النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: فتحت محل بنشر وتغيير زيت

  1. #1

    افتراضي فتحت محل بنشر وتغيير زيت




    بسم الله

    قابلت أحد الشباب الملتزم او المستقيم

    سألته عن نشاطه الدعوي

    قال: كان هذا زمان, كنت نشطا دعويا

    قلت له: والآن؟

    قال: فتحت محل بنشر و تغيير زيت لسيارات..! فانشغلت عن الدعوة والمناشط الدعوية..

    قلت له: لا تعارض بين الدعوة و بين محل البنشر

    قال: محل البنشر و بعضا من الأعمال التجارية الأخرى, إستهلكو وقتي, ولم يعد لدي و قتا للدعوة؟



    أسئلة

    1
    ما تحليلكم لهذا الحوار؟

    2
    لو أنت مكاني, كيف ستتصرف؟ وكيف سترد عليه؟

    3
    هل موقفه صحيح؟

    4
    هل الدعوة تتعارض مع الأعمال التجارية؟

    5
    كيف نوجهه ليقوم بالدعوة و التوجيه و الإرشاد وهو على رأس عمله التجاري؟


    لكم تحياتي


  2. #2

    افتراضي

    كل الدعاء والعلماء كانوا يزولون أعمالهم ولكن لا ينسى ، الدعوى إلى الله
    بل في أماكن العمل وخصوص البنشر والأماكن التي يتردد إليه الناس ‘ أفضل أماكن لتوزيع الأشرطه ، والمطويات .
    ولكن هذا والعيوذ بالله الذي كان في الدعوى فنخلس ، هي من أمور عجز الثقات . وأيضاً من الكسل .
    تخيل يأخي :
    إن بعض الأنبياء يأتى وليس معه أحد ، و تأتى ومعك أمه بسبب أنك كنت توزع مطويات في عملك فهتدى على يدك أمه ، وإن يتفضل عليك الله بهديه شخص خير لك من أجود وأفضل الأبل .
    أخي صاحب البنشر :
    إن الشمعة إذا حترقت أنارت ، فلتحترق لكي تضيء لغيرك طريق الهدية .

  3. #3

    افتراضي

    أخونا الخزاعي شكرا لك وبارك الله في مرورك


    ومضات من الشيخ عايض القرني

    فإن الداعية ليس له حقل واحد لا يعمل إلا فيه ، بل حقولٌ متعددة ، وميادينُ مختلفة ، ومنابرُ شتى ، فالدعوةُ لا يحدُّها حدّ ، ولا يحصرُها حَصْر ، ولا يقيدُها قيد. إنَّ الدعوةَ تجري في دم الداعية ، يقولُها كلمةً ، ويصوغُها عبارةً ، ويُنشدُها قصيدةً ، ويدبِّجُها خطبةً ، وينقلُها فكرةً ، ويؤلفُها كتاباً ،ويلقيها محاضرة.

    إنها قد تكون مع النفس في محاسبةٍ ومراقبة ، وتكون مع الأمّ براً وحناناً ، ومع الأبِ شفقةً ورحمة ، ومع الابن تربيةً وأدباً ، ومع الجار إحساناً وبراً ، ومع المسلمِ مصافاةً ومودة ، ومع الكافر دعوةً وحواراً.

    فهذا إبراهيمُ الخليلُ يتلطفُ بأبيه (يا أبتي) ، وهذا نوح ينوح على ابنه: (يا بني اركب معنا) ، وهذا مؤمن آل فرعونَ يعطف على قومِه: (يا قومي). وهذا مؤمن آل ياسين ينادي وهو في الجنة: (يا ليت قومي يعلمون).

    إن الدعوةَ همٌّ لازم ، وواجبٌ دائم ، فهي معك في السيارةِ ، وفي الطائرةِ، وفي السفينةِ ، وفي النادي ، وفي الجامعةِ ، والمزرعةِ ، والمتجر ..

    قد تدعو بسيرتك أكثر من كلامك ، وتدعو بصفاتك أعظم من خُطَبِك وتدعو بخُلُقِك أحسن من محاضرتك.

    ليس للداعية وقوف ، سُجن يوسفُ فدعا في السجن ، وطُرد نوح فدعا في السفينة ، وحوصر محمدً فدعا في الشِّعبِ ، وطُوِّق فدعا في الغار ، وطُرد فأنشأ دولة.

    قيل لشيخِ الإسلام ابن تيمية: قد أمر السلطانُ بنفيك إلى قبرص ، أو قتلِك أو سجنِك فقال: واللهِ إنَّ بي من الفرح والسرور ما لو قُسِّمَ على أهلِ الشامِ لوسعهم، والله إني كالغنمةِ ما تنامُ إلا على صوف ، إن نُفيتُ إلى قبرص دعوتُ أهلها إلى الإسلام ، وإن سجنت خلوتُ بعبادة ، ربي وإن قتلت فأنا شهيد:

    روحي تحدثني بأنك متلفي نفسي فداك عرفت أم لم تعرف

    ليس من المهم عند الداعية أن يكون له جمهورٌ حاشد ، أو حفلٌ بهيج ، أو مستمعون كُثر ، المهم أن يقولَ الحق ، وأن يأمرَ بالمعروف ، وأن ينهى عن المنكر ، وأن يحملَ الميثاقَ بأمانة ، ويبلَّغَ الشريعةَ بصدق.
    (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه)

    بعضُ الأنبياء لم يستجِبْ له أحد ، والبعضُ استجاب له واحدٌ أو اثنان ، والبعضُ جماعة ، وبعضُهم دعا عُمُرَه كلَّه ثم قُتل ولم يُطعْه بشر ، وأنبياءُ آخرون مكثوا السنينَ الطويلةَ يدعون ثم نُشروا بالمناشير!
    سيِّـدي علِّـلِ الفـؤادَ العليـلا واحيني قبل أن تراني قتيلا
    إن تكنْ عازماً على قتل روحي فترفـقْ بها قليـلاً قليـلا!


    إن الداعيةَ ليس فناناً يداعبُ العواطف ، ويلعبُ بالمشاعر ، ويتَفقدُ مكامن التأثيرِ في الناس ، وليس شاعراً يخلُبُ الألبابَ ، ويسافرُ مع الخيال ، ويهِيم في أوديةِ الضلال ، وليس فيلسوفاً يقنِّنُ القوانين ، ويضربُ الأقيسةَ ، ويحدِّد المقدِّمات، ويخلُصُ إلى النتائج ، وليس سلطاناً يفرِضُ كلمتَه ، ويؤدبُ رعيتَه ويحشدُ جنودَه ، ويرفعُ بنودَه ، وليس تاجراً يجمعُ الدراهمَ ، ويكنِزُ القناطيرَ المقنطرةَ ، ويرصُدُ الشيكات ، ويضاربُ بالأسهم . الداعيةُ شيءٌ آخر! ..

    إنه تابعُ لمحمدٍ - صلى الله عليه وسلم - ، ابنٌ بارٌّ لرعايته ، تلميذٌ نجيبٌ في مدرستِه ، طالبٌ متفوقٌ في جامعته. يسري حبُّ الله وحبُّ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - في دمه ، يُشِعُّ في قلبه ، يُضيءُ طريقَه ، يملأُ وجدانَه ، يُلهِبُ ضميرَه.

    الحبُّ ليس روايةٌ شرقيةً بأريجها يتزوج الأبطال *** لكنه الإبحارُ دون سفيـنة ومرادنا أن المحال محال


    الداعية ليس له إجازةٌ ، ولا انتدابٌ ، ولا مخصّصَاتٌ ، ولا عادات. الداعيةُ ليس له حفلُ مولد ، ولا مهرجاناتُ تخرج ، ولا حفلُ وداعٍ ، ولا مناسبةُ استقبال ، بل هو مع الأنبياء ، تلقاه على الرصيفِ ، وفي الدُّكانِ ، ومع أهلِ الحِرفَ ، مع النجارِ والخبازِ والنسَّاج ، والبنَّاء ، مع الناس باختلاف أذواقِهم وطبقاتِهم وألوانِهم وأجناسِهم ، داعياً للملِك والمملوك ، وللأميرِ والوزيـرِ ، وللكبيرِ والصغيرِ ، للذكر والأنثى ، للأبيض والأسود.


    الداعية باع نفسَه من الله ، فلا يُطالب ، ولا يُضارب ، لا يُعاتب ، ولا يُحاسب .. فاتورةُ تعبِه مدفوعةُ في الآخرة (ولسوف يعطيك ربُّك فترضى) ، شيكُ أُجْرتِه مصروفُ من بنك (يريدون وجهه) ، وسندُ أموالهِ موقَّعُ عليه (إنك تعلم ما نريد).

    بعنا النفوسَ فلا خيار ببيعنا أعْظمْ بقومِ بايعوا المختارا *** فأعاضَنَا ثمَناً أجلَّ من المنى جناتِ عدنٍ تُتحِفُ الأبرارا


    الداعيةُ لا ينتظرُ شهادةَ حسنِ سيرةٍ وسلوكٍ من البشر ، ولا نياشينَ يعلِّقُها على صدره ، ولا نجومَ يضعُها على أكتافه ، ولا صورةَ ذكرى يرفعُها في مجلسِه. إنه يريد تاج (رضي الله عنهم ورضوا عنه) ، ويطمعُ في نجومِ (يحبهم ويحبونه) ، ويرغبُ في نياشين (الله ولي الذين آمنوا).


    الداعيةُ لا يُعيَّن بقرارٍ جمهوري ، ولا بوثيقةٍ حكومية، ولا بانتخابٍ من الجمهور. الداعيةُ لا يأتي عن طريقِ صناديقِ الاقتراع ، ولا المجلسِ النيابي ، ولا الهيئةِ البرلمانية ، فهو فوقَ الكونجرس ، واللوردات ، والشيوخ. إنَّ الله عيَّنه ، والواحدَ الأحد هيَّأه ، والرحمنَ استأمنه (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ..).


    الداعيةُ مولاه الله ، وإمامُه محمدٌ ، وبيته المسجد ، ومذكرتُه القرآن ، وزادُه التقوى ، وعصاه التوكل ، ولباسُه الزهد ، ومركبُه اليقين ، وطريقُه الهدى، ومرادُه الجنة (دعها فإن معها حذاءها وسقاءها ، ترد الماء وترعى الشجر).

    أنا ربي اللهُ والدينُ أبي ورسولُ الله دوماً قدوتي *** وليَ القرآنُ نورٌ ساطعٌ ولي الكعبة كانت قبلتي


    الداعيةُ لا تتوقف دعوتُه مع التخرج من المدرسة الليلية ، ولا مكافحة الأمية ، ولا من الجامعة ، ولا من المجالس الفقهية ، ولا المجامع العلمية .. جامعةُ الداعية (ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله) ، وشهادتُه (بلغوا عني ولو آية) ووثيقةُ تخرجه (فاصدع بما تؤمر ..)


    الداعيةُ لا ينتظر راتباً شهرياً ، ولا مكافأةً سنوية ، ولا إكراميةً مالية ، ولا هتافاً جماهيرياً ، ولا شكراً من الوزير ، ولا ترقيةً من الفريق ، ولا ثناءً من مدير المدرسة.
    راتبُه: (ليوفيهم أجورهم). مكافأتُه: (يبتغون فضلاً من الله ورضوانا). إكراميتُه: (ادخلوها بسلام آمنين).
    هتافُه: (لا إله إلا الله). شكرُه: (سلام عليكم بما صبرتم). ترقيتُه: (في مقعد صدق عند مليك مقتدر).


    الداعية لا تُرفع له أقواسُ النصر. ولا تُعلَّق صُورُه. ولا ينتظرُ قصائدَ مدحٍ وملحماتِ ثناء ، ومقاماتِ تبجيل.
    أقواسُ نصره: (إنا فتحنا لك فتحاً مبينا). صورُه المعلقة: (كتابٌ أحكمت آياتُه). وعبارات مديحه (قد أفلح المؤمنون) مقاماتُ تبجيله: (وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين). وثيـقتي كُتبـت في اللوحِ وانهمـرت آيـاتها فاقـرؤا يـا قـومُ قـرآني والوحيُ مدرستي الكبرى ، وغار حـرا تاريخ عمري ، وميلادي ،وعرفاني


    أما بعد: فالداعيةُ رحيمٌ ، رفيقٌ ، قريبٌ ، حبيبٌ ، سهل ليِّنٌ ، صبورٌ شكور.
    رحيمُ: لأن الراحمين يرحمهم الرحمن ، ولأن إمامَه - صلى الله عليه وسلم - رحمةٌ للعالمين ، فهو الذي يقول: (من لا يرحم لا يُرحم). يقول أحد العلماء: (ينبغي إذا رأيت الكافر أن تتمنى إسلامه رحمةً به أن يدخل النار لأن من تمام النصح الشفقة بالخلق).
    رفيقُ: لأن الله رفيقُ يحب الرفق ، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - يقول (ما كان الرفق في شيء إلا زانه ، وما نُزع من شيء إلا شانه). والرفقُ يسهِّل الصِّعابَ ، ويقرِب البعيدَ ، ويليِّنُ القاسيَ ، ويطوِّعُ العاصيَ ، ويجذبُ القلوب.
    قريبٌ: فهو يدنو من النفوس ، ويقتربُ من القلوب ، ويتواضعُ لزملائه ، ولا يفاخرُ أبناء جنسِه ، ولا يشْمَخُ بأنفه ، ولا تُعجِبُه نفسُه ، ولا يزدري أحداً ، ولا يحتقرُ بشراً ، ولا يتهكم بمخلوق (واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين).
    حبيبٌ تحبُّه القلوب ، ترتاحُ له الأنفس ، تأنَسُ بحضوره الناس ، تَهَشُ لقدومه الأرواح ، تفرحُ بحضورِه الجموع ، تعشقُ لقاءَه الأجيال ، تدعو له الأمةُ بظهر الغيب (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا).
    يقول أحدُ الفضلاء: (إذا سافرتَ ولم يبكِ عليك أصحابُك فراجْع أخلاقَك)
    سهلُُ ليِّن: فهو كمعلِّمه الأول - صلى الله عليه وسلم - ، سهلُُ في كلامه فلا يتفيهقُ ، ولا يتعمَّقُ ، ولا يتشدقُ ، ولا يتكلفُ ، ولا يتنطعُ ، ولا يزخرفُ ، سهلُُ في أفعاله فلا يكلِّفُ الناسَ شططاً ، ولا يحمِّلُهم عبئاً ، ولا يجشِّمُهم مشقة.
    صبورُ: على الملماتِ ، وعلى الأزماتِ ، وعلى الكرباتِ ، وعلى الفواجعِ ، وعلى الحوادثِ ، وعلى الكوارثِ ، يجوعُ فيصبْر ، يُسبُّ فيصبْر ، يُجلد فيصبْر ، يُحبس فيصبْر ، يبُكَّتُ فيصبْر ، يُكَّذبُ فيصبْر ، يؤذى فيصبْر ، أما نوح فازدجرْ ، وأما صالحٌ فقيل له: كذابٌ أشرْ ، وأما هود فقُهر ، وأما زكريا فنشر ، وأما يحيى (فنحر…)، وأما موسى فضاق به المفر ، وأما عيسى فافتقر ، وأما محمد فابتلي فصبر وأعطي فشكر (واصبر وما صبرك إلا بالله). (فاصبر صبراً جميلا). (واصبر على ما يقولون). (فاصفح الصفح الجميل). (واهجرهم هجراً جميلاً). (فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر). (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس). (ادفع بالتي هي أحسن).
    شكور: على النعمة ، يُعطى فيشكر ، يُسدَّد فيشكر ، يُفتح عليه فيشكر ، يأكل فيشكر ، يلبس فيشكر ، ينام فيشكر ، يصح فيشكر ، يمرض فيشكر ، يعافى فيشكر ، يُبتلى فيشكر ، يغتني فيشكر ، يفتقر فيشكر. (وسنجزي الشاكرين) (اعملوا آل داود شكراً وقليل من عبادي الشكور) ، (إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور) ، (لئن شكرتم لأزيدنكم).
    لك الحمـد يا رحمـان ما هل صيـب وما تاب يا من يقبل التوب مذنبُ
    لك الحمد ما هاج الغرام وما هما الغمام ومـا غنـى الحمـام المطـربُ


    أما بعد: فإن الداعية يعلم أن الحياة ليست فرصة لتقلد منصب ، ولا الظفر بأمارة ، ولا العثور على وزارة ، ولا جمع تجارة ، ولا التشرف بسفارة ، وليست الحياة عنده متعة ، يقضيها في اللهو واللعب ، فليس عنده إجازة يقضيها على ضفاف اللوّار ، ولا في قمم الهملايا ، ولا عند شلالات نياجرا ، ولا في أبراج كوالالمبور، ولا في حضور عيد الأم ، وليس عند الداعية أرصدة في البنوك الربوية ، وليس له هم في مراقبة البورصة العالمية ، ولا الاهتمام بأسواق الذهبأو بأسعار البترول ، فكنوزه وماله وغناه ومستقبله في جنات تجري من تحتها الأنهار ، فلا يُبهجه إلا (متكئين على فرش بطائنها من إستبرق).

    ولا يفرحه إلا (تعرف في وجوههم نضرة النعيم). ولا يسره إلا (يُسقون من رحيم مختوم).
    ولا يُسعده إلا ( كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية). ولا يُطربه إلا (حور مقصورات في الخيام).
    ولا يُنعشه إلا (وإذا رأيت ثم رأيت نعيماً وملكاً كبيراً)


    الداعية ليس له سهرٌ مع (ألف ليلة وليلة) ، ولا أنسٌ مع (أبي نواس) ، ولا خلوةٌ مع (بدائع الزهور) ، ولا توثيقٌ من (الزير سالم) ، ولا سندٌ من (شمس المعارف).
    سهرُه: مع صحيح البخاري. أنسه: مع ابن تيمية. خلوتُه: مع رياض الصالحين. توثيقه: من يحيى بن معين.
    سنده: من سفيان الثوري.
    هيهات رحلةُ مسرانا جحافلنا ***كما عهدت وعزمـات الــورى أُنُــفُ
    في كفك الشهم مـن حبل الهدى طـرف *** على الصراط وفي أرواحنا طرفُ


    الداعية لا يفتخر بصداقة المشاهير ، ونجوم الكرة ، ونجوم الفن ، وكواكب المسرح ، والساسة العمالقة ، والفلاسفة العباقرة ، ورموز الثقافة ، فله صداقات ومودات مع نـوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد - صلـوات الله وسلامه عليهم - ، وله علاقة بأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، وله اتصال بأبي حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل.


    الداعية ليس منهمكا في زوايا الغرام ، ولا مع قصاصات الهيام ، ولا مع آهات الهجر ، وزفرات الجوى ، وأوجاع العيون السود …
    زفراته: من (كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها). وآهاته: من (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها).
    وأوجاعه: من (يا ليتها كانت القاضية. ما أغنى عني ماليه. هلك عني سلطانيه).


    أما بعد:فإن الداعية تتقلب به الأيام ، وتتغاير عليه الليالي ، وتختلف عليه الساعات، وتتعاقب عليه السنون ، رضىً وغضب ، سرور وحزن ، شبع وجوع ، منبر وحبس ، شكر وسبّ ، إقبال وإدبار ، منحه ومحنة ، عطية وبلية ، أمل وألم ، وهو مع ذلك عبد لله ، ينزل مع القرآن أينما نزل ، ويهبط مع الوحي أينما هبط ، ويسافر مع الرسالة أينما سافرت ، ويرتحل مع الحق أينما ارتحل. يصلي في القصر وفي الحبس ، في الجامعة والمزرعة ، وفي الحاضرة والبادية ، يسبِّح في النادي والملعب ، ويكبِّر في المسجد والسوق ..
    الداعية عنده شهادةُُ أكبر من شهادات الأرض ، ولديه وثيقة أعظم من وثائق المعمورة (إياك نعبد وإياك نستعين) وعنده تزكية أجل من كل تزكية (وإن جندنا لهم الغالبون).

    أيها الداعـي الذي عَبَدَ الله طريـق النجـاةِ فيـك قويـمُ *** أدعياءُ الضلال سحّارُ فرعون .. وأنت العصى وأنت الكليمُ


    أما بعد :فقد قرأت عشرات المجلدات والمصنفات والمؤلفات ، فما وجدت كالقرآن حسناً وجمالاً ، بهجة ونضرة ، قوة وفخامة ، صدقاً وعدلا…. سعادة وإشراقاً .
    وطالعت مئات المجلات والجرائد والدوريات والصحف فما رأيت كالسنة عطاءً وبركة ، وسلوةً وعزاء، وتوعية وتربية ، ورشداً ونصحاً ، وتعليماً وتقويما ، …
    وسمعت آلاف الكلمات ، وآلاف الأبيات ، وآلاف اللطائف ، وآلاف النُكات ، فما وجدت كذكر الله إيماناَ ويقيناً ، وروحاً وطمأنينة ، وأنَساً ورحمة ، وثواباً وأجرا .


    أما بعد :فإن الداعية قد يكون غنياً كسليمان ، وقد يكون فقيراً كعيسى ، وقد يكون صحيحاً كإبراهيم ، وقد يكون مريضاً كأيوب ، وقد يطول عمره كنوح ، وقد يقصر كيوشع ، وقد يكون ملكاً كداود ، وقد يكون خياطاً كإدريس ، وقد يرعى الغنم كموسى وقد تمر به الحالات جميعاً من غنى وفقر ، ونصر وهزيمة ، ونعيم وبؤس ، وصحة ومرض ، وعافية وبلاء كمحمد - صلى الله عليه وسلم.


    لأجل دينك ذاق القتل مـن قتلـوا *** كأنما الموت في ساح الوغى عسل
    ترى المحبين صرعى في ديارهم *** كفتية الكهف للرضوان قد نقلـوا

    وقد يكون الداعية واسع الخير ، متعدد المواهب ، كثير الإحسان ، عظيم البر، كأبي بكر الصديق ، وقد يكون صارماً حازماً قوياً شديداً في الحق ذا صولة في الدين ، ذا هيبة في الملة كعمر بن الخطاب ، وقد يكون هيناً ليناً سهلاً قريباً حبيباً حيياً سخياً كعثمانَ بن عفان ، وقد يكون مقداماً شجاعاً ، أبياً مضحياً فدائياً بطلاً كعلي بن أبي طالب . وقد يكون الداعية بحراً في العلم ، دائرة معارف ، موسوعة في الشريعة كابن عباس ، وقد يكون خطيباً لوذعياً يرسل الكلمة كالقذيفة ، ويبعث الحرف كالشهاب ، ويطلق الجملة كالبركان كثابت بن قيس بن شماس . وقد يكون الداعية شاعراً يرسم الحرف في القلب ، ويصنع البيت كالضياء وينسج القصيدة كقطعة الماسٍ كحسان بن ثابت .
    وقد يكون للداعية حشم وخدم ، ومال وجمال ، وعيال كعبد الرحمن بن عوف ، وقد يكون الداعية فقيراً معدماً ، لا بيت ولا قصر ولا دار ولا عقار ولا دينار كأبي ذر ، وقد يتولى الداعية الإمامة كمعاذ ، والقضاء كعلي ، والأذان كبلال ، والمواريث كزيد ، والقيادة كخالد ، والإمارة كأبي عبيدة.


    وقد يتكلم الداعية من بلاط السلطان كالزهري. وقد يتحدث من القبو كالسرخسي، وقد يُبجَّل ويُحتفى به كمالك بن أنس ، وقد يذهب دمه هدراً ، ورأسه شذراً كأحمد بن نصر الخزاعي.


    الداعية كالهدهد قطع الفيافي والقفار ليبلِّغ رسالة الواحد القهار ( ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السموات والأرض). وكالنملة يحذِّر قومه ، وينذر بني جنسه (لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون).
    وكالنحلة يجمع أطايب الحديث ، ويكنز أحسن المعرفة (ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا)
    فيا حب زدني في هواه صبابـة ويا قلب زدني في هوى مهجتي حبا
    لعلي إذا جئت المحصب من مني سخرتُ فؤادي كـي أفوز به قربـا


    إن أهم صفة في الداعية أنه صاحب مبدأ ، وحامل رسالة ، وله منهج ، قد يغلظ أو يرفق ، يقسو أو يلين ، يُقبل أو يدبر ، يواجه أو يهادن … لكنه صاحب مبدأ .
    قد يحاور ويفاوض ، ويردُّ ويَقْبل ، ويأخذ ويعطي ، ويغضب ويرضى ، ولكنه صاحب مبدأ …
    له ثوابت لا يتخلى عنها ، وربما تنازل عن الحواشي ليبقى الأصل ، وربما ترك التعليق ليبقى المتن ، وربما تخلى عن الإطار لتبقى الصورة .


    الداعية هو الناطق الرسمي للملة (وقل الحق من ربكم) ، والسفيرُ الأول للشريعة (إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيرا) والمندوب الدائم لمحمد (نضّر الله امرءاً سمع مني مقالةً فوعاها ، فأداها كما سمعها).
    والأمين العام للقيم (إن خير من استأجرت القوي الأمين).


    الداعيـة له في كل قلب سفارة ، وفي كل عقل محطة ، وفي كل مجلس قناة … الداعية تقرؤه في الصحيفة ، وتطالعه في المجلة ، وتنظر إليه في الشاشة ، وتصلي وراءه في المحراب وتسمعه على المنبر ، وتلقاه في السوق ، وتصافحه في الحديقة ، وتجلس بجانبه في الحافلة ، وتعانقه في الطائرة. وتقاتل وراءه في المعركة ، وتراه في العرس ، وتشاهده في الجنازة . يصافح الملك ، يمسح رأس اليتيم ، يرفق بالرئيس ، يعطف على الأرملة ، يمازح الشاب ، ويقود العجوز.


    الداعية يرسل كلمته على ذبذبة طولها الحق ، وعرضها الصدق ، على هواء الإبداع ، وعبر أثير المحبة لتستقبل كلمته أطباق القلوب ، وتنقلَ عبارته موجاتُ الأرواح .


    والدعاة درجات عند الله ، فمنهم من يحبو ، ومنهم من يمشي ، ومنهم من يهرول ، ومنهم من يمرُّ مرّ السحاب ، ومنهم من يسرع سرعة الريح ، ومنهم من يحلق في سماء الإبداع فيرتفع عن سطح الدنيا سبعة وثلاثين ألف قدم من الصدق والرفق والحق والعدل والعلم والإيمان .
    إن أنت كنت بكيت من حر الجوى وسكبت في ليـل الفـراق دمـوعا
    فنفوسنا ذبحت على ساح الوغـى يا من يرى صرعى السيوف هجوعا


    أما بعد :فإن هم الداعية إصلاح الناس وتعبيد البشر لله ، لتكون كلمة الله هي العليا ويكون الدين كله لله، فليس همه المال ولا الجاه ولا المنصب لأنه مكلف بمهمة محددة (أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون) ، وعنده رسالة عليها طابع (ما أريد من أجر) وعنوانها ] قولوا لا إله إلا الله تفلحوا [ يوزعها في كل قلب (وإنك لعلى خلق عظيم) .


    الداعية حبيبه من أحب الله ، ووليه من تولى الله ، وصديقه من احترم الشرع ، وعدوه من عادى الإسلام . ليس عند الداعية وقت للعداوات الشخصية ، ولا فراغ لتوافه الأمور ، فكل دقيقة من عمره حسنات ، وكل ثانية من وقته قربات .

    أعـد الليالي ليلة بعـد ليـلة ***وقد عشتُ دهراً لا أعد اللياليا
    فإما حياة نظـم الوحي سيرها*** وإلا فموت لا يسـر الأعاديا


    الداعية ينهمر بالآيات والأبيات والسير والعبر والقصص والأخبار والفوائد والقصائد والشوارد والفرائد يدعو بها كلها إلى الله ليُعبد الله وحده لا إله إلا الله .


    فمرجع الداعية قلبه النابض ، ومصدره نفسه المشرقة ، وحبره دمه ، ومادته دموعه ، وورقه خصال الخيرُ وصفاتُ النبل التي يحملها .


    الداعية لا ينسى دعوته ، وهل ينسى المريضُ مرضه والجائعُ جوعه ، والمحمومُ حُمَّاه ، وكيف يترك الداعية دعوته ، وهل يترك الرسام ريشته والنجار فأسه والفلاح مسحاته ، والكاتب قلمه.
    وقد عاهدتني يا قلبُ أنّي متى ما تبت من ليلى تتوب
    فها أنا تائب من حب ليلى فمالك كلمـا ذكرتُ تذوب؟!
    لكل شيْ إذا ما تمّ نقصان إلا الإيمان في قلب حامله .
    لكل امـرء من دهـره ما تعـودا
    وعـادة أهل الحق يا صاحبي الهدى
    وما مضى فات والمؤمل غيب إلا عند الداعية فالماضي ما فات ولا مات (علمه عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى) والمؤمَّل عنده حاصل لا محالة ، قادم بلا شك (ثم لترونَّها عين اليقين).

    نشيد اللاهين : قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل .
    ونشيد الدعاة : قفا نبك من ذكر الكتاب المنزل .


    أغنية الغافلين :
    أخبـروهـا إذا أتـيتـم حـمـاهـا
    أنـني ذبـت فـي الـغـرام فـداهـا
    وملحمة الصالحين:
    أيقظـوا النـفس من سُبات منـاهـا
    فـإلـى الله ربِّـنـا منـتـهـاهـا

    وقفة إجلالٍ لذي الجلالِ والجمالِ والكمالْقال موسى لربه (ربِّ أرني أنظر إليك).قال (لن تراني).
    (ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني).(فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا).
    وخرّ موسى صعقا).(فلما آفاق قال سبحانك تبتُ إليك وأنا أول المؤمنين).


    منقول

المواضيع المتشابهه

  1. شاب يبتز فتاة فقيرة ويهدد بنشر صورها على الـ"يوتيوب"
    بواسطة minshawi في المنتدى سلبيات الانترنت
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 04-13-09, 12:54 AM
  2. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-04-09, 12:57 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

جميع الحقوق محفوظة لموقع منشاوي للدرسات والابحاث