المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخــلاقنـــا ~ الدرس الرابع ~



الأمل
12-14-06, 07:48 PM
أخــلاقنـــا ~ الدرس الرابع ~

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولاعدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبع هديه إلى يوم الدين...
اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي واجعل الحياة زيادة لي في كل خير واجعل الموت راحة لي من كل شر...
اللهم كما حسنت خَلقي فأحسن خُلقي...
في هذا الدرس سوف نكمل بقية الوسائل التي تساعد على تربية الأخلاق الفاضلة:

الوسيلة الرابعة: الثواب والعقاب:

وهذا عامل هام من عوامل بناء الخلق الفاضل، وتكون السلوك الحميد، فللمحسن جزاؤه على إلتزامه بمكارم الأخلاق.
قال تعالى:" مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "
قال تعالى:"لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ "
قال تعالى:"وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ "
فهذه الآيات تشير إلى ثواب المحسنين في الدنيا، وهناك آيات كثيرة تبين ثوابهم في الآخرة..
قال تعالى:" إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23) وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنْ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ "
قال تعالى:" الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنّاً وَلا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ "
وعلى مربئ النشء الذي يريد أن يغرس فيهم الأخلاق الفاضلة، ويؤسس فيهم الصفات الحميدة، أن يستخدم أسلوب المثوبة المادية والمعنوية لتحقيق غرضه.
فتارة يثني على من يتخلق بالأخلاق المحمودة، وتارة يمنحه الجوائز المالية، وتارة يهبه الهدايا المادية، وتارة يجعل له القيادة على زملائه.
فيشد ذلك من أزره ويشجع أقرانه على إلتزام مكارم الأخلاق، فهذا منهج الإسلام.
وإذا كان للمثوبة دورها فكذلك للعقوبة دورها.
(( بعض اتجاهات التربية الحديثة تنفر من العقوبة، وتكره ذكرها على اللسان!!))
ولكن الجيل الذي اريد له ان يتربى بلا عقوبة- في أمريكا - جيل منحل متميع مفكك الكيان.
فالعقوبة ليست ضرورة لكل شخص فقد يستغني عنها شخص بالقدوة والموعظة الحسنة فلا يحتاج في حياته كلها إلى عقاب....ولكن الناس ليسوا كلهم سواسيه وهذا لا شك فيه
فمنهم من يحتاج إلى الشدة مرة أو مرات.
العقوبة درجات وينبغعي أن لا نلجأ إلى الأشد منها إلا بعد فشل الأخف مع مراعات الظروف والملابسات..
فمن انواع العقوبة:

أ* التأنيب والتوبيخ:
كما حدث من الرسول- صلى الله عليه وسلم - للصحابي الجليل أبي ذ عندما سبه رجل فرد عليه بأن عيره بأمه وقال له: يا ابن السوداء.
روى الإمام مسلم قال:حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا وكيع. حدثنا الأعمش عن المعرور بن سويد. قال:
مررنا بأبي ذر بالربذة. وعليه برد وعلى غلامه مثله. فقلنا يا أبا ذر! لو جمعت بينهما كانت حلة. فقال: إنه كان بيني وبين الرجل من إخوتي كلام. وكانت أمه أعجمية. فعيرته بأمه. فشكاني إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فلقيت النبي صلى الله عليه وسلم. فقال (يا أبا ذر! إنك امرؤ فيك جاهلية). قلت: يا رسول الله! من سب الرجال سبوا أباه وأمه. قال (يا أبا ذر! إنك امرؤ فيك جاهلية. هم إخوانكم. جعلهم الله تحت أيديهم. فأطعموهم مما تأكلون. وألبسوهم مما تلبسون. ولا تكلفوهم ما يغلبهم. فإن كلفتموهم فأعينوهم).

ب* المقاطعة والهجر:
وقد استخدم النبي- صلى الله عليه وسلم - هذا الأسلوب في عقاب الصحابة الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، فقد نهى رسول الله- صلى الله عليه وسلم -المسلمين عن كلامهم لمدة خمسين يوماً" ونحن يوم واحد إذا لم نكلم أو يكلمنا أحد نكاد نجن فكيف بخمسين يوماً"وبعد أن مضت أربعون يوماً من الخمسين شدد العقوبة بأن أمرهم بإعتزال زوجاتهم، فلا يقربنهم حتى كمل خمسون ليله.

ج* الضرب
وهو عقوبة يقرها الإسلام ويعترف بها ولكن بعد ان تخفق الوسائل الأخرى في العلاج.
والضرب علاج للأبناء الذين لا يصلون بعد أن تعجز أساليب الوعظ والنصيحة والإغراء.
قال عليه الصلاة والسلام:" مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع".

د*التهديد والوعيد:

لون من ألوان العقاب، والإسلام يستخدم التخويف والترهيب بجميع درجاته من أول التهديد إلى التنفيذ.
فهو مرة يهدد بعدم رضاء الله..وذلك أيسر التهديد وإن كان له فعله الشديد في نفوس المؤمنين:
قال تعالى:"أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ"
ومرة يهدد بغضب الله صراحة( كما جاء في حديث الإفك) وتلك درجة أشد.
ومرة يهدد بحرب الله ورسوله:قال تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ "
ومرة يهدد بعقاب الآخره:قال تعالى:" وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) "
ثم يهدد بالعقاب في الدنيا: قال تعالى:"إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"
وقال تعالى:"إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا"
وقال تعالى:"وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ"
ثم يوقع العقاب:
قال تعالى:"الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ "
وقال تعالى:"وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا "
درجات متفاوتة لدرجات من الناس! فمن الناس من تكفيه الإشارة البعيدة، فيرتجف قلبه ويهز وجدانه ويعدك عما هو مقدم عليه من انحراف، ومنهم من لا يردعه إلا الغضب الجاهر الصريح، ومنهم من يكفيه التهديد بعذاب مؤجل التنفيذ، ومنهم من لابد من تقريب العصا منه حتى يراها على مقربة منه، ومنهم بعد ذلك فريق لابد أن يحس لذع العقوبة على جسمه لكي يستقيم.

الوسيلة الخامسة: الأسوة:
قال تعالى:" وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ "
وقال المفسرون: أن المراد بالمثل الاعلى في الآية: الصفة المقدسة المنزهة عن المماثلة
ثم اختلفت تفاسيرهم لهذه الصفة بين قائل: إنها الوجوب الذاتي
وقائل: إنها التنزه عن الولد
وقائل: إنها الغنى عن الآخرين وغير ذلك
وإذا كان الإشتراك في اللفظ لا يوجب المماثلة فلا مانع من إطلاق (المثل الأعلى)على غير الله تعالى مع اختلاف المعنى فما هو المثل الأعلى للمسلم؟
إن القرآن الكريم يجيب على هذا السؤال فيقول:"لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً "
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المثل الأعلى للمسلم والأسوة الحسنة والقدوة الطيبة.
والقدوة من أنجح أساليب تكون الخلق.
لذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر قدوة للبشرية في تاريخها الطويل وكان مربياً وهادياً بسلوكه الشخصي قبل أن يكون بالكلام الذي ينطق به، سواء في القرآن المنزل وحديث الرسول.
ألم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم مثلاً أعلى في تحري الصدق وأداء الأمانة حتى أشتهر بالصادق الأمين؟
ألم يكن مثلاً أعلى في التفاني في سبيل الحق؟ أليس هو القائل:" ياعم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن اترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه"..
ألم يكن مثلاً أعلى في الشجاعة والإقدام؟"ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق ناس قبل الصوت. فتلقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا. وقد سبقهم إلى الصوت. وهو على فرس لأبي طلحة عري. في عنقه السيف وهو يقول
"لم تراعوا. لم تراعوا" رواه مسلم
ألم يكن مثلاُ أعلى في الرحمة؟ فقد سأله بعض أصحابه أن يدعو على قريش بعد غزوة أحد فقال "إني لم أبعث لعانا. وإنما بعثت رحمة".
وكان المثل الأعلى للزوج والوالد ولرب الاسرة وكأنه صلى الله عليه وسلم قد تخصص في هذا الأمر فقط ولم تشغله أعباء الأمة ومشكلات الدولة.
وأما حياؤه فيقول أبو سعيد الخدري:"كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها. حدثني محمد بن بشار: حدثنا يحيى وابن مهدي قالا: حدثنا شعبة مثله: وإذا كره شيئا عرف في وجهه".
وكان يمر على الصبيان فيسلم عليهم
وماا ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته من أمور الدنيا؟؟
عن عمرو بن الحارث،ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخي جويرية بنت الحارث
قال: ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته درهما، ولا دينارا، ولا عبدا، ولا أمة، ولا شيئا، إلا بغلته البيضاء، وسلاحه، وأرضا جعلها صدقة.
وها نحن نؤكد أن القدوة من أدق وسائل تربية الأخلاق، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو قدوة المسلم:
هو قدوتة في بيته وفي تربيته لأبنائه
وهو قدوتة في عمله وفي مجال ارتزاقه
وهو قدوتة في مجتمعه وفي تعامله مع غيره
وهو قدوتة في كل ما يأتي وفي كل مايدع
وبهذا تبنى الأخلاق وبهذا ينصلح حال المسلمين

هذا درسنا وسوف نكمل في الدرس القادم" حماية أخلاقنـــا "وإلى لقاء آخر ومع درس من دروس أخلاقنا نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه وصلى الله على نبينا محمداً وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين
وفقنا الله وإياكم أن نحصن السنتنا من الشرك والنفاق
اللهم طهر قلوبنا من الرياء والسنتنا من النفاق وأعمالنا من الكذب ،اللهم أجعلنا من أهل التوحيد أهل لا إله إلا الله ،اللهم أجعلنا ممن يقال لنا قوموا مغفورٌ لكم،اللهم كما جمعتنا على الخير ففرقنا على الخير،اللهم آتنا في الدنيا حسنه وفي الآخرة حسنه وقنا عذاب النار.اللهم أرحمنا برحمتك يا عزيز يا رحيم.اللهم أقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا بين معصيتك ون طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ومتعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا أبدا ما أبقيتنا. اللهم ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا إلى النار مصيرنا وأجعل الجنة هي دارنا وقرارنا برحمتك يا أرحم الراحمين.

وصلى الله على نبينا محمداً وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ان لا إله إلا انت أستغفرك وأتوب إليك


الدروس السآبقة:


أخــلاقنـــا ~ الدرس الأول ~ (الأعضاء فقط هم الذين يستطيعون مشاهدة الروابط)

أخــلاقنـــا ~ الدرس الثاني ~ (الأعضاء فقط هم الذين يستطيعون مشاهدة الروابط)

أخــلاقنـــا ~ الدرس آلثآلث ~ (الأعضاء فقط هم الذين يستطيعون مشاهدة الروابط)

bebeito
12-14-06, 11:48 PM
جزاك الله خيرا وسبيسيك اكثر من رائع الله ينور بصيرتك وايانا

الأمل
12-15-06, 12:37 AM
جزاك الله خير الجزاء اخي الكريم على مرورك واتمنى لك الفائده

واشكرك على زيارة سبيسي المتواضع