هل يمكن أن يكون هناك علاقة بين السعادة والتخصص العلمي للإنسان بعد التخرج من الجامعة؟!.



لقد كشفت دراسة جديدة في بريطانيا أن الموضوع الذي يتخصص فيه الطالب في الجامعة يمكن أن يكون له تأثير كبير على سعادته في العمل والحياة.

وأظهرت الدراسة أن أكثر الأشخاص سعادة بعملهم فيما بعد هم أولئك الذين اختاروا الطب او الزراعة. أما أكثر الأشخاص الذين لا يشعرون بالسعادة فهم أولئك الذين اختاروا دراسة العمارة.

ويعتقد الباحثان ري ليدون وأندرو اوزولد بجامعة ووريك أن السبب في ذلك يعود الى القيود التي تضعها دراسة تخصص معين على خيارات الطالب المتعلقة بحياته المهنية في المستقبل.

وأضاف أحد الباحثين أن الطالب إذا ما درس العمارة واكتشف فيما بعد انه لا يحب هذه المهنة، فإنه يحتاج الى تغيير تخصصه بدراسة أخرى مثل تخطيط المدن الذي يفترض أن يكون قريباً من دراسة العمارة.

وقد وجدت الدراسة أن الأشخاص الذين درسوا موضوعات ذات تطبيقات واسعة في الحياة المهنية فإنهم أصبحوا أكثر فاعلية وسعادة فيما بعد.

وقد أمكن دراسة حوالي عشرة آلاف طالب في بريطانيا، وهم أولئك الطلاب الذين تخرجوا في منتصف الثمانينيات ومطلع التسعينيات.

وطلب من الخريجين أن يرتبوا سعادتهم بما درسوا من موضوعات حسب تسلسل معين.

وقد وجد أن الطلاب الذين درسوا تخصصات في الزراعة كانوا أكثر سعادة، لأن بامكانهم أن يعملوا في العديد من الوظائف المختلفة مثل العمل في زراعة الأرض او في صناعة الأغذية.. الخ وبينت الدراسة أن المعلمين كانوا من أولئك الذين أظهروا درجة أقل من السعادة في العمل، وكذلك ظهر ذلك بالنسبة للأشخاص الذين درسوا إدارة الأعمال واللغات الاجنبية والعلوم الحياتية.

وتشير الدراسة الى أن المشكلة في درجة الرضا عن التخصص تكمن في الخطأ عند اختيار التخصص. ويعود ذلك الى أن الطالب يدرس في تخصص التربية والتعليم سنين طويلة، ويكتشف فيما بعد أن هذا المجال غير محبب او ملائم له. ومع ذلك فإن بعض مجالات التعليم مثل دراسة الحاسوب او الرياضيات تفتح مجالات أخرى لدارسيها غير مجال التدريس.

وقد وجد الباحثان في هذه الدراسة أن مستوى السعادة يكون أكبر في العمل بين الخريجين من الجامعات التقليدية العريقة مما هو عليه في الجامعات الجديدة. ولعل السبب في ذلك يعود الى أن التخرج من هذه الجامعات العريقة يسهل الحصول على وظيفة أفضل وراتب أكبر.

ان هذه الدراسة التي طبقت حديثاً في بريطانيا توضح أهمية استكشاف حالات الرضا الوظيفي بعد التخرج من الجامعة، ومقدار ما يقدمه الخريج للوطن، وما يشعر به خلال عمله من سعادة لتقديم المزيد من العمل.

ولا يوجد في ظني دراسة شاملة في الوطن العربي عن الصلة بين السعادة والرضا الوظيفي والتخصص.

ولاشك أن مثل هذه الدراسة يمكن أن تلقي بعض الضوء على أهمية بعض التخصصات، وخاصة التخصصات العلمية والرضا الوظيفي في بلادنا.

ومع ذلك فإنني أعتقد أن السعادة والرضا الوظيفي هما محصلة اقتناع الانسان بقيمة العمل مهما كان نوع تخصصه. والله ولي التوفيق.
http://www.alriyadh.com/2003/06/20/article20930.html