النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: عرفاناً بجميل هذا المنتدى في مساعدتي لكتابة البحث أهديه بحثي (حصريا)

  1. #1

    افتراضي عرفاناً بجميل هذا المنتدى في مساعدتي لكتابة البحث أهديه بحثي (حصريا)

    تسليم المجرمين
    في قانون الإجراءات الجنائية البحريني
    على ضوء
    اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية
    واتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي والقانوني

    مقدمة وتمهيد:

    لم تعد الجريمة مشكلة معزولة تستطيع أي دولة معالجتها بمعزل عن الدول الأخرى. وإذا أردنا فهم الجريمة، ومكافحتها، علينا أن ننظر إليها ضمن نطاقها العالمي . ففي الربع الأخير من القرن العشرين، تمكّن المجرمون من خلال العولمة وثورة المعلومات والاتصالات وما صاحبها من تحرر اقتصادي. إلى توسيع نشاطهم الإجرامي.

    استطاع المجرمون أيضاً من خلال التطور التكنولوجي وثورة المعلومات تأمين فرصاً جديدة وفوائد متضاعفة للأعمال غير المشروعة. فأصبح لزاماً وضع حلولٍ لهذه المشكلة، ومنها إيجاد ممارسات سريعة وفاعلة في تبادل وتسليم المجرمين بين الدول.

    ويستند تسليم المجرمين إلى فكرة التعاون الدولي لمكافحة الإجرام وتحقيق العدالة ، وهو لضمان عدم إفلات المجرمين من العقاب بمجرد هروبهم من إقليم الدولة التي ارتكبوا جريمتهم فيها . كذلك يجد التسليم سنده القانوني من خلال المعاهدات بين الدول والقوانين الوطنية والعرف الدولي (مبدأ المعاملة بالمثل).

    وتاريخ تسليم المجرمين قديم قدم تاريخ تطور المؤسسات الحقوقية، وقد ظلت أحكامه منحصرة بالاتفاقيات والمعاهدات التي كان الملوك والأمراء يعقدونها بينهم، ويتعهد بمقتضاها كل منهم لصاحبه بتسليمه من يقع في قبضته من الأشخاص المعادين له والخارجين على طاعته.

    لذلك فقد كانت اتفاقيات التسليم تتعلق بالخصوم السياسيين ولغايات سياسية، ومن أشهر هذه المعاهدات المعاهدة المعقودة في عـام 1303م بين ادوارد الثالث ملك انجلترا وفيليب ملك فرنسا، والاتفاقية المعقودة بين اسكتلندا وانجلترا عام 1174م. ولم تصبح مؤسسة التسليم معنية بالمجرمين العاديين إلا في نهاية القرن السابع عشر عندما غدت تجتهد في إيجاد التعاون المنظم بين الدول لمكافحة الإجرام .

  2. #2

    افتراضي

    الفصل الأول
    ماهية تسليم المجرمين

    تقسيم:
    1ـ المبحث الأول: المقصود بتسليم المجرمين

    2ـ المبحث الثاني: الفرق بين تسليم المجرمين ونظام إبعاد الأجانب

    3ـ المبحث الثالث: مبررات تسليم المجرمين ومشروعيته


    الفصل الأول: ماهية تسليم المجرمين

    المبحث الأول
    المقصود بتسليم المجرمين

    يقصد بتسليم المجرمين تخلي الدولة عن شخص أجنبي موجود على أراضيها لدولة أخرى تطالب بتسليمه وذلك لكي تحاكمه عن جريمة ارتكبها في إقليمها، أو لتنفيذ حكم جنائي صادر ضده من قضائها . والتسليم هو التسليم الرسمي لهارب من العدالة، من جانب سلطات الدولة التي يقيم فيها إلى سلطات دولة أخرى، بغرض مقاضاته جنائياً أو تنفيذ حكم جنائي صادر بحقه . وتسليم المجرمين هو إجراء يتم بمقتضاه تسليم دولة (الدولة المطلوب منها التسليم) لدولة أخرى (الدولة التي تطلب التسليم) شخصاً منسوباً إليه ارتكاب جريمة، أو صدر ضده حكماً بعقوبة من محاكمها، لكي تتولى هي محاكمته أو تنفيذ العقوبة فيه .

    المبحث الثاني
    الفرق بين تسليم المجرمين ونظام إبعاد الأجانب

    ويختلف نظام تسليم المجرمين عن نظام إبعاد الأجانب، في أن نظام إبعاد الأجانب يسمح للدولة أن تبعد الأجنبي عن إقليمها إذا كانت إقامته فيه تتهدد الأمن أو الآداب العامة دون أن تسلمه إلى دولة أجنبية معينة لمحاكمته أو تنفيذ الحكم عليه .

    المبحث الثالث
    مبررات تسليم المجرمين ومشروعيته

    يهدف تسليم المجرمين إلى الحيلولة دون إفلات المجرمين من محاكمتهم أو توقيع العقوبة التي صدر بها أحكام ضدهم إذا ما فروا من الدولة طالبة التسليم أو لم يعودوا إليها أو إذا رأت تلك الدولة أن تسليم المجرم يعنيها أكثر من غيرها على محاكمته أو عقابه عن جرائم تهدد كيانها أو مصالحها الجوهرية وفي كل هذا تحقيق لمصلحة الدولة المطلوب منها التسليم وهذه المصلحة تكمن في التخلص من أحد المجرمين المتواجدين على أراضيها.

    وواجب التسليم مستمد من القواعد العامة التي تحكم العلاقات الدولية. والاتفاقيات الدولية لا تنشئ هذا الواجب وإنما تنظم كيفية القيام به، وقد اتخذ مجمع القانون الدولي في اجتماعه بإكسفورد عام 1880م قراراً بهذا المعنى جاء فيه (ليست المعاهدات هي التي تجعل من التسليم عملاً يستند إلى القانون، ويجوز إجراء التسليم ولو لم توجد رابطة عقدية) .

    وعلى الرغم من القرار السالف الذكر الذي انتهى إليه مجمع القانون الدولي على اعتبار أن الاتفاقيات لا تنشئ واجب التسليم بل تنظمه، وأن هذا الواجب مستمد من القواعد العامة الذي يتوجب على الدول القيام به.

    إلا أن محكمة التمييز الأردنية لها رأي آخر فقد قضت برفض طلب تسليم مجرم إلى دولة قطر متهم بالسرقة والتزوير بقصد الاحتيال لعدم وجود معاهدة أو اتفاقاً نافذاً، وقد جاء في الحكم: (وبالتدقيق والمداولة تبين ان السلطات القطرية قد طالبت السلطات الأردنية تسليمها المواطن الأردني (نادر) لمحاكمته عن جرم السرقة والتزوير بقصد الاحتيال. وأن محكمة صلح جزاء عمّان قررت عدم قبول طلب التسليم لعدم وجود معاهدة او اتفاق نافذ بشأن تسليم المجرمين بين الدولتين طالبة التسليم والمطلوب اليها التسليم، وأن محكمة الاستئناف وبقرارها المميز قد أيدت محكمة الدرجة الاولى فيما توصلت اليه مما حدا بالمميز للطعن بالحكم الاستئنافي تمييزاً.

    وعن سببي التمييز فإن طلبات تسليم المجرمين الواردة إلى السلطات الأردنية المختصة من دولة أجنبية ليس بينها وبين المملكة الأردنية الهاشمية معاهدة أو اتفاقا نافذا ليست مقبولة.

    وحيث أن دولة قطر لا ترتبط بالمملكة باتفاقية أو معاهدة بخصوص تسليم المجرمين فإن القرار المميز إذ قضى بتأييد القرار الصلحي المتضمن عدم قبول طلب التسليم يتفق مع القانون ومع ما استقر عليه قضاء الهيئة العامة لمحكمة التمييز) .

    بيد أن معظم الدول تعتمد على التشريعات الداخلية في سنّ طرائق التعاون الدولي وإدراجها في القانون. ويكاد التعاون الدولي القائم حالياً يعتمد كلياً على فعّالية النظم القانونية الوطنية. وعلى سبيل المثال ، فإن أحد الأهداف الرئيسية لنظام فعّال للتعاون الدولي هو أن لا يكون هناك ملاذ آمن للمجرمين. ويتطلب هذا إرساء نهج شامل وكاف إزاء الولاية القضائية وتطبيق مبدأ إما التسليم وإما المحاكمة، الذي يقتضي إما تسليم المتهم أو محاكمته ، كما يتطلب ذلك أيضاً اعتماد إجراءات أكثر فعّالية لتسليم المجرمين. وكثيرا ما تفتقر الدول ليس إلى التشريعات اللازمة للمشاركة في التعاون فيما بين الدول فحسب، بل تفتقر كذلك إلى الخبرة اللازمة في وزاراتها للعدل والداخلية والخارجية لمعالجة تلك العمليات بصورة كافية .

    ولما كان تسليم المجرمين يُنظم كما سبق البيان عن طريق اتفاقيات ومعاهدات دولية، فمن أهم الاتفاقيات الجماعية التي انضمت إليها مملكة البحرين، اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية واتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي والقانوني لسنة 1983م، وقد تنظمها اتفاقيات ثنائية كالاتفاقية المبرمة بين مملكة البحرين وجمهورية الهند والاتفاقية المعقودة بين مملكة البحرين وجمهورية مصر العربية. بالإضافة إلى ذلك تنظمه القوانين الداخلية للدول، كما هو المعمول به في التشريع البحريني، حيث أفرد المشرع لذلك الغرض فصلاً كاملاً في قانون الإجراءات الجنائية لسنة 2002 في الفصل الأول من الباب الثاني بالكتاب السادس حدد فيه شروط التسليم والجرائم التي يجوز فيها التسليم والجرائم التي لا يجوز فيها ذلك والأمور المتعلقة بجنسية المطلوب تسليمه والإجراءات التي يتم اتخاذها عند التسليم سيأتي ذكرها تفصيلاً.

    والجدير بالذكر بأن القانون الدولي العام لا يفرض قيوداً على حرية الدول في تسليم المجرمين، إلا إذا استثنينا القيود التي تقضي بمراعاة حقوق الإنسان التي يمكن اعتبارها جزءً من قواعد التسليم الملزمة ، في حالة ما إذا كان للدولة متلقية طلب التسليم ما يحملها على الاعتقاد بأن طلب التسليم قد قدم بغرض معاقبة شخص بسبب جنسه أو عرقه أو دينه أو أن المطلوب تسليمه سيتعرض لخطر التعذيب أو الرق أو لمعاملة تحط من كرامته الإنسانية أو لعقوبات لا إنسانية لم يعد يتقبلها المجتمع الدولي الحديث كأن تكون العقوبة بتر أحد الأعضاء. وأكدت هذا المعنى المادة (16/14) من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية حيث نصت على: (لا يجوز تفسير أي حكم في هذه الاتفاقية على أنه يفرض التزاما بالتسليم إذا كان لدى الدولة الطرف متلقية الطلب دواع وجيهة للاعتقاد بأن الطلب قدم بغرض ملاحقة أو معاقبة شخص بسبب نوع جنسه أو عرقه أو ديانته أو جنسيته أو أصله العرقي أو آرائه السياسية، أو أن الامتثال للطلب سيلحق ضرراً بوضعية ذلك الشخص لأي سبب من تلك الأسباب).

  3. #3

    افتراضي

    الفصل الثاني
    تسليم المجرمين في قانون الإجراءات الجنائية البحريني على ضوء اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي والقانوني
    واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية

    تقسيم:
    1ـ المبحث الأول: الوضعية القانونية لمبدأ التسليم في التشريع البحريني.

    2ـ المبحث الثاني: شروط تسليم المجرمين:
    - الفرع الأول: الشروط اللازمة في الشخص المطلوب تسليمه
    - الفرع الثاني: ضوابط جنسية الشخص المطلوب تسليمه
    - الفرع الثالث: الشروط المتعلقة بالاختصاص التشريعي لمملكة البحرين
    - الفرع الرابع: شروط الاختصاص التشريعي للدولة طالبة التسليم
    - الفرع الخامس: الشروط المتعلقة بجريمة الشخص المطلوب تسليمه


    الفصل الثاني
    تسليم المجرمين في قانون الإجراءات الجنائية
    على ضوء اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي والقانوني
    واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية

    المبحث الأول
    الوضعية القانونية لمبدأ التسليم في التشريع البحريني

    ضمّن التشريع البحريني نصوصاً خاصة بشأن تسليم المجرمين في قانون الإجراءات الجنائية توضح قواعد هذا التسليم وأحكامه جاءت على نحو متقن.

    وفي ذلك نصت المادة (412) من قانون الإجراءات الجنائية على: (مع عدم الإخلال بأحكام المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي لها قوة القانون في مملكة البحرين، يكون تسليم الأشخاص المحكوم عليهم أو المتهمين إلى الدولة الأجنبية التي تطلب استلامهم لتنفيذ الأحكام الأجنبية الصادرة عليهم أو لمحاكمتهم جنائياً طبقاً للأحكام التالية ولقواعد القانون الدولي العام فيما لم يرد في شأنه نص خاص).

    ويلاحظ بأن المشرع البحريني أراد التأكيد على أن مثل هذه الاتفاقيات والمعاهدات تكون لها قوة القانون عندما نص على: (المعاهدات والاتفاقيات التي لها قوة القانون في مملكة البحرين).

    وقد أشار المشرع البحريني إلى ذلك في قوله: (طبقاً للأحكام التالية ولقواعد القانون الدولي العام فيما لم يرد في شأنه نص خاص) في إشارة منه إلى إحالة أحكام التسليم لقواعد القانون الدولي لذوي الحصانات المختلفة.

    *رأينا في الموضوع:
    على الرغم من أن المشرع أكد على أن تأخذ مثل هذه الاتفاقيات والمعاهدات قوة القانون الوطني، إلا أننا نميل إلى أن مثل هذه الاتفاقيات والمعاهدات تأخذ قوة أعلى من قوة القانون الوطني عند (التعارض). وسندنا في ذلك هو ما نص عليه المشرع البحريني في صدر المادة السالفة الذكر بالقول: (مع عدم الإخلال بأحكام المعاهدات والاتفاقيات) حيث أكد المشرع بأن هذا القانون لا يخل بأحكام هذه الاتفاقيات أو المعاهدات الدولية في تأكيد منه على عدم إخلال القانون الداخلي بالاتفاقيات أو المعاهدات، فلو كان قصد المشرع عكس المعنى الذي ذهبنا إليه لنص على: (مع عدم الإخلال بأحكام هذا القانون تكون أحكام المعاهدات والاتفاقيات الدولية لها حكم القانون في مملكة البحرين).

    وتأسيساً على ما سبق فلسنا مع الرأي الذي يقول بترجيح القانون الداخلي عند تعارضه مع الاتفاقيات الدولية التي قرر المشرع عدم الإخلال بها بنص صريح.







    المبحث الثاني
    شروط تسليم المجرمين

    الفرع الأول
    الشروط اللازمة في الشخص المطلوب تسليمه

    يتعين أن يتوافر في هذا الشخص شرط سلبي جاء ذكره في المادة (415) من قانون الإجراءات الجنائية: (لا يجوز التسليم في الحالات الآتية:
    أ‌- إذا كان المطلوب تسليمه من مواطني مملكة البحرين).

    وهذا النص يتفق مع ما جاء في المادة (39) من اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي والقانوني والتي نصت على: (يجوز لكل طرف من الأطراف المتعاقدة أن يمتنع عن تسليم مواطنيه...) ويتفق كذلك مع ما جاء في المادة (16) من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية في البنود 10 و12 :
    مادة 16/10: (إذا لم تقم الدولة الطرف التي يوجد الجاني المزعوم في إقليمها بتسليم ذلك الشخص فيما يتعلق بجرم تنطبق عليه هذه المادة، لسبب وحيد هو كونه أحد مواطنيها، وجب عليها، بناء على طلب الدولة الطرف التي تطلب التسليم، أن تحيل القضية دون إبطاء لا مسوغ له إلى سلطاتها المختصة بقصد الملاحقة. ويتعين على تلك السلطات أن تتخذ قرارها وتضطلع بإجراءاتها على النحو ذاته كما في حالة أي جرم آخر ذي طابع جسيم بمقتضى القانون الداخلي لتلك الدولة الطرف. ويتعين على الدول الأطراف المعنية أن تتعاون معها، خصوصاً في الجوانب الإجرائية والمتعلقة بالأدلة، ضماناً لفعالية تلك الملاحقة) .

    مادة 16/12: (إذا رُفض طلب تسليم، مقدم بغرض تنفيذ حكم قضائي، بحجة أن الشخص المطلوب تسليمه هو من مواطني الدولة الطرف متلقية الطلب، وجب على الدولة الطرف متلقية الطلب، "إذا كان قانونها الداخلي" يسمح بذلك "وإذا كان ذلك يتفق ومقتضيات ذلك القانون"، وبناء على طلب من الطرف الطالب، أن تنظر في تنفيذ الحكم الصادر بمقتضى قانون الطرف الطالب الداخلي، أو تنفيذ ما تبقى من العقوبة المحكوم بها).

    والأصل في غالبية الدول الحديثة هو عدم تسليم مواطنيها.

    الفرع الثاني
    ضوابط جنسية الشخص المطلوب تسليمه

    الجنسية هي أداة الدولة لتحديد عنصر الشعب فيها، فهي النظام القانوني الذي يتحدد بمقتضاه التوزيع القانوني للأفراد بين الدول . وهي صفة في الشخص تفيد انتماءه لدولة معينة وبهذا الوصف تنظم من قبل المشرع تنظيماً دقيقاً وتكون عنصراً من عناصر الحالة الشخصية للفرد .

    ويترتب على وقت تحديد جنسية الشخص المطلوب آثاراً بالغة الأهمية تتعلق بمدى جواز تسليمه من عدمه فيما إذا تمتع، على سبيل المثال، بالجنسية البحرينية وجنسية الدولة طالبة التسليم وكانت مملكة البحرين الدولة المطلوب منها التسليم.


    وقد نص المشرع البحريني في المادة (414) على أن: (تكون العبرة في تحديد جنسية المطلوب تسليمه بالوقت الذي تقع فيه الجريمة).

    وقد أحسن المشرع البحريني صنعاً عندما نص على الوقت المعتبر لتحديد جنسية الشخص المطلوب تسليمه، حيث تظهر أهمية هذا الأمر في حالة الشخص "متعدد الجنسيات"، وهو أيضاً قد يثار في حالة "تعدد طلبات التسليم" التي لم يعالجها التشريع البحريني ولا اتفاقية الأمم المتحدة بل تحدثت عنها اتفاقية الرياض في المادة (46) في الفقرة الأولى: (إذا تعددت طلبات التسليم من اطراف متعاقدة مختلفة عن جريمة واحدة فتكون الأولوية في التسليم للطرف المتعاقد الذي أضرت الجريمة بمصالحه ثم للطرف المتعاقد الذي ارتكبت الجريمة في إقليمه، ثم للطرف المتعاقد الذي ينتمي إليه الشخص المطلوب تسليمه بجنسيته عند ارتكاب الجريمة).

    ويبدو من نص المادة سالفة الذكر بأن اتفاقية الرياض تضع معيار الجنسية في نهاية سلم أولوياتها حيث تعطي الأفضلية في التسليم للطرف الأكثر تضرراً.

    وفي نفس سياق وقت تحديد الجنسية جاءت المادة (39) الفقرة الثانية من اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي والقانوني بحكم مطابق في المعنى (وتحدد الجنسية في تاريخ وقوع الجريمة المطلوب من أجلها التسليم).

    ويلاحظ بأن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لم تتطرق إلى مسألة تحديد وقت الجنسية أو حالة تعدد الجنسيات وربما أرادت من ذلك إحالة الحكم إلى القانون الداخلي للدولة المطلوب منها التسليم.



    *رأينا في الموضوع:
    يؤخذ على المشرع البحريني والاتفاقيتين أنهم لم يحددوا موقفهم من التسليم في حالة الشخص "عديم الجنسية" المطلوب تسليمه.

    وقد عرفت المادة الأولى من اتفاقية نيويورك لسنة 1954م المتعلقة بوضع عديمي الجنسية: (بأنه الشخص الذي لا تعتبره أي دولة مواطناً فيها بمقتضى تشريعاتها)، ونظراً لأن عديم الجنسية ليس شخصاً أجنبياً، ولا لاجئاً سياسياً، وبالتالي فيمكن اعتباره شخصاً يجوز تسليمه دون قيود أو ضوابط قد تعيق هذا التسليم، حيث أنه لا تثور مشكلات لكونه لا يتمتع بحماية أي دولة أن تتصدى له ويندر وجود عقبات عند الموافقة على تسليمه وليس له حقوق تمنع تسليمه إلى الدولة التي تطلبه، ومن الأولى أن ترفض الدولة المطالبة تسليمه لتحاكمه إذا رأت ذلك .

    الفرع الثالث
    الشروط المتعلقة بالاختصاص التشريعي لمملكة البحرين

    نصت المادتان 415 و416 من قانون الإجراءات الجنائية البحريني على شروط تتعلق بالاختصاص التشريعي لمملكة البحرين جاءت على النحو التالي:
    1- أن لا يكون الشخص المطلوب تسليمه قيد تحقيق او محاكمة عن ذات الجريمة المطلوب تسليمه من أجلها.
    2- أن لا يكون قد حكم عليه بالبراءة عن الجريمة .
    3- أن لا تكون الدعوى أو العقوبة قد انقضت أو سقطت لأي من أسباب الانقضاء وفق القانون البحريني.
    4- أن لا يكون الشخص المطلوب تسليمه قيد تحقيق او محاكمة عن جريمة أخرى في مملكة البحرين فإن تسليمه يؤجل حتى تنتهي المحاكمة وتنفذ العقوبة المحكوم بها عليه.

    وقد جاءت نصوص شبيهة لشروط المادة 416 من قانون الإجراءات الجنائية جاء ذكرها في اتفاقية الرياض العربية في المادة (41) حيث نصت على:
    المادة 41:
    د - إذا كانت الجريمة قد صدر بشأنها حكم نهائي (مكتسب الدرجة القطعية) لدى الطرف المتعاقد المطلوب إليه التسليم.
    ‌هـ - إذا كانت الدعوى. عند وصول التسليم. قد انقضت أو العقوبة قد سقطت بمضي المدة طبقا لقانون الطرف المتعاقد طالب التسليم.
    ‌و - إذا كانت الجريمة قد ارتكبت خارج إقليم الطرف المتعاقد الطالب من شخص لا يحمل جنسيته وكان قانون الطرف المتعاقد المطلوب إليه التسليم لا يجيز توجيه الاتهام عن مثل هذه الجريمة إذا ارتكبت خارج إقليمه من مثل هذا الشخص.
    ‌ز - إذا صدر عفو لدى الطرف المتعاقد الطالب.
    ‌ح - إذا كان قد سبق توجيه الاتهام بشان أية جريمة لدى الطرف المطلوب إليه التسليم، أو كان قد سبق صدور حكم بشأنها لدى طرف متعاقد ثالث.

    وجاء في المادة (49) من اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي والقانوني وذلك في حالة طلب تسليم الشخص قيد التحقيق أو المحاكمة عن جريمة أخرى لدى الطرف المتعاقد المطلوب إليه التسليم: (إذا كان ثمة اتهام موجه إلى الشخص المطلوب تسليمه، أو كان محكوماً عليه لدى الطرف المتعاقد المطلوب إليه التسليم عن جريمة خلال تلك التي طلب من أجلها التسليم، وجب على هذا الطرف المتعاقد رغم ذلك أن يفصل في طلب التسليم، وأن يخبر الطرف المتعاقد الطالب بقراره وفقا للشروط المنصوص عليها في المادة 48 من هذه الأتفاقية...).
    وقد أحالت المادة (16/7) من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية الشروط إلى القانون الداخلي للدولة متلقية الطلب: (يكون تسليم المجرمين خاضعا للشروط التي ينص عليها القانون الداخلي للدولة الطرف متلقية الطلب أو معاهدات تسليم المجرمين المنطبقة).

    وتفترض هذه الشروط انعقاد الاختصاص التشريعي لمملكة البحرين في محاكمة الشخص عن الجريمة المطلوب تسليمه بشأنها من حيث أنه قيد التحقيق أو المحاكمة عن ذات الجريمة المطلوب تسليمه بشأنها أو أنه قيد تحقيق ومحاكمة عن جريمة أخرى ارتكبت في مملكة البحرين.

    فإذا كان القانون البحريني هو الواجب التطبيق على الجريمة طبقاً لمبدأ الإقليمية أو مبدأ العينية أو مبدأ الشخصية، فإن شروط التسليم تنتفي في هذه الحالة لانعقاد الاختصاص للقضاء البحريني، إذ من غير المعقول أن يطلب من مملكة البحرين أن تسلم شخصاً ارتكب جريمة ينعقد الاختصاص القانوني بشأنها لقانونها.

    كما تتخلف أحد شروط التسليم إذا قضي في الجريمة قضاءً مبرماً في مملكة البحرين أو كانت دعوى الحق العام أو العقوبة قد سقطتا وفقاً للتشريع البحريني أو لتشريع الدولة طالبة التسليم. فالحكم المبرم يتمتع بقوة القضية المحكمة ويحول دون إعادة المحاكمة مرة أخرى .

    أما إذا كان الحكم غير مبرم أو كانت إجراءات الملاحقة أو التنفيذ مازالت ممكنة فإن طلب التسليم يكون له ما يبرره ويتوافر بالتالي أحد الشروط اللازمة له.



    الفرع الرابع
    شروط الاختصاص التشريعي للدولة طالبة التسليم

    يشترط أن تكون هذه الدولة مختصة تشريعياً، وينعقد لها الاختصاص التشريعي في حالات حددتها المادة (413) من قانون الإجراءات الجنائية البحريني:
    1- أن تكون الجريمة قد ارتكبت في إقليم الدولة طالبة التسليم.
    2- أو أن تكون ارتكبت خارج إقليمها وكانت قوانينها تعاقب عليها أي في هذه الحالة تكون الجريمة قد مست أمنها أو مركزها المالي.
    3- أن تكون الجريمة جناية أو جنحة معاقبٌ عليها في كل من قانون مملكة البحرين وقانون الدولة طالبة التسليم وتكون عقوبتها الحبس مدة لا تقل عن سنة على الأقل.

    وفيما يتعلق بالشروط السالفة الذكر، فقد جاءت نصوص شبيهة في اللفظ مطابقة في المعنى في اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي والقانوني منها على سبيل المثال المادة (41/ج) التي نصت على: (إذا كانت الجريمة المطلوب من أجلها التسليم قد أرتكبت في إقليم الطرف المتعاقد المطلوب إليه التسليم، إذا كانت هذه الجريمة قد أضرت بمصالح الطرف المتعاقد طالب التسليم وكانت قوانينه تنص على تتبع مرتكبي هذه الجرائم ومعاقبتهم).

    وقد جاءت بنفس المعنى في المادة (16/1) من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية: (1- تنطبق هذه المادة على الجرائم المشمولة بهذه الاتفاقية، أو في الحالات التي تنطوي على ضلوع جماعة إجرامية منظمة في ارتكاب جرم مشار إليه في الفقرة 1 (أ) أو (ب) من المادة 3 وعلى وجود الشخص الذي هو موضوع طلب التسليم في إقليم الدولة الطرف متلقية الطلب، شريطة أن يكون الجرم الذي يُلتمس بشأنه التسليم معاقبا عليه بمقتضى القانون الداخلي لكل من الدولة الطرف الطالبة والدولة الطرف متلقية الطلب).

    وهكذا نجد أن قانون الإجراءات الجنائية وما جاء في الاتفاقيتين يؤكد على مبدأ التجريم المزدوج كأحد شروط التسليم الملزمة كما هو الحال في الغالبية العظمى من اتفاقيات تسليم المجرمين.

    *رأينا في الموضوع:
    يلاحظ بأن مشكلة التجريم المزدوج يكتنفها الكثير من جوانب القصور في التحليل القانوني السليم للفعل المجرم وذلك من خلال التركيز على المصطلح الجرمي سيما عندما يكون طلب التسليم مقدماً من دولة غير عربية، أو تكون الأفعال المعتبرة جريمة في الدولة طالبة التسليم لأسباب جغرافية يستحيل أن تتوفر في دولة أخرى.

    ونجد أنه حتى في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لم يتم حل هذه المشكلة بل نعتقد بأن الاتفاقية زادت الأمر سوءً عند تحديدها جرائم بعينها أو عند ذكرها مصطلح "جرائم خطيرة" لتطبيق الاتفاقية الأممية في المادة (16/2): (إذا كان طلب التسليم يتضمن عدة جرائم خطيرة منفصلة، وبعض منها ليس مشمولاً بهذه المادة، جاز للدولة الطرف متلقية الطلب أن تطبق هذه المادة أيضاً فيما يتعلق بتلك الجرائم غير المشمولة).

    فلم تعرف لنا الاتفاقية ما هو معيار الجريمة الخطيرة والجريمة غير الخطيرة، وتبقى مع ذلك المسألة معلقة، فجريمة كتجارة وتعاطي المخدرات جريمة خطيرة في معظم الدول بينما هي ليست كذلك في دول أخرى بل لا ينسحب عليها نص التجريم أصلاً كما هو الحال في دولة كهولندا التي تعتبر تعاطي المخدرات أمراً مباحاً.
    وفيما يتعلق بالجرائم المالية، فإنه لما كان المركز المالي الذي تم المساس به للدولة طالبة التسليم نتيجة لإحدى جرائم غسل الأموال وما يصاحب ذلك من ضخ عائدات الجريمة في الاقتصاديات الوطنية، فقد تم التأكيد عليه من خلال القانون الوطني لمملكة البحرين والاتفاقيتين والذي يظهر الاتجاه الواضح إلى التعامل مع مثل هذه الجرائم المالية بطريقة تماثل تلك التي يتم التعامل بها مع الجرائم بموجب القانون العام وذلك من أجل القضاء على الملاذات الآمنة لعائدات الجريمة. وفي هذا المعنى قد جاء نص آمر في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية يؤكد هذا المعنى حيث نصت المادة (16/15) على: (لا يجوز للدول الأطراف أن ترفض طلب تسليم لمجرد أن الجرم يعتبر أيضاً منطوياً على مسائل مالية).

    الفرع الخامس
    الشروط المتعلقة بجريمة الشخص المطلوب تسليمه

    جاء في نص المادة (415) حصر للجرائم التي لا يجوز فيها التسليم وهي:
    1- الإخلال بواجبات عسكرية.
    2- الجرائم ذات الصبغة السياسية.

    وقد ذكر المشرع صراحة عدم اعتبار بعض الجرائم ذات صبغة سياسية وإن كانت قد تمت بهدف سياسي:
    1- التعدي على ملوك ورؤساء الدول أو زوجاتهم أو أصولهم أو فروعهم.
    2- التعدي على أولياء العهد أو نواب رؤساء الدول.
    3- القتل العمد والسرقة المصحوبة بإكراه ضد الأفراد أو السلطات أو وسائل النقل والمواصلات.

    ونصت المادة (41/أ ، ب) من اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي والقانوني:
    ‌أ- إذا كانت الجريمة المطلوب من أجلها التسليم معتبرة بمقتضى القواعد القانونية النافذة لدى الطرف المتعاقد المطلوب إليه التسليم جريمة لها صبغة سياسية.
    ب- إذا كانت الجريمة المطلوب من اجلها التسليم تنحصر في الإخلال بواجبات عسكرية.

    وجاء في الفقرة الثانية المادة (41) من نفس الاتفاقية: (وفي تطبيق أحكام هذه الاتفاقية لا تعتبر من الجرائم ذات الصبغة السياسية المشار إليها في الفقرة (أ) من هذه المادة – ولو كانت بهدف سياسي – الجرائم الآتية:
    1- التعدي على ملوك ورؤساء الأطراف المتعاقدة أو زوجاتهم أو أصولهم أو فروعهم.
    2- التعدي على أولياء العهد أو نواب الرؤساء لدى الأطراف المتعاقدة.
    3- القتل العمد والسرقة المصحوبة بإكراه ضد الأفراد أو السلطات أو وسائل النقل والمواصلات.

    وتجدر الإشارة إلى عدم وجود نص يشير صراحة إلى تلك الجرائم التي تم حصرها في كل من القانون البحريني واتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي والقانوني بالنسبة لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، وتم الاكتفاء بذكر "جرائم خطيرة" في المادة (16/2) حيث نصت على: (إذا كان طلب التسليم يتضمن عدة جرائم خطيرة منفصلة، وبعض منها ليس مشمولاً بهذه المادة، جاز للدولة الطرف متلقية الطلب أن تطبق هذه المادة أيضاً فيما يتعلق بتلك الجرائم غير المشمولة).


    والجريمة العسكرية: هي مخالفة الضابط أو الجندي أحـد واجبات الخدمة مما لا يرقى إلى مرتبة الجريمة ، ومناط التفرقة بين الخطأ التأديبي والجريمة هو الجزاء المقرر . وبالتالي فإن من لا يتمتع بصفة الضابط أو الجندي يخرج سلوكه المؤثم من نطاق الجرائم العسكرية، كما يخرج عنه أيضاً كل من الضابط والجندي الذي لا تقع جريمته مخالفة للواجبات المنوطة به. فالجريمة العسكرية ترتبط بصفة مرتكبها وطبيعة العمل المنوط به، ومن أبرز الجرائم العسكرية الهروب من الجندية والتخلف والفرار والعصيان، وهذه الجرائم لا تخضع للقانون العادي في الدول المطالبة وتخرج عن جرائم الحرب وتؤكد الاتجاهات الدولية المعاصرة على استثناء الجرائم العسكرية من التسليم، ولم تعتن الاتفاقيات بتحديد مفهوم الجرائم العسكرية تاركة ذلك للقوانين الوطنية في الدولة المطالبة التي لها أن تحدد الإطار التجريمي .

    والجريمة السياسية: وهي الجريمة الموجهة مباشرة إلى كيان السلطة السياسية سواء من جهة الخارج أو الداخل، وتجد هذه الجريمة مبررها في حظر تسليم المجرم السياسي حيث لا يعتبر مجرماً بالمعنى الاصطلاحي في علمي الإجرام أو علم الاجتماع، حيث غالباً ما يرتكب سلوكه بهدف قومي، قد ينطوي على أعمال بطولية لتحرير الأرض، واستقلال الوطن، والدفاع عن مبادئ سامية، وقد استقرت الاتجاهات الدولية المعاصرة على حظر تسليم المجرم السياسي، وهذا ما أكدته المادة (16/14) من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية حيث نصت على أنه: (لا يجوز تفسير أي حكم في هذه الاتفاقية على أنه يفرض التزاما بالتسليم إذا كان لدى الدولة الطرف متلقية الطلب دواع وجيهة للاعتقاد بأن الطلب قدم بغرض ملاحقة أو معاقبة شخص بسبب ... أو آرائه السياسية...). وقد عبر المشرع البحريني عن هذا الاستثناء في المادة (415) سالفة الذكر. "والاتجاه الغالب يرفض التسليم في الجريمة غير العنيفة والسياسية المحضة مثل القذف الجنائي في حق رئيس الدولة من طرف معارض سياسي أو صاحب نشاط سياسي محظور، لأن ذلك يعني تدخل الدولة المطالبة بالتسليم في شئون الدولة طالبة التسليم، حيث يمكن أن يتحول المنشقون السياسيون إلى حكام في الغد، كما ترفض بعض الحكومات التسليم لقيم التسامح السياسي وحرية التعبير. وجرى العمل في الآونة الأخيرة على تقبل المجتمع الدولي بصفة عامة لقرارات رفض التسليم التي تستند إلى طبيعة الجرائم غير العنيفة بوصفها جرائم عسكرية محضة أو جرائم سياسية صرفة" .

    وقد استبعد كل من المشرع البحريني والاتفاقية العربية للتعاون القضائي والقانوني من نطاق الجرائم ذات الصبغة السياسية وإن كانت لأهداف سياسية الجرائم التي ترتكب لغرض أناني ودنيء، كالجرائم التي يرتكبها أفراد لهم دوافع سياسية خارج منطقة الصراع لاسترعاء الانتباه إلى قضية ما كمحاولة اغتيال أحد رؤساء الدول أو نوابهم أو أحد أفراد عائلتهم أو جرائم هي في ذاتها جرائم قتل أو سرقة أو اختطاف. "إن ارتكاب أشخاص لديهم دوافع سياسية جرائم لا علاقة لها بالحياة السياسية للبلد الذي ينتمون إليه ولا بالقضيـة التـي يكافحـون من أجلها لا يضفي الصفة السياسية على جرائمهم خاصة إذا كانت الأفعال مرتكبة في بلد آخر خارج منطقة الصراع وكذلك إذا ألحقت هذه الأفعال ضرراً بحرية الأفراد أو بحياتهم أو ممتلكاتهم" .

  4. #4

    افتراضي

    الفصل الثالث
    إجراءات تسليم المجرمين


    تقسيم:

    1ـ المبحث الأول: تقديم طلب التسليم ومرفقاته.

    2ـ المبحث الثاني: المحكمة المختصة بالنظر في طلبات التسليم

    3ـ المبحث الثالث: في التوقيف والإفراج عن الشخص المطلوب تسليمه:
    - الفرع الأول: توقيف الشخص المطلوب تسليمه
    - الفرع الثاني: الإفراج عن الشخص المطلوب تسليمه







    الفصل الثالث
    إجراءات تسليم المجرمين


    المبحث الأول
    تقديم طلب التسليم ومرفقاته

    أولاً: الجهة المختصة في تلقي طلب التسليم:
    جاء في اتفاقية الرياض في المادة (42) (يقدم طلب التسليم من الجهة المختصة لدى الطرف المتعاقد المطلوب منه التسليم). والمشرع البحريني جعل الجهة متلقية الطلب هي وزارة الخارجية حيث نص على ذلك في المادة (417) من قانون الإجراءات الجنائية: (يقدم طلب التسليم كتابة بالطرق الدبلوماسية إلى حكومة مملكة البحرين لإحالته إلى وزارة العدل ليفصل فيه طبقاً للقانون).




    ثانياً: الوثائق والمستندات المرفقة بالطلب:
    جاء في المادة (418) من القانون البحريني الوثائق والمستندات والبيانات المطلوبة في الطلب المقدم:

    يكون طلب التسليم مصحوباً بالبيانات والوثائق الآتية:
    أ – إذا كان الطلب خاصاً بشخص قيد التحقيق فيرفق به أمر الضبط الصادر من السلطة المختصة يبين فيه نوع الجريمة والمادة التي تعاقب عليها وكذلك صورة رسمية من أوراق التحقيق مصدق عليها من الهيئة القضائية التي تولته أو الموجود لديها الأوراق.

    ب- إذا كان الطلب خاصاً بشخص حكم عليه غيابياً أو حضورياً فيرفق به صورة رسمية من الحكم.

    ويجب في كل الأحوال أن يكون طلب التسليم مصحوباً بصورة رسمية مصدق عليها للنص القانوني المنطبق على الجريمة وبيان كامل عن شخصية المطلوب تسليمه وأوصافه وبالأوراق المثبتة لجنسية الشخص المطلوب متى كان من مواطني الدولة المطالبة.

    ويصدّق وزير العدل في الدولة الطالبة أو من يقوم مقامه على جميع أوراق التسليم.



    المبحث الثاني
    المحكمة المختصة بالنظر في طلبات التسليم

    نصت المادة (419) من القانون البحريني على أن: (تختص بالنظر في طلبات التسليم وفي استيفاء شرائطه وإجراءاته المحكمة الكبرى الجنائية، ولها أن تصدر أمراً بتفتيش الأماكن التي تراها لازمة). وجاء في المادة (420): (يواجه الشخص المطلوب تسليمه بالتهمة المسندة إليه وبالأدلة القائمة ضده وبالمستندات المتعلقة بطلب تسليمه. وعند استجوابه يجب أن يحضر معه محام فإذا لم يكن له محام ندبت له المحكمة محامياً).

    ويثور التساؤل عما إذا كان التسليم من الأعمال القضائية التي تباشرها السلطة القضائية، نظراً لأن المحكمة هي من تبت في الطلب، أم أنه ضمن الأعمال السيادية التي تباشرها الدولة؟.

    وعلى الرغم من أن الجهة المختصة في نظر طلبات التسليم هي المحكمة الكبرى الجنائية، غير أن المشرع قد جعله عملاً من الأعمال السيادية التي تقوم بها الدولة، ويبدو ذلك جلياً في نص المادة (422) من القانون البحريني (تصدر المحكمة الكبرى الجنائية قرارها مسبباً في طلب التسليم وتبلغه إلى وزير العدل، ويصدر الوزير قراراً بالتسليم أو الامتناع عنه).

    حيث أن المشرع جعل دور المحكمة الكبرى الجنائية يقتصر على بحث طلب التسليم من حيث توافر أو عدم توافر شروطه القانونية السابق ذكرها، وفي مدى ثبوت التهمة على الشخص المطلوب تسليمه، ثم ترفع بذلك قرارها مسبباً إلى وزير العدل ليبت فيه وله وحده الأخذ برأي المحكمة أو رده.

    المبحث الثالث
    في التوقيف والإفراج عن الشخص المطلوب تسليمه

    الفرع الأول
    توقيف الشخص المطلوب تسليمه

    نص المشرع البحريني في المادة (421) على أنه: (في حالة الاستعجال يجوز للمحكمة المختصة وبناء على طلب يقدم إليها مباشرة من السلطات القضائية في الدولة الطالبة بأية وسيلة من وسائل الاتصال أن تقرر حجز الشخص المطلوب تسليمه مؤقتاً حتى يرد التسليم الكتابي ومرفقاته...).

    وقد جاء في اتفاقية الرياض في المادة (43) نص شبيه أضيف إليه عامل (النية) لدى الطرف الطالب في إرسال طلب التسليم وبيان الجريمة المطلوب من أجلها التسليم.

    وأحالت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة أمر التوقيف والإفراج إلى القانون الداخلي للدولة متلقية الطرف حيث نصت في المادة (16/9) على أنه: (يجوز للدولة الطرف متلقية الطلب، رهنا بأحكام قانونها الداخلي وما ترتبط به من معاهدات لتسليم المجرمين، وبناء على طلب من الدولة الطرف الطالبة، أن تحتجز الشخص المطلوب تسليمه والموجود في إقليمها، أو أن تتخذ تدابير مناسبة أخرى لضمان حضوره إجراءات التسليم، متى اقتنعت بأن الظروف تسوّغ ذلك وبأنها ظروف ملحة).


    الفرع الثاني
    الإفراج عن الشخص المطلوب تسليمه

    نص المشرع البحريني في المادة (421) الفقرة الثانية على أنه: (لا يجوز حجز الشخص المطلوب تسليمه في انتظار ورود طلب التسليم الكتابي ومرفقاته مدة تزيد على ثلاثين يوماً إلا إذا قدمت الدولة طالبة التسليم عذراً تقبله المحكمة المختصة أو إذا تبين للمحكمة سبباً يقتضي استمرار الحجز، وعلـى كـل حـال لا يجوز أن تزيد مدة الحجز على ستين يوماً. ولا يحول إخلاء سبيل الشخص المطلوب تسليمه دون حبسه عند ورود طلب التسليم ومرفقاته).

    وقد جاء في المادة (44) من اتفاقية الرياض بأنه: (يجب الإفراج عن الشخص المطلوب تسليمه إذا لم يتلق الطرف المتعاقد المطلوب إليه التسليم خلال 30 يوما من تاريخ القبض عليه، الوثائق المبينة في البند (ب) من المادة (42) من هذه الاتفاقية أو طلباً باستمرار التوقيف المؤقت. ولا يجوز بأية حال أن تجاوز مدة التوقيف المؤقت 60 يوماً من تاريخ بدئه. ويجوز في أي وقت الإفراج عن الشخص المطلوب تسليمه على أن يتخذ الطرف المتعاقد إليه التسليم جميع الإجراءات التي يراها ضرورية للحيلولة دون قراره. ولا يمنع الإفراج عن الشخص المطلوب تسليمه، من القبض عليه من جديد إذا ما استكمل طلب التسليم فيما بعد).

  5. #5

    افتراضي

    خاتمة

    انتهج المشرع الدستورى البحريني النظام الذى يجعل الإتفاقيات والمعاهدات الدولية لها مرتبة القوانين حيث أن الاتفاقيات الدولية بوجه عام وفقاً للنظام القانوني فى مملكة البحرين، وطبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة (37) من الدستور تحتل ذات المكانة التى تتمتع بها القوانين في التدرج التشريعي وهى تلي مباشرة الدستور حيث تنص الفقرة الأولى، سالفة الذكر: (يبرم الملك المعاهدات بمرسوم، ويبلغها إلى مجلسي الشورى والنواب فوراً مشفوعة بما يناسب من البيان، وتكون للمعاهدة قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها في الجريدة الرسمية) .

    وقد أكد التشريع الجنائي البحريني هذا المبدأ الدستوري حين تناول موضوع (تسليم المجرمين) حيث نص في المادة (412) من قانون الإجراءات الجنائية على: (مع عدم الإخلال بأحكام المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي لها قوة القانون في مملكة البحرين، يكون تسليم الأشخاص المحكوم عليهم أو المتهمين إلى الدولة الأجنبية التي تطلب استلامهم لتنفيذ الأحكام الأجنبية الصادرة عليهم أو لمحاكمتهم جنائياً طبقاً للأحكام التالية ولقواعد القانون الدولي العام فيما لم يرد في شأنه نص خاص).

    وتأسيساً على ذلك فإن الاتفاقيات الدولية المعنية بتسليم المجرمين، تعتبر بعد الموافقة على الانضمام إليها ثم التصديق عليها ونشرها بالجريدة الرسمية وذلك عملاً بالمادة الدستورية (37) بمثابة قانون من القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية، وبالتالي تعتبر نصوصها من النصوص القانونية الصالحة للتطبيق والنافذة أمام جميع السلطات فى الدولة سواء التشريعية منها أو القضائية أو التنفيذية.

    وفي واقع الأمر أن تلك الوضعية الناشئة عن اتصال أحكام الاتفاقيات والمعاهدات بالنصوص الدستورية والقانونية جعل هذه الاتفاقيات عملياً تحتل منطقة وسطية بين الدستور والقانون.

    ونخلص في النهاية إلى نتيجة مفادها إلى أن ما ورد بالاتفاقيتين بشأن تسليم المجرمين يعد من المواد القابلة للتنفيذ بذاتها دونما حاجة لتدخل المشرع، وباعتبار أن الاتفاقية بمثابة قانون من قوانين البلاد طبقاً للدستور ويمكن للجهة المختصة الاستناد إليها في تطبيق ما ورد فيها من أحكام متصلة بتسليم المجرمين.

    وبغض النظر عما إذا كانت الاتفاقيات والمعاهدات المتعلقة بتسليم المجرمين تتعارض أو لا تتعارض مع قانون الإجراءات الجنائية، فإنه لا يوجد أصلاً ما يلزم مملكة البحرين أو أي دولة في العالم على تسليم مجرميها، ذلك أن التسليم في أساسه يعد من الأعمال السيادية للدول، وإن كان هناك ما يبرر تسليم أي مجرم فهو لضمان معاقبته على جريمته، ويتصل بما تقوم به الدول من جهود لمكافحة الجريمة.

    وعليه، فإن قانون الإجراءات الجنائية لا يمكن أن يتعارض مع الاتفاقيات الدولية الخاصة بتسليم المجرمين والتي أبرمتها مملكة البحرين.

    تم البحث بعون الله وتوفيقه..

  6. #6

    افتراضي

    المراجع

    1- مجلة قضايا عالمية 2001م – تصدر عن وزارة الخارجية الأمريكية.
    2- واقع الإرهاب في الوطن العربي – تأليف اللواء الدكتور/ محمد فتحي عيد – مركز الدراسات والبحوث – أكاديمية نايف للعلوم الأمنية 1999م
    3- موقع وزارة الداخلية الإمارتية على الانترنت (20/3/2006م)
    http://moi.uae.gov.ae/MOIWebPortal/S...aspx?option=16
    4- آليات الملاحقة في نطاق القانون الجنائي الدولي الإنساني دراسة مقارنة 2006 – تأليف الأستاذ/ محمد لطفي – دار الفكر والقانون.
    5- مبادئ القسم العام من التشريع العقابي – الدكتور رؤوف عبيد - دار الفكر العربي.
    6- تقرير لجنة منع الجريمة والعدالة الجنائية التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة – الدورة الرابعة عشرة 23/7/2005م
    جيم- التعاون الدولي على مكافحة الإرهاب بند 38
    http://www.unodc.org/pdf/crime/terro..._Report_Ar.doc
    7- الوسيط في أحكام الجنسية ، دراسة مقارنة مع التشريعات العربية – الطبعة الأولى 2001 – منشورات الحلبي الحقوقية
    8- موقع المركز الأردني للإعلام على شبكة الانترنت (4/4/2006م)
    http://www.jordan.jo/News/wmview.php?ArtID=7663
    9- النظرية العامة لتسليم المجرمين ، دراسة تحليلية تأصيلية – الدكتور عبدالفتاح محمد سراج (رسالة المنصورة) – الطبعة 1999م.
    10-الجرائم العسكرية في القانون المقارن – الدكتور محمود محمود مصطفى – دار النهضة العربية 1971م.
    11- قانون العقوبات العسكري – الدكتور مأمون سلامة – المطبعة العالمية – القاهرة 1981م
    12- دستور مملكة البحرين 2002م
    13- قانون الإجراءات الجنائية لسنة 2002م
    14- اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية
    15- اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي والقانوني.

  7. #7
    مدير وصاحب الموقع
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الدولة
    مكة المكرمة
    المشاركات
    4,413
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    ماشاء الله تبارك الله
    نبارك لاخينا الفاضل هذا الجهد ونتمني له التوفيق والسداد والاستمرار في طريق العلم وتحصيله
    ونشكر له هذه المبادرة الكريمة وحرصه على نشر البحث حصريا في المنتدى وهذا كرم من كريم
    وحقيقة ما قدمه الاعضاء من جهد انما هو نابع عن احساسهم بمسئولية امانة العلم الذي يحملونه ورغبتهم في تقديم يد العون للاخرين راجين بذلك الثواب والاجر وراغبين في الارتقاء بالعلم في مجتمعاتنا
    فلا تنسانا من الدعاء وفي انتظار بعث البحث على بريدي لنشره في الموقع ليستفيد منه الاخرين

المواضيع المتشابهه

  1. خطوات البحث العلمي1(عنوان البحث - ضوابط العنوان الجيد - تنظيم البحث)
    بواسطة minshawi في المنتدى موضوع البحث وعنوانه
    مشاركات: 23
    آخر مشاركة: 03-09-18, 01:37 AM
  2. ارجو مساعدتي في البحث عن جرائم النساء
    بواسطة ام علي في المنتدى الدراسات والبحوث
    مشاركات: 22
    آخر مشاركة: 01-23-14, 10:38 PM
  3. ما الطريقة المنهجية لكتابة خاتمة البحث
    بواسطة أنوار الأمل في المنتدى الدراسات والبحوث
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 09-19-07, 12:18 AM
  4. ×أعزائي مشرفي وأعضاء هذا المنتدى × أرجوا مساعدتي بأسرع وقت ممكن (:
    بواسطة ×مياسه× في المنتدى التحليل الاحصائي
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 07-03-07, 07:50 AM
  5. يرجى مساعدتي في بحثي
    بواسطة زيدان في المنتدى الدراسات والبحوث
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-20-07, 11:44 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

جميع الحقوق محفوظة لموقع منشاوي للدرسات والابحاث