من بريدي
هؤلاء المدرسات تعطلت بهن سيارة السائق في الصحراء وتسلقن ظهر السياره لمحاولة اجراء اتصال هاتفي بالشرطه وبأهلهن لإسعافهن .
المجمعة - عبدالعزيز الصالح

جاءوا لينثروا همومهم اليومية ومشاكلهم ومعاناتهم من أجل لقمة العيش جاءوا وحالهم لا تسر كل منتم لتراب هذا الوطن، هذا هو حال مدرسات هجرة مشذوبة التابعة اقليمياً لمحافظة المجمعة والتي تبعد عنها مائة وخمسين كيلومتراً، نصفه على طريق صحراوي لا توجد به الخدمات ومع ذلك لا توجد لهم حوافز وبدلات المناطق النائية التي تصرف لمناطق أقرب من هذه الهجرة بكثير روايات مثيرة تدمع لها العين وقصص واقعية أقرب إلى الخيال مناشدين وزير التربية والتعليم بالتدخل لحل لمشاكلهن حيث حضرن إلى مبنى جريدة «الرياض» بهذه المعاناة فقلن: خلال هذه السنة الدراسية وتقريباً من تاريخ 23/7/1426ه... وهو أول يوم مباشرة لنا.. لم نكن نتوقع صعوبة المخاطر التي سوف نواجهها.. والشاهد ليس كمن سمع.. نسمع عن مشذوبة والطريق لكن من يجرب الذهاب هناك يومياً يتشهد على نفسه ويودع أهله قبل الذهاب.

صحراء كالبحر لا تعرف بدايتها ولا نهايتها ولا يوجد حتى طريق واضح وثابت لهذه المنطقة.. كلها طرق رملية ما يكاد يتحدد طريقها إلا مسحت أثره الرياح.

في أحد الأيام وكصباح أي يوم.. نستعد للذهاب من الساعة الرابعة والنصف في انتظار السائق الذي سينقلنا.. مرت الدقائق وها هي الساعة «5» ونصف ولا مجيب، توالت اتصالات زميلاتي عن سبب تأخره. ولكن لا أحد لديه علم.. مع العلم انه ثاني يوم للاختبارات ولا يمكننا التعذر عن الذهاب للمدرسة.. لظروف المدرسة حيث انه تقريباً نعتبر نحن مدرسات المجمعة والارطاوية المسؤولات عن أغلب أعمال الاختبارات فمسؤولة برنامج معارف ومسؤولات الكنترول والرصد ومسؤولات لجان الاختبارات كلهن منا.. هذا غير باقي المدرسات التي فوق اهتماماتهن مسؤولات عن تصحيح اختباراتهن.. وغير مراقبة اللجان فعدد المدرسات في المدرسة لا يغطي النقص.

وعندما... وقفت عقارب الساعة التي تشير إلى السادسة صباحاً هذا يعني اننا لن نتواجد في المدرسة لو ذهبنا إلا بعد الساعة «8» ونصف أي بعد خروج اللجان. تدافعنا للاتصال على السائق الذي لا يرد على اتصالاتنا.. وتفاجأنا برده «ما راح اوديكم» استغربنا فهو منذ بداية هذا الترم ونحن معه ولم يحدث بيننا أي شيء يستدعيه لتركنا هكذا.

ذهب السائق هاائما في الصحراء يبحث عن احد يساعده فقامت المدرسات بمحاولة اصلاح الإطار بدون اي معرفه او خبره

حاولنا فيه ولكن لا مجيب.. تكفل والد إحدى البنات بالبحث عن أي شخص ينقلنا بينما قامت بعض الزميلات بالاتصالات على أصحاب النقول ممن ينقلون المعلمات والطالبات لقرى الارطاوية لينقلنا فقط للارطاوية ومنها نذهب لمبنى الاشراف والتوجيه بالارطاوية النسائي ونستقل معهم سيارتهم للذهاب إلى مشذوبة حيث انه في فترة الاختبارات يومياً يأتون لنا المشرفات من أجل اختبارات الثانوية العامة... ولكن الساعة متأخرة وأغلب السيارات والنقل ذهبت مبكراً..

وانقلب نظام العمل في المدرسة.. مع أول أيام الاختبارات.. اختبارات أول يوم لم يكتمل تصحيحها واختبارات ثاني يوم لغياب المدرسات بعضها لم يصحح ولم يدقق ويراجع.. أغلب الاختبارات لم يتم رصدها على الكمبيوتر مع المفترض انه يتم الرصد يومياً.. ونالنا الكلام الجارح ما نلنا.

ذهب هذا اليوم بما ذهب به....وبعضنا لم يذق النوم واستمرت في البحث عن نقل آخر يكمل لنا بقية أيام الاختبارات وهي 8 أيام متبقية.. طبعاً لم نجد.. وكل من سمع ان المدرسة مشذوبة رفض وبعضهم تعذر بارتباطه بنقل آخر وبعضهم استغل ظروفنا وقال: «انقلكم بس تدفعون 1500 ريال».. ومع الهمم الجادة في البحث عن نقل آخر.. وبحمد الله وجدنا من ينقلنا ب «1000 ريال»، وافقنا بدون أي مبررات فالظروف التي نحن فيها لا تستدعي اننا نتشرط.

مع صباح يوم آخر استقللنا سياراتنا مع السائق الجديد.. واستقلت معنا السيارة زوجته وابنته ذات الثماني أشهر.. الطريق من المجمعة مروراً بالارطاوية وأم الجماجم لم يشكل لدينا أي خوف.. ما ان استقلينا الطريق الترابي 60 كيلومتراً إلى مشذوبة حتى بدا الخوف علينا.. فقد مر بنا موقف عندما ذهبنا مع سائق جديد وغرزنا في البر لمدة ثلاث ساعات.. ولكن ولله الحمد تم وصولنا إلى المدرسة باكراً وما إن دخلنا إلى المدرسة وسجلنا حضورنا حتى تهاتفت كل مدرسة إلى عملها حتى نتمكن من إنهاء عمل يومين بدل يوم..

وعند الساعة 12 ظهراً تم إنهاء جميع الأعمال.. وصلينا صلاتي الظهر والعصر جمعاً واستقللنا السيارة للرجوع إلى منازلنا بعد عناء يوم متعب جداً.

الطريق جديد واتجهنا وجهة غير التي قبل كنا نذهب معه... «ونقول السواق أدرى» بعد تقريباً نصف ساعة تعطل الكفر الخلفي محدثاً صوتاً مريعاً حيث كنا مسرعين.. ونحن نشاهد من النافذة الخلفية تطاير أشلاء الإطار.. توقف السائق ونزلنا من السيارة لتخفيف حمولتها حتى يتمكن من تبديل الإطار.. وتحت أشعة الشمس العاموية جلسنا وانتظرنا لحين أن ينتهي السائق.. وخوفاً على أنفسنا من ضربات الشمس قمنا بالسكب على رؤوسنا المياه الباردة.. لتخفيف الحر.. بعد انتهاء السائق ركبنا مرة أخرى وتوجهنا في طريقنا.

السائق يحاول اخراج السياره من الرمال والنساء في السياره وهو في امس الحاجه للمساعده ولكنهن لايستطعن مساعدته ولايعرفن حتى ابسط مبادئ السواقه والإصلاح

وما كدنا ننسى موقف الرعب في تطاير أشلاء الإطار الأول.. حتى دوى صوت انفجار قوي مع صوت صرير في نفس جهة الكفر الأول تعالت صرخات البنات والتشهد وكأن السيارة سوف تنقبل بنا.. السائق رفض الوقوف وكيف يتوقف في منطقة لا يوجد بها أبراج جوال ولا يوجد معه إطار يقوم بتبديله.. مشى ما يقارب 10 دقائق بدون اطار ولكن قدر الله توقفت بنا السيارة في منطقة رملية وغاصت السيارة بإطاراتها فيها بشكل مائل.

لم يعد هناك أمل سوى الله..

مكيف السيارة متعطل منذ الصباح.. المياه التي معنا ليست كافية.. ومعنا طفلة 8 أشهر تبكي وتصرخ من شدة الحر.. المعلمات متوترات بعضهن فضل المكوث بالسيارة فالشمس حارقة وبعضهن استمر في البحث بالجولات عن أبراج..

تم العثور على أبراج ضعيفة وتنقطع فجأة.. اتصلنا بمندوب الأرطاوية.. ثم عاودنا الاتصال بالشرطة احدى المدرسات اتصلت قريباتها للحضور من الأرطاوية وبعضنا اتصلنا بأهلنا لعمل اللازم وتطمينهم.

استمرت الساعات والساعات، الأبراج ضعيفة وكل من يتصل بنا يجده مقفلا.. السائق استمر في المشي بعيدا باحثا عن اي سيارة تساعدنا.

الشمس أحرقتنا.. والتعب أخذ منا مأخذا.. ولكن لا خيار لدينا.. إن مكثنا في السيارة لن يستطيع أحد الاتصال بنا.. وإن ابتعدنا.. أهلكتنا أشعة الشمس.. وهذا يعني العطش واستهلاك للمياه الموجودة..

طلب منا السائق عدم الابتعاد كثيرا فالمنطقة التي تعطلنا فيها منطقة يكثر فيها الثعابين.. ومرت الساعات وكل ربع ساعة تنقضي. يضعف فينا الأمل ويزداد الخوف.. الوضع متوتر جدا لا حيلة لنا.. الشرطة تتصل ذوينا يتصلون ولكن لا ندري أين تحديد موقعنا..

تكفل بعض أهالي مشذوبة في البحث عنا.. ولكن صعوبة تحديد المكان أعجزتنا.. فلا يوجد شيء معين نستدل به مع مرور الوقت ازداد الحر.. الشمس حاااااارقة جدا والرمال أشد حراً فأقدامنا تسلخت من حرارة الرمال.

واستمررنا بالتبديل بعضنا داخل السيارة والبعض يبحث عن الأبراج وبعضنا أصروا على البقاء في الشمس والاتصال مع الشرطة وممن يبحثون عنا ومع الدعاء وذكر الله ولحكمة الله ورحمته بعباده الضعفاء كانت المنطقة تغيم علينا فترة وتشمس فترة أخرى.

تقطعت بنا السبل والمياه التي معنا لم يبق منها شيء.. الوقت يمر ومع حلول الساعة الرابعة.. اشتد الخوف من حلول الظلام ولم نجد من يسعفنا.

نبكي.. ثم نسكت ونفضل الصمت.. فالبكاء لا يفيد يزيد توترنا وخوفنا بكاء الطفلة الصغيرة إلى أن جاء الفرج من الله وتم العثور علينا.

في أحد الأيام تعرضنا نحن مدرسات مشذوبة، لحادث تغريز على طريق مشذوبة الترابي في حوالي الساعة 6,45 دقيقة.. حاول السائق الذي ينقلنا لأول مرة إلى مشذوبة اخراج السيارة وذلك بالحفر ولكن دون جدوى.. حيث إن الاطارات الخلفية من شدة الحفر غاصت في الرمال.. ومن ثم حاول السائق ايقاف بعض السيارات المارة لمساعدته لكن دون جدوى..

وفي حوالي الساعة 7,30 دقيقة قامت احدى المعلمات (م.ص.ع) بالاتصال بشرطة المجمعة على هاتف ,999. واخبرت المتحدث بأحداث التغريز.. وقام باعطائها هاتف ثابت شرطة أم الجاجم.. وتم الاتصال بمدير شرطة أم الجماجم.. وطلبت منه المساعدة..

وفي حوالي الساعة 8 صباحا.. وصل جيب من شرطة أم الجماجم به فرد من أفراد أم الجماجم.. ولكن بدون أي أدوات مساعددة.. مع علمهم بحادث التغريز فقد اكتفى بانزالنا نحن المعلمات من داخل السيارة.. وتوجيه الأوامر لسائقنا..

بعدها بحوالي 25 دقيقة حضر جيب آخر من نوع لاند كروز يستقله شرطي في زي مدني.. وقام بربط السيارة بالحبل ومحاولة سحبها.. ولكن للأسف انقطع الحبل.. وقام بعدها بالرجوع مرة أخرى وأحضر حبالاً أخرى.. تخيل حبال غسيل ملابس لسحب سيارة.. وقام بربط الحبلين بالسيارتين الجيبين، ومحاول سحب السيارة وباءت بالفشل.. وأخذ يتمتم لصاحبه بكلمات (إذا ما طلعت بنروح ونتركهم).

ثم قاموا بتوجيه الأسئلة لنا ولسائقنا (كلمتوا أحد يجيكم).. (اتصلوا بأهلكم).. ولم يحاولوا تهدئتنا أو تقديم أي مساعدة انسانية.. فكيف يحضر أهلنا على بعد 140 كيلومتراً.

وعندما لاحظنا عدم اهتمامهم.. ولا حتى تكليف أنفسهم بالقيام بعملية الحفر.. فقد اكتفوا بسحب السيارة دون الحفر.. مع العلم ان اطارات السيارة قد غاصت في الرمال تماما.

وبعد ذلك قامت احدى المعلمات بالاتصال بمدير تعليم المجمعة.. الاستاذ سليمان الدخيل.. وشرح الوضع له وقد تلقى اتصالنا بحماس.. وأخبرنا أنه سيقوم بحل المشكلة.. وسيقوم بارسال فرقة خاصة لنا.. وفي نفس الوقت اتصلت احدى المعلمات مرة أخرى بشرطة المجمعة 999 وهي تبكي المعلمة (م.ص.ع).. مما رأت من اهمال الشرطة لهذا الموقف الانساني.. وشكت للمتحدث معها انه قام بارسال.. لهم شرطة ليست على قدر المسؤولية والكفاءة.. وحاول المتحدث تهدئتها وانه سوف يقوم بمساعدتنا.. واستمررنا في هذا الوضع (المعلمات فوق الرمال تحت اشعة الشمس الحارقة والشرطة أمامنا تتفرج دون أن تحرك ساكنا وكأن الأمر لا يعنيهم.. وينتظرون من يأتي لأخذنا..

وفي حوالي الساعة 9 صباحا .. ما رأينا من اهمال الشرطة لنا.. قمنا نحن المعلمات بالتوجه الى السيارة.. والقيام بعملية الحفر..

وبعد حوالي 10 دقائق.. من عملية الحفر.. حضر جيب من ادارة التعليم (مندوب الأرطاوية ومع شخص آخر) وشاهد المنظر المحزن والمؤلم في آن واحد المعلمات تحت الاطارات والأشعة الحارقة يقمن بالحفر والشرطة بسيارتها (الجيبين) واقفين ينظرون الينا.. بعد ذلك تقدم الينا المندوب بسرعة وطلب منا.. الابتعاد عن السيارة وحاول تهدئتنا وقدم لنا العصير والمياه الباردة.. وقال لنا: انتن في سبيل العلم وتوصيل الرسالة ومأجورين بإذن الله.. ثم حاول اخراج السيارة بسهولة بعد سحبها بالجيب لأننا قمنا بعملية الحفر ولم تأخذ عملية اخراج السيارة دقيقتين.. ثم تحدث مع الشرطة وطلب منهم الذهاب.. وفي نفس الوقت كانت احدى المعلمات (ب.ع.ع) قد تعرضت لنوبة ربو حاولنا اسعافها لكن العلاج الخاص بها في حقيبتها في السيارة.. وقام المندوب باركابنا في الجيب الخاص بالتعليم.. واللحاق بسائقنا وإحضار علاج المعلمة.. واسعافها ثم توجه بنا الى توجيه الأرطاوية.. حيث استقبلتنا مديرة التوجيه.. بعد أن أبلغها المندوب بحضورنا.. وبما حصل لنا وقامت المديرة بكتابة تقرير للحالة بالتفصيل.. حيث قام المندوب شخصيا برفع محضر لادارة التربية والتعليم في المجمعة.. الذي رفع بدوره إلى شرطة المجمعة.. وما زالت هذه المعاملة في الأدراج...

نقل المقال من / جريدة الرياض عبدالعزيز الصالح

أحمد راضي
احد الحلول هو بناء مساكن حديثه بجوار المدارس في المناطق النائيه وتستعمل للمدرسات القادمات من مناطق بعيده بأجر رمزي او بدون أجر وإيجاد مواصلات حديثه على حساب الحكومه تقوم بنقل المدرسات الى مقرهن الأصلي في المدينه بعد انتهاء المدرسه يوم الأربعاء والعوده بهن يوم الجمعه مساء