفقد الأدب الإسلامي كثيرا من خصائصه, وقوى من قواه. إنه ينعزل بذلك عن الواقع الذي يعيشه, و ينعزل عن تربته الحقيقية و غذائه الحقيقي. وهذا الارتباط لا يتم إلا من نهج موحد, وخطة واحدة, تدفعها المواهب, ويرسمها العلم, ويرسي قواعدها الإيمان. فميدان الدعوة و الانطلاق, و ميدان التربية والبناء, و ميدان الدراسات و التخصص, وميدان الاجتماع, وميدان الجهاد, وميدان الاقتصاد, لو عمل كل ميدان و حده منعزلا مفصولا لفقد كل ميدان خصائصه, وخسرت الدعوة الإسلامية الكثير الكثير من مقوماتها, وفقدت النصر في كثير من جولاتها." (الأدب الإسلامي إنسانيته وعالميته/ د.عدنان علي رضا النحوي, ص 50-51 , الطبعة الثالثة 1415هـ). و قد تم نشر موضوعا بهذا الخصوص بعنوان التكامل بين الاقتصاد و الأدب, في مجلة الأدب الإسلامي, عدد 37 , المجلد العاشر, هام 1424هـ.

    و في المجال التربوي التعليمي يقول الدكتور عبدا لكريم بكار"قالوا: إن الاقتصاد أكبر من أن يترك للاقتصاديين. والحقيقة أن كل شيء هو أكبر من أن يترك للمختصين, فليس من مصلحة أية جهة مختصة أن تشعر أنها معزولة عن باقي الجهات فيما تتصرف فيه, فانغلاق ذوي الاختصاص بالشأن التربوي و التعليمي – مثلا – عن الجمهور, أو عن قطاعات التنمية الأخرى – سيؤدي إلى ضمور العملية التعليمية كلها, بسبب حرمانها من روافد اجتماعية مهمة, بل ربما أدى الانغلاق إلى الانحراف, وعلى مدار التاريخ كانت الجماعات و منسوبوا المذاهب المنحرفة أميل إلى العزلة والانغلاق, وأبعد عن المفاتحة والحوار..." (مدخل إلى التنمية المتكاملة رؤية إسلامية/أ.د. عبدالكريم بكار, دار القلم, دمشق1420هـ, ص273).

    و في مجال النظام المالي, يقول الدكتور بكر بن عبد الله بن بكر "و على سبيل المثال لو أردنا تطوير نظام مالي يلائم الظروف التي يعيشها المسلمون في العصر الحاضر و يتمشى مع الشريعة الإسلامية, فإننا نحتاج إلى باحثين متخصصين في علوم الشريعة و علوم اللغة و الاقتصاد و المالية و البنوك و الرياضيات و الحاسب الآلي و غيرها..." ( وقائع الندوة الفكرية الثالثة لرؤساء ومديري الجامعات في الدول الأعضاء بمكتب التربية العربي لدول الخليج/ 20-22 شعبان 1407هـ, صفحة 245-248)

    و حسب متابعاتي الاقتصادية, و بالأخص عملية نمو النظرية الإسلامية في الاقتصاد لتحل محل النظم الوضعية الكئيبة, فإني أتوقع أن نحتاج إلى جيل أو جيلين حتى تستوي هذه النظرية على سُوقها و يُعجب الزرَّاعَ حصادها. و هذا النوع من الزواج في صفوف الاقتصاديين, احسبه يخدم نمو هذه النظرية وبلورة مفاهيمها و استقرارها و وضعها في إطار يخدم البنوك العالمية والمحلية بعد إزاحة النظم الرأسمالية منها. خاصة إذا اعتنت هذه الأسر الاقتصادية بأبنائها و جعلتهم يستكملون ما توصلوا (أي الآباء و الأمهات) إليه من أبحاث و نظريات وآليات تخدم موضوعنا هذا.

    ومن القواعد التي ذكرها بيتر در كر والتي يجب إتباعها لتحقيق العائد الاقتصادي المنظور للإنفاق على البحث العلمي, ونقلها عنه الدكتور بكر بن عبد الله بن بكر في بحثه المعنون بالبحث العلمي و عوائده الاقتصادية ما نصه "البحث العلمي الفعال لا يعترف بالحدود الفاصلة بين التخصصات مثل الكيمياء, والفيزياء, والرياضيات, والاقتصاد, والبيولوجيا و غيرها لكونه عملا جماعياً منظما و هادفاً. على أننا نؤكد على أهمية أن يكون مدير المشروع البحثي أو قائد مجموعة البحث, أو مدير البحث, على علم ودراية بكيفية الاستفادة من خبرة المتخصصين في هذه المجالات من المعرفة لتحقيق الهدف المنشود" (وقائع الندوة الفكرية السادسة لرؤساء الجامعات في الدول الأعضاء بمكتب التربية العربي لدول الخليج, 2-4 رجب 1415هـ,ص 37)

    و يقول هربرت أ. شيللر,في معرض حديثه عن مساوئ التجزيئية Fragementation ما نصه "وليست أجهزة الإعلام وحدها بحال فيما يتعلق بتوكيد التجزيء. فالحقل الثقافي- التعليمي بأسرة يشجع ويعزز التجزيء إلى ذرات, والتخصص, و التقسيم إلى جزئيات ميكروسكوبية. ويكشف فهرس المقرر الجامعي المشتمل على المواد التي يدرسها الطلاب في العلوم الاجتماعية, التقسيمات التحكمية المفروضة على العملية التعليمية في الجامعة. فكل فرع من فروع الدراسة يصر على نقائه الخاص, و نجد أن النماذج التي تستبعد الآثار غير المحسوبة للتفاعل مع الفروع الأخرى, هي التي تلقى إعجابا أكثر. فعلم الاقتصاد للاقتصاديين, وعلم السياسة لعلماء السياسة. و على رغم أن العلمين لا ينفصلان في عالم الواقع, إلا أن العلاقة بينهما يتم التنصل منها أو تجاهلها أكاديميا." (المتلاعبون بالعقول, تأليف هربرت أ. شيللر, ترجمة عبد السلام رضوان الإصدار الثاني1419هـ, رقم243 من سلسلة عالم المعرفة, ص 41-42)

    وفي ملخص بحثٍ لدكتور محمد بلال الجيوسي بعنوان المفارقة والمفاجأة: دراسة في علاقة التفكير بالذكاء ورد ما نصه "لاحظ الباحث الحالي عمق الفصل بين مفهومي التفكير و الذكاء في الأدبيات السيكولوجية, كما لاحظ الإهمال الشديد لدراسة العلاقة بينهما, لذلك فقد هدفت هذه الدراسة إلى بذل محاولة للتركيب بين هذين المفهومين. و لتحقيق هذا راجع الباحث –أولا- المفاهيم الشائعة للذكاء و التفكير, ثم بين أن العلاقة بين هذين المفهومين مرت بأطوار ثلاثة: طور الوحدة, و طور الانفصال, ثم طور إعادة الوحدة. وأوضح الباحث جملة عوامل يعتقد أنها ساعدت على الدخول في الطور الثالث, رغم أن هذا الطور لم يصل إلى مداه بعد.
    وانتهي الباحث بتحليل منطقي فلسفي بين فيه أن الذكاء هو صفة للتفكير. وأن التعامل مع هذين المفهومين خارج علاقة الموضوع/المحمول سوف تؤدي بالضرورة إلى مشكلات منهجية وإلى استمرارية فصل المفهومين عن بعضهما.
    وأخيرا, أوصى البحث بإعادة النظر في بناء كتب علم النفس ليعاد تركيب التفكير والذكاء معاً, كما أوصى الباحث بتشجيع البحوث في هذا المجال." (مجلة جامعة دمشق للآداب و العلوم الإنسانية والتربوية- المجلد 17- العدد الأول-2001م, ص 61).

    أنني لم أشاء فرض مرئياتي و تعليقاتي على النصوص السابقة إلا فيما يخص التعدد الموجه والذي هو الموضوع الرئيس لهذه المقالة. لذا فإني أدعو القراء الأفاضل وخاصة أساتذة الجامعات, إلي قراءة الفقرات السابقة مرات ومرات, مع تدوين ما تجود به قريحتهم من ملاحظات على المقررات الدراسية التي يُدَرِّسـُونها للطَّـلبة, وعلى طريقة التدريس المتبعة, مع العمل الجاد على إجراء ما يرونه مناسبا حيال هذه المناهج والمقررات الدراسية. و لا أخال صدق المقولة التي وردت على لسان أحد أساتذة الجامعة, و التي فحواها أن عقل الطالب كأرض أُعدتْ لبناء مسكن عليها, تأتي محاضرة أحدنا فيرمي فيها أسياخ من الحديد, وآخر يرمي فيها مجموعة من الطوب, وثالث يرمي فيها مجموعة من أكياس الإسمنت, و رابع يسكب عليها خزان من الماء و خامس يلقي فيها شحنة من الرمل وسادس يُلقي فيها مجموعة من الأخشاب, كل ذلك يحصل بغياب كلٍ من مُخَطَّطٍ معتمدٍ للبناء و مقاولٍ تنفيذيٍ بارع و عمالٍ ينفذون أوامر المقاول من حدادين ونجارين و بنائين. فيأتي السباك والكهربائي ومن سيقوم بتلييص البناء و الدَّهانْ ليكملوا المهمة السكنية, فماذا يجدون؟.

    أعود بعد هذه الرحلة الإستعراضية والتي طفنا بها سوياً على أقوال العديد من الباحثين المهتمين بتكامل العلوم فأقول: إن تبني هذا النوع من الزواج والذي من أهدافه التأليف بين حقول العلم المختلفة, يقابل الهدف النبوي الكريم من أهمية التأليف بين القبائل العربية المتنافرة التي تزوج منها.

    فإذا ما تم لنا ذلك فإننا نأمل من أبناء هذه الأسرة الخماسية وأبناء أبنائها أن يوصلوا المسيرة العلمية والبحثية التي بها يخدمون أمتهم ومجتمعاتهم. وهذا يتعلق بموضعٍٍ كثيراً ما تم لي الدندنة حوله, ألا وهو مشروع البناء العائلي الممتد و دوره المستقبلي في المساهمة في بناء الأمة.

    وعلى غرار صناديق إقراض الراغبين في الزواج, يمكن أن تُسْتَحدث هيئة علمية ترعي هذا النوع من الأسر الخماسية, بداء من الخطبة و عقد النكاح, إلى أن تبدأ هذه الأسر الخماسية مزاولة نشاطها البحثي. و قد يدخل في نطاق هذه الهيئة, التنسيق مع المراكز التي تدعم البحوث العلمية, أي تصبح حلقة وصل بين هذه الأسر وبين داعمي البحوث. وفي هذا الصدد ندعو بأن تُستحدث الأنظمة بين الدول العربية والإسلامية لتسهيل عملية التزاوج بين الآكادميين من النساء و الرجال, لهذا الغرض. كما أن في ذلك خطوة عملية للوحدة بين هذه الشعوب, والتصدي لطوفان العولمة التي أحسب أن أهدافها لا تخفي على الجميع. ومما ينبغي إعادته والتأكيد عليه, أن في ذلك تهيئة لمجتمعاتنا لقيادة العالم, فقد المحنا سابقا, أن جميع المجتمعات المتقدمة ستصاب بالشيخوخة بحلول عام 2050م,(بالإضافة إلى المرجع السابق يمكن الإطلاع على مجلة المجتمع الكويتية عدد 1487, 20-26 , ذو القعدة 1422هـ, ص 66). فالصيغة التعددية المطروحة في مقالتنا هذه, ما هي إلا أحد تطبيقات قولة تعالى (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة), وهي صفةٌ اجتماعية مشروعة, لا تملكها المجتمعات الأخرى بل تحاربها.

    و مادام الحديث جاريا عن تكامل العلوم و أهميته, فإني أدعو الجميع لتَّفكير الجاد بالبحث عن أكبر قدر ممكن من الوسائل العملية التي تعيد لنا استقامةِ واتساقِ الفلسفات المتخصصة مع بعضها البعض والتي منها نخرج بالفلسفة الكلية الشاملة للوجود ومحتوياته, تلك التي يَحنُّ إليها عالم اليوم المضطرب في سياساته واقتصادياته واجتماعياته. كما ونعيد لعقولنا و عقول أجيالنا الأسلوب التفكيري السديد. فإذا كان التعدد المُوَجَّه الموصوف سابقا, أحد الوسائل, فإني أختتم هذه الحلقة بوسيلة أخري ألا وهي, أنْ نعمدَ إلى أن تتميَّز كتاباتنا من مقالات وأبحاث بنوعٍ من التمازج بين الموضوع الرئيس و بين مواضيع أخري. فمثلا, يمكن لكاتب المقال العَقَدِي أن يتعرض لمعتقداتنا الاقتصادية, وكاتب المقال الأدبي أن يتعرض للعولمة الرأسمالية, وكاتب المقال التربوي أن يتعرض لجغرافية الأرض, وكاتب المقال الدعوى أن يتعرض للتقنية وأهمية توطينها وتطويرها, وكاتب المقال في التسويق أن يتعرض لتسويق القيم, وكاتب المقال التعليمي أن يتعرض للجانب الإعلامي, وكاتب المقال المحاسبي أن يتعرض للجانب الأخلاقي, وكاتب المقال الجهادي أن يتعرض للتقنية العسكرية أو السياسية. هذا على المستوى الثنائي, ويمكن عمل مثل ذلك على المستوي الثلاثي والرباعي. فنجد المقال الذي يربط بين الترابط العائلي وبين العنصر الاقتصادي, والعنصر السياسي, والعنصر التربوي التعليمي. وبالطبع فإني لا أنكر وجود مثل هذه المقالات في صحفنا و مجلاتنا, إلا أنني ومن منطلق المقتطفات السابقة للباحثين نود المزيد, حتى يتم لنا إعادة برمجة العقل العربي و الإسلامي ليصبح شموليا - تكامليا في تفكيره و في تطبيقه. إننا إن بذلنا جهدا طيبا في هذا التوجه, وتم ترجمة ذلك إلى اللغات الأخرى, فإني احسب أن ذلك سيساعد الكثيرين ممن هم خارج دائرة الإسلام على اختيار الدين الإسلامي كمنهج حياة لهم. بل أن هذا التوجه سيخدم فئات جمة من العرب والمسلمين الذين سيطر الفكر الغربي على أساليب حياتهم المعيشية والفكرية.

    ==========================
    http://qassimtoday.net/articles.php?action=show&id=114

  2. #2

    افتراضي

    تعاطفا مع الجملة التي وردت في الحديث أعلاه "إلتمس خاتما و لو من حديد"

    أدرج لكم الخبر التالي





    مباشر
    مهرها مكتبة!


    آلاء البراهيم
    قابلتُ دكتورة سعودية ومثقفة بارزة فحكت لي عن عشقها القديم للكتاب قائلة إنها اشترطت أن يكون مهرها مكتبة؛ وأمام سخرية الناس منها وتعجب أهلها والصديقات والأقارب من هذا الطلب الغريب؛ تقدم لخطبتها رجل مناسب وقبل بالشرط وقام بتجهيز مكتبة ضخمة لها تحوي آلاف الكتب بمايعادل قيمة مهرها وأهداها إياها،هذه السيدة المميزة من زماننا ومن وسط عيشنا ومحيطنا وليست بخارج عنه..لكنها عاشت حباً مختلفاً وجميلاً للكتب وللثقافة..
    الكثير من حولنا يعيش جواً حميمياً مع المكتبة والكتاب بشكل أخص وللناس مع الكتاب قصة؛لاسيما لمن يجد للكتب أنفاساً يشاركها إياها فلها مع محبيها لحظات لاتنسى وحميمية لاتقل عن صداقة الإنسان، وقصة هذه الدكتورة ليست بالغريبة إذا ما عرفنا أن بعض الناس يضع أنفس مالديه من مال في المكتبة وربما بيعت مكتبته بعد وفاته بعشرات الآلاف؛فكما يُجمع الذهب يجمع ثلة آخرون الكتب.

    بل ويتنافس المثقفون في صفها وطريقة ترتيبها وربما كانت ساعة صفها في الرفوف أحب إليهم من ألف ساعة ترفيهية أو سياحية أخرى؛وبكل الأحوال لاشيء أسوأ من أن تجمع كتبك وتنتقيها وتحافظ عليها ثم يأتي من بعدك أناس لايقدرون قيمتها ولاثمنها المعنوي والمادي لديك!

    تذكرت هذا قبل فترة حينما جيء لي بكراتين كبيرة، لم أتخيل أن تحوي كتباً في شتى الفنون والمعارف،بدأت في فتح الكراتين فوجدت أمامي مئات الكتب النفيسة من مختلف الفنون والعلوم.. والكثير من الملاحظات التي دوّنها القارئ-عليه رحمة الله-سألت :

    لماذا جئتم بها؟ فعلمتُ أن رجلاً عرضها عليهم (بالمجان) لأن صاحب هذه الكتب توفي وأنهم ضاقوا بها فماوجدوا غير توزيعها لمن يرغبها!

    شعرت بغصة؛ ثم تأملت مكتبتي متخيلة ماسيحدث لها في حال توفيت؛ وحينها التفت لكتبي وصرت أدوّن عليها رأيي الخاص موجهة كلامي لمن سيقرأ كتابي لاحقاً فإليه مني السلام.

    ========================
    http://www.alriyadh.com/2008/01/17/article309725.html
    الرياض
    الخميس 8المحرم 1429هـ - 17 يناير 2008م - العدد 14451

  3. #3

    افتراضي

    من مقال طويل أقتطف أوله لعلاقته بمسألة التكامل

    الحالة في العالم العربي والإسلامي (2-2)
    د. عبدالرزاق بن حمود الزهراني


    من المعروف في أمريكا ودول الغرب أن الإنسان كلما أنتج أكثر، كسب مكانة ومكافآت أكثر.. وفي تلك البئة يكثر ويزدهر العمل الجماعي التعاوني التكاملين وهي خاصية تكاد تغيب في مجتمعاتنا وجامعاتنا ومراكزنا البحثية، فكل يريد أن يعمل لوحده.

    وقد أكد المحاضر على هذه النقطة، وهي معروفة لكل من عاش في أمريكا وعرف نظمها التعليمية، وأعرافها الأكاديمية، فالعمل الجماعي هو الأساس ولا يوجد شخص يبدع لوحده، ويعترف زويل أن حصوله على نوبل ما كان ليتم لو لم يستفد من أعمال أكثر من 200 شخص عملوا معه، بعضهم طلاب أشرف على رسائلهم، أو قام بمناقشتها، وبعضهم عمل مساعداً له في بحوثه ودراساته، ومن هنا نمت معارفه وخبراته وتراكمت، وهذا مؤشر آخر من مؤشرات بيئة الإبداع.. والتي تشمل حرية العمل والاجتهاد والإبداع.. فلا توجد مثبطات، وكلٌّ يعمل من أجل إبراز الباحث ومساعدته وليس من أجل التضييق عليه وإحباطه. لقد استطاع زويل أن ينتقل بنفسه من حالة التخلف إلى حالة التقدم، ولكن كيف تستطيع الدول أن تفعل ذلك؟..


    للتكملة راجع
    http://www.al-jazirah.com/138962/ar3d.htm
    الجزيرة
    الجمعة 10 محرم 1429 العدد 12895


    تعليق
    متى نري تعاون كل من
    دكتور الرياضيات مع دكتور الشريعة مع دكتور الإحصاء مع دكتور علم الإجتماع مع دكتور الإقتصاد مع دكتور الحاسب, ليخرجو لنا بسلسلة من الأبحاث العلمية الرصينة لخدمة ما يُسمى بالإقتصاد الإسلامي؟

    متى نرى جامعاتنا تتبني مثل هذا النوع من التكامل البحثي و تشجع عليه
    و ترصد الجوائز المجزية للبحوث الشمولية التكاملية؟

    متى نرى جامعاتنا وقد تبنت محاربة اللوكيميا العلمية البحثية؟

  4. #4

    افتراضي

    علم الاثنوأركيولوجيا

    إيان هودر

    ترجمة أ.د. أسامة عبدالرحمن النور

    ديسمبر 2004















    هناك مصدر هام للتناظرات، رغم أنه وكما سنرى ليس المصدر الوحيد، يصعب إلصاق اسم به طالما أن كل كلمة شائعة الاستخدام تقريباً تجلب معها إثم. لكننا نأمل، إذا تحدثنا عن المجتمعات التقليدية المعاصرة الأقل تقدماً صناعياً، فإن المعنى الذي نرمي إليه يصبح مفهوماً. خلال الأربعين سنة الأخيرة بدأ علماء الآثار في القيام بأعمال ميدانية في المجتمعات التقليدية Traditional societies بهدف الوصول إلى إجابات على الأسئلة التي يثيرها التفسير الآثاري ومن أجل تطوير تناظرات واختبارها. هذا النوع من العمل هو ما صار يطلق عليه تسمية الاثنوأركيولوجيا (علم الآثار العرقي أو الاثني Ethnoarchaeology).



    بداية دعونا نتناول بعض التعريفات. رغم أن الكلمة "اثنوأركيولوجيا" كانت قد استخدمت في عام 1900 من قبل فيوكس Fewkes فإنها أصبحت مصطلحاً شائعاً فقط في الآونة الأخيرة. مع ذلك هناك تباين في وجهات النظر فيما يتعلق بالمعنى. يعرفها كل من جوولد Gould,1978 وستيلس Stiles,1977 بأنها تعنى مقارنة المعطيات الاثنوغرافية ethnographical data مع المعطيات الآثارية archaeological data . يبدو هذا التعريف واسعاً بلا فائدة، بخاصة إذا تقبلنا حقيقة أن كل تفسير آثاري archaeological interpretation يشتمل على إقامة تناظرات analogies مع المجتمعات الحالية. وفق هذا التعريف يجوز، بالتالي، وصف كل تفسير آثاري تقريباً بأنه اثنوأركيولوجي. من جانب آخر، يعرف ستانسلافسكي Stanislawski,1974 الاثنوأركيولوجيا بوصفها مجال دراسة ويكون أكثر يسراُ الاتفاق مع وجهة نظر كهذه. الاثنوأركيولوجيا هي تجميع معطيات اثنوغرافية أصيلة بهدف تقديم مساعدة للتفسير الآثاري. هذا التعريف الثاني يتطابق أكثر من التعريف الأول مع الاستخدام الجاري حالياً. سوف يقدم عالم الآثار المكتبي المتصفح للمجلدات الاثنوغرافية رداً بالقول "أنني أقوم بعمل اثنوأركيولوجي"، أكثر من عالم آثار يقوم بنفسه ببحث اثنوغرافي ميداني.



    هناك دائماً خلط فيما يتعلق بالعلاقة بين الاثنوغرافيا ethnography، و الاثنولوجيا ethnology، والأنثروبولوجيا anthropology وقد يكون من الضرورة بمكان توضيح تلك المصطلحات. الاثنوغرافيا هي الدراسة التحليلية للمجموعات الاثنية (العرقية) المعاصرة، دراسة لخصائص تلك المجموعات المادية، والاجتماعية، واللغوية. الاثنولوجيا، من ناحية أخرى، هي تطوير نظريات حول العلاقات بين خصائص المجموعات الاثنية وحول أسباب الاختلافات بينها. اتجهت الاثنولوجيا للاهتمام بالشعوب الأمية الأقل تعقيداً، تاركة بالتالي المجتمعات الصناعية المعقدة complex industrial societies للسوسيولوجيا sociology، والجغرافيا geography ..الخ. الأنثروبولوجيا هي سلسة علوم أكثر اتساعاً تهتم بدراسة الإنسان، تضم، في كندا والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي السابق علم الآثار، لكنها لا تضم هذا العلم في بريطانيا. الأنثروبولوجيا هي علم تعميمي يشمل كل من الاثنوغرافيا والاثنولوجيا.



    العلاقة مع التناول التجريبي في علم الآثار (الأركيولوجيا التطبيقية practical archaeology) ليست المجتمعات التقليدية المعاصرة هي مصدر التناظرات الأوحد بالنسبة لعلماء الآثار. فالتناظرات يمكن اشتقاقها من دراسات الثقافة المادية material cultureفي كافة المجتمعات تقليدية غير معقدة كانت أم صناعية معقدة. لكن في المجتمعات الصناعية المعقدة يمكن لعلماء الآثار إنشاء تجارب اصطناعية بهدف استخراج المزيد من التناظرات مع الماضي. كل من الأركيولوجيا التطبيقية والتناظر الحاسوبي computer simulationالزائف يهتمان باختبار جدوى تفسيرات آثارية محددة. أنهما يختلفان عن الاثنوأركيولوجيا في أوجه عديدة. في المقام الأول، على سبيل المثال تجربة حرق الجرار في فرن بغرض استكشاف أي من الطرق والأفران كان من الممكن أن تكون قد استخدمت في الماضي يمكنها أن تكون تطبيقية بحق من حيث أن محاولات مختلفة يمكن تنفيذها، الظروف ودرجة الحرارة في الفرن يمكن التحكم فيها بدقة وتسجيلها، ويمكن التحكم في المتغيرات. تناظر عملية افتراضية لاستبدال ما قبل تاريخي في الحاسوب يمكن التحكم فيها بدرجة أكثر دقة، مع عدد أكبر من المحاولات واختبار أشد دقة للمتغيرات المختلفة التي يتم التطبيق عليها. في أي دراسة اثنوأركيولوجية، من الجانب الثاني، هنالك درجة أقل من التحكم. فالباحث هو مجرد ملاحظ وهو شخص يطرح أسئلة؛ إنه لا يستطيع أن يجرب هذا وذاك ليرى ماذا تكون النتيجة.



    ما تفتقده الاثنوأركيولوجيا في مجال التحكم التطبيقي تكتسبه في مجال "الواقعية". لا يدرس عالم الاثنوأركيولوجيا بيئة مصطنعة قام بخلقها (مع أنه وكما سنوضح لدى مناقشة مناهج العمل الميداني أن شيئاً من التأهيل ضروري هنا). يمكنه أن يطابق حرق الفخار في فرن مع مجمل المحتوى الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، ويمكنه أن يلاحظ كافة المتغيرات المناسبة المحتملة. عالم الآثار التطبيقي، من جانب ثان، يقوم بخلق حالة مصطنعة، رغم أنه يبذل جهداً لخلق صورة طبق الأصل قدر المستطاع للمعلومة ما قبل التاريخية. يحاول عالم الآثار التطبيقي أن يتعلم ويطبق تقنيات حرفة هو غير معتاد عليها وهى حرفة قد نساها مجتمعه منذ أزمان طويلة. فوق كل هذه الصعوبات العملية، فإن التجربة تجرى في فراغ بحيث أن الارتباطات مع جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية والأيديولوجية يصعب التعرف عليها. في حين قد يكون في مقدوره اختبار تأثيرات المتغيرات التقنية والطبيعية في تجاربه، فإن عالم الآثار التطبيقي سيكون في حيرة من أمره فيما يتعلق بالمحتوى الأوسع الذي أوضحنا، لدى مناقشة الموضوع الأول، أهميته القصوى. التناظر الحاسوبي هو مصطنع كلياً. أية تناظرات تشتق من مثل هذا العمل تعتمد كلياً على الافتراضات التي يغذي بها عالم الآثار جهاز الحاسوب. طرح النموذج الحاسوبي يعتمد على معلومات اثنوغرافية ثانوية وتجريبية.



    تناظر حاسوبي

    تحكم تجريبي

    الأركيولوجيا التجريبية

    الاثنوأركيولوجيا

    المحتوى التقليدي


    رسم يوضح بعض جوانب العلاقة بين التناظر الحاسوبي، الأركيولوجيا التجريبية، الاثنوأركيولوجيا



    تحتوي الأركيولوجيا التجريبية على تنفيذ تجارب بهدف اختبار تصورات حول المعطيات الآثارية. رأينا أنها أقل واقعية، لكنها قابلة للتحكم فيها أكثر من الاثنوأركيولوجيا. لكن الاثنوأركيولوجيا تمتاز بميزة إضافية محتملة على منافستها. يمكن الادعاء بأنها أقل نزعة مركزة اثنية ethnocentric bias . أية تجربة تُجرى في إطار مجتمعنا لا بدَّ وأن تكون محكومة بافتراضات المجتمع ومعرفته. يمكن للتناول الاثنوأركيولوجيا أن يقدم لعلماء الآثار والمؤرخين رؤية بديلة جديدة كلياً للماضي البعيد.



    جرت محاولات من قبل بعض علماء الآثار لدمج ميزات الاثنوأركيولوجيا بعلم الآثار التطبيقي عن طريق إجراء تجارب محدودة لكنها محكومة في محتويات تقليدية. واحدة من تلك التجارب تمثلها محاولة هوايت وثوماس التي طلب الباحثان من خلالها من السكان الأصليين لـ غينيا الجديدة القيام بتجربة صناعة أدوات حجرية stone tool manufacture. طلب علماء الاثنوأركيولوجيا من المتحدثين بلغة الدونا من أهالي مرتفعات البابوا في غينيا الجديدة صناعة أدوات حجرية تقليدية ومن ثم القيام بتحليل التنوع في شكل الأدوات التي صنعها الرجال في الأقاليم المختلفة. مثل هذه التجربة التي أجراها علماء الاثنوأركيولوجيا كانت لها ميزة أن التحليل، واكتشاف المتغيرات التي ظٌن أن لها التأثير الأكبر في تنوع الأدوات، يمكن التحكم فيه ويمكن توفير كم كبير من العينات. لكن هناك أيضاً نقاط ضعف. بخاصة، أن عالم الاثنوأركيولوجيا لم يعد مجرد ملاحظ لسلوك تقليدي. انه يعزل النشاطات من محتواها ويتدخل بنفسه بقوة في المسرح. انه يتدخل بحيث أن المحتوى context، الذي هو في العادة مركب هام، يتدمر. ننتهي إلى أن لا نعرف سوى القليل عن حقيقة وموثوقية الظروف التي تعرف فيها هوايت وتوماس على العلاقات، بحيث يصبح صعباً استخدام نتائجها في محتويات أخرى.



    إن الأركيولوجيا التطبيقية ذات قيمة كبيرة في فهم الكيفية التي تكون قد صنعت بها الأشياء أو استخدمت، وفى التعرف على الخصائص الطبيعية للمواد مثل الظران flint عندما يرقق من قبل الإنسان، أو مثل الحجر عندما يستخدم لقطع الأشجار. لكن لدى الإجابة على أسئلة "لماذا" والتي تسعى لربط التقنيات والاقتصاديات بمحتويات اجتماعية وثقافية أكثر اتساعاً، يكون هذا النوع من المدخل محدود القيمة.



    تاريخ استخدام التناظرات الاثنوغرافية في علم الآثار

    أعطيت الاثنوأركيولوجيا تعريفاً أشد تحديداً من مجرد معنى الاستخدام العام للتناظرات الاثنوغرافية. لكن من الضروري أن نرسم، ولو تخطيطياً، تاريخ استخدام علماء الآثار للاثنوغرافيا والأنثروبولوجيا وذلك تمكيناً لنا من تقييم الأهمية الحالية للاثنوأركيولوجيا وهدفها. الاستخدام في السابق يمكن تتبعه في البحث العلمي في أوربا وفى أمريكا ذلك أنه لم يجد اهتماماً من قبل الباحثين الآسيويين والأفارقة.



    في أوربا، قادت حركة النهضة إلى تجديد الاهتمام بالعالم الكلاسيكي (العصرين اليوناني والروماني) وآدابه إلى وعي بالمجتمعات القديمة السابقة للمدنيات غير الأمية. بالطبع، فإن من بين الكتابات الاثنوغرافية التي قدمت خدمة لعلماء الآثار يمكن عد أعمال قيصر Caesar وتاسيتوس Tacitus الذين وصفا سكان فرنسا وانجلترا ومنطقة الراين السفلى الأصليين. لكنه في الوقت نفسه الذي قاد فيه الاهتمام بالكتابات الاثنوغرافية المبكرة إلى صورة للماضي بربرية، فإن صوراً مختلفة للغاية من العالم الحديث أخذت بدورها في جذب الانتباه.



    الاستكشافات فيما وراء العالم المعروف قدمت أوربيي القرن السادس عشر إلى ثقافات جديدة تماماً. وصف جون هوايت، مستكشف فرجينيا فى عصر اليزابيث، ورسم قرى، واحتفالات، وصناعة رؤوس الأسهم، وعمليات الصيد، والنشاطات الزراعية لهنود البويوك من سكان أمريكا الأصليين. تم نشر بعض رسومه الملونة بالألوان المائية في عمل دى بري "تقرير موجز وحقيقي عن فرجينيا الأرض المكتشفة حديثاً" de Bry,1590. لكن دى بري وضع في الكتاب أيضاً صوراً للبريطانيين القدماء والرومان أو بعض الأبطال الأسطوريين. الحق دى بري تعليقاً بالصور جاء فيه "أرفق هذه الصور مع تلك التي يقدمها هوايت لتوضيح أن البريطانيين القدماء كانوا في زمان مضى في حالة من التوحش مثلهم مثل سكان فرجينيا" (نقلاً عن: Orme,1973:488). هنا، إذن، نجد أن تماثلاً اثنوغرافياً ethnographic parallel قد استخدم بغرض إضافة معلومة لما كان معروفاً عن الماضي. فى عام 1611 أشار جون سبيد إلى الفرجينيين لتدعيم نظريته بأن البريطانيين القدماء كانوا عراة. مرة أخرى استخدمت الاثنوغرافيا لتصيب أعضاء مجتمع القرن السابع عشر المتمدنين بصدمة بكشفها الستار عن ماضيهم البدائي!



    انعكست حالة أخرى، استخدمت فيها الاثنوغرافيا لتغيير التفسيرات الرومانطيقية والأسطورية للماضي، في الجدل الذي دار بشأن الأدوات الحجرية stone implements. في منتصف القرن السابع عشر وصف الدروفاندوس Aldrovandusالأدوات الحجرية بوصفها "نتاج اختلاط لبعض زفير الرعد والبرق مع مادة معدنية، أساساً في الغيوم الداكنة، التي تجلطت بفعل الرطوبة المحيطة والتصقت في كتلة (كما الطحين بالماء) ومن ثم تقوت بالحرارة، مثل الطوب". وفى تلك الفترة نفسها تقريباً افترض توليوس Tolliusأن الأدوات الصوانية المرققة "تولدت في السماء عن طريق زفير وميض أشبه بالبرق مكور في سحاب بواسطة بخار مكثف" Daniel,1950:26. تفسيرات أخرى للأدوات الحجرية تقول بأنها كانت صواعق أو أسهم جن. مثل هذه النظريات وضع لها كل من الدكتور روبرت بلوت Robert Plot، من جامعة اكسفورد، ووالد زوجته دوجدالى Dugdale ومساعده لويد Lhwyd فى الأعوام ، 1686 و1656 و1713 تحديداً نهاية باللجوء إلى الاستعانة بنظائر اثنوغرافية. بحلول عام 1800 تمكن جون فريرى John Frere من وصف الفؤوس اليدوية الباليوليتية بأنها "أسلحة حرب".



    في القرن الثامن عشر أنشئت العديد من التماثلات بين الاثنوغرافيات وماضي أوربا، كما هو واضح في كتاب لافيتو، الذي كان مبشراً فرنسياً في كندا، والصادر بالفرنسية في باريس في عام 1724 والذي أقام فيه تماثلات بين الهنود الحمر والكتاب المقدس والأدب الكلاسيكي. أو كما هو أكثر وضوحاً في عنوان كتاب كرافت Kraft الذي نشر عام 1960 في كوبنهاجن بالدنمرك "سرد موجز للمؤسسات، والعادات، والأفكار الأساسية للشعوب المتوحشة التي تدلل على أصل الإنسان والتطور عموماً"Klindt-Jensen,1976 مع أن كتاب كرافت قد ترجم إلى الألمانية والهولندية إلا أنه ظل بعيداً عن الملاحظة من جانب علماء الآثار. ينشئ كرافت تماثلات محددة بين الأدوات الحجرية التي تم العثور عليها في أوربا، والمراحل البدائية للإنسان، على أساس التناظر مع المجتمعات البدائية الموجودة.



    كل تلك الحالات لاستخدام التماثلات الاثنوغرافية في القرون السادس عشر حتى الثامن عشر قد اهتمت بوضع تناظرات شكلية غير معقدة بغرض التوضيح واشتقاق تفسيرات بديلة. واستمر عدم الاكتراث بمخاطر التماثلات الاثنوغرافية في القرن التاسع عشر باستثناء بعض علماء الآثار من أمثال نيلسون Nilsson الدنمركي وبيت ريفرز Pitt Rivers في إنجلترا.



    استخدم نيلسون في كتابه "السكان البدائيون لاسكاندنافيا" (1943) منهجاً مقارناً comparative method تمت على أساسه مقارنة الأدوات الصنعية ما قبل التاريخية prehistoric artefacts مع الموضوعات المتطابقة شكلياً ووظيفياً والتي يستخدمها الناس الحاليون. وادعى بأن علم الآثار باستخدامه المنهج المقارن لا بدَّ وأن يصبح قادراً "على جمع بقايا الأجناس الإنسانية التي بادت منذ أزمان طويلة مضت، وجمع أعمالهم التي خلفوها من ورائهم، وذلك لإنشاء تماثل بينها والأخرى المشابهة التي لازالت موجودة في الأرض، وبالتالي، نحت طريق يقود إلى معرفة الظروف التي وجدت، عن طريق مقارنتها بتلك التي لازالت موجودة". لكنه لاحظ أيضاً أن الحذر مطلوب لدى استخدام التناظرات الاثنوغرافية. "التشابهات مثل وجود أسهم حجرية متشابهة في سكانيا وتيرا دى فويجو لا تثبت دائماً الأصل الواحد نفسه" (أشار إليه Daniel,1950:49). الاستشهاد نفسه بين في التطوير الهام والمستقل الذي قدمه بيت ريفرز بالنسبة لاستخدام المقارنات الاثنوغرافية. قاد اشتراك الجنرال ريفرز في الجيش إلى اهتمامه بتطور البندقية وتحسينها. تبع تصنيفه الحذر لأنواع البنادق وأشكالها تجميعاً حذراً لسلسلة واسعة من الأسلحة، والقوارب، والآلات الموسيقية، والرموز الدينية وما إلى ذلك. لدى ترتيبه لمادته اهتم ريفرز بالأنواع أكثر من اهتمامه ببلدان أصلها. المواد الأثرية والاثنوغرافية يمكن مقارنتها، جنباً إلى جنب. مع ذلك، مثله مثل نلسن، كان ريفرز مهتماً بمناقشة التماثلات الشكلية. لدى تركيب تناظر من الضرورة بمكان إثبات الهوية الوظيفية إلى جانب الهوية الشكلية. هذا الاهتمام بالوظيفة يوسع محتوى التشابه الشكلي ويتجه أكثر نحو تناظر ارتباطي.



    يفترض اورمى Orme 1973:487 بأن عمل ايفانز Evans, 1860، وعمل خرستي ولارتت Christy and Lartet, 1975 في التعرف على الأدوات وتحديدها استخدم مقارنات مع مواد ثقافية خاصة بجماعات تقليدية معاصرة، في حين اعتمدت تفسيرات أكثر عمومية قال بها لوبوك Lubbock,1865 وتيلور Taylor, 1948 بقوة على الاثنوغرافيا. كتب السير جون لوبوك في عام 1870 في كتابه "أصل المدنية والظروف البدائية للإنسان" أن "الأسلحة والأدوات المستخدمة الآن من قبل أجناس بشرية أدنى تلقي الكثير من الضوء على أهمية واستخدام تلك المكتشفة في المدافن القديمة، أو في الحصى المنجرفة... إن معرفة بالمتوحشين الحديثين وأنماط حياتهم ستساعدنا في رسم صورة أكثر دقة، وتبين بجلاء أوضح، سلوكيات أسلافنا وعاداتهم في الأزمان السالفة". ازداد تأثير الاثنوغرافيا على علم الآثار في النصف الثاني للقرن التاسع عشر كجزء من تطورين آخرين إضافيين. التطور الأول، في تفسير الماضي، تمثل في المرجعية للمخلفات الفولكلورية للأسلاف "البدائيين" Daniel,1950:185. التطور الثاني، أخذ المفهوم "الثقافي" يحل محل التشديد السابق لتقسيم المواد الأثرية إلى عصور. بدأت المدرسة الأوربية للأنثروبو- جغرافيين بدءاً من راتزل Ratzel وتلميذه فروبينوس Frobenius في وصف مناطق ثقافية في غرب أفريقيا وماليزيا. ترك عمل الاثنولوجيين الألمان تأثيراً على تطور مفهوم الثقافة في علم الآثار كما تم تبنيه لاحقاً من قبل جوردون تشايلد Gorden Childe . بالطبع، وصف دانيل Daniel,1950:246 تنظيم ما قبل التاريخ وفق ثقافات كما هو المنظور الأنثروبولوجي لما قبل التاريخ.



    رغم أن فضل الاثنوغرافيا والأنثروبولوجيا في النصف الثاني للقرن التاسع عشر كان كبيراً، فإن تحذيرات نلسن وبيت ريفرز مرت دون أن تجد من يلتفت إليها. طبقت التماثلات الشكلية مع اهتمام قليل بالمحتوى ولم تناقش المخاطر إلا فيما ندر. استمرت النزعة للمزيد من الارتباطات مع الأنثروبولوجيا في النصف الأول للقرن العشرين، على سبيل المثال، مجلة "حوليات الآثار والأنثروبولوجيا Annals of Archaeology and Anthropology" التي صدرت للمرة الأولى في عام 1908 تحت رعاية معهد الآثار بجامعة ليفربول، إلا أن التزايد في الكمية لم تصحبه دوماً زيادة في النوعية.



    ضم العدد الأول لمجلة "Antiquity1927" مقالاً لـ رايموند فرث Raymond Firth عن التحصينات الترابية للماوري الذي كان الغرض منه مساعدة علماء آثار ما قبل التاريخ البريطانيين في تفسير الأعمال الترابية من عصر الحديد في بلادهم. في حين أن مكانة التحصينات الترابية في مجتمع الماوري قد تمت مناقشتها بصورة جيدة، فإن المقارنة مع التحصينات الترابية الإنجليزية نادرة وشكلية، اعتمدت على سمات مثل حجم الاستحكامات وشكلها. وأشار ثومسون في دراسة أجراها في عام 1939 للسكان الأصليين Aborigines "الونك مونكان" في شبه جزيرة كاب يورك باستراليا إلى أن علماء الآثار ستربكهم الثقافة المادية الباقية. عاش السكان الأصليون حياة تختلف باختلاف فصول السنة بحيث أن عالم الآثار قد ينخدع ويظن أن المجاميع الآثاريةarchaeological assemblages المختلفة تعود إلى سكان مختلفين. فوق ذلك، لاحظ ثومسون أن القليل يبقى لعلماء الآثار ليكتشفوه. هذا هو المثال الأول لنوع محبط وسلبي من التناظر الذي أصبح لاحقاً "حكايات تحذيرية". معظم تلك المحاذير تتسم بقلة اهتمامها بالمحتوى الذي يقود إلى بقايا مادية محددة : في المثال الأسترالي فإن المحتوى متخصص إلى درجة عالية وستصبح التعميمات صعبة.



    تماثلات مع مجتمعات قريبة من المتناول يبدو أنها تتجنب تلك الإشكالات. في تقريره عن أعمال التنقيب فى سكارا براى، وهو موقع إقامة من العصر الحجري الحديث في جزر اوركني، استخدم تشايلد Childe, 1931 تناظرات مع سكان معاصرين للجزر الشمالية في تفسيره لوظائف المراقد والظواهر الأخرى داخل الأكواخ. واستخدم جراهام كلارك أيضاً Clark, 1952 ثروة من المعلومات من المجتمعات المعاصرة والحديثة الاسكندنافية بهدف توفير تناظرات شكلية للأدوات ما قبل التاريخية. إلا أنه وفى الكتاب نفسه عقدت العديد من المقارنات على مدى مسافات بعيدة مع قبائل الاسكيمو في كندا وشمال أمريكا، في وصفه لموقع ستار كار. في عام 1965 أدت زيارة قام بها جراهام كلارك إلى استراليا إلى أن يكتب مقالاً يقارن فيه، مع اهتمام إلى حد ما بالمحتوى و وثاقة الصلة، تجارة الفأس هناك مع توزيع الفؤوس النيوليتية في بريطانيا. اقترح بناء على تشابهات الفؤوس، وتوزيعها الواسع، والمستوى غير المعقد للمجتمعات، بأن الفؤوس النيوليتية تمت المتاجرة بها بمبادلتها بسلع احتفالية، تماماً كما كان الحال في غينيا الجديدة وأستراليا.



    مزيد من الاهتمام بوثاقة الصلة والمحتوى استمر في تناظرات حذرة أكثر أقيمت في الأعمال الأكثر حداثة، على سبيل المثال، ديفيد David,1971 ورولاندس Rowlands,1971; id.1976. لكن التشديد على المقارنات الشكلية بقي قائماً. استخدم كلارك Clark, 1986 بينة من هنود كلفورنيا ليقترح بأن الربط يمكن أن يتم بين أشكال التوزيع الإقليمي للأدوات الصنعية والمجموعات اللغوية، في حين عقد هودر Hodder,1978 مقارنات شكلية أخرى للتوزيعات الثقافية. وتيرة مثل هذه الدراسات الشكلية آخذة في التناقص مع تزايد التحذيرات (انظر على سبيل المثال Ucko,1969) ومع نشر التقييمات Orme,1973; id.1974; id.1981. وصلت قوة الربط بين علم الآثار والأنثروبولوجيا والاثنوغرافيا قمة جديدة في أوربا الغربية بإنشاء كراسي متخصصة في أقسام علم الآثار بالجامعات، وبمنح تلك الجامعات لشهادات علمية مزدوجة في الآثار والأنثروبولوجيا، وفى تصميم العديد من المقررات ونشر الأبحاث في هذا المجال والتي أفدنا منها في إعداد هذا الكتاب. مع ذلك فإن هذا التقارب بين الأركيولوجيا والأنثروبولوجيا في أوربا يعد محدوداً إذا ما قارناه بالوضع في أمريكا الشمالية. لا جدال في أن الاهتمام المتزايد بالاثنوغرافيا من قبل علماء الآثار في بريطانيا وفى دول أوربا الغربية يمثل نتاجاً للتأثيرات القادمة من الجانب الآخر للأطلنطي. (أما في العالم العربي فإن فكرة الربط بين العلمين لم تولد بعد بفعل أسباب يمكن إرجاعها في الأساس لابتعاد المناهج التعليمية في الجامعات العربية عن مفهوم تكامل العلوم الإنسانية من جانب، ولتصميم مناهج أقسام الآثار على مفهوم علم الآثار الكلاسيكي الذي يحصر تدريب الطلاب في مجال المدنيات العارفة للكتابة بالتركيز على التعامل مع المعطيات الابيجرافية مع اهتمام محدود بمعطيات الثقافة المادية- أسامة النور).

    في أمريكا فإن وجود مجتمعات السكان الأصليين من الهنود الحمر في المناطق التي أجريت فيها أعمال التنقيب الآثاري ساعد في جعل علماء الآثار يدركون إمكانية استخدام الحاضر لتفسير الماضي. تمكن علماء الآثار الأمريكيون بطريقة مباشرة من استخدام التاريخ العرقي ethnohistory والسرود الاثنوغرافية. مثال مبكر لاستخدام الاثنوغرافيا في أمريكا توفره المجادلة التي دارت بشأن "بناة التلال". في نهاية القرن الثامن عشر تم الكشف في أوهيو وفى مناطق حدودية أخرى عن أعداد كبيرة من التلال أو الأطلال. وقد تم رفض كلي لإمكانية أن تكون تلك الصروح قد شيدت من قبل الهنود الحمر "المتوحشين"، وطرحت تصورات بشأن "جنس بائد" حل الهنود الحمر محله. طبيعة الجنس البائد من بناة التلال وأصله أصبحت موضوعاً للتأملات الخيالية إلى أن تم أخيراً، في أواخر القرن التاسع عشر، طرحها جانباً بوصفها مجرد أسطورة، وذلك بفضل عمل سيروس ثوماس Cyrus Thomas . تم اختيار ثوماس في ثمانينات وتسعينات القرن التاسع عشر للقيام ببحث في تلك التلال. من خلال أعمال التنقيب التي أجراها ثوماس ومقارناته للمواد المنقبة مع الثقافة المادية للهنود الحمر المعاصرين في المناطق نفسها، تمكن باول وثوماس من الوصول إلى رأي يقول بأن بناة التلال كانوا أناساً من "المتوحشين" الحاليين نفسهم.



    هذا التناول التاريخي direct historical approach المباشر الذي استخدمه ثوماس لإلقاء الضوء على المعلومة الآثارية، كان جزءاً من التشديد العام على الاستمرارية. بحلول نهاية القرن حاولت بعض الدراسات Fewkes,1893; Hodge,1897; Kroeber,1916 استخدام البينة الآثارية لاختبار التحدارات الشفهية للهنود الحمر أو للكشف عن مواقع ترتبط بأساطير عشيرة بعينها. شكلت التناظرات القائمة على أساس الاستمرارية في مناطق محلية جزءاً هاماً من التحديد العرقي لمركبات ثقافية طيلة فترة مبكرة من القرن العشرين في أمريكا الشمالية. تحديداً طور كل من سترونج Strong,1935 وستيوارد Steward,1942 التناول التاريخي المباشر كإجراء متميز في مجال التفسير الآثاري.



    ومع أن التشديد نفسه على استخدام الاستمرارية لدعم التناظرات لازال مشهود في أعمال أمريكية مؤخراً (على سبيل المثال في مثال "الحفر الملطخة" الذي تناولناه في الفصل السابق)، إلا أن اهتماماً متزايداً خلال الأربعين سنة الماضية وجه للتعميمات بوصفها جزءاً من التوسع المدرك لما صار يعرف بـ "علم الآثار الأنثروبولوجي anthropological archaeology". وصف تيلور Taylor,1948:6 عالم الآثار بأنه مثل "جيكل وهايد" يدعي بأنه "يمارس" التاريخ لكنه "أخصائي" أنثروبولوجي. ارتبط استخدام التناظرات المباشر والمستمر بوضوح بتشديد تاريخي، وباهتمام جديد بالوصول إلى إفادات عامة حول الإنسان، والمجتمع، والعلاقات والأنظمة الايكولوجية التي استمرت إلى الوقت الحالي، متجنبة التشديدات على التأطير التاريخي ساعية إلى أن تحتوي علم الإنسان التعميمي. ارتباطاً بهذا التطور لوحظ تقليل الاهتمام بالعلاقات السببية في إطار محتويات بعينها عند استخدام تناظرات اثنوغرافية. كان الهدف هو إنشاء تناظرات مقارنة عامة واستخدامها. تفسيرات الماضي يتم الوصول إليها عن طريق تعميمات مقارنة وشبه شمولية واسعة حول السلوك الثقافي الإنساني، أكثر من أن تكون محصورة فى محتوى تاريخي محددWilley and Sabloff,1974:207. لكن وجهة النظر هذه لم تمر دون أن تواجه نقداً في أمريكا. وفقاً لـ أندرسون Anderson,1969، "التحليل المنطقي للشكل يعتمد إلى حد كبير على إدراك الموضوع، والذي تحتمه خلفية ثقافية، وكذلك مبادئ عامة شاملة". تلك الدراسات الحديثة التي تختبر المحتوى والتي تستخدم تناظرات ارتباطية اهتمت أكثر بالمحتوى الوظيفي و الايكولوجي من الاهتمام بعالم الأفكار.



    في هذه الفترة الأكثر حداثة، في الوقت الذي أصبح فيه "علم الآثار الأنثروبولوجي" صيحة "علماء الآثار الجدد" Meggers,1968; Longacre,1970 أصبحت الاثنوأركيولوجيا محددة بوصفها مجالاً متميزاً للبحث. رأينا بأن الكلمة استخدمت منذ عام 1900 من قبل فيوكس، لكن التطور حدث في الخمسينات والستينات. تم اقتراح تعريفات مختلفة للاثنوأركيولوجيا ومصطلحات مناظرة مثل علم الآثار "العملي" وعلم الآثار "الحي" Ascher,1962وظهرت دراسات محددة Thompson,1958; Oswalt and VanStone,1967.



    كانت ندوة "الإنسان الصياد" Lee and De Vore,1968 مهمة لكونها جلبت كماً كبيراً من المعلومات والإفادات العامة حول الصيادين- الجامعين إلى دائرة اهتمام علماء الآثار، في حين أنه وفى السنة نفسها شملت مجموعة المقالات التي أشرف عليها بينفورد Binford دراسات اثنوأركيولوجية هامة (على سبيل المثال دراسة لونج آكرى وآيرز Longacre and Ayres). منذ ذلك تزايدت أعداد الدراسات والتعريفات والكتب Donnan and Clewlow,1974; Stiles,1977;Gould,1978; Binfordm1978; Kramer,1979. لكنه من المهم أن ندرك أن هذا الاندفاع إلى العمل الاثنوأركيولوجي غير موحد من حيث التناول. الاختلافات في وجهات النظر حول التعريفات قدمنا عرضاً لها في بداية هذه المحاضرة. لازالت هناك اختلافات معتبرة من حيث التشديد على المحتوى و وثاقة الصلة. على سبيل المثال، تتناقض دراسة ويلمسن الجادةWilmsen,1979 لبعض المحتوى الثقافي والتاريخي للسان (البوشمن؟) وتنميط البقايا المادية مع دعوة شيفر Schiffer,1978 لتوليد قوانين كل ثقافية. في حين تهتم بعض الدراسات فقط بالمحتوى المتكيف وظيفياً الذي تنتج فيه البقايا المادية (على سبيل المثال Binford,1978)، فإن آخرون يهتمون باختبار الأساس المعرفي للسلوك (على سبيل المثال Hardin,1979).



    هناك اختلاف أيضاً فيما يتعلق بالدور الذي تقوم به التناظرات الاثنوغرافية في التفسير الآثاري. الغريب، أن الاندفاع الاثنوأركيولوجي الحديث جاء في وقت كان فيه الرأي الغالب وسط علماء الآثار الأمريكيين يدعو إلى تحجيم دور التناظر. شدد العديد من علماء الآثار على أن التفسير يجب أن ينطلق من اختبار فرضيات استدلالية. التناظر المشتق من الاثنوأركيولوجيا ينظر إليه بوصفه يقوم بدور صغير مبدئي في طرح الفرضية. وضحت في الفصل الأول لماذا تعد وجهة النظر هذه مضللة. في الحقيقة، يقوم علماء الآثار بـ ويمكنهم الاستمرار في الاستخدام الحذر والمتتابع للتناظرات الارتباطية وليس من الضروري وضع هذا الإجراء "كاستدلال افتراضي".



    تزايد البحث الاثنوأركيولوجي هو نتاج للتشديد الأنثروبولوجي في علم الآثار، وللاهتمام المتصاعد فى تركيب تعميمات كل ثقافية عن السلوك الإنساني. الاثنوأركيولوجيا ينظر إليها أيضاً بوصفها توفر إمكانية اختبار فرضيات معينة استدلالياً في مواجهة المعطيات الآثارية. إن للاثنوأركيولوجيا حالياً وظائف هامة يمكن أن نذكر منها:



    أولا، أصبح واضحاً، مع توجه علماء الآثار أكثر فأكثر إلى الأنثروبولوجيين الاجتماعيين طلباً للنصح والإلهام، أن الدراسات الاثنوغرافية الموجودة غير ملائمة. نادراً ما يجمع الاثنوغرافيون نوع المعطيات عن البقايا المادية الأكثر وثاقة صلة بالنسبة لعلماء الآثار. فالاثنوغرافيون ركزوا على جوانب تتعلق بالتنوع الاجتماعي واللغوي، وبالوصف العام للمادة الثقافية. القليل من الدراسات الاثنوغرافية قدمت معلومات تفصيلية عن أماكن مواقع الإقامة، وتنوع أحجام الأدوات الصنعية وأشكالها، أو عمليات رمي الفضلات. بخاصة تستحيل الإجابة، باللجوء لاستخدام الدراسات الاثنوغرافية الموجودة، عن الأسئلة المتعلقة بعمليات الترسيب وما بعد الترسيب والتي ينتج عنها انتشار الأدوات الصنعية وتوزيعها وسمات المواقع الأثرية. الاهتمام المتصاعد بهذا النوع من الأسئلة في العشرين سنة الماضية Schiffer,1976 شكل عنصراً إضافيا شجع النهوض الحالي لأهمية الاثنوأركيولوجيا. أصبح مهماً لعالم الآثار أن يجمع معلوماته الاثنوغرافية بنفسه، وفى الحقيقة فإن معظم البحث الاثنوأركيولوجي ينفذ اليوم من قبل أناس نالوا تدريباً كأثاريين، وليس عن طريق اثنوغرافيين أو أنثروبولوجيين اجتماعيين.



    ثانياً، وظيفة ثانية مهمة توفرها الاثنوأركيولوجيا هي إنقاذ معلومات مناسبة عن أشكال المجتمع التي يتسارع زوالها. التدمير الاستعماري للعديد من الشعوب من تسمانيا حتى أمريكا الشمالية كان فعالاً إلى درجة مخيفة. تقنية تشذيب الأدوات الصوانية التي استخدمها آخر الباقين من سكان كاليفورنيا الأصليين من الهنود الحمر سجلها لنا نلسون Nelson,1916، لكن مثل هذه المعلومة فقدت عادة أو سجلت بصورة غير دقيقة. ما نمتلكه الآن هو بقايا المذابح الوحشية التي نفذها الأوربيون المهاجرون الجدد إلى القارة الأمريكية. المجتمعات التقليدية للسكان الأصليين الباقية الآن يتم دمجها في الاقتصاد العالمي الواسع. أشار وبسوت Wobst,1978 إلى أن معظم علماء الاثنوأركيولوجيا يقومون الآن بملاحظة جوانب التكيف المحلي لجماعات الصيد-الجمع. الارتباطات الإقليمية والبين-إقليمية اختيرت لكونها "حديثة"، "تالية الارتباط" و "مضللة". إذا اعتقدنا بضرورة اختبار المجتمعات التقليدية، فإن على الاثنوأركيولوجيا ألا تضيع الوقت في وضعها في محتواها العالمي الحديث.



    رغبة علماء الآثار الأوربيين في دراسة المجتمعات التقليدية الأقل تقدماً صناعياً مفهومة طالما أنهم يسعون إلى اختبار تشذيب الصوان والتقنيات الأخرى التي ما عادت موجودة في مجتمعاتهم الغربية. لكن مع ذلك هناك احتمال، أنه بعد سحق الاستراليين الأصليين والأمريكيين الأصليين والأفارقة عسكرياً، واقتصادياً، واجتماعياً، أن يستمر الأوربيون في سحق أولئك عن طريق "استعمار ثقافي". قلنا بأن الاثنوأركيولوجيا هامة من حيث كونها تساعد في كسر طوق نزعة المركزة الغربية Western Ethnocentrism المفروض على التفسير الآثاري، لكن علينا أن نعي جيداً وجود مجازفة خطيرة إذا ما شرعنا في اختبار أقسام في مجتمعاتنا الأفريقية نعدها "بدائية"، فإننا سنقع في هذه الحالة في ذات مستنقع نزعة المركزية الاثنية. نفترض بأن مجتمعنا "المتطور" أقل وثاقة صلة للكشف عن تناظرات في العصور الحجرية من مجتمعات أفريقية "بدائية". لكن مجتمعات أفريقية "بدائية" قد لا تنظر للمسألة من هذا المنظور. إنها ليست بمجتمعات منحدرة، ولا هي بمجتمعات مرتدة إلى الضرب السلفي الذي نشأت عنه، ولا هي بمجتمعات راكدة. هنالك مخاطرة فى أن نلبس مجتمعات العصر الحجري الحديث الشمال أفريقية على سبيل المثال لباس قبيلة جنوب أفريقية خوانية (هوتنتوتية؟) أو شرق أفريقية كينية أو نيلية سودانوية.



    ثالثاً، الوظيفة الثالثة للاثنوأركيولوجيا، وهى الأكثر أهمية في اعتقادنا، تتمثل في تطوير تناظرات اثنوغرافية تختص بالمبادئ التي تربط التنميط المادي بالمحتويات التكيفية والثقافية. لكن من هذا المنطلق يكون جلياً أن تعديلاً في منهجية البحث الاثنوأركيولوجي يصبح أمراً ضرورياً. حتى اللحظة تكاد تكون معظم الدراسات الاثنوأركيولوجية التي اطلعنا عليها قد وضعت من قبل علماء آثار متخصصين، وهو ما يبدو لنا أنه التوجه الأصح. الاثنوأركيولوجيا تعني بكل بساطة أن يقوم عالم الآثار ببعض العمل الاثنوأركيولوجي، عادة كعمل فرعي أو كمجال اهتمام ثانوي. يعالج عالم الآثار المعطيات الاثنوغرافية كما لو أنها معطيات آثارية ويستخدم مناهج البحث الآثاري (جمع العينات sampling، التسجيل recording، الخ). إلى حد علمنا، ليس هنالك وصف تفصيلي في الأدب الاثنوأركيولوجي لطرق العمل الميداني، وتقنيات المقابلة، وإشكالات تحديد العينة من السكان الأحياء. ينتج هذا النقص المريع مما أسماه جوولد Gould,1978 بـ "التشديد المادي" للاثنوأركيولوجيا. هناك افتراض بأن الاثنوأركيولوجي يهتم بمنتجات السلوك الفعلية، وبتحديد البقايا المادية، وبالوصف الموضوعي. لكنه بمجرد قبول فكرة كون محتوى النشاطات المادية أمر في غاية الأهمية، فإنه لا مناص عندها من عد مناهج البحث الميداني الأنثروبولوجي أمراً لازماً. إذا كان لا بدَّ لنا من الكشف عن الإطار الاجتماعي والثقافي الذي يقدم معلومة عن صناعة آنية فخارية أو تشذيب سكين صوانية، فإنه يتوجب علينا فهم محدوديات وصعوبات ومشاكل المقابلات، والملاحظات، وفهم أعضاء مجتمعات أخرى ومنتجاتهم المادية. سنجد أنه ليس فقط الناس هم الذين يكذبون بل حتى الأواني الفخارية يمكنها هي الأخرى أن تكذب.


    ===========================
    http://www.arkamani.org/archaeology_...st/hodder2.htm


    تعليق
    الموضع غير شيق لغير المتخصص, لكن لعل غير المتخصص يركز على الجزء الملون من العرض أعلاه.

  5. #5

    افتراضي

    حديث عن خطورة الفردانية و التجزيء تلمح إليه د. نورة السعد في المقال التالي



    --------------------------------------------------------------------------------


    ربيع الحرف
    فقدان الفعالية الاجتماعية


    د. نورة خالد السعد
    عندما يواجه أي مجتمع مشكلات تمس بنيته الاجتماعية فإن السياق التربوي أو الاجتماعي الذي يكون فيه أفراده عليه جزء كبير من علة هذه المشكلات فالإنسان في أي مجتمع لا يعيش بمعزل عن هذا المجتمع بل إن كلمة مجتمع تستمد مسماها من التجمع الإنساني كما هو معروف وليس هذا بالجديد.

    والذي يعيد قراءة فكر مالك بن نبي سيجد أن العلاقة الجدلية بين تخلف الأفراد مستمدة من تخلف هذا المجتمع والعكس صحيح.. فما ينتشر في المجتمع من نظام وانضباط، أو من فوضى وتيه.. كل هذا يلقى صداه في نفسية وسلوك الفرد.. فالفرد والمجتمع لا ينفصلان عن بعضهما فهما يتبادلان عناصر التأثير والتأثر.. ذلك أن العلاقة التي تربط بين انعكاسات الفرد وبين شبكة العلاقات في المجتمع هي (علاقة كونية تاريخية إذ أن المجتمع يوجد الانعكاس الفردي، والانعكاس الفردي يقود تطوره) ومن هنا كانت طبيعة العلاقة السلبية التي تربط الإنسان منا بصفته فرداً بالدين وبالعمل وبالأشياء حوله، وبالأفكار تعبر عن واقع اجتماعي عام مشخص أصيبت شبكة علاقاته بالتحلل واللافعالية.

    ويرى مالك كيف يتم تحليل العلاقة الوطيدة بين الفرد والمجتمع فإذا ضعفت النزعة الدينية عند الفرد أي لا تتحول تعاليم هذا الدين إلى سلوك وفكر وتعامل أي ضعفت وظيفته الاشتراطية التي تحوّل هذا الإنسان إلى إنسان فاعل، فإنه سيميل إلى أن يتخلى عن الواجب والنزوع إلى الفردية وتغييب المصلحة الجمعية ويضعف العمل المشترك المنسجم والهادف والذي من شأنه أن يضمن للمجتمع استمرار سيره والإبقاء على حركته التاريخية.. وهنا يدخل هذا المجتمع في مرحلة تحلل شبكة العلاقات الاجتماعية التي هي المؤشر على تماسك هذا البناء الاجتماعي..

    وعليه نجد أنه كلما زادت غلبة النزعة الذاتية على النزعة الاجتماعية زاد تحلل شبكة العلاقات الاجتماعية ونقصت (الفعالية الاجتماعية) وكلما نقص الدافع إلى العمل المشترك تقلصت الفعالية الاجتماعية وزاد النزوع نحو الفردية أي الأنانية وحب الذات..

    ذلك أن النزوع إلى (الفردية) يدل على تخلي الإنسان عن التكليف الديني/ الأخلاقي المنوط به بصفته عبداً للخالق وفرداً في مجتمع.. ولهذا فإن زيادة الفردانية في مساحات أي مجتمع هي مؤشر على غياب الفعالية الاجتماعية والعمل المشترك وتحلل شبكة العلاقات الاجتماعية.

    ولأن مالك بن نبي يربط بين عوالم الأشخاص والأشياء والأفكار في المجتمع فإنه عندما يصف مرحلة اللافعالية الاجتماعية يربطها بتحلل النسيج الثقافي لأي مجتمع أي (تحطم) روابط هذا النسيج القائمة بين العوالم الثلاثة التي تؤلفه (عالم الأشخاص، وعالم الأفكار، وعالم الأشياء) وهي التي تشكل البناء الاجتماعي لأي مجتمع.. ففي حال (اللافعالية) سنجد أن أثرها في عالم الأشخاص يتضح في الفردانية وتضخيم الذوات، وظهور الصنم أي الفرد الذي لا يمتلك سوى الخواء!! وسنجد أن في عالم الأشياء أصبح هناك (طغيان الشيء) وطلبه لذاته وليس لأهميته والاستفادة منه وأوجد أمثلة لها من تكدس السيارات أو الأجهزة الكهربائية مثلاً في المنازل وحالياً نجدها في امتلاء منازلنا بأجهزة الكمبيوتر والتلفزيونات وسواها لعدد محدود من الذين يفترض أن يستخدموها عكس ما هي عليه الحال في الدول المصدرة لنا هذه الأجهزة فلا نجد هناك (طغيان الشيء)!! أما إذا بحثنا عن أثر (اللا فعالية) في عالم الأفكار فسنجد العجز عن توليد أفكار جديدة عملية صالحة تناسب الواقع ويظهر بدلاً منها إما التشبث بكل قديم أو النقل الحرفي اللاواعي عن الثقافات الأخرى الغالبة، كما تظهر الارتجالية في الأعمال والتصرفات، ويغيب الهدف والمبادئ الأخلاقية، والذوق العام، والمنطق العملي .. وبصفة إجمالية تغيب المبادئ المنظمة والموجهة، فتعم الفوضى والعشوائية وتسود الرداءة، وهو الأمر الذي يصبح معه أي عمل مشترك صعباً أو مستحيلاً.

    وفي هذا المناخ تتعاظم (الذَّرية) وهي تعني عدم القدرة على إدراك الأشياء والأحداث في صورة كلية شاملة تربط بينها صلات فيتم تناولها على هذا الأساس كوحدات مجزأة ومنفصلة عن بعضها البعض بعيداً عن وجود أية علاقات تجمعها الأمر الذي يصبح معه إصدار أي حكم صحيح على الواقع مستحيلاً ومن هنا - كما يرى مالك - يتم تناول أي مشكلة كأجزاء مبعثرة (تبعاً لطوارئها العاجلة على الحياة اليومية ومن دون نظر شامل يحدد منذ البداية الهدف والمرحلة والتوقيت والوسائل).. وبالتالي تكون النتائج والحلول المقدمة غير فعالة، فيضيع الجهد والوقت والمال فتتراكم على إثر ذلك المشكلات وتتعقد أكثر.. ويدخل المجتمع أكثر في التخلف.


    =======================
    http://www.alriyadh.com/2008/01/31/article313567.html
    الرياض
    الخميس 22 المحرم 1429هـ -31 يناير 2008م - العدد 14465


    تعليق
    أعتقد أنه إذا استمرت المقررات الجامعية تعيش فردانيتها, فإن هذه الجامعات تُدخل المجتمع أكثر و أكثر في عالم التخلف, ولن تقوده للتقدم أبد الآبدين, وبالتالي تكون النتائج والحلول المقدمة للجامعات و مناهجها غير فعالة، فيضيع الجهد والوقت والمال فتتراكم على إثر ذلك المشكلات وتتعقد أكثر. ما لم يتصدر "منهاج تكامل العلوم" جميع الحلول و المقترحات المطروحة للرقي بالجامعات.

  6. #6

    افتراضي

    تكامل الهندسـة المساحية مع العلوم الأخرى: أهميته وواقعه



    Integration of Surveying Engineering and Other Sciences
    Importance and State of the Art


    د. ظافر بن علي القرنـي
    أستاذ مشارك، القسم المدني، كلية الهندسة
    جامعة الملك سعود
    ص. ب. 800 الرياض
    dalgarni@ksu.edu.sa


    ملخص
    على الرغم من أهمية الدور الذي تقوم به الهندسة المساحية في معظم الأعمال الهندسية وغير الهندسية في عالم اليوم، فإنها تعد مجهولة لكثير من النّاس، ذلك لأن ما يُعرف عنها ينحصر في جزء يسير منها لا يمثلها بأي حالٍ من الأحوال. إن هذا الجهل بالهندسة المساحية مشكلة تتبعها مشكلات أكثر خطورة، وأعمق تأثـيرًا. من هذه المشكلات التابعة، الغفلة عن تكامل العلوم وترافدها، وعن ضرورة الولوج إليها من باب التكامل الذي لا ينبغي له أن يوصد. لذا نحاول -في هذه الورقة – أن نبرهن على واقع التكامل بين الهندسة المساحية والعلوم الأخرى وأهميته وكونه ضرورة تقنية لا مناص منها في عصرنا الحاضر. بهذا نكون قد أشركنا المعني بالأمر فيما نتصوره بحسب خلفيته العلمية، ونكون برهنّا على عدم صحة رأي من يرى قصور تقنيات الهندسة المساحية، أو حصرها في تقنية القياس بأجهزةٍ قديمة بالية، وعدم اعتبارها مهنة هندسية ذات أهمية بالغة. تطرق البحث لمعنى التكامل وشموليته، ومستوياته، وسبله وما أفضت إليه نظريًا وبحثيًا، ثمّ عرج على أهميته للتقنية، كل ذلك من منظور مساحي. ووجدنا بالبحث الدؤوب الدقيق في واحدة من أوسع أوعية المعلومات انتشارًا أن الهندسة المساحية تتكامل مع العلوم والمعارف كافة، وإن عدد الأبحاث ذات الصبغة التكاملية ارتفعت بشكل ملحوظ في السنتين الأخيرتين عنها فيما سبق من سنوات الدراسة الست )1995-2000). وعلى هذا، فإن تكامل الهندسة المساحية مع العلوم الأخرى كافة يعد مطلبًا ملحًا في عصرنا هذا وإنه لا يمكن لنا إغفال هذا التكامل إذا ما أردنا إنتاج تقنية مبدعة، ذلك لأن التقنية الفاعلة لا تتأتى إلا من خلال تكامل العلوم وتضافرها. فجديرٌ بنا أن لا نهوّن من شأن أي فرع من فروع العلوم والمعارف، وأن نسلك منهج التكامل بينها، إذا ما رغبنا في بناء تقنية مبدعةٍ راسخة الجذور شامخة الصّرح.



    مجلة جامعة الملك سعود العلوم الهندسية (2)، المملكة العربية السعودية، 2002م، المجلد الرابع عشر، ص 19-48.


    ============================

  7. #7

    افتراضي

    التكامل بين العلوم الهندسية ضرورة حضارية



    د. ظافر بن علي القرني
    القسم المدني، كلية الهندسة

    جامعة الملك سعود

    ص. ب. 800 الرياض


    ملخص


    يرى الناظر في التقدم التقني المشهود في عالم اليوم، الإصرار من قبل أهله على جعل سبل التكامل بين التخصصات الكثيرة المتباعدة ميسّرة عامرة. ويمكن القول أنه بقدر ما تتسع سبل التكامل بين من تجمعهم بعض شئون مهنة واحدة، أو من يرمون إلى هدف واحد، يكون تميّز الإنجاز، ومن ثمّ تميّز مُنجِزه بسببه. فالتكامل ضرورة حضارية، لكن ضدّه، في الغالب، نزعة فردية. فكيف يمكن للإنسان أن يوفّق بين حالتين، قد يرى أهمية واحدة منها، ولا يرى الأخرى. وأول ما يخطئ فيه الواحد منّا هو جعل هاتين الحالتين، أو الضرورتين -إن جاز لنا هذا- متقابلتين ومتصادمتين في كل الأحوال. إذ هما بالرغم من تقابلهما من منظور ما، ممكنتا الانسجام والتتالي، فإحداهما،على الأقل، ذات تأثير عام، والأخرى خاص. ولو تيقن المرء أن بقاءه مرهونٌ ببقاء الضرورة العامة التي قد تكون غابت عنه أهميتها، لما حبّذ التقوقع أو التنافر، ولدعا بكل حزم إلى التقارب الذي يقود بطبيعته إلى التكامل بينه وبين غيره من ذوي الاهتمام. نودّ في هذه الورقة أن نناقش أهمية التكامل بين العلوم الهندسية للنهضة الحضارية في الأمة، لكن، لأسباب جديرة بالاهتمام، نعود قليلاً إلى ما وراء ذلك، فنتلمّس بعض أسس التكامل في الدين الإسلامي الحنيف، وأثره في نشأة المملكة العربية السعودية ونموها. ثمّ نأتي إلى أهميته في العلوم التي قامت عليها، مركزين النّقاش على العلوم الهندسية وتخصصاتها المختلفة، وحاصرين جهة النظر إليها من قبل الهندسة المساحية في جامعة الملك سعود. ثمّ ننظر في مستويات التكامل وبوادره بين هذه العلوم المختلفة من منظورين، منهجي وبحثي. ونختم الورقة بنقاش مختصر حول أهمية هذا التكامل في النهضة الحضارية، مبرزين أثره الملموس، ومنبهين على عدم التهاون في أمره، والحرص على استمراره، واطّراد نموه.


    -------------------------------------
    نشرت في سجلات الندوة الجامعية الكبرى: الجامعة ومئوية التأسيس، المحور الهندسي: جامعة الملك سعود، الرياض 7-8/7/1420هـ (16-27/10/1999م).


    =================
    http://www.dr-algarni.net/research/arabic3.php

  8. #8

    افتراضي

    التكامل بين الرياضيات والعلوم الأخرى
    محمود الحمضيات

    إن بناء منهج للرياضيات بمعزل عن المنهج المدرسي قد يوافق بنية الرياضيات ذاتها، ويوافق فئة من المتعلمين من ذوى الذكاء العالي، لأنهم وحدهم الذين قد يستطيعون ربط الرياضيات بغيرها من العلوم والمعارف الأخرى، فتقديم الرياضيات كمادة مجردة لا ترتبط بحاجات المتعلمين قد يضعف هممهم لدراستها وينفرهم منها (الشرقاوي، 2004).

    وأكدت العديد من المؤسسات والمجالس العالمية، ومنها: National Council of Teachers of Mathematics (NCTM), (Mathematics Science Education Board (MSEB), School science and Mathematics Association (SSMA), The American Academy of Arts & Science (AAAS) أهمية التكامل بين المواد الدراسية وبخاصة الرياضيات وفروع المعرفة الأخرى، واهتم (NCTM) بتوضيح العديد من الحالات التي توضح التفاعل بين الرياضيات والمواضيع الدراسية الأخرى أو مجتمع الحياة اليومي، ودور النمذجة الرياضية في مثل هذه الحالات.

    المقصود بالتكامل
    إذا كان للرياضيات علاقة كبيرة بالعلوم الأخرى، سواء أكانت علوماً طبيعية كالفيزياء، والكيمياء، والأحياء، والهندسة، ... الخ، أم كانت علوماً اجتماعية كالسياسة والعلوم التربوية والقضائية ... الخ، فإن ذلك يؤكد على تكاملها مع هذه المواد، علماً بأن تكامل فروعها أمر ينبغي أن يكون محسوماً.

    والتكامل نظام يؤكد على دراسة المواد دراسة متصلة ببعضها لإبراز علاقات، واستغلال هذه العلاقات لزيادة الوضوح والفهم، وهو يعد خطوة وسطى بين انفصال هذه المواد وإدماجها إدماجاً تاماً (الملا، 1994: 142).

    ويعرف التكامل أيضاً: بأنه تقديم المعرفة في نمط وظيفي على صورة مفاهيم متدرجة ومترابطة تغطي الموضوعات المختلفة بدون أن تكون هناك تجزئة أو تقسيم للمعرفة إلى ميادين منفصلة، أو إلى الأساليب والمداخل التي تعرض فيها المفاهيم وأساسيات العلوم، بهدف إظهار وحدة التفكير وتجنب التمييز والفصل غير المنطقي بين مجالات العلوم المختلفة (لبيب ومينا، 1993: 176).

    وتوصل "دابرون" إلى التعريف التالي للمواد المتكاملة:

    عندما يوصف منهج ما بالتكامل، فإن هذا يعني أن تخطيط هذا المنهج وطريقة تنفيذه مع الطلبة يؤديان إلى اكتسابهم للمفاهيم الأساسية التي توضح وحدة المواد المتكاملة، وطريقة دراسة المشكلات العلمية، وتساعدهم علي إدراك أهمية هذه المواد ودورها في حياتهم اليومية وعالمهم الذي يعيشون فيه. ومنهج المواد المتكاملة، عند تناوله للموضوعات والمشكلات، يتلافى التكرار الذي ينشأ عند دراسة فروع العلوم المنفصلة، كما أن هذا المنهج لا يعترف بالحواجز التقليدية المصطنعة بين المواد الدراسية.

    والتكامل المشار إليه لا يعنى فقط تكامل الموضوعات داخل فروع الرياضيات التي يتضمنها منهج الرياضيات، وإنما التكامل ككل مع المنهج المدرسي، فلابد أن تتميز مناهج الرياضيات بالمرونة، فإذا كانت المشكلات الرياضية لا تعالج منفصلة، فهذا يدعو إلى النظرة الشمولية لمناهج الرياضيات. ويشير مجدي عزيز إبراهيم لذلك عندما يعبر عن تعليم وتعلم الرياضيات بأنه نشاط في مجتمع المعرفة، والمعرفة لا تتجزأ، فمهما كانت المسائل الرياضية التي تعالجها فلسفة الرياضيات فإنها لم تعد منفصلة، إذ تشير عمارة الرياضيات إلى التداخل التام بين تلك المسائل، وبخاصة أن فروع المعرفة على الرغم من استقلاليتها تتشابك فيما بينها، كما يضيـف أن تكامل المعرفة يحمى الإنسان من ضـيق الأفق الشديد (إبراهيم، 2001: 79- 102). وهذا ما يؤكده فايز مراد مينا "لا شك أن التكامل بين منهج الرياضيات ومناهج المواد الأخرى يبنى على ضوء الصلات الوثيقة بين مجالات المعرفة الإنسانيـة والاعتماد المتبادل فيما بينها، سواء من أجل نمـوها أم في مواقف الحياة الفعلية ومشكلاتها" (مينا، 1994: 63). كما يرى أن المشكلات المجتمعية والحياتية بطبيعتها تصعب تجزئتها أو ردها إلى مجال دراسي أو مجموعة من المجالات الدراسية بصورة منفصلة، لذا فمن من الطبيعي ربط مناهج التعليم بالحياة، وتكامل هذه المناهج فيما بينها من جهة، وفيما بينها وبين الحياة والجدية من جهة أخرى، لمواجهة الأمور، والانطلاق في التصدي لقضايا التعليم من رؤية شاملة (2003: 41). وتتمثل القضايا المتعلقة بتنظيم هذا المنهج في التكامل والتتابع، ففيما يتعلق بالتكامل، فإن المناهج الجديدة تسعى إلى إبراز الصلات عبر المعرفية في معظم مجالات الدراسة، بدلا من تقديم كل منها بصورة حادة الانفصال (2003: 77)، وبذا يتفق كل من مينا وإبراهيم والملا والشرقاوي والمجلس الأمريكي في نظرتهم إلى التكامل، لذا ينبغي الاهتمام بالرياضيات نفسها أيضاً، حيث إن الاتجاهات الحديثة تدعو إلي التوحيد بين موضوعات الفرع الواحد والفروع المختلفة، بحيث يكون هناك ارتباط عضوي بين وحداتها الدراسية، وارتباط فكري بين تتابعاتها، فقد حاول الرياضيون منذ فترة طويلة التوحيد بين فروع الرياضيات، فقد وحد "ديكارت" بين العدد والشكل، وقدم الهندسة التحليلية. كما قام "كانتور" و"ديكدند" بتوحيد الموضوعات الرياضية حول مفاهيم عامة مثل الفئة والنظام العددي والتركيب الرياضي.

    مبررات الدعوة إلى التكامل
    هناك العديد من المبررات لاستخدام التكامل تعكس ميزاته، منها:

    1. المنهج المتكامل أكثر واقعية وأكثر ارتباطاً بمشكلات الحياة التي يواجهها الفرد في حياته، حيث إن أي مشكلة يواجهها الفرد في حياته غالباً ما يطلب حلها أكثر من لون من ألوان المعرفة التي يتعلمها الفرد، كما أن ارتباط المنهج بالحياة والبيئة يحفز الطالب ويزيد من ميله إلي دراستها، ما ينمي ميوله.
    2. الأسلوب التكاملي يتفق مع نظرية الجشتالت في علم النفس التربوي، حيث إن المتعلم يدرك الـكل قبل الأجزاء والعموم قبل الخصوص وهكذا (الأنصارى، 1995: 43).
    3. تعمل المناهج المتكاملة على التخلص من عملية التكرار التي تتصف بها مناهج المواد المنفصلة، ما يوفر وقتاً لكل من المعلم والمتعلم، ولا يثير الملل لديهما، ويكون أكثر اقتصاداً في الجهد والمال (الجراح، 2000: 43)، كما أن المعرفة كل لا يتجزأ، ولا يمكن تحصيلها إلا بمنهج تكامل العلوم والتخصصات، وتداخلها، وتكاملها في الأثر والنتيجة (التنمية العربية، 2003: 38).
    4. يراعي المنهج المتكامل خصائص النمو السيكولوجي والتربوي للتلاميذ من حيث مراعاة ميولهم واهتماماتهم واستعداداتهم في ما يقدم لهم من معارف وخبرات ومعلومات متكاملة، ما يخلق لديهم الميل والدافع لدراسة هذه المعلومات، أي أن هذا المنهج يتخذ من ميول التلاميذ أساساً مهماً من أسس اختبار المشكلات والموضوعات التي يرغبون في دراستها وأوجه النشاط المتصلة بها، ما يدفع التلاميذ إلى بذل قصارى جهدهم لجمع المعلومات اللازمة لحل تلك المشكلات أو لدراسة هذه الموضوعات، وبذلك يكون التعلم أكثر نفعاً وأبقى أثراً، لأنه تعلم قائم علي رغبتهم ويتمشي مع ميولهم (الجراح، 2000: 52).
    5. المناهج المتكاملة تعمل على تنمية المدرس مهنياً وعلمياً، حيث يجد المعلم نفسه بحاجة دائمة لتطوير نفسه وتنويع معلوماته، وذلك لتتناسب مع المعلومات المتشعبة والمتنوعة التي يقدمها لطلابه.
    6. تعين المناهج المتكاملة في مواجهة التحدي الذي نتج عن التغير والتطور السريع في عالم التعليم المدرسي، حيث أن التغير هو عملية حتمية تواكب الحياة وتعتبر مدى قدرة الفرد على متابعة هذا التغير أحد المقاييس المستخدمة لبيان مدى نجاحه في حياته.
    7. شمولية المشكلات المجتمعية والحياتية وطبيعتها المتكاملة وصعوبة تجزئتها.
    8. وحدة المعرفة الإنسانية وتكاملها.

    والتكامل له ثلاثة أبعاد، هي: المجال (scope)، الشدة (intensity)، الاستخدام البيئي (Involvement) (Environmental). ويتم تحديدها في ضوء الموضوعات المتكاملة، أما لبيب ومينا فقد ذكرا ثلاثة أبعاد أيضاً للتكامل هي: مجال التكامل، وشدة التكامل، وعمق التكامل، وكذلك فإن الموضوعات والمواد المتكاملة تحدد درجة هذه الأبعاد (لبيب ومينا، 1993: 179).

    ومما لا شك فيه أن أي تكامل للمواد الدراسية يفترض أن يراعي ما يلي:

    أ-التكامل الأفقي: وذلك عن طريق إيجاد العلاقة الأفقية بين المجالات المختلفة التي يتكون منها المنهج، حيث يركز الاهتمام على موضوعات ذات عناصر مشتركة بين مجالات متصلة، كأن نربط بين ما يدرس في الرياضيات وما يدرس في العلوم والاجتماعات والتربية الفنية والرياضية وغيرها من فروع المعرفة المختلفة بالإضافة إلي نقل المبادئ التي يتعلمها التلميذ إلي أي فرع من فروع المعرفة، أو أي مشكلة تعترضه، ففي الصف الخامس الأساسي -مثلاً- يتعرض المتعلم في العلوم لمفهوم السرعة مقارنة بسرعة بعض الأجسام، والعلاقة بين المسافة، والسرعة، والزمن، ومفهوم الكتلة والوزن، وأدوات قياسها. بالإضافة إلي الحجوم، وإيجاد حجوم أشياء على شكل متوازي مستطيلات، وفي كل هذه المفاهيم يحتاج إلى بعض المفاهيم الرياضية وبعض العمليات كالعمليات الأربع، والنسبة، وغيرها من المفاهيم.

    وكذلك في التربية الرياضية هو يحتاج إلى أن يخطط الملاعب لبعض الألعاب، وكذلك توزيع طلاب الصف على بعض الألعاب. وفي التربية الفنية يتعرض لمفهوم الزخرفة ومصادرها: هندسية، كتابية ... الخ، وكذلك مفهوم القريب، وفي الاجتماعيات يتعرض للخرائط ومقياس الرسم وغيرها من المفاهيم التي تحتاج إلى بعض المفاهيم الرياضية لتعلمها البعيد. وفى بعض المفاهيم الرياضية أيضاً لتعلمها، كما يمكن أن نزود الرياضيات ببعض الأمثلة والمشكلات من هذه الموضوعات، وذلك في ترابط يوضح قيمة ما يتعلمه التلميذ في مختلف الفروع في الصف الواحد.
    ب-التكامل الرأسي: أو ما يسميه البعض البناء الحلزوني أو اللولبي (SPIRAL) للمنهج، ويعني ببساطة التوجه نحو نسقية العلم في المناهج، واتخاذ مفهوم محوري والارتقاء به عمقاً واتساعاً وتداخلاً في فروع العلم الأخرى وفي الحياة، كلما ارتقى الطالب من صف إلى صف أعلى.

    ويقترح راشد الكثيري أن يتم البدء باستخدام التكامل الرأسي (المدخل الحلزوني) في بدايات مراحل التعليم الرسمي، على أن توضح خرائط منهجية كدستور تنفيذ للعمل يتضح فيه: المجال (Scope)، والتسلسل (Sequence)، والتوقيت (Timing) والتداخلات المقصودة بين عناصر المحتوى المختلفة من داخل المقرر أو من خارجه، التي تدعم عمليات التعليم والتعلم، سواء أكانت بصورة مقررات إضافية أم أنشطة، وهذا أيضاً يدعم النمذجة الرياضية، حيث إن المعلم الجيد يستطيع البدء في مراحل التعلم الأولية بطرح المشكلات والموضوعات المناسبة للمستوى، وفي مستوى أعلى يقدم التطبيقات ذات الأفكار الأعمق ويتدرج في ذلك ليصل إلى مستوى تصبح فيه النمذجة نمطاً وسلوكاً عاماً للتعلم عموماً (الكثيري، 1995: 118).
    محمود الحمضيات - مركز القطان/ غزة


    المراجع:
    إبراهيم، مجدي عزيز (2001). رؤى مستقبلية في تحديث منظومة التعليم، القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية.
    الأنصاري، سامية عادل (1985). استخدام النظم في وضع برنامج للتربية العملية لطالب القسم العلمي في الكويت. رسالة دكتوراه غير منشورة، القاهرة: كلية التربية- جامعة عين شمس.
    الجراح، ضياء ناصر (2000): تطوير مناهج الرياضيات في مرحلة التعليم العام في المملكة الأردنية الهاشمية في ضوء النموذجية الرياضية. رسالة دكتوراه غير منشورة، القاهرة: جامعة عين شمس.
    برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي (2003). تقرير التنمية العربية للعام 2003 نحو إقامة مجتمع المعرفة، المكتب الإقليمي للدول العربية.
    الكثيري، راشد بن حمد (1995). تجديدات في مناهج العلوم والرياضيات ومدى الاستفادة منها في دول الخليج العربي، الرياض: مكتب التربية لدول الخليج.
    الملا، بدرية (1994). أثر برنامج متكامل بين القراءة الوظيفية والقراءة على الأداء اللغوي لتلميذات الصفوف الثلاثة الأخيرة في المرحلة الابتدائية. رسالة دكتوراه غير منشورة، القاهرة: كلية التربية - جامعة عين شمس.
    لبيب، رشدى، ومينا، فايز مراد (1993). قضايا في مناهج التعليم، القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية.
    مينا، فايز مراد (1994). قضايا في تعليم وتعلم الرياضيات مع إشارة خاصة إلى العالم العربي، ط2، القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية.

    الشرقاوى، عبد الفتاح (2004): تبنى الرياضيات المعاصرة.

    (Online) Available 0n: www.angelfire.com /sc3/mathgroup/nowmath.htm.


    ===============================

  9. #9

    افتراضي رد: التعدد و دوره في تكامل العلوم

    كتاب



    التنمية الاقتصادية المحلية و البيئة

    Gibbs, David. Local Economic Development and the Environment.

    London: Routledge, 2002


    كتاب قيم
    في مجال الربط بين السياسات الاقتصادية و السياسات البيئية, و ان الإقتصاد حر ما لم يضر.

    فما فائدة اقتصاد حر ينطلق دون مراعاة لمخرجاته المدمرة للبيئة بل للبشرية بأكملها؟


    ضع عنوان الكتاب في أحد محركات البحث و ستجد العديد من المقالات التي تناولت مفاهيم الكتاب و توجهاته.


    نحن كمسلمين لو إنطلقنا إبتداء من قاعدتنا الاسلامية المتكاملة , لتوجهنا تلقائيا في سياساتنا الاقتصادية و البيئية نحو التكامل بينهما لا التنافر كما هو الحال مع الواقع الغربي لتلك التخصصات العلمية. فنحن خطأً نقلنا علوم الغرب في تلك التخصصات و التي تتصف بالتنافر بينها في حين أنها متخادمة يحمل بعضها بعضا و يسدد بعضها بعضا.


    فهل من عودة ؟ أم أننا سنستمر في خط اللوكيميا العلمية؟

    هل سنرجع سريعا لمنهاجنا الرباني ثم نسوقه للغرب؟ أم أننا سننتظر الغرب و مؤسساته العلمية كي يعيدنا للتكامل بطريقته الخاصة,والتي قد تكون خاطئة متعثرة؟

    هل سنثق بأنفسنا و نعود لذواتنا و نثق بمنهاج ربنا و نكامل بين العلوم كي نحيا حياة سعيدة؟ أم ؟ أم؟

    هل ستظل الجامعات تحت حكم المصابون باللوكيميا العلمية, المحاربون للتكامل لجهلهم به؟ أم أن سياسات ستصدر لإعادة برمجتهم علميا حتى يتفيؤ ظلال التكامل العلمي...ويسعون جاهدين لاستقطاب أعضاء هيئة تدريس مؤمنون بالتكامل ساعين بقضهم وقضيضهم لنبذ عنف و إرهاب التخصصات العلمية المؤسسة على التنافر و التشاكس؟


    كم نسبة أعضاء هيئة التدريس في جامعاتنا المؤمنون بالتكامل العلمي المعلوماتي؟ و هل هم متفقون على سياسات معينة للتحول من التكسر التخصصي للتكامل التخصصي؟

    هل تدرك وزارات التعليم العالي في بلداننا العربية والاسلامية هذا الأمر؟ هل عقدت له مؤتمرات؟ هل لديها سياسات و استراتيجيات واضحة و منفذه للخروج من كابوس و إرهاب اللوكيميا العلمية؟






    =-=-=-=-=-=-=-=
    http://books.google.com/books?hl=ar&...SYii0o#PPP1,M1

  10. #10

    افتراضي رد: التعدد و دوره في تكامل العلوم



    ميشال دوبوا
    أدرك اللوكيميا العلمية, فخرج لنا بالكتاب التالي
    ركز معي على عنوان الكتاب


    علم اجتماع العلوم


    علم اجتماع العلوم.. هل يجيب عن سؤال تخلف العلم في الثقافة العربية؟

    قراءة :عبدالله المطيري

    العنوان: مدخل إلى علم اجتماع العلوم.

    المؤلف: ميشال دوبوا.

    ترجمة: د. سعود المولى.

    الناشر: المنظمة العربية للترجمة.

    تاريخ النشر:2008

    توزيع: مركز دراسات الوحدة العربية.

    عدد الصفحات: 543صفحة.


    علم اجتماع العلوم هو أحد العلوم البينية الناشئة حديثا بسبب الحاجة إلى المزيد من التخصص فهو يقع في نقطة التقاء أربعة علوم : علم الاجتماع العام والعلوم الطبيعية وفلسفة العلوم وتاريخ العلوم. وعلم اجتماع العلوم هو باختصار العلم الذي يدرس العلوم الطبيعية بشكل أساسي وبقية العلوم الأخرى انطلاقا من اعتبارات اجتماعية. بمعنى أنه العلم الذي يقوم على مسلمة أساسية هي: أن التطور العلمي أو حركة البحث العلمي مهما كانت تبدو مستقلة إلا أنها مشروطة بالمجتمع والتاريخ ونسق الحقيقة السائد. إذن هناك، باعتبار هذا العلم، أسباب اجتماعية شاركت في صنع الحالة العلمية كما هي عليه في أي وقت من الأوقات.

    قبل الدخول في التفاصيل يمكن هنا القول أن هذا العلم يحمل معه منهجا وأداة علمية مهمة جدا، أقول هذا وأنا أفكر في الحالة العربية، فمن خلال عدّة هذا العلم المفاهيمية يمكن لنا أن نفكر في ظروف العلم الطبيعي في الثقافة العربية بشكل أوضح وأدق. فالعلم هنا يتبدى بوصفه شبكة اجتماعية داخل محيط اجتماعي يؤثر ويتأثر به. فمع المنهج التاريخي والإبستمولوجي من الضروري إدراج المنهج الاجتماعي العلمي في المساعدة على فهم هذه الحالة. ففشل السياق العلمي في الثقافة العربية يمكن أن يقارب من هذا المنظور أي من خلال دراسة الحالة الاجتماعية التي يوجد فيها هذا السياق. ينطلق هذا العلم البيني من رحم علم الاجتماع أساسا ولكنه بسبب الاقتراب من العلوم الطبيعية فقد اكتسب بالضرورة أداة مهمة تمكنه من فهم الأجواء الاجتماعية لهذه العلوم سواء في المختبر أو في المحيط الاجتماعي داخل المؤسسة العلمية أو خارجها.

    مؤلف الكتاب هو ميشال دوبوا الباحث في المركز القومي للبحوث العلمية والأستاذ في جامعة باريس العاشرة. ألّف هذا الكتاب سنة 1999م وجعل هدفه التعريف بهذا العلم "علم اجتماع العلوم" من خلال خمسة فصول كبيرة قدم فيها السوابق التاريخية لهذا العلم وبالذات مساهمات دوركهايم وماكس شيلر. ثم البداية لهذا العلم بشكله الحديث مع روبرت مرتون المعترف به كمؤسس لعلم اجتماع العلوم.تعد هذه المرحلة الأولى وتمتد تقريبا من منتصف الخمسينيات إلى مطلع السبعينيات من القرن العشرين وتسمى مرحلة احتكار التراث المرتوني لتوجهات هذا التخصص كانت الأولوية في هذه المرحلة في الدراسات التجريبية لدراسة تأثير المعايير المؤسسية ونسق المكافآت على نشاط العلماء. ثم يستكمل دوبوا الاستعراض التاريخي بعد مرتون من خلال دراسة فترة السبعينيات المتميزة وما بعدها إلى الآن وهي المرحلة الثانية وتحلو فيها الاهتمام إلى دراسة الممارسات التجريبية والمفاهيمية الملازمة للبحث العلمي من خلال دراسة العوامل الاجتماعية التي تسمح بتفسير طريقة ترجيح العلماء إحدى نظريتين متنافستين كما لدراسة السياق المادي والعلائقي لبلورة الوقائع الاجتماعية.

    في الفصول الأربعة اللاحقة يقدم دوبوا استعراضاً لأهم الانجازات والمباحث في هذا العلم ففي الفصل الثاني يقدم "منظورات سوسيولوجية حول أسس الجماعة العلمية". وفي الفصل الثالث يضيء مسألة "التراتب، التنظيم الاجتماعي للعمل" داخل المؤسسة العلمية. أما الفصل الرابع فعنوانه "النظرية السوسيولوجية عن الإطار". أما الفصل الخامس فقدم دراسة لإسهام هذا العلم في مجال الخيارات التي يتبناها العلماء والنظريات والاستدلالات العلمية من خلال كشف الجانب الاجتماعي في كل هذه التوجهات.


    هل البحوث العلمية في الطب أو الفيزياء أو الكيمياء تبدو كما هي عليه. أي أنها بحوث تتبع المنهج العلمي في البحث وتوجهها التطورات العلمية دون مؤثرات أخرى؟

    بمعنى أننا حين نطلع على بحث علمي ما في مجلة علمية أو في كتاب فإننا لا نعثر على أي مؤثرات سوى ما سبق. هل هناك ما هو خلف هذا كله؟

    كان هذا هو سؤال علم اجتماع العلوم الأساسي.وإن كانت الإجابة أصبحت معروفة قبل نشوئه أي معرفة ضرورة وجود الأثر الاجتماعي في المنجز العلمي إلا أنه هدف إلى تقديم إجابة علمية منهجية بالدلائل والإثباتات الدقيقة. هذه مهمته وإلا فإن التأثير الاجتماعي على العلوم وغيرها من مجالات المعرفة أصبح معلوما خصوصا مع البحوث الماركسية الاجتماعية والبحوث في المؤثرات الأيديولوجية في العلوم والفلسفات ولكن الإجابات كانت دائما من الخارج،

    علم اجتماع العلوم سيأتي لنا بإجابات من الداخل من خلال منهج قريب من المنهج الأنثروبولوجي باعتبار الباحث أصبح جزءا من البيئة العلمية يرصدها ويأتي بقراءة للمؤثرات غير العلمية في العمل خصوصا تلك الاجتماعية أي تلك المؤثرات الناتجة عن العلاقات الاجتماعية داخل المؤسسة العلمية أو بيئة العمل الصغيرة "المختبر". علاقات العاملين الاجتماعية، التراتبية، طبيعة النظام والسلطة تأثير المكافآت والشهرة العلمية، نوع العلاقات مع المؤسسات الأخرى وغيرها من المؤثرات.

    من خلال العدد الكبير من الاتجاهات التي استعرضها دوبوا في الفصول الأربعة الأخيرة أصبح واضحا أن هذا العلم الشاب يتمتع بعدد وافر من المناهج والقراءات المتنوعة من خلال مراكز البحث في بريطانيا وفرنسا وأمريكا. وهذا غير مستغرب فإذا كان موضوع هذا العلم هو العلوم الطبيعية والرياضيات فإن التطور والتقدم والتوسع الذي تشهده هذه العلوم يوفر مادة للدراسة لا تنضب واختبارا مستمرا لقدرة هذا العلم على إنجاز مهامه التي تعهّد بها. وباعتقادي أن المستقبل سيحمل معه تطورات كبيرة لهذا العلم باعتبار أن الأسئلة تزداد باستمرار حول العلوم الطبيعية خصوصا البيولوجيا والفيزياء والكيمياء والطب. نتذكر هنا أن الفيزياء أصبحت محط سؤال كبير بعد القنبلة النووية التي فجّرت في هيروشيما و نغازاكي. أسئلة كبيرة، أخلاقية وإنسانية واجتماعية طرحت على هذا العلم وما زالت مطروحة. اليوم البحث الجيني في علم الوراثة يتصدر قائمة المسائلين من عدة جهات، بالتأكيد أن علم اجتماع العلوم له كلمة هنا فهو قادر على الكشف عن الظروف والمؤثرات التي تحيط بالاكتشافات العلمية والنظريات الحديثة.

    وإذا أخذنا بموقف كارل بوبر في عدم التفريق بين نظريات العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية و الإنسانية من جهة شروط العلمية فإنه يمكن القول أيضا أن علم اجتماع العلوم يمكن أن يقدم لنا معرفة مهمة في فتح أفق جديد لفهم النظريات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والسياسية من جهة العامل الاجتماعي فيها.

    عربيا أعتقد أن هذا العلم سيفيدنا كثيرا في فهم واقع النشاط العلمي بشكل كامل في وسط الثقافة السائدة الحالية.

    فهل يمكن مثلا أن نحصل على مجتمعات علمية فاعلة تشتغل بالمنهجية العلمية داخل إطار عام يختلف بشكل كبير وأساسي مع هذه المنهجية.هل يمكن بقعة عقلانية وسط أمواج من اللاعقلانيات والغيبيات ذات السلطة والتأثير الهائل؟ في الغرب هناك بالتأكيد فرق بين المستوى العقلاني داخل المجال العلمي وخارجه ولكن السلطة الاجتماعية هناك مؤسسة بحيث تكون دافعاً للعقلنة والدفع بالبحث العلمي لآفاق أوسع، هناك اعتراضات أخلاقية كبيرة تواجه عدد من مجالات البحث ولكن البنية القانونية وحركة المجتمع قادرة على ألا يؤثر هذه الاختلافات في مسيرة التطور العلمي.أما عربيا فإن الوضع يختلف باعتبار أن البنى غير العقلانية تمسك بالسلطة وتستطيع أن توجه الواقع العلمي والبحثي أو تضغط عليه بشكل كبير حتى تكاد تشلّه.

    أيضا هل يمكن خلق وحدات بحثية متطورة داخل نمط الإدارة و التراتبية والعلاقات الاجتماعية العربية. كل هذه أسئلة يمكن لعلم اجتماع العلوم أن يساعدنا في الإجابة عليها ويمدنا بأدوات منهجية وعلمية تساعدنا في الكشف بعمق أكبر عن مشكلات البحث العلمي العربي. في هذا الكتاب"مدخل إلى علم اجتماع العلوم" لميشال دوبوا الكثير من النماذج والمفاهيم التي أثبتت فاعليتها في دراسة مجالها وهو بالتأكيد إضافة مهمة للمكتبة العربية ويستحق المترجم الدكتور سعود المولى جزيل الشكر على هذا المجهود الكبير ونحن في انتظار قادم إبداعاته.


    ====================
    http://www.alriyadh.com/2009/01/01/article399059.html

    النسخة الإلكترونية من صحيفة الرياض اليومية الصادرة من مؤسسة اليمايمة الصحفية
    الخميس 4 محرم 1430هـ - 1 يناير2009م - العدد 14801

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. رسائل في العلوم الأمنية
    بواسطة الماوردي في المنتدى دراسات العلوم الأمنية والقانوينة
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 04-06-17, 08:26 PM
  2. العلوم الادارية ,,,
    بواسطة أم ريم في المنتدى دراسات العلوم الاجتماعية والنفسية والادبية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-27-10, 06:48 PM
  3. منح بحثية في العلوم الاجتماعية
    بواسطة ezzatali2004 في المنتدى دراسات العلوم الاجتماعية والنفسية والادبية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-12-08, 01:34 PM
  4. التعدد الآني عبر التاريخ الإسلامي
    بواسطة د. المقريزي في المنتدى منتدى د. المقريزي
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 11-03-07, 11:22 PM
  5. دوره لمكافحة التدخين ارجوا التثبيت
    بواسطة bioc في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 03-10-05, 11:27 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

جميع الحقوق محفوظة لموقع منشاوي للدرسات والابحاث