التعلم والتعليم الإبداعي
د.جواد محمد الشيخ خليل
مقدمة :ـ
يعد التفكير الإبداعي من أهم القدرات التي يجب على الأنظمة التربوية توجيه عناية خاصة بها لكي تجيد هذه الأنظمة أداء الدور المنوط بها في عالم اليوم ، هذا العالم الذي يتميز بكثرة التحديات والمشكلات التي يعيشها الأفراد والمجتمعات ، وازدياد حدة التنافس والصراع من أجل البقاء واثبات الوجود.
إن معظم الإنجازات العلمية والتكنولوجية التي حققتها البشرية في القرن العشرين هي نتاجات أفكار المبدعين ، ولكن العلم في الماضي كان يصمم لعالم مستقر أما الآن فإن مجتمعنا يعيش في عالم سريع التغير تحيطه تحديات محلية وعالمية لعل أهمها الانفجار المعرفي والتطور التكنولوجي والانفتاح على العالم نتيجة سرعة الاتصالات والمواصلات حتى أصبح العالم قرية صغيرة ، كل ذلك يحتاج منا السرعة في تنمية عقليات قادرة على حل المشكلات .
وتعتبر تنمية هذه العقليات المفكرة مسئولية كل مؤسسات الدولة وعلى رأسها المؤسسات التعليمية ، فمن المعلوم أن تنمية تفكير الفرد يمكن أن تتم من خلال المناهج الدراسية المختلفة داخل المؤسسات التعليمية، والمناهج باختلافها تساهم في تنمية التفكير والقدرة على حل المشكلات لدى الطلاب وتسهم في زيادة قدراتهم في أنواع التفكير المختلفة إذا توفر لتدريسها الإمكانات اللازمة.
القدرات الإبداعية موجودة عند كل الأفراد بنسب متفاوتة ، وهي بحاجة إلى الإيقاظ والتدريب لكي تتوقد. وإن النمطية في الأساليب التعليمية توقف أو تعيق تلك القدرات ولا تؤدي إلى إعداد أفراد يمتازون بالفكر قادرين على الإنتاج المتنوع والجديد، والذي تحتاجه التنمية الشاملة لمجتمعنا في القرن الحادي والعشرين.
فنحن اليوم بحاجة أكثر من قبل إلى إستراتيجيات تعليم وتعلم تمدنا بآفاق تعليمية واسعة ومتنوعة ومتقدمة تساعد طلابنا على إثراء معلوماتهم وتنمية مهارتهم العقلية المختلفة وتدربهم على الإبداع وإنتاج الجديد والمختلف . وهذا لا يتأتى بدون وجود المعلم المتخصص الذي يعطي طلابه فرصة المساهمة في وضع التعميمات وصياغتها وتجربتها ، وذلك من خلال تزويدهم بالمصادر المناسبة وإثارة اهتماماتهم وحملهم على الاستغراق في التفكير الإبداعي وقيادتهم نحو الإنتاج الإبداعي ، وأن تكون لديه القدرة على إبداء الاهتمام بأفكار الطلاب واستخدام أساليب بديلة لمعالجة المشكلات ، وعرض خطوات التفكير عند معالجة المشكلة بدلا من عرض النتيجة فقط ، مما يدفعهم نحو تطوير نماذج التفكير والقدرة على تقييم نتائج التعلم بشكل فعال.
ولقد أوضحت العديد من الندوات والمؤتمرات من خلال توصياتها دور المعلم كمحور أساسي في تنمية التفكير الإبداعي لدى الطلاب ونادت بتغيير وتطوير برامج إعداده على النحو الذي يؤهله للقيام بهذا الدور.
أهمية الإبداع:
يعتبر الإبداع والتفكير الإبداعي من أهم الأهداف التربوية ، فنجد أن تربية وتعليم التلاميذ المبدعين في الدول المتقدمة كان من العوامل الأساسية التي أدت إلى التقدم العلمي والاقتصادي في العصر الحديث.
وهذه بعض الافتراضات التي سيتم مناقشتها كمدخل للقاء الأول :
1- هل الإبداع صفة جسمية وراثية في المتعلم؟
إن كانت الإجابة نعم ! فمن الصعب إثارته وتحسينه بالتعليم.
أدب الإبداع يؤكد الآن إنه شكلا من أشكال النشاط العقلي يمارسه المتعلم ، ويتمتع جميع الطلاب بدرجة معينة من الإبداع ، ولو أنهم يختلفون في الكم وليس في النوع في هذه الصفة ، وهذا يعني إمكانية تعليم الإبداع والتدريب على ممارسته.
2-هل بيئة التعلم الشائعة تنمي القدرة على الإبداع؟
تنمية القدرة على الإبداع والتفكير الإبداعي رهن اقتناع المعلمين والمسئولين عن المؤسسة التربوية بأهمية الإبداع والمبدعين وتنمية قدراتهم الإبداعية.إخلاص المعلم وحماسه لإفادة الطلاب ورعاية المبدعين لا يقل أهمية في التدريس من أية عوامل أخرى تتعلق بالعملية التدريسية.
3-هل يمكن إكساب المتعلم القدرات الإبداعية بدون توافر الاستعدادات والاتجاهات اللازمة للإبداع؟
المتعلم بما يملك من قدرات عقلية واتجاهات إيجابية إبداعية، فإنه يمكنه تقبل وممارسة العملية الإبداعية من خلال ممارسة النشاطات التدريسية التعليمية التي تعرضه لمشكلات تستثير و تتحدى قدراته العقلية ، وبدون توافر هذه القدرات تصبح مشاركة المتعلم وانغماسه في العملية الإبداعية أمرا مشكوكا فيه.
مفهوم الإبداع :
تحديد المفهوم الدقيق للإبداع يساعد المعلمين على التعرف إلى الطلاب المبدعين ، أو ذوي القدرات والاتجاهات الإبداعية، ومن خلال مراجعة البحوث والدراسات التربوية والنفسية أظهرت أن الإبداع متعدد المناحي ، ويمكن النظر إليه من خلال أربعة مناحي هي:
1- مفهوم الشخص بناء على سمات الشخص المبدع
هو المبادأة التي يبديها المتعلم في قدرته على التخلص من السياق العادي للتفكير وإتباع نمط جديد من التفكير .
2-مفهوم الإبداع على أساس الإنتاج
قدرة المتعلم على الإنتاج إنتاجا يتميز بأكبر قدر من الطلاقة الفكرية والمرونة
التلقائية والأصالة وبالتداعيات البعيدة وذلك كاستجابات لمشكلة أو موقف مثير. وهكذا يعبر التفكير الإبداعي عن نفسه في صورة إنتاج شئ جديد ، أو التفكير المغامر ، أو الخروج عن المألوف ، أو ميلاد شئ جديد سواء كان فكرة أو اكتشافا أو اختراعا بحيث يكون أصيلا وحديثا ، ويؤكد بعض المربين على الفائدة شرط أساسي في التفكير والانتاج الإبداعي ، وبالتالي فإن إطلاق مفهوم الإبداع لا يجوز على إنتاج غير مفيد ، أو إنتاج لا يحقق رضا مجموعة كبيرة من الناس في فترة معينة من الزمن.
3-مفهوم الإبداع على أنه عملية
الإبداع هو عملية يصبح فيها المتعلم حساسا للمشكلات ، وبالتالي هو عملية إدراك الثغرات والخلل في المعلومات والعناصر المفقودة وعدم الاتساق بينها، ثم البحث عن دلائل ومؤشرات في الموقف وفيما لدى المتعلم من معلومات ، ووضع الفروض حولها ، واختبار صحة هذه الفروض والربط بين النتائج ، وربما إجراء التعديلات وإعادة اختبار الفروض .
4-مفهوم الإبداع بناء على الموقف الإبداعي أو البيئة المبدعة
يقصد بالبيئة المبدعة المناخ بما يتضمنه من ظروف ومواقف تيسر الإبداع ، أو تحول دون إطلاق طاقات المتعلم الإبداعية ، وتقسم هذه الظروف لإلى قسمين هما :
أ - ظروف عامة:
ترتبط بالمجتمع وثقافته ، فالإبداع ينمو ويترعرع في المجتمعات التي تتميز بأنها تهيئ الفرص لأبنائها للتجريب دون خوف أو تردد ، وتقدم نماذج مبدعة من أبنائها من الأجيال السابقة كنماذج يتلمس الجيل الحالي خطاها وبالتالي تشجع على نقد وتطوير الأفكار العلمية والرياضية والأدبية ..
ب – ظروف خاصة:
وترتبط بالمعلمين والمديرين والمشرفين التربويين وأدوارهم في تهيئة الظروف والبيئة الصفية والمدرسية لتنمية الإبداع لدى الطلاب.
خصائص الإبداع ومكوناته:
يتضمن الإبداع والتفكير الإبداعي مجموعة من القدرات العقلية تحددها غالبية البحوث والدراسات التربوية والنفسية بما يلي :
أولآ : الطلاقة
تتضمن الطلاقة الجانب الكمي في الإبداع ، ويقصد بالطلاقة تعدد الأفكار التي يمكن أن يأتي بها المتعلم المبدع ، وتتميز الأفكار المبدعة بملاءمتها لمقتضيات البيئة الواقعية ، وبالتالي يجب أن تستبعد الأفكار العشوائية الصادرة عن عدم معرفة أو جهل كالخرافات. وعليه كلما كان المتعلم قادرا على إنتاج عدد من الأفكار أو الإجابات في وحدة الزمن ، توفرت في الطلاقة أكثر.
وتقاس الطلاقة بأساليب مختلفة منها على سبيل المثال :
1- سرعة التفكير بإعطاء كلمات في نسق محدد ، كأن تبدأ أو تنتهي بحرف أو مقطع معين ( هراء – جراء …. ) أو التصنيف السريع للكلمات في فئات خاصة. ( كرة - ملعب – حكم …… ).
2- تصنيف الأفكار وفق متطلبات معينة ، كالقدرة على ذكر أكبر عدد ممكن من أسماء الحيوانات الصحراوية أو المائية ، أو أكبر قدر من الاستعمالات للجريدة ، أو الحجر ، أو العلب الفارغة …… الخ.
3- القدرة على إعطاء كلمات ترتبط بكلمة معينة ، كأن يذكر المتعلم أكبر عدد ممكن من التداعيات لكلمة نار أو سمكة ، أو سيف ، أو مدرسة …..الخ
4- القدرة على وضع الكلمات في أكبر قدر ممكن من الجمل والعبارات ذات المعنى.
ثانيا : المرونة
تتضمن المرونة الجانب النوعي في الإبداع ، ويقصد بالمرونة تنوع الأفكار التي يأتي بها المتعلم المبدع ، وبالتالي تشير المرونة إلى درجة السهولة التي يغير بها المتعلم موقفا ما أو وجهة نظر عقلية معينة.
ومن أشكال المرونة التكيفية ، المرونة التلقائية ، ومرونة إعادة التعريف أو التخلي عن مفهوم أو علاقة قديمة لمعالجة مشكلة جديدة ، ومن الأمثلة عليها :اكتب مقالا قصيرا لا يحتوي على أي فعل ماضي ، فكر في جميع الطرق التي يمكن أن تصممها لوزن الأشياء الخفيفة جدا.
فالتلميذ على سبيل المثال ، الذي يقف عند فكرة معينة أو يتصلب فيها ، يعتبر أقل قدرة على الإبداع من تلميذ مرن التفكير قادر على التغيير حين يكون ذلك ضروريا.
ثالثا : الأصالة
يقصد بالأصالة التجديد أو الإنفراد بالأفكار ، كأن يأتي المتعلم بأفكار جديدة متجددة بالنسبة لأفكار زملائه . وعليه تشير الأصالة إلى قدرة المتعلم على إنتاج أفكار أصيلة ، أي قليلة التكرار بالمفهوم الإحصائي داخل المجموعة التي ينتمي إليها المتعلم ، أي كلما قلت درجة شيوع الفكرة زادت درجة أصالتها . ولذلك يوصف المتعلم المبدع بأنه الذي يستطيع أن يبتعد عن المألوف أو الشائع من الأفكار.
تختلف الأصالة عن عاملي الطلاقة والمرونة فيما يلي:
1- الأصالة لا تشير إلى كمية الأفكار الإبداعية التي يعطيها الفرد ، بل تعتمد على قيمة ونوعية وجدة تلك الأفكار ، وهذا ما يميز الأصالة عن الطلاقة.
2- الأصالة لا تشير إلى نفور المتعلم من تكرار تصوراته أو أفكاره هو شخصيا كما في المرونة ، بل تشير إلى النفور من تكرار ما يفعله الآخرون ، وهذا ما يميزها عن المرونة. وعليه يمكن قياس الأصالة عن طريق :
أ‌- كمية الاستجابات غير المألوفة والتي تعتبر أفكارا مقبولة لمشاكل محددة مثيرة.
ب‌- اختيار عناوين لبعض القصص القصيرة المركزة في موقف مكثف قد يكون دراميا أو فكاهيا. ويطلب من المتعلم أن يذكر لها عناوين طريفة أو غريبة بقدر ما يستطيع في وقت محدد ، مع احتمال استبدال القصة بصورة أو شكل.
رابعا : التفاصيل ( الإكمال )
يقصد بالتفاصيل ( أو الإكمال أو التوسيع )البناء على أساس من المعلومات المعطاة لتكملة ( بناء ) من نواحيه المختلفة حتى يصير أكثر تفصيلا أو العمل على امتداده في اتجاهات جديدة . أو هو قدرة المتعلم على تقديم إضافات جديدة لفكرة معينة ، كما يمكنه أن يتناول فكرة بسيطة أو رسما أو مخططا بسيطا لموضوع ما ثم يقوم بتوسيعه ورسم خطواته التي تؤدي إلى كونه عمليا.
وقد أشارت الملاحظات في بحوث الإبداع إلى أن التلاميذ الصغار الأكثر إبداعا يميلون إلى زيادة الكثير من التفاصيل غير الضرورية إلى رسوماتهم وقصصهم .
معوقات العملية الإبداعية
الإبداع كلمة محبوبة إلى معظم الناس ، فنحن نؤمن إيمانا كاملا بأهميتها ، وأهمية تعلمها والعمل بها ، بل وتصل بنا الرغبة في احتكارها وإحكام السيطرة عليها. وعلى الرغم من ذلك نجد أنفسنا غير قادرين على ذلك، فيعمد البعض أن يسأل عن أسباب عدم قدرتنا على الإبداع ، و لذا نجد أنفسنا بحاجة على أن نتعرف على تلك الأسباب ولعل أهمها :
1- حصر معنى أو تفسير لغوي واحد لمفهوم واحد : إن حصر المفاهيم ضمن معنى واحد يسبب محدودية لإدراكات ومفاهيم المرء نحو ما حواه بالبيئة ومنها المفاهيم اللغوية ، ومن أمثلتها ذلك أن يعمد المرء إلى وضع معنى واحد باللغة العربية لكل مفردة باللغة الإنجليزية ، وهذا خطأ فادح يقع فيه أبناؤنا الطلبة حيث إنه قد يحد من حلاوة اللغة العربية والأجنبية أيضا .
2- عدم القدرة على تشخيص المشكلة :يشكو معظم الناس من مشكلات تواجههم في الحياة ، بيد أن معظمهم لا يستطيع أن يشخص المشكلة الرئيسية من سمات المشكلة أو المواصفات الجانبية التابعة لها . كأن يشكو المتعلم من عدم معرفته لجدول الضرب وفي الحقيقة تكون المشكلة في عمليات الجمع .
3- محدودية الخبرة : إن محدودية خبرة المرء تجعله لا يرى المشكلة إلا من زاوية واحدة ، وفي معظم الأحيان حسب ما تقع عليه عيناه فقط ، لذا قد يخطئ المرء في تقديراته .
4- مشكلة التشبع / التعود : وهى تعود الفرد على منظر الأشياء من حوله لدرجة أنه لا يعطي لها بالا ولا اهتماما ، وقد تكون من ضمن هذه الأشياء الحل الذي يبحث عنه . فمثلا تعود معظمنا الذهاب إلى عمله والعودة من طريق محدد ، لدرجة أنه يقول " أن سيارته تعرف الطريق بنفسها " .
5- عدم استعمال الحواس "الخمس" بالطريقة السليمة: إن تعود المرء على السرعة في أمره لا تمنحه الوقت للتجريب واستخدام كافة الحواس الخمس لحل مشكلاته. فتكثر عمليات الغش والخداع ويقع المرء فريسة لهذه العمليات.
6- التدريس التقليدي في مدارسنا والذي يتمثل في بعض جوانبه الطلب من الطلاب وبإصرار أن يجلسوا متمسمرين في مقاعدهم ، و أن يمتصوا المعرفة الملقاة لهم كما يمتص الإسفنج الماء يعوق النشاط الإبداعي ونمو القدرات الإبداعية.ربما ساهم نمط القيادة التربوية لدى مديري المدارس الإتباعي المقلد في الحفاظ على هذا النمط الشائع من طرائق التدريس حيث يرون انحصار دورهم في تنفيذ توجيهات رؤساءهم بحرف. يرى بعض المدرسين وقد يشاركهم في ذلك مديرو المدارس أن تنمية قدرات الطلاب الإبداعية عملا شاقا ومضنيا ، فالطالب المبدع لا يرغب في السير مع أقرانه في مناهج تفكيرهم ، وقد يكون مصدر إزعاج للمعلم والمدير على السواء ، وغالبا ما يرفض التسليم بالمعلومات السطحية التي ربما تعرض عليه ، كما يسبب بعض هؤلاء الطلاب حرجا لبعض المعلمين بأسئلتهم غير المتوقعة ، والحلول الغريبة التي يقترحونها لبعض المشكلات ، كما أن المدرسة التي يسيطر عليها جو الصرامة والتسلط هي غالبا ما تكون أقل المدارس في استثمار الإبداع وقدرات التفكير الإبداعي لدى طلابها.
7- تكدس المنهج يعوق غالبا المعلمين عن تنمية القدرات الإبداعية لدى الطلاب خاصة عندما يشعرون بأنهم ملزمون بإنهاء المادة من ألفها إلى يائها . وبخاصة أنه لا يوجد في الأدب التربوي ما يؤكد أن تغطية المادة وقطعها بالكامل تعني أن الطلاب قد تعلموها . وعلى المعلم الذكي المبدع أن يدرك هذه الحقيقة . وعلى الرغم أن المعلمين المبدعين قد لا يغطون مادة علمية كثيرة ، إلا أن طلابهم يحتفظون بالمعلومات والمهارات التي كانوا قد تعلموها ، علاوة على نمو مواهبهم وقدراتهم التفكيرية الإبداعية.
8- تشير الدراسات التقويمية لمناهجنا إلى أنها لم تصمم على أساس تنمية الإبداع . والأدب التربوي في مجال الإبداع يؤكد على الحاجة إلى مناهج تدريسية وبرامج تعليمية هادفة ومصممة لتنمية التفكير الإبداعي لدى الطلاب ، لذا ينبغي أن تطوير مناهجنا بحيث تسمح بإعطاء فرص التجريب العلمي والرياضي والأدبي والفني … وتتضمن نشاطات مخبرية مفتوحة النهايات ، وتشجع أسئلة الطلاب وتقدم لهم الفرص لكي يصوغوا الفرضيات ويختبروها بأنفسهم.
9- يعتقد بعض المعلمين أن القدرات الإبداعية لدى الطلاب موروثة و أن بيئة التعلم لها أثر قليل في تنمية القدرات الإبداعية ، ويرى البعض الآخر أن الموهبة تكفي دون تدريب للإبداع .
10- التدريس الموجه فقط للنجاح والتحصيل المعرفي المبني على الاستظهار .
11- الاختبارات المدرسية و أوجه الضعف المعروفة فيها .
12- النظرة المتدنية للتساؤل و الاكتشاف ، واللذان يقابلان بالعقاب أحيانا من قبل المعلمين .
13- الفلسفة التربوية السائدة في المجتمع ونظرته وتقديره للمبدعين .
مقترحات لإزالة المعوقات التي تواجه تنمية التفكير الإبداعي :
1- تعليم الإبداع والتحريض على ممارسته من خلال برامج تعليمية تعد لهذا الغرض في جميع مراحل التعليم ، وذلك يستند إلى كون الإبداع ظاهرة يمكن تعليمها وتعلمها.
2- تعديل وتطوير المناهج الدراسية لتصاغ بطرق تفجر وتنشط القدرات الإبداعية لدى الطلاب ، ولحدوث ذلك لا بد من اقتناع الجهات الرسمية المشرفة على وضع البرامج الدراسية والمناهج التعليمية.
3- توفير مناخ تعليمي تعلمي اجتماعي يشجع على تنمية القدرات الإبداعية بين المعلم وطلابه ، وبين المعلم والإدارة التربوية، وبين المدرسة والمنزل.
4- تطوير برامج خاصة لإعداد المعلمين المبدعين والاستمرار في تدريبهم ونموهم المهني ، وتطوير وتعديل اتجاهات المعلمين نحو الإبداع والمبدعين.
تنمية التفكير الإبداعي:
يتفق علماء النفس أن كل الأفراد الأسوياء لديهم قدرات إبداعية ، لكنهم يختلفون في مستويات امتلاكهم لها . وإذا ما أريد تنمية التفكير الإبداعي فيجب أولا تهيئة بيئة فصلية محفزة للإبداع يشعر الطالب فيها بأمان سيكولوجي ، أي أن أفكاره وحلوله غير مهددة بالنقد والتهكم . كما يجب تقبل أسئلة الطلاب وتعزيزها ، وعلى المعلم اتباع الإجراءات التالية :
- العمل على إثارة الخيال الخصب عند الطلاب ، وذلك بإبراز ظواهر وأحداث يمكن لدارس المرحلة الثانوية إثارة خيال خصب حولها ، وهذا الخيال يجعل عقل الطالب يعمل بحرية لإيجاد تفاعلات جديدة ، ورؤية وتصور أمور وعلاقات غير واضحة قبل ذلك ، لأن الخيال هو الشريك القوي لعملية الإبداع.
- إرجاء الحكم ، فلا يقوم المعلم بالحكم على المخرجات ( استجابات الطلاب ) مباشرة بل يرجئ ذلك لفترة أخرى ، كما يجب ممارسة نقد واقعي وبناء للأفكار المعروضة.
- يساعد المعلم الطلاب على أن يكونوا حساسية للمشكلات ( المعرفية – الاجتماعية – الشخصية ) . فأول مرتكز لعملية التفكير الإبداعي هو الحساسية للمشكلات.
- على المعلم أن ينمي الفضول عند الطلاب ، والفضول هنا ييعني الميل لمعرفة الأشياء كل أنواع الأشياء فقط لمعرفتها ، فالمعرفة لديه ممتعة وغالبا ما تكون مفيدة .
- التحدي : ينبغي على المعلم أن يبني جانب التحدي عند الطلاب في مواجهة المشكلة .
- الشكوكية: على المعلم أن يعرف أن الإبداع يسير في خط لا منته فعلى الطالب أن يكون شكاكا في الحلول والمعالجات التي طرحت للمشكلة حتى ينتج أشياء أخرى.
- يجب عرض مشكلات واقعية من داخل المجتمع وتمس حياة الفرد على أن تكون المشكلة محددة وليست عامة.
مراحل العملية الإبداعية :
ما زال فهم عملية الإبداع من أكثر القضايا الخلافية بين التربويين وعلماء النفس وطرائق التدريس ، ويذكر العلماء أن عملية الإبداع عبارة عن مراحل متباينة تتولد أثنائها الفكرة الجديدة المبدعة ، وكونها عملية نفسية فلا بد من أن تمر بسلسلة مستمرة من التغيرات والوقائع المتتابعة والمعتمد بعضها على بعض ، وبما أن عملية الابتكار في أساسها عملية نفسية فلا بد وأن تمر بمراحل وخطوات . وجاءت فكرة المراحل من خلال أساليب الاستبطان التي تعتمد على التأمل الذاتي والتي كانت الأساس الأول الذي اعتمد عليه كثير من العلماء المهتمين بدراسة الابتكار ، وتمر عملية الإبداع بمراحل أربع وهى :
1-مرحلة الإعداد أو التحضير:
وتعني هذه المرحلة أن الابتكار سواء كان علميا أو فنيا لا يظهر فجأة وبدون مقدمات أو سابق إعداد وانشغال الفرد فترة طويلة بموضوع معين وإنما لا بد وأن يكون هناك مجموعة من المثيرات التي تستثير وتحفز الرغبة في نفس الفرد لأداء عمل ما . ويترتب على تلك الاستثارة وذلك الانشغال ضرورة جمع المعلومات الهامة حول الموضوع ، وتحديد المشكلات التي تواجه الفرد ، والتعرف على طبيعة المشكلة.
2-مرحلة الحضانة أو الاختمار:
وتأتي هذه المرحلة بعد التفكير في المشكلة لفترة من الوقت دون الوصول إلى حل مرضي لها . وتتميز هذه المرحلة بالهدوء النسبي الظاهري وإن كانت في حقيقة أمرها من أشد فترات النشاط العقلي اللاشعوري . وفي هذه المرحلة تحدث بعض التغيرات الداخلية في تفكير المبدع ، حيث يتم التخلص من بعض العوائق أو الأمور التي كانت تعوق الفرد عن الوصول إلى الحلول المقترحة ، كما يحدث نوع من إعادة تنظيم المعلومات بحيث تتضح العلاقات بصورة أكبر.
3- مرحلة الإشراق :
وكثيرا ما يطلق على هذه المرحلة مرحلة الإلهام حيث يأتي حل المشكلة بصورة فجائية وتظهر الأفكار الجديدة . وتساعد مرحلة الحضانة بما تتميز به من نشاط عقلي يتسم بالهدوء النسبي ، وزيادة وضوح العلاقات بين الحقائق المعروفة أصلا ، وصفاء الذهن على حدوث ومضة الإبداع أي اللحظة التي تولد فيها الفكرة الجديدة المؤدية لحل المشكلة.
4-مرحلة التحقيق :
حيث تتضمن هذه المرحلة الاختبار التجريبي للفكرة المبتكرة ، والتعرف على مدى إمكانية تحقيقها وتنفيذها عمليا
ملاحظات على مراحل عملية الإبداع:
- لا يوجد اتفاق تام بين الباحثين على خطوات العملية الإبداعية أو مراحلها ، وبالتالي فإن مراحل عملية الإبداع ليست خطوات جامدة ينبغي إتباعها بالتسلسل الجامد السابق الذكر.
- مراحل عملية الإبداع مراحل متداخلة ومتفاعلة مع بعضها ، وبالتالي فإن فكرة المراحل كما يراها بعض الناقدين هى فكرة تحليلية تعمل على تجزئة السلوك الإبداعي.
- يرفض بعض الباحثين استخدام كلمة مراحل أو أطوار ، ويفضلون الحديث عن جوانب أو أوجه العملية الإبداعية.
- يرى بعض الباحثين في موضوع الإبداع اختصار مراحل عملية الإبداع إلى مرحلة واحدة هي لحظة الإشراق أو الإلهام وبالتالي فإن دراسة الإبداع تكون أكثر فائدة في ضوء النتاج الإبداعي بدلا من عملية الإبداع.
عناصر التربية الإبداعية :
الإبداع سمة مميزة للأفراد ذوي المواهب والقدرات من المبدعين والموهوبين في كل مجال من مجالات الحياة تقريبا ولذلك نجده يستند إلى مجموعة عناصر هي المعلم والمنهاج والتلميذ والبيئة المدرسية أو المناخ التعليمي التربوي المناسب لعملية التعليم والتعلم الفعال بين المعلم والمنهاج والطلبة.
أولا : المعلم
التربية الإبداعية تحتاج إلى معلم معدا إعدادا جيدا ويستمر تدريبه بصورة منتظمة مخططة ليكون باستمرار ملما بالمادة العلمية التي يدرسها وبما يستحدث في مجال التربية وعلم النفس بالإضافة إلى قوة الشخصية وتفاعله مع طلبته بطريقة ديموقراطية بعيدة عن التسلط وفي مناخ تربوي سليم.
ثانيا : المنهاج المدرسي
المنهاج الدراسي في التربية الإبداعية يجب أن يكون منظما تنظيما رأسيا مع ما سبقه في المستويات الأدنى ومنظما تنظيما أفقيا مع غيره من المواد الدراسية في المستوى الواحد وأن يكون متمشيا مع متطلبات المجتمع وفلسفته زمانيا ومكانيا وأن يكون في مستوى الطلبة وأن يتضمن ثلاثة جوانب هي:
- الجانب المعرفي المتمثل في المعلومات التي يجب أن تكون متسقة فيما بينها وتتضمن في طبيعتها تنمية القدرات والمواهب والعوامل المختلفة التي تشجع على التفكير الإبداعي وتنمية الروح الاستقلالية لدى الطلبة وتنمية الحساسية مما يواجهه المجتمع من مشكلات وتحديات والتفاعل مع المواقف وتنمية الطلاقة الفكرية التي تتيح للطلبة التخيل والتصور بإنتاج الكثير من الأفكار في وحدة زمنية محددة وتمكينهم من المرونة في الأفكار بتغيير زاوية التفكير والقدرة على تقييم ما يقومون به من نشاط.
- جانب الممارسة والتدريب على المهارات المختلفة التي يقوم عليها التعليم الإبداعي وذلك من خلال إمداد الطلبة بخبرات مختلفة في مواقف الممارسة والتدرب ومن خلال إتاحة الإيجابية لدى الطلاب نحو تقبل هذا الأسلوب.
- دعم الاتجاهات الإيجابية نحو التفكير البناء وأنماط النشاط الإبداعية لدى الطلاب بإثارة دافعية الطلاب على المثابرة على الأداء العقلي ، وما يقوي ثقتهم بأنفسهم وبما يملكون من مواهب وقدرات وطاقات تمكنهم من التفكير العلمي والاستبصار والمبادرة.
ثالثا : الطلاب
هم العنصر الأساسي الذي تسخر له جميع العناصر من أجل إعدادهم وفقا لمتطلبات المجتمع ، وهم مخرج العملية التربوية وعلى ضوء تقييمها في ضوء الأهداف المحددة مسبقا وفقا لخطة فلسفة المجتمع وبمقدار إيجابيتها وقربها من هذه الأهداف تكون صلاحية العناصر الداخلة في إعدادهم والعكس بالعكس فيكون قصور هذه العناصر عن تحقيق أهداف فلسفة المجتمع عدم صلاحيتها ويزداد قصورها بمقدار بعدها عن تحقيق هذه الأهداف.
رابعا: البيئة المدرسية
يتوقف فاعلية التربية الإبداعية على تفاعل المعلم والطلاب والمنهاج في مناخ علمي يسوده الحب والتقدير والأسلوب الديمقراطي في التعامل بصورة تمكن الطالب من تدعيم ثقته بنفسه وبقدرته على الإبداع والتفكير الخلاق وحب الاستطلاع والتفتح العقلي لأفكار الآخرين.
صفات المعلم المبدع
يتمتع المعلم المبدع بصفات شخصية وعقلية ونفسية متنوعة ، ولكن أهم هذه الصفات :
- حب الاستطلاع والاستفسار والحماس المستمر والمثابرة في حل المشكلات.
- توفر الدافعية والانتماء الحقيقي للتدريس واعتباره رسالة ومهنة.
- الرغبة في التقصي والاكتشاف ، وتفضيل المهمات العلمية والرياضية والأدبية والفنية الصعبة.
- الإيمان بتميز الطلاب وتفردهم والاهتمام بمراعاة الفروق الفردية.
- البراعة والدهاء وسعة الحيلة ، وسرعة البديهة وتعدد الأفكار والإجابات ، وتنوعها مقارنة بأقرانهم.
- إظهار روح الاستقصاء في آرائهم وأفكارهم.
- الروية في إصدار الأحكام وتقبل الانتقادات.
- القدرة على عرض أفكارهم بصورة مبدعة ، والتمتع بخيال رحب وقدرة عالية على التصور الذهني والتمتع بمستويات عقلية عليا في تحليل وتركيب الأفكار والأشياء .
- الاستقلالية في الفكر والعمل .
- احترام أراء الطلاب وأفكارهم ، وتشجيعهم على طرحها.
- الإلمام بالأساليب ، والطرق التربوية ، والتعليمية المختلفة.
- المرونة والنزعة إلى تطوير وتقبل التغيرات الحادثة.
دور المعلم في تنمية التفكير الإبداعي
- تشجيع كل طالب لديه القدرة على الإبداع في جانب ما.
- الابتعاد عن التعلم القائم على الحفظ والاستظهار .
- تشجيع الطلاب على اكتشاف بيئتهم ، ومصادرها من خلال الرحلات والزيارات الميدانية.
- توفير بيئة صفية مدرسية معززة للذكاء ونمو الإبداع.
- توفير الأمن النفسي للطلاب من حيث احترام أفكارهم وآرائهم .
- تنمية حب الاستطلاع لدى الطلبة.
- تحرير الطلاب من الخوف من الوقوع في الخطأ.
- تشجيع اختلاط الطلاب المبدعين الراشدين.
- ابتعاد المعلم عن فرض حلوله وآرائه على الطلاب.
- تقبل الأفكار غير المألوفة أو المعارضة للآخرين.
- تدريب الطلاب على حل المشكلات باستخدام الأسس النظرية والتطبيقية.
- تشجيع الطلاب على القراءة التحليلية الناقدة.
- تشجيع الطلاب على الاشتراك في المعارض المدرسية.
- تشجيع الطلاب على استخدام الألعاب ذات الطابع العلمي والهادفة إلى تنشيط القدرات العقلية وتحسين الموهبة الإبداعية.
- تكوين معرفة علمية واتجاهات إيجابية نحو الإبداع والمبدعين.
الإبداع والذكاء
تضاربت آراء علماء التربية وعلم النفس في علاقة الذكاء بالإبداع ، وتذكر أدبيات الإبداع أن هناك رأيين في هذا المجال وهما:
1- أن الإبداع في مجالاته المختلفة ، مظهر من مظاهر الذكاء العام للفرد ، أو أن الإبداع عملية عقلية ترتبط بالذكاء ، ولذلك يقررون أنه ما لم يكن ذكيا فلا يستطيع أن يبدع شيئا ، وعليه فليست هناك قدرة خاصة للإبداع.
2- أن الإبداع ليس هو الذكاء ، وبالتالي فإنهما نوعان مختلفان من أنواع النشاط العقلي ، فقد تجد تلميذا مبدعا ولكنه لا يتمتع بمستوى عل من الذكاء ، والعكس وارد أيضا ، أي أن الذكاء والإبداع قدرتان منفصلتان ، وبالتالي هناك قدرا من التمايز بينهما وإن لم يكن تاما بين هذين النوعين من القدرات. وبناء عليه ، ينظر للذكاء كما تقيسه اختبارات الذكاء بأنه تفكير تقاربي يتطلب تقديم إجابات صحيحة معينة ، بينما التفكير الإبداعي هو تفكير تباعدي متشعب يتطلب تقديم عدة حلول مناسبة ومتنوعة ، وبالتالي يتميز بالتعبير الحر غير المقيد لاستعمال القدرات العقلية. وفي هذا الصدد تؤكد الدراسات إلى أن مقاييس واختبارات الذكاء تخفق في تمييز الطلبة المبدعين ، وقد يرجع ذلك إلى أن تلك الاختبارات تتضمن بدرجة كبيرة أعمالا تحتاج إلى التذكر والتفكير المتقارب وتهتم بتقديم إجابة واحدة صحيحة . ونادرا ما تقيس شيئا من التفكير التباعدي المتشعب ، والذي يتميز بالاتجاه إلأى عدة حلول مناسبة متنوعة.هذا ، وعلى الرغم أن الإبداع والذكاء ليس من الضروري أن يرتبط بعلاقة عالية ، إلا أن خلاصة البحوث تشير إلى أن العلماء المبدعين يمتلكون مستوى عاليا من الذكاء. وقد أكدت دراسات حديثة وجوب توفر درجة معينة أو حد أدنى من الذكاء ( حوالي 120 ) في المتعلم المبدع ، دونه ما أمكن أن يكون مبدعا .
الإبداع والتحصيل
أشارت دراسات عديدة إلى وجود علاقة ضعيفة بين الإبداع والتحصيل الدراسي ، أو سالبة أحيانا وهذا أن الكفاءة العالية في التحصيل ليس شرطا أساسيا لتحقيق الإبداع ، وهذا يؤكد ما يقوله العلماء بأن تعلم المعلومات واسترجاعها يعتبر غير كاف للإبداع. وهذا قد يفسر : لماذا لم يتوصل كثير من العلماء المبدعين إلى مكانتهم المرموقة في البيئة المدرسية الشائعة . وفي هذا الصدد نقل عن اينشتاين قوله : "إنني لا أكدس ذاكرتي بالحقائق التي أستطيع أن أجدها بسهولة في إحدى الموسوعات " . وعليه فإن المدارس ( المعلمين ) لم تكافئ كثيرا الطلاب المبدعين. وتؤكد نتائج الدراسات أن معظم الطلاب المبدعين حصلوا على تقديرات متوسطة أو ضعيفة في التحصيل الدراسي ، وترد ذلك لأحد سببين : إما إن المدارس بمراحلها التعليمية المختلفة لم تستطع تمييز المبدعين وقدراتهم الإبداعية، أو لم تستطع مكافأة هؤلاء المبدعين وإشباع حاجاتهم وقدراتهم التفكيرية الإبداعية.
الإبداع في السلوك التدريسي الصفي
المعلم المبدع يمكن أن يعوض أي نقص أو تقصير محتمل في النشاطات التدريسية والإمكانات المادية الأخرى . والسلوك التدريسي الصفي للمعلم يتطلب إبداعا في إدارة الصف من جهة ، ومرونة وحساسية للأنماط التعلمية للطلاب فرادى وجماعات . والمرونة تعني انتقال المعلم من دور الملقن للمعلومات إلى دور المستمع المناقش الموجه للنشاطات الميسر للتعلم المرافق في البحث والاستقصاء ، المشجع لأسئلة ونشاطات وإجابات طلابه على تنوعها وجدتها.
الإبداع في النشاطات المخبرية
يعتبر المعمل وما يصاحبه من نشاطات مخبرية القلب النابض في التدريس الإبداعي وتدريس العلوم بخاصة ، وينبغي أن يتضمن التدريس الإبداعي نشاطات مخبرية ومشاكل علمية تتطلب فرض الفروض وطرح الأسئلة والتقصي والتجريب ، على أن تقدم هذه النشاطات بأفكار وأساليب مبدعة.وتنمو المواهب الإبداعية لدى المتعلم إذا أعطي الفرص لأن يعمل وينقب بنفسه ، ويسجل ملاحظاته ويقيس ، ويصنف ، ويستنتج ، ويتنبأ ، ويضع الفرضيات ، ويصمم التجارب ، وينفذها ، وهكذا ينمو التفكير الإبداعي للمتعلم ، ويقوم بدور المكتشف.
الإبداع واستراتيجية توجيه الأسئلة
لكي يطرح المعلم أسئلة إبداعية ، أسئلة تتطلب صياغة للفروض والتفكير والتقصي والتجريب ، عليه أن يسأل أسئلة متنوعة المستويات العقلية للطلاب المختلفين ، فليس جميع الطلاب يحث تفكيرهم أو تفجر طاقاتهم الإبداعية بنفس النوع والمستوى من الأسئلة ، ويتطلب ذلك الاحتفاظ بسجل دراسي يوضح مراحل التطور التي تطرأ على تفكير كل طالب

الإبداع في التقويم
يهدف التقويم الإبداعي إلى مقارنة أداء الطلاب بالأهداف الإبداعية التي يسعى المعلم إلى تحقيقها لدى الطلاب ، ولكي يكون التقويم شاملا ينبغي تقويم تعلم الطلاب من جميع الجوانب ، وهذا يشمل تقويم مدى كسبهم للمعارف وعمليات العلم ومهارات العلم ومهارات التفكير الإبداعي ، واستخدام الأسلوب العلمي في حل المشكلات ومدى كسبهم للميول والاتجاهات الإبداعية الإيجابية .
التفكير الإبداعي والتفكير الناقد
التفكير الإبداعي تفكير متشعب، يتصف بالأصالة، عادة ما ينتهك مبادئ موجودة ومقبولة، لا يتحدد بقواعد منطقية و لا يمكن التنبؤ بنتائجه، وهو تفكير تركيبي. أما التفكير الناقد يعتبر تفكير متقارب، يعمل على مصداقية أمور موجودة ، يقبل المبادئ الموجودة ولا يعمل على تغييرها، يتحدد بالقواعد المنطقية ويمكن التنبؤ بنتائجه ، وهو تفكير تحليلي.
مقارنة بين الطرق الإبداعية والطرق التقليدية ( الشائعة )
م وجه المقارنة الطرق الإبداعية الطرق الشائعة
1 أهداف التعليم -أن يصبح المتعلم مفكرا ومبدعا يتفاعل مع مجتمعه ويطوره.
-أن يساهم في حل مشكلات مجتمعه بطرق فعالة مبتكرة.
-تنمية قدرات المتعلم إلى أقصى ما تسمح به. -اجتياز الاختبارات التي تعقد للمتعلم.
-تحصيل المعلومات والمهارات الأساسية.
2 صفات المعلم -مرن التفكير، ملم بمادته ، مخطط لمواقف التدريس ، يختار الاستراتيجية المناسبة وينفذها، قادر على مواجهة المتغيرات الصفية ، مبدع مبتكر في حياته العامة. -غالبا جامد في تفكيره ، ميال إلى الاتباع لا الإبداع ، مستجيب للأوامر ، غير ميال للمبادرة ، خططه التدريسية غير مرنة، نمطي في حياته العامة.
3 مكانة المعلومـات -وسائل للوصول إلى حلول ، ولتنمية القدرة على حل المشكلات .
-متغيرة ونسبية، لذا يجب إعادة النظر فيها وعدم التسليم بها فورا. -غاية في حد ذاتها ، تقدم وكأنها ثابتة لا تتغير ، والتفكير في مدى صحتها هو جهد ضائع ، على المعلم والتلميذ تجنب ممارسته ما أمكن.

4 الخبرة -تهتم بالخبرة وطرق الوصول إليها ، وتصبح ذات معنى حينما يصل إليها المتعلم بنفسه.
-تقدم للمتعلم متكاملة تناسب مستويات نموه ومتوافقة مع بيئته ، وتدفعه للتقدم والإبداع. -الاهتمام ينصب على الخبرات المعرفية، وتحديدا على خبرات التسميع والاستظهار.
-تقدم للمتعلم مفككة ، بعيدة عن بيئته ، دافعة للملل لا للمثابرة ، أقل أو أعلى من مستواه.
م وجه المقارنة الطرق الإبداعية الطرق الشائعة
5 المتعلم -المتعلم هو محور العملية التعليمية.
-تراعي ميول المتعلم وقدراته.
-تهتم بالفروق الفردية بين المتعلمين وتوظفها.
-تهتم بتنمية قدرات المتعلم ، وخاصة قدراته الإبداعية.
-تهتم بإكساب المتعلمين روح البحث والتنقيب والاكتشاف والإبداع.
-تنمي دوافع المتعلم خاصة الداخلية منها. -المعلومات وكسبها هو محور العملية التعليمية.
-لا تهتم كثيرا بميول المتعلم ولا اهتماماته .
-تعليم لا يهتم بالفروق بين المتعلمين فهو أقرب لقيادة القطيع.
-تركز على قدرات الحفظ والتسميع لدى المتعلم.
-تقدم المعلومات للمتعلم جاهزة ، لذا فهي مملة غالبا ، و الإيجابية فقط للمعلم.
-لا تهتم بدوافع المتعلم .
6 مشاركة المتعلم المبدع وغير المبدع -المتعلم غير المبدع يساير أقرانه المبدعين ، ومستواه يتقدم مع رعاية المعلم بقدر ما يملك من قدرات واستعدادات . -المتعلم المبدع يضطر غالبا إلى مسايرة أقرانه غير المبدعين فيهبط مستواه.

7 الرغبة في التعلم -تزداد رغبة المتعلم في التعلم، ويحرص على المشاركة في المناقشات والنشاطات الإبداعية.
-تندثر ظواهر الغش ، وانخفاض مستويات التحصيل ، وظهور التعاون والتنافس الشريف ومحاولات التفرد. -يمل المتعلم الجو المدرسي، ويضطر للغياب والهروب وربما التسرب من التعليم كلية.
-تنتشر كثير من المشكلات التربوية والتعليمية ، وظواهر الاتكالية والغش ، والنقل الآلي وانخفاض مستويات التحصيل بعامة.



م وجه المقارنة الطرق الإبداعية الطرق الشائعة
8 مناخ التعليم والتعلم -يمتاز بالحرية والتقبل والتعاون.
-تعدد الآراء والناقشات الحرة، والتعبير عن الذات.
-يعود المتعلم على البحث والتنقيب والاستقصاء.
-يسيطر على العمل روح النشاط والود والمشاركة. -جو يسوده التقيد غالبا والخضوع والاستبداد.
-لا مانع من المناقشة التي يقودها المعلم ويوجهها ، مع الاعتراض على مبادأة المتعلم بها غالبا.
-سيطرة روح السلبية والاعتماد على الآخر ، وندرة المشاركة الفعلية.
9 روح العصر -تهتم بالاستفادة من خبرات الآخرين المتقدمين في جميع المجالات ، وتركز على ضرورة استيعابها وتطويرها.
-تهتم بالمستقبل هدفا ، وتستعين بالحاضر في فهم الماضي وتمحيصه. -تركز كثيرا على الماضي ، وتتسم بالبطء في استيعاب الحاضر، ونادرا ما تهتم بالمستقبل.
10 استمرارية المعرفة يؤدي موقف التعليم والتعلم الحالي إلى حل مشكلة ملحة ، وبروز مشكلات أخرى ، تمثل نقاط بدء لإبداعات جديدة من جانب المتعلم. -استمرارية لا تظهر إلا عرضا بدون تخطيط مسبق،وتتمثل فقط في ربط الموضوعات ظاهريا بين مقرر وآخر يليه.
11 عملية التفكير -يمارس المتعلم مهارات التفكير العلمي بدءا من الشعور بمشكلة ملحة ، وإنهاء بالتوصل للحل الذي يتصف بالإبداع و الأصالة. -المعلومات تقدم جاهزة ، ولذا فالتفكير محصور في التذكر والأنشطة التلقينية.
12 وقت التعلم -الوقت غير مقيد،والعبرة ببلوغ الأهداف،فالتعلم والإبداع يتم وفقا للخطو الذاتي للمتعلم، لا للمعلم. -الوقت محدد سلفا،وعلى الكل السير وفق معدل واحد هو خطو المعلم غالبا،دون اعتبار للمتعلم.
م وجه المقارنة الطرق الإبداعية الطرق الشائعة
13 مصادر التعلم -تهتم كثيرا بتنوع مصادر التعلم التقليدية ، والتقنية، والخبرات المباشرة -المصدر الحقيقي للمعلومات هو الكتاب ، وتأتي مصادر التعلم التقليدية الأخرى عرضا.
14 التطبيق -تهتم بالجوانب التطبيقية والدراسات المعملية، بجانب النواحي النظرية. يتركز الاهتمام بالجوانب النظرية، وتأتي الجوانب الأخرى عرضا، ودون تخطيط غالبا.
15 التعزيز -يحتل التعزيز مكان القلب ، ويمثل تقدير المتعلم وإثابته وتقبله جوهر الطرائق الإبداعية. -يحصل المتعلم على تعزيز لفظي نمطي غالبا على تحصيله وحفظه، لا على إبداعه فالأخير ربما يعاقب عليه ، ويسخر منه نتيجته.
16 التقويم -تهتم بجوانب وقدرات التفكير الإبداعي .
-الاختبارات مفتوحة وإجاباتها غير محددة سلفا.
-تهتم بالاختبارات الموقفية والعملية. -تهتم بجوانب الاستظهار والحفظ.
-الاختبارات نمطية وحلولها محددة لا تسمح بالتفكير ، والإبداع يمثل خروجا عن الإجابة عنها.
-تعتمد على الاختبارات التحصيلية المعدة بدون علمية تذكر.
17 وقت الفراغ -هناك أوقات فراغ ينمي المتعلم فيها هواياته، وتتفتح فيها قدراته ، ويمارس فيها ما يتناسب مع ميوله. -زحام المقررات لا يتيح أي وقت فراغ ، لذا فممارسة الهوايات وتلبية الميول تأتي عرضا.
18 النتائج على المتعلم -تزيد ثقة المتعلم بنفسه وبقدراته، نمو دوافعه الداخلية للتعلم والإنجاز،الشعور بالبهجة والرضا والنجاح. -تنمو ثقة المتعلم بنفسه بقدر حصوله على درجات عليا في الاختبارات التحصيلية ،مشاعر القلق والخوف والتوتر خاصة أنها لا تهتم بقدرات المتعلم وهواياته وميوله.
استراتيجيات تعليمية تساهم في تنمية التفكير الإبداعي
أولا: التعلم بالاكتشاف
هو عملية تفكير تتطلب من الفرد إعادة تنظيم المعلومات المخزونة لديه وتكييفها بشكل يمكنه من رؤية علاقات جديدة لم تكن معروفة لديه قبل الموقف الاكتشافي.
أنواع التعلم بالاكتشاف
- الاكتشاف الموجه ،والاكتشاف شبه الموجه ، والاكتشاف الحر.
- الاكتشاف الاستقرائي ، والاكتشاف الاستنباطي.
حتى يسلك المعلم طريق التعلم بالاكتشاف لابد أن :
- يدرب التلاميذ على كيفية تحديد المشكلة ووضع خطة شاملة لحلها .
- يدرب التلاميذ على أن يسيروا في دراستهم كما سار العلماء .
- يدرب التلاميذ على اكتساب المهارات وأساليب التفكير ومن ثم إنتاج المعرفة بأنفسهم.
مزايا التعلم بالاكتشاف:
- يجعل التلميذ مشاركا في العملية التعليمية.
- ينقل مركز العملية التعليمية من المعلم إلى المتعلم.
- يؤكد على ممارسة العلم بدلا من المعرفة فقط.
- يؤكد على التساؤل أكثر من الإجابة.
- يهتم بالأسئلة المتشعبة بدلا من الأسئلة مغلقة الإجابة.
- يؤكد على التجريب الاستكشافي واستمرارية عملية التعلم.
معوقات استخدام التعلم بالاكتشاف:
- يحتاج إلى وقت طويل .
- افتقاد المعلم المدرب.
- لا يستخدم في كل المواقف .
- إعداد المناهج التعليمية بأساليب لا تشجع على الاكتشاف.
خطة درس : التعلم بالاكتشاف شبه الموجه
1- اكتبي عنوان الدرس على هيئة تساؤل رئيس أو مشكلة.
2- اكتبي الأهداف السلوكية للدرس ( بما يتناسب مع أسلوب التعلم بالاكتشاف غير الموجه.
3- حددي المفاهيم الرئيسية المراد تعلمها خلال الدرس.
4- اكتبي المواد والأدوات والوسائط التعليمية التي ستستخدم في اكتشاف حقائق الدرس ومفاهيمه.
5- ضعي عددا من التساؤلات الفرعية التي من خلال الإجابة عنها يمكن الإجابة عن التساؤل الرئيسي.
6- اسمحي بتبادل الإجابات ، وشجعي التلاميذ على إثارة الأسئلة ، والتحقق من الإجابات التي توصلوا إليها.
7- ناقشي التلميذات في مضمون النشاطات الكشفية التي قاموا بها لتقويم مدى فهمهم للمفاهيم التي تم التوصل إليها.
8- اكتبي بعض الأنشطة الإثرائية المبنية على الخبرات المكتسبة من حل المشكلة الرئيسية للدرس.
9- اكتبي تصورا مقترحا لأوجه التطوير التي يمكنك إدخالها لو قدر لك تدريس هذا الموضوع ثانية.
ثانيا : العصف الذهني
تعد طريقة العصف الذهني في التدريب من الطرق الحديثة التي تشجع التفكير الإبداعي وتطلق الطاقات الكامنة عند المتدربين في جو من الحرية والأمان يسمح بظهور كل الآراء والأفكار حيث يكون المتدرب في قمة التفاعل مع الموقف . وتصلح هذه الطريقة في القضايا والموضوعات المفتوحة التي ليس لها إجابة واحدة صحيحة .
- مفهوم العصف الذهني :
العصف الذهني أسلوب تعليمي وتدريبي يقوم على حرية التفكير ويستخدم من أجل توليد أكبر كم من الأفكار لمعالجة موضوع من الموضوعات المفتوحة من المهتمين أو المعنيين بالموضوع خلال جلسة قصيرة .
- المبادئ الأساسية في جلسة العصف الذهني:
يعتمد نجاح جلسة العصف الذهني على تطبيق أربعة مبادئ أساسية هي :
أولاً : إرجاء التقييم :
لا يجوز تقييم أي من الأفكار المتولدة في المرحلة الأولى من الجلسة لأن نقد أو تقييم أي فكرة بالنسبة للفرد المشارك سوف يفقده المتابعة ويصرف انتباهه عن محاولة الوصول إلى فكرة أفضل لأن الخوف من النقد والشعور بالتوتر يعيقان التفكير الإبداعي .
ثانياً : إطلاق حرية التفكير :
أي التحرر مما قد يعيق التفكير الإبداعي وذلك للوصول إلى حالة من الاسترخاء وعدم التحفظ بما يزيد انطلاق القدرات الإبداعية على التخيل وتوليد الأفكار في جو لا يشوبه الحرج من النقد والتقييم ، ويستند هذا المبدأ إلى أن الأخطاء غير الواقعية الغريبة والطريفة قد تثير أفكاراً أفضل عند الأشخاص الآخرين .
ثالثاً : الكم قبل الكيف :
أي التركيز في جلسة العصف الذهني على توليد أكبر قدر من الأفكار مهما كانت جودتها ، فالأفكار المتطرفة وغير المنطقية أو الغريبة مقبولة ويستند هذا المبدأ على الافتراض بأن الأفكار والحلول المبدعة للمشكلات تأتي بعد عدد من الحلول غير المألوفة والأفكار الأقل أصالة .
رابعاً : البناء على أفكار الآخرين :
أي جواز تطوير أفكار الآخرين والخروج بأفكار جديدة فالأفكار المقترحة ليست حكراً على أصحابها فهي حق مشاع لأي مشارك تحويرها وتوليد أفكار أخرى منها 0
- معوقات العصف الذهني :
العصف الذهني يعني وضع الذهن في حالة من الإثارة والجاهزية للتفكير في كل الاتجاهات لتوليد أكبر قدر من الأفكار حول القضية أو الموضوع المطروح وهذا يتطلب إزالة جميع العوائق والتحفظات الشخصية أمام الفكر ليفصح عن كل خلجاته وخيالاته .
وفيما يلي جملة من عوائق التفكير التي تقود إلى أسباب شخصية واجتماعية أهمها :
1- عوائق إدراكية تتمثل بتبني الإنسان لطريقة واحدة بالتفكير والنظر إلى الأشياء .
2- عوائق نفسية وتتمثل في الخوف من الفشل .
3- عوائق تتعلق بشعور الإنسان بضرورة التوافق مع الآخرين .
4- عوائق تتعلق بالتسليم الأعمى للافتراضات .
5- عوائق تتعلق بالخوف من اتهامات الآخرين لأفكارنا بالسخافة .
6- عوائق تتعلق بالتسرع في الحكم على الأفكار الجديدة والغريبة .
- معوقات التفكير الإبداعي :
يمتلك كل منا قدراً لا بأس به من القدرة على التفكير الإبداعي أكثر مما نعتقد عن أنفسنا ولكن يحول دون تفجر هذه القدرة ووضعها موضع الاستخدام والتطبيق عدد من المعوقات التي تقيد الطاقات الإبداعية ومنها :
1- المعوقات الإدراكية :
وتتمثل المعوقات الإدراكية بتبني الإنسان طريقة واحده للنظر إلى الأشياء والأمور فهو لا يدرك الشيء إلا من خلال أبعاد تحددها النظرة المقيدة التي تخفي عنه الخصائص الأخرى لهذا الشيء. مثال ذلك .. البارو متر : جهاز لقياس الضغط الجوي وهي خاصية واحدة فرضها النظام التعليمي ، وعند التخلص من العائق الإدراكي نرى فيه أبعاداً أخرى منها ، أنه يمكن استخدامه بندولاً أو هدية أو أداة لقياس الارتفاع أو لعبة للأطفال .
2- العوائق النفسية :
وتتمثل في الخوف من الفشل ، ويرجع هذا إلى عدم ثقة الفرد بنفسه وقدراته على ابتكار أفكار جديدة وإقناع الآخرين بها ، وللتغلب على هذا العائق يجب أن يدعم الإنسان ثقته بنفسه وقدراته على الإبداع وبأنه لا يقل كثيراً في قدراته ومواهبه عن العديد من العلماء الذين أبدعوا واخترعوا واكتشفوا .
3- التركيز على ضرورة التوافق مع الآخرين :
يرجع ذلك إلى الخوف أن يظهر الشخص أمام الآخرين بمظهر يدعو للسخرية لأنه أتى بشيء أبعد ما يكون عن المألوف بالنسبة لهم .
4-القيود المفروضة ذاتياً :
يعتبر هذا العائق من أكثر عوائق التفكير الإبداعي صعوبة ، ذلك أنه يعني أن يقوم الشخص من تلقاء نفسه بوعي أو بدون وعي بفرض قيود لم تفرض عليه لدى تعامله مع المشكلات .
5- التقيد بأنماط محدده للتفكير :
كثيراً ما يذهب البعض إلى اختيار نمط معين للنظر إلى الأشياء ثم يرتبط بهذا النمط مطولاً لا يتخلى عنه ، كذلك قد يسعى البعض إلى افتراض أن هناك حلاً للمشكلات يجب البحث عنه .
6- التسليم الأعمى للافتراضات :
وهي عملية يقوم بها العديد منا بغرض تسهيل حل المشكلات وتقليل الاحتمالات المختلفة الواجب دراستها 0
7- التسرع في تقييم الأفكار :
وهو من العوائق الاجتماعية الأساسية في عملية التفكير الإبداعي ومن العبارات التي عادة ما تفتك بالفكرة في مهدها ما نسمعه كثيراً عند طرح فكرة جديدة مثل : لقد جربنا هذه الفكرة من قبل ، من يضمن نجاح هذه الفكرة ، هذه الفكرة سابقة جداً لوقتها ، وهذه الفكرة لن يوافق عليها المسئولون .
8- الخوف من اتهام الآخرين لأفكارنا بالسخافة :
وهو من أقوى العوائق الاجتماعية للتفكير الإبداعي هذا ويعتبر العصف الذهني أحد أهم الأساليب الناجحة في التفكير الإبداعي .
خطوات جلسة العصف الذهني :
تمر جلسة العصف الذهني بعدد من المراحل يجب توخي الدقة في أداء كل منها على الوجه المطلوب لضمان نجاحها وتتضمن هذه المراحل ما يلي :
1- تحديد ومناقشة المشكلة ( الموضوع ) :
قد يكون بعض المشاركين على علم تام بتفاصيل الموضوع في حين يكون لدى البعض الآخر فكرة بسيطة عنها وفي هذه الحالة المطلوب من قائد الجلسة هو مجرد إعطاء المشاركين الحد الأدنى من المعلومات عن الموضوع لأن إعطاء المزيد من التفاصيل قد يحد بصورة كبيرة من لوحة تفكيرهم ويحصره في مجالات ضيقة محددة .
2- إعادة صياغة الموضوع :
يطلب من المشاركين في هذه المرحلة الخروج من نطاق الموضوع على النحو الذي عرف به وأن يحددوا أبعاده وجوانبه المختلفة من جديد فقد تكون للموضوع جوانب أخرى .
وليس المطلوب اقتراح حلول في هذه المرحلة وإنما إعادة صياغة الموضوع وذلك عن طريق طرح الأسئلة المتعلقة بالموضوع ويجب كتابة هذه الأسئلة في مكان واضح للجميع .
3- تهيئة جو الإبداع والعصف الذهني :
يحتاج المشاركون في جلسة العصف الذهني إلى تهيئتهم للجو الإبداعي وتستغرق عملية التهيئة حوالي خمس دقائق يتدرب المشاركون على الإجابة عن سؤال أو أكثر يلقيه قائد المشغل .
4-العصف الذهني :
يقوم قائد المشغل بكتابة السؤال أو الأسئلة التي وقع عليها الاختيار عن طريق إعادة صياغة الموضوع الذي تم التوصل إليه في المرحلة الثانية ويطلب من المشاركين تقديم أفكارهم بحرية على أن يقوم كاتب الملاحظات بتدوينها بسرعة على السبورة أو لوحة ورقية في مكان بارز للجميع مع ترقيم الأفكار حسب تسلسل ورودها، ويمكن للقائد بعد ذلك أن يدعو المشاركين إلى التأمل بالأفكار المعروضة وتوليد المزيد منها .
5- تحديد أغرب فكرة :
عندما يوشك معين الأفكار أن ينضب لدى المشاركين يمكن لقائد المشغل أن يدعو المشاركين إلى اختيار أغرب الأفكار المطروحة وأكثرها بعداً عن الأفكار الواردة وعن الموضوع ويطلب منهم أن يفكروا كيف يمكن تحويل هذه الأفكار إلى فكرة عملية مفيدة وعند انتهاء الجلسة يشكر قائد المشغل المشاركين على مساهماتهم المفيدة .
6-جلسة التقييم :
الهدف من هذه الجلسة هو تقييم الأفكار وتحديد ما يمكن أخذه منها ، وفي بعض الأحيان تكون الأفكار الجيدة بارزة وواضحة للغاية ولكن في الغالب تكون الأفكار الجيدة دفينة يصعب تحديدها ونخشى عادة أن تهمل وسط العشرات من الأفكار الأقل أهمية وعملية التقييم تحتاج نوعاً من التفكير الانكماشي الذي يبدأ بعشرات الأفكار ويلخصها حتى تصل إلى القلة الجيدة .
ويمكن تصنيف الأفكار إلى :
- أفكار مفيدة وقابلة للتطبيق مباشرة .
- أفكار مفيدة إلا أنها غير قابلة للتطبيق مباشرة أو تحتاج إلى مزيد من البحث أو موافقة جهات أخرى .
- أفكار طريفة وغير عملية .
- أفكار مستثناة .
ويقوم أسلوب العصف الذهني على أربعة مبادئ أساسية هي :
1- إرجاء تقويم الأفكار المطروحة حتى نهاية الجلسة .
2- إطلاق حرية التفكير أثناء الجلسة دون قيود .
3- التركيز على استمطار أكبر قدر من الأفكار من المشاركين وليس على نوعها .
4- جواز تناول أفكار الآخرين للبناء عليها أو تطويرها .
آليات جلسة العصف الذهني :
هناك أكثر من آلية يمكن بها تنفيذ جلسة العصف الذهني منها :
1- تناول الموضوع كاملاً من جميع المشاركين في وقت واحد بحيث لا يزيد عددهم على العشرين .
2- إذا زاد عدد المشاركين على العشرين فيمكن تقسيمهم إلى مجموعات ، ومطالبة كل مجموعة بتناول الموضوع بكامله ، ثم تجمع الأفكار من المجموعات وتحذف الأفكار المكررة .
تقسيم الموضوع إلى أجزاء وتقسيم المشاركين إلى مجموعات وتكلف كل مجموعة بتناول جزء من الموضوع ثم تجمع أفكار المجموعات لتشكل أجزاء الموضوع بكامله 0
خطوات جلسة العصف الذهني :
تمر جلسة العصف الذهني بعدد من الخطوات أهمها :
1- تحديد ومناقشة المشكلة ( موضوع الجلسة ) .
2- إعادة صياغة المشكلة ( موضوع الجلسة ) .
3- تهيئة جو الإبداع والعصف الذهني .
4- البدء بعملية العصف الذهني ( استمطار الأفكار ) .
5- إثارة المشاركين إذا ما نضب لديهم معين الأفكار .
مثال على نشاط العصف ذهني :
1- يقوم قائد المشغل التدريبي بمناقشة المشاركين حول موضوع اللقاء لإعطاء مقدمة نظرية معقولة لمدة ( 5 ) دقائق .
2- يعيد صياغة المشكلة على الشكل التالي :
التلوث البيئي يعني تلوث الماء والهواء والأرض ، ويطرحها من خلال الأسئلة الآتية :
- كيف تقلل من تلوث الهواء .
- كيف تقلل من تلوث الماء .
- كيف تقلل من تلوث الأرض . . لمدة ( 10 ) دقائق .
3- يقوم قائد المشغل التدريبي بشرح طريقة العمل وبيان المبادئ الأساسية في جلسة العصف الذهني . . لمدة ( 5 ) دقائق .
- قل أي شيء تريده بغض النظر عن خطئه أو صوابه أو غرابته .
- لا تنتقد أفكار الآخرين ولا تعترض عليها .
- لا تسهب في الكلام وحاول الاختصار ما استطعت .
- يمكنك أن تستفيد من أفكار الآخرين بأن تستنتج منها أو تطورها .
- اسمع تعليمات القائد ونفذها .
- أعط فرصة للكاتب لتدوين أفكارك .
4 -يعين قائد الجلسة كاتباً لتدوين الأفكار .
5 -يعلق أسئلة الجلسة في مكان بارز وبخط واضح أمام المشاركين .
6 - يطلب من المشاركين البدء بطرح أفكارهم إجابة على الأسئلة . لمدة ( 40 ) دقيقه .
7 - يقوم كاتب الجلسة بكتابة الأفكار متسلسلة على سبورة أو لوح من الكرتون أمام المشاركين .
8 - يقوم قائد الجلسة بتحفيز المشاركين إذا ما لاحظ أن معين الأفكار نضب لدى المشاركين كأن يطلب منهم تحديد أغرب فكرة وتطويرها لتصبح فكرة عملية أو مطالبتهم بإمعان النظر في الأفكار المطروحة والاستنتاج منها .
9 - تبدأ بعد ذلك جلسة التقييم حيث يقوم قائد الجلسة بمناقشة المشاركين بالأفكار المطروحة من أجل تقييمها وتصنيفها إلى ما يلي . . لمدة (45 ) دقيقة .
- أفكار مفيدة وقابلة للتطبيق .
- أفكار مفيدة إلا أنها غير قابلة للتطبيق المباشر وتحتاج إلى مزيد من البحث أو موافقة جهات أخرى .
- أفكار مستثناة لأنها غير عملية وغير قابلة للتطبيق .
10- يقوم قائد الجلسة بلملمة الأفكار وتقديم الخلاصة . . لمدة ( 10 ) دقائق .

د/ جواد محمد الشيخ خليل