تعد أزياء النساء في العصور الإسلامية المختلفة من المجالات التي ما تزال تحتاج إلى كثير من الإيضاح، ولذا جاءت دراسة الدكتورة آمال المصري للماجستير في كلية الآثار جامعة القاهرة " أزياء المرأة في العصر العثماني" لتقدم عدداً من المفاجآت والمعلومات المثيرة حول زي المرأة المصرية في العصر العثماني، وقد اعتمدت الباحثة على مجموعة من الوثائق والكشوف متروكات لسيدات توفين في العصر العثماني. وسيتوقف الباحثون كثيرًا أمام عدد من المخطوطات النادرة التي تعكس زي النساء، وقد استعانت بها الباحثة منها رسالة "العنوان في مسالك النسوان" لمجهول، ومخطوط السيوطي "إسبال الكساء على النساء"، ومخطوط ابن العماد "رفع الجناح عما هو من المرأة مباح"، ومخطوط ياسمين العمري "الروضة الفيحاء في تاريخ النساء".
ترصد الباحثة مجتمع مصر عندما أصبحت ولاية عثمانية، حيث توالت محاولات تتريكها، وصدرت "فرمانات" كثيرة تحرم على المصريين ارتداء أزياء المماليك، وتفرض زي العثمانيين بدلاً منها، وفرضت على كل موظفي الدولة أن يخلعوا ما كانوا اعتادوا لبسه طيلة العصر المملوكي بشقيه، وكان اللبس الشائع هو القباء والطيلسان والكلفتاة، وأجبروا الشيوخ على لبس الجبة والعمامة. وكان لأزياء النساء نصيبها أيضًا من التغيير، وإن لم يكن مباشرًا بالصورة التي كان عليها تغير أزياء الجند إلا أنه كان واضحًا وملموسًا، كما صدرت "فرمانات" تحرم على النساء ارتداء أنواع معينة من الزي وتفرض عليهن ارتداء أنواع أخرى.
وشاع في هذه الفترة استخدام بعض أنواع الأقمشة التي لم تكن شائعة في العصر المملوكي في مصر مثل الجوخ، كما استخدم الفراء كقلايات وأفاريز وبطاقات، وشاع بصفة خاصة في أزياء نساء الطبقة العليا. وكان نادر الاستخدام قبل ذلك. ومن المعروف. أن (الموضات) وخاصة في أزياء النساء تهبط من أعلى إلى أسفل. وغالبًا ما تنبع من العاصمة. وقد وفدت إلى مصر في العصر العثماني من استنبول مبتكرات وتراكيب جديدة للأزياء لم تكن شائعة من قبل، مثل "الليلك" الذي نشره العثمانيون في كل أنحاء دولتهم، حتى كاد أن يكون زيًّا قوميًّا لنساء الدولة العثمانية.
والليلك رداء منزلي يلبس فوق القميص مشقوق من الأمام حتى الذيل وهو مفتوح من الجانبين، والكمان ضيقان ينتهيان عند المعصمين، ويلف حول الخصر حزام من الحرير أو الكشمير وقد يكون من المعدن، ويلبس "الليلك" صيفا وشتاء فيصنع في الصيف من الحرير والأقمشة القطنية الرقيقة وفي الشتاء من الصوف أو الكشمير، وكانت ترتديه الأميرات ونساء القصر وعِلْية القوم في كل مكان، نزولا إلى جميع نساء الطبقة الوسطى. ولم يتنازل عن ارتدائه إلا اللاتي كن بعيدات عن رياح التغيير ولا يتأثرن بتغيير الموضة مثل فلاحات الريف والبدويات.
وتذكر الباحثة أن النساء في ذلك العصر لبسن القفطان فوق "الليلك" وتحت الجبة. وكان استعماله قبل ذلك مقتصرًا على الرجال واستعملته النساء في مصر منذ العصر العثماني، وهو رداء مشوق من الأمام حتى نهاية الذيل يفلق على الصدر بأزرار، وأكمامه طويلة متسعة، وتستخدم في صناعته الأقمشة القطنية والحريرية ذات الألوان المختلفة، وتظهر أكمامه المتسعة من تحت الجبة وتمتد حتى أطراف الأصابع ويصل طول القفطان إلى القدمين.
كانت المرأة في ذلك العصر تلبس عند الزواج ما يعرف باسم "التريزة" وتتكون من السبلة، وهي ثوب فضفاض قليل التفاصيل يتسع ليلبس فوق جميع الملابس المنزلية السابقة، ويصنع غالبًا من قماش ناعم من الحرير أو التفتاز وغالبًا ما يكون أسود اللون وأكمامه متسعة جدًا. ثم تلبس معه "الحبرة" وهي قطعة من القماش مربعة المساحة تقريبًا طول ضلعها حوالي مترين، وهي من الحرير الأسود في منتصفها شريط ضيق يثبت حول الرأس وتنسدل لتغطي الرأس والوجه وبقية الجسم من الخلف، وتمسك السيدة طرفي الحبرة من الداخل وتضمها بذراعيها لتلف جسدها كله فلا يظهر منها سوى وجهها الذي يغطيه البرقع، وهو الجزء الثالث المكمل لزي خروج المرأة، وتلبس كل هذه القطع فوق الزي المنزلي السابق الذكر عند الخروج.
أما الجانب العملي من الدراسة الذي كان بمثابة المفاجأة، فقد كان عبارة عن 25 نموذجًا (باترون) مجسمًا لأهم قطع الزي التي تنتمي لفترة البحث، حيث قامت الباحثة بتصميمها، من خلال صور المخطوطات ورسوماتها.
http://www.alwatan.com.sa/daily/2003...y/socity22.htm