ماذا نريد من خريج الجامعة؟
ماذا نريد من خريج الجامعة؟
د. محمد عبدالله الخازم
هذا سؤال يحتاج أن يكون محل بحث من لدن القائمين على التعليم بصفة عامة، والتعليم الجامعي بصفة خاصة، لأن هذا الطالب يمثل المنتج أو السلعة (حسب التعريف التجاري) التي تحرص الجامعة على تسويقها وإثبات قدرتها في إنتاجها وإقناع عملاءها المستفيدين من مخرجاتها بجودتها وحسن إعدادها. إذا لم نعرف نوعية المنتج المطلوب، فكيف نبني خطوطنا الإنتاجية، المتمثلة هنا في برامجنا الأكاديمية والتدريبية؟
هناك شكوى دائمة من أن غالبية مناهجنا وبرامجنا الجامعية والتعليمية بصفة عامة تنحو باتجاه تقديم المعارف النظرية في التخصص أو المهنة أو المادة التي يتم تدريسها، وتغفل الجوانب الأخرى، وهذه الشكوى أصبحت تستخدم أحياناً كمبرر لعدم الحماس في توظيف الكفاءات السعودية حديثة التخرج. هذا الأمر ليس بالأمر الجديد على المستوى العالمي، فقد أثبتت دراسة أجراها المركز الوطني الأمريكي لسياسات التعليم العالي قبل عدة سنوات بأن المستفيدين من مخرجات التعليم العالي لم تكن الأولوية لديهم كم المعارف التي يحملها الخريج الجامعي، بل إن هناك أموراً أكثر أهمية من وجهة نظر أولئك المستفيدين. تحديداً كانت أبرز ست صفات ينشدها قطاع الأعمال والتوظيف من خريج الجامعة كالتالي:
1الإحساس بالمسؤولية والقدرة على إدارة الذات وحظي هذا العنصر بنسبة إجابة 71% .
2القدرة على حل المشاكل والتفكير وحظي هذا العنصر بنسبة إجابة 63%.
3المهارات التقنية العالية وحظي هذا العنصر بنسبة إجابة 61%.
4الخبرات الجيدة في مجال التخصص أو المهنة وحظي هذا العنصر بنسبة إجابة 61% .
5القدرة على الكتابة والتعبير بتميز وحظي هذا العنصر بنسبة إجابة 57%.
6الإحساس بالمسؤولية الوطنية وحظي هذا العنصر بنسبة إجابة 44% .
بل إن هناك دراسة أخرى أشارت إلى أن 80% ممن يتم الاستغناء عنهم وظيفياً يتم ذلك بسبب ضعف مهارات التواصل والتعبير وسلوكيات العمل، بينما 20% فقط ممن يتم الاستغناء عنهم بسبب ضعف المعارف والمعلومات التي يحملونها في مجال التخصص أو المهنة..
لا يوجد لدينا دراسات محلية كافية في هذا الشأن، لكنني أعتقد بأن ماينشده قطاع التوظيف والأعمال لدينا لن يختلف كثيراً عن ماهو موجود في المجتمعات الأخرى، لكن المهم هو كيف تتفاعل مؤسساتنا التعليمية مع هذا الأمر؟ هل لدينا طرق فعالة وحديثة لقياس مخرجاتنا التعليمية؟
لا نريد أن يغلب التشاؤم علينا، لكنني أحياناً أتصور بأن غالبية مؤسساتنا التعليمية، والجامعية منها بالذات، لا تولي هذا الجانب العناية اللازمة بسبب مفاهيم غير إيجابية مترسخة لدى تلك المؤسسات بأن مهمتها هي فقط تخريج حملة شهادات قادرين على اجتياز المواد الدراسية (النظرية في الغالب) مادة وراء مادة، بغض النظر عن المستوى الشمولي والنهائي لأولئك الخريجين في الجوانب السلوكية (التواصل، التعبير، أخلاقيات العمل، إلخ) والمهارة، وبغض النظر عن الشكوى الدائمة من ضعف المخرجات...
malkhazim*************
رد مع اقتباس