كشفت دراسة ميدانية أعدها العقيد عطية بن علي النجمي من منسوبي وزارة الداخلية بعنوان «فاعلية الإجراءات الأمنية في مكافحة القات - دراسة مسحية على منطقة جازان» نال على اثرها درجة الماجستير في العلوم الشرطية من جامعة نايف للعلوم الأمنية مؤخراً، ان ظاهرة تعاطي القات بدأت تتفاقم في السنوات الأخيرة واستشرى ذلك بين الكثير من المواطنين في منطقة جازان من مختلف الأعمار والطبقات الاجتماعية وتزايد اقبال هؤلاء على تعاطي القات وترويجهم له مما استنزف الكثير من الأموال وأثر سلباً في الصحة النفسية والنواحي الأمنية والدينية وكذلك الانتاج بشكل أصبح يؤرق الأجهزة الأمنية الساهرة على أمن البلاد والعباد.
وبين العقيد النجمي ان مكافحة القات ادت الى صرف الجهات الأمنية عن كثير من أعمالها الأساسية واستنزاف الكثير من جهودها وطاقاتها البشرية والآلية في مكافحة هذه الآفة المنتشرة بين بعض فئات المجتمع في منطقة جازان بطريق مباشر أو غير مباشر فكم من عائل أسرة طرد من عمله بسبب سيطرة القات على وقته فأدى به الى اهمال عمله وكانت النتيجة طرده منه وكم من عائل أسرة ارهقت كاهله الديون بعد ان استنفد امواله في شراء القات وتوابعه.
واكد العقيد عطية النجمي ان مؤشر قضايا القات في منطقة جازان مازال في صعود مطرد ففي عام 1415ه بلغت قضايا القات (1813) قضية قات بينما وصلت عام 1424ه الى (4338) قضية اتهم فيها (3626) شخصا وتم خلالها ضبط (309,176,505,20) كيلوغراماً من نبات القات وتمثل الكمية نسبة 87,8٪ من اجمالي الكميات المضبوطة بمختلف مناطق المملكة بينما بلغت الكميات المضبوطة في منطقة جازان خلال السنوات العشر الماضية (1999856,259) كيلوغراما تزيد على مجموع ما تم ضبطه في باقي مناطق المملكة مجتمعة خلال تلك الفترة والبالغ (239048,198) كيلوغراماً من ثمانية أضعاف.
وقال إن هذه أرقام مخيفة جداً حيث توضح هذه الاحصاءات حجم المأساة التي ترزح تحتها منطقة جازان بسبب تفشي تعاطي القات بين كثير من أهلها.
وأشار الى ان هناك الكثير من الأسباب المؤدية الى زراعة القات والاتجار فيه وتعاطيه حسب نتائج الاستبيان الذي وزع على فئات عمرية ومستويات ثقافية مختلفة جاء من أهمها مجاراة الاصدقاء والتفكك الأسري والاعتقاد أن تعاطي القات يساعد على التركيز واتقان العمل بالاضافة الى كثرة الشائعات حول فوائد القات الصحية والاجتماعية واثبات الرجولة بمجالسة الرجال وعدم الاهتمام بمراقبة شركات تأجير السيارات والتي تعد من أهم الوسائل الحديثة لمهربي القات.
وعن كيفية الحد من انتشار زراعة القات والاتجار فيه وتعاطيه يؤكد العقيد النجمي ان هناك العديد من العوامل لتحقيق ذلك من خلال نتائج الدراسة الميدانية من أهمها التوسع في التعليم على كافة المستويات والتركيز على التدريب المهني والتقني وذلك بإنشاء المعاهد المتخصصة قريباً من التجمعات السكنية بالمنطقة وليس حكراً على مدينة جازان كما هو الآن فكثير من أبناء المنطقة البعيدين عن هذه المدينة لا تمكنهم ظروفهم المادية من الانتقال اليومي اليها كما لا يستطيعون السكن بها ولو توفرت تلك المعاهد قريبا لأشغلوا فراغهم بما يفيدهم ويفيد مجتمعاتهم من خلالها.
وحثت الدراسة المسؤولين على اتاحة المزيد من فرص العمل للشباب العاطلين للحصول على عائد مادي مناسب وزيادة سعودة الوظائف في القطاعات الحكومية والأهلية لمحاولة القضاء على مشكلة تفشي البطالة التي ربما دفعت بعضهم الى تهريب القات وترويجه ومراعاة التوسع في انشاء الجمعيات الثقافية والمكتبات العامة والمؤسسات الترويحية والأندية الرياضية لممارسة الهوايات والالعاب الرياضية لشغل اوقات فراغ الشباب وكذلك الاهتمام بزيادة الامكانات البشرية والمادية والفنية للتصدي لمشكلة سهولة تهريب القات بسبب اتساع الشريط الحدودي البري والبحري بين المملكة ودول انتاج القات واتساع الرقعة الجغرافية لمنطقة جازان وقربها من مناطق انتاج القات مع توفير الاجهزة والمعدات لاحكام السيطرة على الحدود والمنطقة.
كما دعت الدراسة إلى مراعاة تشكيل لجان عليا لبحث ودراسة وتحليل انتشار ظاهرة زراعة القات والاتجار فيه وتعاطيه وايجاد حلول مناسبة للحد منها وذلك بالاستعانة بالمتخصصين علمياً وخاصة في العلوم الاجتماعية والنفسية والتربوية والإدارية والأمنية والإعلامية والشرعية والقانونية.
وأشار العقيد النجمي إلى أن جمعية التوعية بأضرار القات التي تم تأسيسها مؤخراً بمنطقة جازان وتحظى بدعم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان تأتي كعنصر أساسي ومهم في سبيل مكافحة القات وبيان اضراره من خلال المطويات والنشرات والندوات المختلفة التي تقوم بها الجمعية.
ويثير العقيد عطية النجمي نقطة مهمة في سبيل القضاء على آفة القات وهي الاهتمام بوضع معايير موضوعية لقياس الأداء الفعلي للعاملين بمكافحة القات مع وجود تقييم دائم لذلك من خلال الفحص الدقيق لجوانب الأداء في العمل ووضع معايير محددة لمؤشرات القصور فيه من أجل القيام بواجبات العمل بالصورة المثلى مع ربط ذلك بمستقبل ارتقائهم في العمل وحفزهم السريع بمكافآت مادية ومعنوية مجزية مع ربط الترقيات والحوافز بالمؤشرات الإيجابية على ارتفاع درجة الكفاءة ومستوى الأداء والإنجازات البارزة في العمل ودراسة وتحليل معالجة الصعوبات التي قد تواجه العاملين في هذا المجال والعمل على إيجاد الخطط الكفيلة بتلافيها مستقبلاً
http://www.alriyadh.com/2006/07/08/article169770.html