آل الشيخ: أعمال الجمعيات الخيرية مع الجهات الرسمية يشوبها شيء من عدم التواصل
ندوة الشؤون الإسلامية: العمل الدعوي السعودي ليس اصطداماً مع الدولة


آل الشيخ يلقي كلمته في ندوة العمل الدعوي

الرياض: الوطن
أوصى المشاركون في ندوة (العمل الدعوي السعودي الأهلي وعلاقته بالمؤسسات الدعوية الرسمية) التي نظمتها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد واختتمت أعمالها مساء أمس تحت رعاية وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ بفندق قصر الرياض في الرياض بأن العمل الدعوي السعودي جزء من العمل الدعوي الإسلامي في مختلف مجتمعات المسلمين يشاركه في السعي لإعلاء كلمة الله في الأرض، ويتعاون معه في استثمار المنجزات النافعة لصالح الدعوة، ولكنه يتميز بأنه ينطلق من مجتمع هو مهبط رسالة الإسلام، ومهوى أفئدة المسلمين، وأنه يتحرك في إطار دولة تتبنى الإسلام شريعة في الداخل ، وتحمله رسالة دعوية في الخارج.
واتفق المجتمعون على أن العمل الدعوي السعودي ليس اصطداماً مع الدولة، لأن السعودية دولة دعوة إلى الإسلام بحكم إسلامها الذي نصت عليه مواد النظام الأساسي للحكم.
كما أفاد البيان الختامي للندوة أن مبادرة المملكة لإنشاء المؤسسات المعنية بشؤون الدعوة ومواصلة تطويرها تعد وفاء من الدولة لتلك الرسالة.
وأوضح البيان أن العمل الدعوي الأهلي انبثاق طبيعي للروح الإسلامية في المجتمع السعودي سواء تمثل في جهود فردية ، أو مؤسسية.
كما اقترح المشاركون في الندوة جملة من الرؤى والأفكار التي تبنى عليها العلاقة بين الجهات الدعوية: الرسمية والأهلية بما يعزز التكامل التعاوني ، ويراعي تنامي العمل الدعوي وتزايد المسؤوليات ، وتطورات الأحوال. وشددوا على أهمية تقدير الجهود الدعوية للدولة وإحسان الظن بها، وعدم مقارنة المجتمع السعودي بمجتمعات أخرى في علاقة حكوماتها بالدعوة، وكذلك تقدير الظروف التي تتحرك فيها الدولة وأخذ الأوضاع الدولية في الحسبان عند أي تصرف أو موقف أو تصريح سواء كان سيصدر من شخص أو من مجموعات، إلى جانب تفهم التغييرات التي تقوم بها الدولة، وعدم المبادرة لتفسيرها تفسيرا متشنجا سيئ الظن ، والشحن ضدها، وأيضاً عدم مشاقة الوحدة الوطنية باسم التميز الدعوي ، والوقوف مع منطق الشرع المعتدل في هذا الشأن.
ودعا المشاركون في الندوة إلى ضرورة التعاون مع الدولة سواء في شؤون الدعوة أو في الشؤون العامة واقتراح المشروعات، أو نقد التصرفات، من خلال تواصل مباشر مع المعنيين من المسؤولين
أو هيئة كبار العلماء ، والابتعاد عن مسالك التشهير والإثارة، وكذلك المشاركة الجادة مع مؤسسات الدولة الرسمية في حلول المشكلات التي تحدث في المجتمع مثل التطرف والمخدرات.
وطالب المشاركون في الندوة بدعوة ولاة الأمر وأصحاب القرار في الجهات الحكومية ذات العلاقة إلى مواصلة الجهود المشكورة في العناية بالدعوة واحتضان الدعاة والمؤسسات الدعوية الأهلية ، وتلافي ما يمكن أن يكون عثرة في سبيل ذلك.
وناشد المشاركون بأن يكون هناك جهات محددة نظاماً تمثل مرجعيات يتم تفاهم الدعاة والمؤسسات الدعوية معها، وأخذ تراخيص المشروعات الدعوية والتثقيفية منها، وتحديد جداول زمنية مناسبة وعملية لذلك ، على أن يختار لهذه الجهات من شأنهم الاتزان والإخلاص للإسلام وللدولة بحيث يتفهمون ويتفاعلون مع المتقدم لهم ، داعين إلى ضرورة دعم العقلية الواقعية لدى الدعاة التي تتمثل في رعاية حال المجتمع والدولة من حيث الإمكانات والظروف والضغوط والتحديات دون الجنوح إلى المثالية.
وأكدوا على أهمية قيام الدولة بالتثبت فيما قد ينقل إليها عن الدعاة والمؤسسات الدعوية، وكذلك الشفافية من قبل الدولة تجاه أهل العلم باستصحاب الرؤية الشرعية عند اتخاذ القرارات ذات الحساسية الدينية بانفتاح الدولة على الدعاة والمؤسسات الدعوية في الخارج بالتواصل
والحوار ، وعدم إتاحة الفرصة للانتهازيين ذوي المصالح الأنانية سواء تسموا باسم الدعوة والتدين، أو باسم الغيرة الوطنية، لتشويه الدعوة، وتعويقها ، ومحاربة الدعاة ، وإفساد المؤسسات ذات الطابع الشرعي، والاستعداء بالسلطة في تصرفاتهم، مع استصدار نظام شرعي معتمد قضائياً للجرائم الفكرية وعقوباتها بتوصيف واضح يشمل ما فيه خرق لثوابت الدين أو تهجم على أحكام الشرع، أو افتراء على مؤسسات الدعوة، أو تجرؤ على الفتوى من غير أهلها، أو استغلال للعلم الشرعي والدعوة فيما يضاد الشرع أو المصلحة الوطنية.
وطالبوا بالتعاون بين الوزارة والدعاة في بناء (خزان المعلومات) الذي يرصد الأعمال الدعوية وتطوراتها وكل تفصيلاتها ، مع التأكيد على المؤسسات الدعوية الأهلية بمضاعفة العناية بإعداد الخطط والاستراتيجيات الواضحة التي تبني عليها مناشطها.
وألقى وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ بهذه المناسبة كلمة أبرز فيها الأهمية الكبرى لهذه الندوة العلمية التي نظمتها الوزارة، مبيناً أن هذه الندوة كان منشؤها وسبب التفكير فيها موضوع الانفراج في العمل الدعوي الأهلي سواء كان ممثلاً في جمعيات ومؤسسات خيرية، أو كان ممثلاً في أفراد
لهم جهد ونشاط في عمل دعوي في داخل المملكة وخارجها.
ولاحظ الوزير - في هذا الصدد - أن الكثيرين قد يتساءلون حول مدى الصلة بالمؤسسات الرسمية وكيفية ترتيبها، وماذا سيكون العمل ، وكيف ستكون العلاقة بينها وبين الهيئة المنتظرة " الهيئة السعودية الأهلية للإغاثة" ، وقال: إن الوزارة كان من واجبها أن تنقل لمن هو مسؤول عن ترتيب أعمال هذه العلاقة الآن أفكار ورؤى المهتمين بالعمل التطوعي الذين مارسوه وأن يكون هناك وضوح وشفافية في نقل الأفكار.
وقال آل الشيخ: إن الوزارة تسهم في خدمة العمل التطوعي الأهلي، لأننا بالمنظور المخلص المتجرد وجدنا أن الأثر الكبير في الداخل والخارج، والعمل التطوعي الدعوي الأهلي عبر المؤسسات أو الجمعيات، أو عبر الأفراد كان كبيراً جداً ، بل كان من أبرز مظاهر حصول النهضة الإسلامية في بلادنا، وفي بلاد المسلمين بعامة ، مشدداً على أهمية
أن يكون للمؤسسات الدعوية الرسمية الرؤية المنفتحة تماماً مع كل العاملين في الحقل الإسلامي، مع الذين يريدون التكامل المتجرد مع من أراد رفع كلمة الله جل وعلا عالية في وقت تكثر فيه التحديات .
وأشار آل الشيخ إلى أننا مررنا بمرحلة صعبة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر سببت الكثير من الإشكالات على الدعوة الإسلامية في داخل المملكة، وفي خارجها وتجاوزناها سواء كان من الجهات الحكومية الرسمية، أو من جهات المؤسسات الخيرية حيث تجاوزوها بأقل قدر من الخسائر، والواجب الآن أن ننظر للمستقبل أولاً بالتفاؤل، وثانياً أن لكل
مشكلة حلولاً، وهذا التأزم كان لابد أنه ينفرج شيئاً فشيئاً حتى نكون أكثر فاعلية في مقام الدعوة.
وشدد آل الشيخ على أن الأعمال التي تقوم بها المؤسسات الخيرية ، والجمعيات مع الجهات الرسمية يشوبها شيء من عدم التواصل ، فهناك ثغرة علاقات وثغرة إحسان بالظن، وهناك ثغرات لا أساس لها ، فمن واجبنا جميعاً أن نردم هذه الثغرات، وأن يكون العمل واحداً لأن الأطر
واحدة ، والإمكانات واحدة في الاشتراك البشري، وأحياناً موارد العمل في المكان والزمان تكون متحدة لذلك من غير المناسب أن يكون هناك فجوة أو هوة بين هذه الجهات، فكان من الضروري أن توضع الرؤى لتجسير العلاقة ووضعها في الوضع الصحيح.
وأبان آل الشيخ أن أعمال الوزارة تتميز بالوضوح والشفافية ، قائلا: قد نأتي ونشتد في وضع موضوع ما إما بمنعه، أو التعميق في دراسته، أو بمناقشة القائمين عليه وليس المقصود ذوات الناس، أو ذات العمل وإنما كي يحصن العمل كله من أن يكون هناك فيه مداخل قد تعطي
فرصة للمنتقدين ، أو لأمور وترتيبات لا نرضاها جميعاً.
واستطرد الشيخ صالح قائلاً : إن الدعوة والعمل المؤسسي الأهلي هو كأي حركة، أو حراك بشري يمر بمراحل طفولة وشباب وقوة ثم إلى آخره ، مشدداً على أهمية أن نجعل هذه المؤسسات والجمعيات في قوتها، وفي شبابها الدائم وفي صحتها الدائمة وأن نسهم جميعاً في ذلك لأن
الخلل يعتل ، والجيوب دائماً إذا دخلت في المؤسسات والدعوات أضرت بها ، والإشكالية التي رأيتها عن قرب هي المجاملات التي تكون في كثير من الأحيان في وسط بعض المؤسسات والجمعيات، أو بعض المؤسسات الرسمية في شأن الدعوة ، وهذه المجاملات يتساهل فيها حتى يكبر الأمر فيصعب علاجه، لذلك كان من المهم أن نكون واقعيين في رؤيتنا لأنفسنا، لا نذهب إلى تزكية النفس بمعنى تمجيد النفس وإنجازات الدعوة التطوعية بشكل غير منصف، ولا أيضاً نجلد الذات ونقول فيها وفيها وفيها مما هو ليس منصفاً، وإنما نكون متوسطين في هذه الرؤية.
وطالب في هذا الصدد بإلغاء كثير من الحواجز ، وكثير من الأطر، وأن يكون هناك قرب أكثر، وأن نتجاوز الزمن السابق بما كان فيه من أمور وأطر واتجاهات، وأن نكون يداً واحدة لأن الإسلام يحتاج إلينا جميعا

الوطن 3/3/1428