ظلت الإمارات لسنوات طويلة تتروى في تحرير قطاع التأمين بأكمله واكتفت بالعدد الموجود عدد قبل من من شركات التأمين الأجنبية التي كانت قد دخلت الأسواق قبل قرار وقف دخول شركات جديدة، وهو ما يعكس ـ نظريا ـ القناعة بأن الشركات المحلية غير قادرة على المنافسة في المرحلة الحالية. ويمكن القول بأن وزارة الاقتصاد فاجأت التأمينيين الشهر الماضى بقرار يفتح الباب على مصراعيه أمام الشركات الأجنبية للعمل في الأسواق المحلية، وبزغ القرار في ظل تباين واضح بين موقف جمعية الـتأمين من جهة ووزارة الاقتصاد من جهة أخرى. وظهر التباين كذلك، بين شركات التأمين نفسها، فمن الشركات من يؤيد فتح الباب ومنها من يعارض القرار، وقيل أن الوزارة تسرعت في تحرير قطاع التأمين لعدم استعداد سوق التأمين المحلية للمنافسة.
2003 أفضل الاعوام ربحية.
وفقا للبيانات المجمعة حول أداء شركات التأمين المدرجة في أسواق المال المحلية فقد بلغت أرباح الشركات العاملة خلال العام الماضى نحو 98.4 مليون درهم بنسبة نمو سنوية تصل إلى 52.2 في المائة، ويعتبر العام 2003 الأفضل على الإطلاق بالنسبة لشركات التأمين الإماراتية. وسجلت الشركات نموا في إجمالي أقساط التأمين المكتتب به بنسبة 59.2 في المائة لتصل إلى 65.1 مليار درهم في حين سجلت نموا في صافي الأقساط المحتفظ بها بنسبة 82.19 في المائة لتصل إلى 76 مليار درهم. كما تشير البيانات المالية لهذه الشركات إلى نمو أرباح التأمين بنسبة 71.9 في المائة لتصل إلى 28.2 مليون درهم في حين نمت أرباح الاستثمار بنسبة 29.3 في المائة لتصل إلى 99.234 مليون درهم. والسؤال الذي يثار حاليا بين شركات التأمين هو: هل تقوى الشركات المحلية على مواجهة المنافسة الأجنبية ؟ ولماذا لا تدخل الشركات المحلية في اندماجات فيما بينها لتشكيل كيانات كبيرة تستطيع مواجهة مثيلاتها الأجنبية عند دخولها الأسواق؟ يرى تقرير لمعهد الدراسات المالية والمصرفية أن قطاع التأمين في الإمارات شهد واحدا من أفضل أعوامه على الإطلاق في 2003 حيث سجلت غالبية الشركات نموا مميزا للربحية، وهو أمر يرى البعض أن فرص تكراره قائمة في العام الحالي رغم تفاوت النظرة بين التفاؤل الشديد بحيث يتوقع أصحاب هذا الرأي أن تتفوق نتائج 2004 على العام السابق. ويتوقع آخرون تراجعا في الربحية على خلفية الصعوبات التي واجهتها شركات عدة بسبب التطورات الإقليمية والعالمية التي تركت أثرا على شركات التأمين سواء من حيث التعويضات والمطالبات أو تشدد معيدي التأمين. وبغض النظر عن محصلة أداء الشركات في العام الحالي ومدى قدرتها على الاحتفاظ بقوة الدفع التي اكتسبتها في 2003 فإن قطاع التأمين في الإمارات يظل وحسب رؤية عدد من كبار العاملين في هذا المجال غير مؤهل بصورة كافية للمنافسة الأجنبية واستحقاقات الجات واتفاقيات منظمة التجارة العالمية وذلك على الرغم من كثرة عدد شركات التأمين الناشطة في السوق الأمر الذي يعني افتراض اعتياد تلك الشركات على أجواء المنافسة.
الشركات غير مؤهلة
ويؤكد التقرير أن المنافسة المصغرة بين شركات التأمين العاملة في الإمارات لا تعني أن تلك الشركات مؤهلة للتعامل مع كيانات عالمية عملاقة خاصة وأن رؤوس أموالها تظل محدودة للغاية، لهذا السبب طلبت جمعية الإمارات للتأمين من وزارة الاقتصاد والتجارة أن تؤخر فتح قطاع التأمين أمام المنافسة الخارجية ضمن استحقاقات اتفاقيات تحرير التجارة العالمية لفترة معينة لتستطيع الشركات العاملة في السوق المحلية تحسين أوضاعها أو الاندماج مع شركات أخرى. في المقابل، كما يرى الخبراء المؤيدون لقرار تحرير قطاع التأمين فإن دخول الشركات الأجنبية الكبرى لأسواق الإمارات قد يشجع الشركات العاملة في السوق المحلية حاليا نحو الاندماج من أجل تعزيز مراكزها بحيث تقوى على المنافسة الأمر الذي يعني أن فتح السوق سيسرع رفع مستوى الشركات القائمة إلا أن ذلك يصطدم مع المخاوف من أن حدوث ذلك قد يضر بالشركات بصورة مباشرة وسريعة. وحسب التقرير فقد تعرضت شركات التأمين الإقليمية لضغوط من جانب شركات إعادة التأمين العالمية خلال العام الأخير الأمر الذي حفز من جديد دعوات إقامة شركة إعادة تأمين كبرى تعمل على النطاق الخليجي أو العربي، ويطالب الخبراء بضرورة دمج شركات إعادة التأمين العربية القائمة والتي يتجاوز عددها 12 شركة وتقويتها بضخ أموال في مؤسسة قائمة بدلا من إنشاء شركة جديدة. وفي تقرير مماثل لوزارة التخطيط الإماراتية في أحدث تقاريرها حول قطاع التأمين أن الوقت قد حان للعمل على تطوير البنية التحتية والتشريعية لقطاع التأمين بحيث يكون قادرا على لعب دور أكبر في حركة النمو الاقتصادي خاصة وأن الامارات مقبلة على تطبيق التزاماتها الدولية في اتفاقيات منظمة التجارة العالمية للخدمات والذي سيكون التأمين أحد الأنشطة الاقتصادية التي ستخضع للمنافسة من قبل شركات التأمين العالمية العملاقة..
وأكد التقرير أهمية العمل لبناء مؤسسات تأمين محلية أو خليجية كبيرة تكون قادرة على تغطية كافة عمليات التأمين محليا وعالميا وتستطيع المنافسة في ظل تطبيق الاتفاقيات الدولية المقبلة. خلفان سيف بن سبت وكيل وزارة الاقتصاد ورئيس لجنة تطوير الموارد في قطاع التأمين يؤكد أن الإمارات تتمتع بأرضية صلبة فيما يتعلق بقدرة المصادر في شركات التأمين على مواجهة الانفتاح الخارجي كما أن اقتصادها منفتح بالفطرة وقادر على مواجهة التحديات الخارجية خاصة مع وجود نمو عالمي متسارع حيث لا تستطيع المؤسسات الثبات على وتيرة واحدة إلا إذا كانت ذات ملاءة مالية وقدرات كبيرة قادرة على مواجهة التحديات. ويضيف أن التزامات الإمارات تجاه منظمة التجارة العالمية محدودة وليس هناك ضغوط مفروضة لتغيير سياسة الدولة وبخاصة في قطاع التأمين من أجل التحرير الشامل وفتح الأسواق أمام الشركات العالمية الضخمة.
جمعية التأمين : الوقت.
غير مناسب حاليا
قبل صدور القرار طلبت جمعية الإمارات للتأمين من وزارة الاقتصاد والتجارة أن تؤخر فتح قطاع التأمين أمام المنافسة الخارجية ضمن استحقاقات اتفاقيات تحرير التجارة العالمية لفترة معينة لتستطيع الشركات العاملة في السوق المحلية تحسين أوضاعها أو الاندماج مع شركات أخرى. وأكد جمعة سيف بن بخيت رئيس جمعية الإمارات للتأمين السابق أن فتح السوق استنادا إلى تلك الاتفاقيات سوف يؤدي إلى تحديات كبيرة من ذلك أن عددا كبيرا من شركات التأمين لم يستعد بعد لهذه المنافسة ، كما أن بعضها ليس قادرا على الاستمرارية نظرا لمحدودية مواردها واعتمادها بشكل كبير على معيدي التأمين. ويضيف قائلا: لهذا السبب نرى أن الدراسة المتأنية والمتعمقة ضرورية لتجنب التأثير السلبي على شركات التأمين كما نرى أن تتجه هذه الدراسة نحو وضع ضوابط وشروط وقيود لتحرير قطاع التأمين على أن يتم ذلك بشكل تدريجي حماية لشركات التأمين الوطنية، ومع ذلك فهناك إيجابيات لتحرير قطاع التأمين منها الحصول على التكنولوجيا الحديثة والخبرات الفنية التأمينية التي يمكن أن تنقلها الشركات الأجنبية كما أن المنافسة ستعزز القدرات التنافسية للشركات الوطنية وترفع من كفاءتها من خلال عملها على مجاراة الشركات العالمية وتطوير خدماتها وتحديث وثائقها..
ويدعو سيف إلى الإسراع في تكوين شركات تأمين وطنية عملاقة لمواجهة المنافسة التي يفرضها وجود شركات تأمين أجنبية ذات خبرة تأمينية عالية وتستطيع تقديم خدماتها بشكل أفضل وبأسعار منافسة. في المقابل، يرى محمد مظهر حمادة مدير عام شركة العين للتأمين أن تحرير قطاع التأمين لن يكون له تأثيرات سلبية كبيرة على الشركات الوطنية التي وصلت إلى مرحلة تستطيع فيها مواجهة المنافسة الأجنبية من حيث الامكانيات المادية والفنية.
http://stage.eqt-srpc.com/Detail.asp?InNewsItemID=27651